مع ميلاد حنا... دون خطوط حمراء
مصر ستتدخل عسكرياً.. (الميه مش لعب)..!** الجنوب سينفصل عن الشمال (مافيش كلام)
حاوره في مدريد: ضياء الدين بلال
[email protected]
بفندق «اديتوريام» بمدريد تفاجأت بوجود الدكتور ميلاد حنا ضمن عضوية
|
ضياء الدين بلال + ميلاد حنا |
مؤتمر حوار الحضارات والاديان..وهو من القيادات الفكرية والسياسية بمصر التي تهتم اهتماماً خاصاً بالشؤون السودانية فالرجل يعرف الكثير عن السودان وفي سنوات مضت كانت له علاقة وطيدة بالحركة الشعبية وبزعيمها الدكتور جون قرنق هذه العلاقة في سنوات الحرب كانت تضعه في خانة العداء للحكومة السودانية.. وفي الفترة الأخيرة خبا اسم ميلاد حنا عن محاضر العلاقات السودانية المصرية وغاب برنامجه التلفزيوني الشهير بقناة دريم (ونسة سودانية).. دُهش حنا عندما ذكرت له بعض محطات علاقته بالشأن السوداني.. قال لي مازحاً (الله...دا كلو معروف عني في السودان دنا مشهور أوي هناك). دكتور ميلاد حنا ابن الثلاثة وثمانين عاماً من ابرز الرموز القبطية في مصر ويعتبر من أهم القيادات اليسارية التي لها تاريخ طويل في ميدان السياسة ولها مواقف وآراء مثيرة للجدل.. تنقّلنا معه في هذا الحوار بين اهتماماته في السودان ومشاغله في مصر.
..............................................................................................................................
? هل صحيح ان العلاقات المصرية السودانية لاتزال حبيسة غرف التاريخ؟
- اعتقد ان بعض السودانيين لديهم نوع من الحساسية تجاه مصر لأن السودان كان اسمه السودان المصري البريطاني، هذه التسمية سرت في النفسية السودانية واصبح الاحساس ان مصر دولة استعمارية لأنها شاركت بريطانيا في حكم السودان.
? هناك احساس لدى السودانيين ان مصر تنظر الى العلاقة مع السودان كملف امني فقط تكمن اهميته في مياه النيل وان شعارات العلاقة الازلية غطاء لتلك المخاوف؟
- هذه المقولة معروفة في المخابرات المصرية والجهات التي تتولى الملف الامني وما يعني هذه الجهات ان الامن القومي المصري يعتمد على علاقته الخاصة بالسودان، وهذه آليات مخابراتية استراتيجية قد تعني قادة الفكر السياسي ولكنها لا تعبر عن المشاعر الشعبية.
? وما مدى نفع هذه النظرة او اضرارها بالعلاقة بين البلدين؟
- اضرت.. لأنه تكون احساس لدى الشعب السوداني ان مصر دولة استعمارية مثل بريطانيا لا يهمها من السودان الا ان يكون لها نوع من السيادة عليه، هذا هو الامر السياسي اما الروافد الانسانية الشعبية فهي مختلفة تماما.
? هل هناك شبه بين علاقة السودان ومصر، وبين علاقة سوريا ولبنان..من حيث التبعية والتأثير؟
- لا لا ..علاقة سوريا ولبنان علاقة عضوية، عندما تنظر الى الخريطة تجد ان سوريا محيطة بلبنان من كل الاتجاهات تقريبا، لبنان يقع في حضن سوريا، هناك احساس ان سوريا مسيطرة على لبنان، لكن لبنان اكثر(ديناميكية) لأنه اعرق حضارة وثقافة من سوريا والدخل القومي اعلى وكذلك التعليم، كما ان لبنان اقوى في صلته بالغرب من سوريا.
? هناك اعتقاد ان مصر ظلت تؤثر على فترات متطاولة في تشكيلة الحكم في السودان، فمعظم الانقلابات في السودان يقال انها تمت اما بدعم او بموافقة او بعلم مصر ؟
- هذا الكلام اغلب الظن انه حقيقي، لكنه غير موثق تاريخيا وشعبيا، وبالتالي فالانقلابات التي تديرها اجهزة المخابرات المصرية بالنسبة للسودان حتى يكون نظام الحكم في الخرطوم مواليا لمصر، كانت تعبر عن توجه مخابراتي غير سليم ولا يعنيني ولا يعني الشعب المصري.
? هل من الممكن ان تتعامل مصر مع انفصال الجنوب بشكل طبيعي؟
- الحكومة المصرية هي حكومة بيروقراطية قوية ذات نزعة مركزية تسيطر عليها القوات المسلحة ويسيطر عليها فكر الأمن القومي في اطار حديدي غير ديمقراطي، واصحاب هذا الفكر يرون أن تبعية السودان لمصر توفر الأمان للسودان نفسه، ولكن هذه ليست وجهة نظري، ومنذ الإستقلال أخذت الإنتلجنسيا السودانية تستقل عن الإنتلجنسيا المصرية التي لم يعد لها تأثير، وتراجعت فكرة الاتحاد مع مصر.
?أنا أتحدث عن إنفصال جنوب السودان؟
جنوب السودان غير معروف لدى المصريين الذين هم قريبون ثقافياً من شمال السودان، ولو كان هناك احتمال للوحدة لكانت ستتم مع الشمال.
?ألم يكن الجنوب مدرجا في هذه الوحدة؟
-الجنوب لم يكن معروفا، وكان منطقة مقفولة، وينظر إليه على أنه منطقة ثقافة وأعراق غير عربية. لذلك كان تواصله مع مصر ضعيفاً وهزيلا.
? السؤال قائم هل يمكن لمصر أن تتقبل انفصال الجنوب بيسر؟
- لا أعتقد أن هذا الأمر يعني المواطن المصري العادي..
مقاطعة
?و ماذا عن الحكومة؟
- قطعا يعني الحكومة، لأنها مسألة أمن قومي واستمرار تدفق المياه من جنوب السودان إلى شماله مسألة إستراتيجية ومهمة لها.
?في رأيك تحت أي خيار ووفق أي ظرف يمكن لمصر أن تتدخل في السودان عسكرياً؟
- في اعتقادي أن تدفق المياه لمصر مسألة مهمة جدا (وما فيهاش هظار) ولا تهاون فيها بالنسبة لمصر، ولا أعتقد أن جنوب السودان أو شماله يستطيع أن يحجز المياه عن مصر، وإذا بدا التفكير في ذلك فإن مصر ستتخذ إجراء عسكريا قبل حدوثه..
? إجراء عسكري؟
طبعاً..(دا مش لعب) هذه مصائر شعوب وليست لعبة، ولكن طالما المياه تجري فلا مشكلة هناك..
? كان الناس يتصورون أن علاقتك المميزة بجون قرنق والحركة الشعبية كانت محاولة مصرية لخلق جسور تضمن مصالح مصر إذا انفصل الجنوب؟
- لا أدري ما كان يدور في ذهن الحاكم المصري، لكنني بعد أن عرفت الجنوب وجون قرنق أصبحت أحبهم..و..
مقاطعة
? هذه المحبة هل يمكن أن تتأسس عليها مواقف سياسية؟
- لا أدري، لست على علاقة بالحكومة او بالمخابرات المصرية..والمحبة التي جمعتني بقرنق محبة ربانية لا علاقة لها بالمخابرات..
? أليست لها علاقة بالتوافق السياسي حول الرؤى؟
عرفت الصادق المهدي وهو صديقي جدا وهو من حكام السودان العظام وبيننا محبة..
?يقال إنك لعبت دورا كبيرا في تسويق جون قرنق والحركة الشعبية في مصر؟
- بودي أن يكون كلامك صحيحا، ولكن الصحيح أنني أحب السودان وأمي بيضاء وأبي أسمر لذلك أحب السودان، وساعدني لون بشرتي لأكون وجهاً مصرياً مقبولاً في السودان.
?هل للرابط المسيحي والدين دور في هذه العلاقة مع قرنق؟
- على الإطلاق، ولم يخطر في ذهني أبدا أن أصادقه بصفته مسيحيا ولم يكن هو نفسه مسيحيا متديناً وكذلك انا..كانت ألفة فكرية وانسانية وليست دينية..
?هل كان اليسار هو الجامع بينكما؟
- الجامع كان رؤيتي في ان الجنوب السوداني ينبغي أن يكون على صلة طبيعية شعبية بمصر..
مقاطعة
?دون العبور على الشمال؟
- نحن لا نخطط لعلاقاتنا الشخصية على أساس استراتيجي، فقط كانت هناك مودة بيننا..
?أعربت لي سابقاً عن اعتقادك بأن الجنوب سينفصل؟
نعم..
?لماذا؟
- بعد أن عرفت عمق السودان وجدت أن التركيبة الانسانية في شمال السودان مصرية إسلامية عربية ويشعر انه أقرب للأمة العربية، أما الجنوب فأمة زنجية قد تكون مسيحية وقد لا تكون وإنتماؤها لأفريقيا، لذلك لم يكن ممكنا أن تقوم وحدة في السودان..
?الوحدة قائمة؟
- وحدة شكلية..وليست عملية..في مصر مثلا من الشمال إلى الجنوب تختلف ألوان الناس لكن الجميع مصريون واللغة واحدة والانتماء للفكر العربي..ولا توجد حواجز عرقية..أما السودان فهو دولتان..
? لكن في مصر وفي الفترة الأخيرة برزت بعض الحركات النوبية التي تدعو للحكم الذاتي؟
- كنت أقول عن كلمة مصر والسودان إن «الواو» هو بلاد النوبة، ثلثها في مصر وثلثاها في السودان، لكن قيام خزاني أسوان والسد العالي أنشأ فاصلا مائياً يفصل بين وادي النيل فتكونت مشاعر انفصالية جديدة..
?هل يمكن أن تظهر دعاوي لإقامة دولة نوبية على امتداد السودان ومصر؟
-ليس لدى علم بمشاعر الناس هناك، لكن بلاد النوبة منطقة حضارة تحوي أغلب آثار مصر والسودان، لكن إنشاء السدود أنهى حضارة وادي النيل..
?هل يمكن أن يكون هذا أساسا للنداء بدولة نوبية؟
- أنا لا أعرف، ولكن تقديري أن الانفصال الذي حدث طيلة القرن العشرين نتيجة تخزين المياه التي أغرقت بلاد النوبة ربما يكون هو السبب..
?كيف تنظر لمشكلة دارفور وتأثيرها على استمرار السودان كدولة؟
- أرى أن مشكلة دارفور مشكلة جانبية داخلية لا تؤثر إلاّ على وحدة الشعب السوداني، ولكن لن تؤثر على وادي النيل الكيان الأكبر، وبسبب وجودها الجغرافي غرباً فهي تملك خيار الانفصال أو الانضمام للوادي..لكن استقلال دارفور خطر عليها فهي أرض جرداء..
?هل تتوقع أن يتقسم السودان إلى دويلات؟
-هذا الأمر وارد لكنني أرجح أنه لن يحدث لأن كلاً من هذه المناطق المرشحة لأن تنفصل لأنها لا تمتلك مقومات الدولة وستكون كيانات هزيلة وغير مؤثرة سواء في العالم العربي أو أفريقيا..
? ننتقل قليلاً لمصر، في الفترة الأخيرة لاحظنا تململا وسط الأقباط في مصر؟
- أرى أن مصير الأقباط مرتبط بوحدة مصر، وإذا كانت بعض الإنتلجنسيا القبطية تفكر في نوع من أنواع الاستقلال الذاتي فهذا تفكير ساذج ومؤقت وليس له مستقبل..
? هل تعتقد أن هناك تمييزاً ما ضد الأقباط؟
- نعم.. الأقباط مثلاً غير مسموح لهم إلا أن يكونوا وزراء من الدرجة الثانية كوزراء للبيئة أو التموين..ولا يصلون وزارة الداخلية أوالخارجية.. والأقباط غاضبون لذلك..كما أن نسب التعليم بينهم مرتفعة مقارنة ببقية المصريين.
? لكن عددهم قليل بالقياس إلى عدد السكان؟
- الرقم غير معروف لكن الأقباط كالملح لا تستطيع مصر الاستغناء عنهم..
? هل صحيح أن بعض الجهات الدولية تحرك ملفات الأقباط للضغط على الحكومة المصرية؟
- هذا غير وارد، ربما كان هذا في أجندة بعض المخابرات الغربية لكن الأقباط لا يستطيعون العيش إلاّ في مصر..
? مستوى الحريات في مصر هل أنت راضٍ عنه؟
- في إطار التوازنات الدولية والفقر والتخلف وعدم وجود تراث لممارسة الحريات لوقت طويل فنظام الحكم في مصر ليس سيئا..
? البعض يرى انك تقف في الوسط بين المعارضة الشرسة التي بدأت تصعد في الشارع المصري وبين التعامل مع الحكومة؟
- الحكومة تسيطر على الوضع وهي لا تجلس على أنفاس الشعب.
? ولكن هاجس التوريث أصبح يؤرق كثيراً من المثقفين المصريين؟
- و يؤرق كل المصريين..ولن يتم التوريث..لا يعقل أننا حينما نتحرر وتصير لدينا جمهورية وتداول للسلطة نأتي بابن الرئيس ونجعله رئيسا حتى ولو كان كفؤاًً..
? لماذا حتى ولو كان كفؤاً؟
- لأن في مصر كفاءات أخرى.. ولا أعتقد أن مبارك وهو أول حاكم لمصر في العصر الجمهوري يحب أن يكون أبنه رئيساً.
? إذا تقدم خيار التوريث ما هي ردة الفعل؟
- يمكن لهذا الخيار أن يمضي إذا قدم مبارك ابنه للشعب المصري ولكن هذا الأمر في نظري غير وارد..
? هل يمكن لرئيس مصري أن يستمر دون سند من المؤسسة العسكرية؟
- نعم، لقد حدثت حالة فطام، ومبارك نفسه لم يعد يحكم على أساس أنه ممثل للسلطة العسكرية..
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات ,الاخبار و البيانات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أعلى الصفحة