بعد أن هدأت العاصفة وعاد من عاد لرشده ، وبعد أن طالبنا الكثيرون بتوضيح وجهة نظرنا ها نحن في كلمات هادئة نشرح لمن لم يتابعوا قيام المؤتمر، كيف بدأ وكم من الجهد بذل لقيامه وكيف وصل إلي ما وصل إليه.

مقدمة:

في ظل دوي الرصاص للمطالبين بحقوق أقاليمهم في السودان، تنادى نفر من النوبيين بالدعوة لمؤتمر نوبي يستعرض قضايا التنمية والحقوق الدستورية للإقليم النوبي في الشمال، وهو الذي ظلت تنميته غائبة عن أولويات كل حكومة مرت على البلاد منذ الاستقلال. إذ كان النوبيون دوما يقومون مقام تلك الحكومات في توفير الخدمات الضرورية لأهلهم حتى أوكلتنا تلك الحكومات لأنفسنا جيلا بعد جيل.

ثم صارت متطلبات العصر فوق طاقة النوبيين مجتمعين فكان لابد أن يسعوا لمطالبة الحكومة بنصيبهم من الثروة والسلطة وكل ما هو متاح للتفاوض في إطار ما يجري من حوار في أعقاب ما أقرته اتفاقية نيفاشا من الفيدرالية.

لا يكاد ينشأ خلاف حول الحاجة لقيام مؤتمر أو جسم يفعّل الجهد النوبي لمعالجة قضايا التنمية المستعصية في المنطقة وهذا ما يؤمن عليه كل متحدث عن القضايا النوبية... ولكن عندما يتعرض هذا الجسم لقضايا سياسية أو دستورية للإقليم فان البعض ينفض يده ويتوجس خيفة... إذ لا يحق لأهل هذا الاقليم (المسالم) ان يتحدث عن السياسة فهي تخصص لم يدرسه النوبيون في مدارسهم من قبل...

.....وسنعود لانعكاسات هذا الفهم لاحقاّ !!!!

كيف بدأت الفكرة :؟؟

نادت كثير من الأصوات داخل وخارج البلاد بضرورة عقد مؤتمر يوحد الجهود النوبية في وقت صارت فيه التحديات التي تواجه قضايا التنمية والعدل الاجتماعي في المنطقة النوبية ملحة وتفاوتت ......

وتفاوتت الاستجابة، ولكن حراك وزخم العمل النوبي في الرياض جعل النوبيين بها يلتقطون القفاز قبل غيرهم.

وقررت لجنة من المبادرين إقامة مؤتمر الرياض بعضوية قوامها الأفراد وآلية تصعيد تصل بالتدريج لانتخاب قيادة لهذا المؤتمر.

وحتى يستطيع المبادرون من الوصول للأفراد، ذهبوا إليهم في جمعياتهم لصعوبة اللقاء بهم خارج الجمعيات، وشرحوا لأعضاء الجمعيات الهدف من المؤتمر وانهم يسعون لاستقطاب أعضاء منهم لعضوية المؤتمر، فاستجاب من استجاب...قد يستجيب (30) من مجموع أعضاء الجمعية البالغ (100) مثلاُ.. وقد يختار هؤلاء الثلاثون من بينهم واحداً أو اثنين (هذا هو التصعيد) ليمثلوهم في المستوى الأعلى. هؤلاء المصعدين بطبيعة الحال يمثلون فقط الأعضاء الثلاثين ولا يمثلون بقية أعضاء الجمعية السبعين الباقين ولا يمثلون الجمعية ككيان.

ومن خلال هذا الجهد الذي استمر أكثر من عام ونصف تم تسجيل 4107 عضوا ومن خلال عمليات التصعيد وصل للمؤتمر ما قوامه 130 عضوا من المصعدين. وقام المؤتمر في 9 نوفمبر بحضور 66 عضوا من المصعدين.

وقرئت 7 أوراق عمل وخرج الحضور بتوصيات عامة وتوصيات عن كل من الأوراق السبعة في ثلاث محاور:

ý المحور السياسي والحقوق الدستورية

ý المحور الثقافي

ý المحو التنموي الخدمي

هيكلية المؤتمر النوبي:

لابد أن نقر أن الرؤية والتصور النهائي لهذا المؤتمر ولآلية عمله وهيكليته لم تكن متبلورة منذ البداية، ولكنها بمرور الوقت والنقاش المتصل تبلورت بشكل قاطع كالتالي:

المستوى القاعدي: الفرد هو العضو.

المؤتمر القاعدي : هو مجموع الأفراد من أبناء جمعية معينة يمثلون أنفسهم ولا يمثلون الجمعية وإدارتها إلاّ اذا كلفتهم الجمعيات بذلك.

المستوى الوسيط: المصعدون من المؤتمرات القاعدية لكل منطقة (حلفا/ السكوت/ المحس/ دنقلا) هم المؤتمر الوسيط ويمثلون المؤتمرات القاعدية.

مؤتمر الرياض: هو من المصعدين من المستويات الوسيطة الأربعة.

خلاصة القول أن مؤتمر الرياض يمثل مجموع النوبيين الذين انضموا تحت لوائه من المناطق النوبية الأربعة.

هوية المؤتمر:

يرمي مؤتمر الرياض أن تتحول جميع المؤتمرات النوبية بما فيها المؤتمر النوبي الجامع الي أجسام ويكون المؤتمر النوبي الجامع مجموعة ضغط أو منبر نوبي يقوم بتمثيل النوبيين إن ارتضوا ذلك في حوار أقاليم السودان المختلفة وفقاً للفدرالية.

بعد قيام المؤتمر بالرياض كان لابد من الإعلان عن قيام المؤتمر وطرح توصياته لجموع النوبيين وللكيانات والفعاليات السياسية وتنظيمات المجتمع المدني السودانية وتم وسط حضور جماهيري كبير كماً ونوعاً وبنجاح مقدر وتنظيم جيد عقد الجلسة الختامية للمؤتمر النوبي الأول بالرياض بفندق زهرة الشرق بالرياض – المملكة العربية السعودية مساء السبت 11/ فبراير 2006 تحت شعار ( الميلاد الثاني للحضارة النوبية - تنمية مستدامة مرتبطة بعجلة الاقتصاد العالمي – سلام استراتيجي يعزز السلم والأمن الدوليين).

المعارضة للمؤتمر والامتناع عن اللحاق به:

عارضت الروابط النوبية وعارض بعض الأفراد قيام المؤتمر النوبي الذي قام لأسباب مختلفة وبدرجات متفاوتة من الحدة. وقال البيان الذي أصدرته الروابط والذي تميز بانفعال أخل بمنطق الطرح. أن الروابط بوصفها تجمعاً للجمعيات الخيرية هي الممثل الوحيد للنوبيين.. ويتحدث البيان عن أنهم في الوقت الذي ينسقون فيه جهودهم لأعمال كبيرة فوجئوا بقيام المؤتمرات القاعدية والوسيطة للمؤتمر النوبي.

حقيقة الأمر أن الدعوة للمؤتمر النوبي وبدء الخطوات العملية للتنظيم الهرمي للتصعيد للمؤتمر كان سابقاً لقيام لجنة التنسيق للروابط. وأن الدعوة للمؤتمر النوبي على أساس قاعدة قوامها الفرد النوبي كان نتيجة لغياب لجنة التنسيق فحسب بل غياب الروابط نفسها. حينها كانت رابطة المحس تحت الإنشاء ورابطة دنقلا تحت الإنشاء وكان اتحاد السكوت (وهو اتحاد قديم) تحت إدارة لجنة تسيير مؤقتة، ولم تكن رابطة حلفا الجديدة قد خرجت الي الوجود ولم تكن وادي حلفا قد انتظمت في رابطة واحدة (وهو مازال حالها).

إذن، في ظل غياب الروابط النوبية بدأ العمل للمؤتمر النوبي واستغرق زمنا طويلاً وفي هذه الأثناء وفي أوقات متفاوتة شأت الروابط المذكورة التي نتمنى لها النجاح لتحقيق برامجها الطموحة.

إذن قامت الروابط النوبية لتجد أن المؤتمر النوبي قد قطع خطوات فماذا كان موفقها تجاه المؤتمر .

1) رابطة دنقلا: رفضت رابطة دنقلا صراحة فكرة المؤتمر أو التبشير له داخل جمعيات دنقلا، بل منعوا أعضاء المؤتمر من دخول بعض الجمعيات عنوةً على أساس أن هذا العمل عمل سياسي وأن على القائمين على أمره أن يذهبوا للأفراد في منازلهم .

2) رابطة المحس: نوقش أمر المؤتمر داخل اللجنة التنفيذية للرابطة وأجيز اقتراح يقول بعدم إقحام الرابطة في أي عمل سياسي خاصة المؤتمر النوبي وذلك لعدم اكتمال البناء الداخلي للرابطة.

3) اتحاد السكوت: تم توجيه خطاب للجنية التنفيذية للاتحاد ، وتمت مناقشته بعد انعقاد المؤتمر الوسيط ، وبعد تأخير تم نقاش الأمر في اجتماع ضم اللجنة التنفيذية ومجلس الاتحاد وأقر الاجتماع أن تتم مناقشة أمر المؤتمر عن طريق الجمعية العمومية وفقا للدستور، ورأت أن تطلب لقاءً مع اللجنة التحضيرية للمؤتمر لفهم الفكرة قبل عرضها على الجمعية العمومية _ ولم يتم هذا الاجتماع وبالطبع لم تدعى الجمعية العمومية .

4) رابطة حلفا الجديدة: رفضت رابطة حلفا الجديدة التفاعل مع المؤتمر واشترطت أن تدخل الروابط النوبية الأخرى في هذا العمل لتشارك فيه.

مواقف الروابط تجاه المؤتمر على أساس أنه عمل سياسي هي مواقف مفهومه في ظل امتناع الروابط النوبية والجمعيات عن ممارسة أي نشاطات سياسية داخل أروقتها، ولكن عدد من أعضاء اللجان التنفيذية للروابط انضموا للمؤتمر بأشخاصهم.

ولكن بدت في الأفق بادره مبشرة بمحاولة الروابط تخطي هذا الحظر ( الدخول في العمل السياسي ) ، وإن فعلت فأن المؤتمر النوبي يرحب بجهودها.

اعتراض بعض أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر :

صدر هذا الاعتراض في بيان وقعه المعنيون يعلنون فيه انه قد تم إقصائهم من هذا العمل رغم أنهم وضعوا اللبنات الأولي له. ولكن القائمة التي وقعوا عليها كل أمام اسمه اشتملت على أفراد خارج الرياض ، وأفراد كانوا قد تقدموا باستقالاتهم منذ فترة، ومنهم من أرسل تهنئة للمؤتمر بمناسبة قيامه من خارج الرياض ، لذا فإننا ننتظر تنقيح هذه القائمة قبل أن نرد عليها.

تقييمنا للمعارضة للمؤتمر:

وضح لنا موقف الروابط النوبية فيما تقدم

لا شك أن الأحزاب القومية الكبرى تتخوف من أن يكون المؤتمر نواة لجسم سياسي في المستقبل وهذا قد يتهدد طموحاتها في المنطقة..... وإذا أخذنا في الاعتبار أن مؤتمر الرياض جزء فقط من المؤتمر الجامع فلعل الإستراتيجية الأفضل هو الهجوم الكاسح على هذا المؤتمر عسى أن يرعوي بقية النوبيين في بقية المواقع (خاصة في الداخل) ويتركوا الخبز لخبازه.

قيام كيان ناتج عن الروابط مهما سما في تطلعاته فلن يشكل تهديدا للمطامح السياسية للأحزاب والكيانات السياسية - لذلك فان الطرح بأن يكون التمثيل للنوبيين من خلال الروابط يخدم هذه الغاية.

ونود أن نطمئن كل القوى السياسية وجموع النوبيين أن المؤتمر لا ينوي أن يصبح حزباً سياسياً بل يسعى لتوحيد العمل النوبي في مجموعة ضغط نوبية أو منبر نوبي.

وبعد!!!

رغم كل ما تقدم فإن المؤتمر قرر في اليوم الذي أجاز فيه التوصيات وانتخب هيئة عليا - قرر أن يفتح المجال واسعاً لكل من أقتنع بفكرته، لذا ترك باب التوصيات مشرعاً ولم يتم انتخاب لجنة تنفيذية ليتم اختيارها بعد قدوم القادمين.

لعل في هاتين الخطوتين (فتح باب التوصيات أو البرنامج - وتأجيل انتخاب اللجنة التنفيذية، ما يطمئن كل قادم، انه ليست هناك أجندة سرية أو قيادة تم اختيارها لتنفيذ الخطة المعنية.

ان كان المعارضون مؤمنون بفكرة المؤتمر ويودون الإصلاح فإن الباب مفتوح.. وإن كانوا يرون أن على هذا المؤتمر ان ينزوي لتقوم الأحزاب السياسية القومية أو الإقليمية بالتفاوض نيابة عنا عند اقتسام السلطة أو الثروة فان المؤتمر..... يواصل عمله ويرفع توصياته للمؤتمر الجامع الذي بيده القرار النهائي....

نقطة أخيرة:

كل ما يتم في الرياض هو اجتهادات أعضاء المؤتمر النوبي بالرياض وستظل هذه الأفكار كتوصيات للمؤتمر الجامع.. ولكن رأي المؤتمر الجامع بكل أعضائه من كل الجهات هو الذي سيسود..

والله الموفق والهادي الي سواء السبيل،

عن أمانة المؤتمر

عبدالحق عمر