ها نحن نستقبل اليوبيل الذهبي لاستقلال بلادنا المجيد، على أنقاض كارثة إنسانية السكوت عنها جريمة كشأن فعلها؛ فلم يكن مقتل المواطنون السودانيون في القاهرة نتاج صدفة أو ظروف، بل كان نتيجة طبيعية لأوضاعهم التي إشترك في صنعها كل من الجبهة الإسلامية (بشقيها)، وإنحياز الأمم المتحدة ومؤسساتها الفرعية لما يدعم قوى الإستعمار الحديث والإمبريالية وذيولها في المنطقة. كما أن الأجهزة الأمنية المصرية تتحمل قسطا وافرا من المسؤوليه تجاه ما حدث لاستخدامها العنف بشكل غير مبرر وغير أخلاقي.
لم تبدأ المأساة فجر الجمعة 30 ديسمبر2005م ، بل كانت بدايتها الحقيقية فجر الجمعة 30 يونيو 1989م، حينما اجهضت الجبهة الإسلامية مشروع الديمقراطية واتفاق السلام 1988م (الذي عرف باتفاق الميرغني قرنق) وأعلنت الحرب الدينية داخل السودان، تطبيقا لنهجها في الإقصاء، وترسيخا لقواعد حكمها الذي يفتقر إلى الشرعية والمسؤولية والأخلاقية. لم تكتفي الجبهة الاسلامية بشقيها (المؤتمر الوطني، والمؤتمر الشعبي) باحتكارها مؤسسات السلطة لتطبيق سياسات رعناء جرت البلاد إلى الفقر والجهل والمرض ودائرة مفرغة من الهجرة الداخلية والخارجية؛ بل قامت باستنفاذ ثروات البلاد لصالح مصالح الحزب الضيقة وجيوب رجاله، واحتكرت وسائل الإنتاج والتوزيع، ونهبت نصيب المواطن من ثروات البلاد وسلبته حقوقه التي كفلتها لها السماء والأرض في أن يعيش حياة كريمة على أرضه، وأجبرت الشعب على الرضوخ للذل والهوان، أو الهرب من ويلات الحرب والفقر والمرض والجهل.
تلك كانت بداية المأساة، أدى ذلك لأن ينزح أكثر من أربعة ملايين مواطن نتيجة الحرب في الجنوب، وأكثر من مليوني مواطن نتيجة جرائم دارفور، وما لا يقل عن خمسة ملايين آخرين نتيجة الأوضاع السيئة في مختلف أجزاء البلاد. صاحب جرائم الجبهة الإسلامية في حق المواطن السوداني، فشل ذريع للقوى السياسية السودانية المعارضة، على جميع الأصعدة، وصاحب ذلك أيضا تقاعس المثقف السوداني عن التضحية لبلاد بذلت فوق طقتها لأجله، آثر الهرب بشتى وسائله، مما أدى لاستمرار هذه الطغمة السياسية الحاكمة ما يزيد عن ستة عشر عاما، وسمت بأنها أكثر السنوات سوادا في عمر السودان.
كل ذلك أدى لأن يدفع المجتمع الدولي قضية السودان لتكون في لائحة اولوياته، فجاء اتفاق نيفاشا، ولكنه لم يأتي حلا لإشكال السودان، بل كان ضمان لمصالح الإمبريالية في المنطقة، وبارك المجتمع الدولي هذا الإتفاق الناقص الذي ينقض أبسط قواعد الديمقراطية والحقوق المدنية. بل تمادى المجتمع الدولي وعلى رأسه الأمم المتحدة ومؤسساتها إلى اعتبار نيفاشا حل لإشكال السودان.
عودة إلى ما كان نتاجا طبيعيا لكل ذلك، الأحداث الأخيرة التي لعب إخلال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، بوعودها دورا هاما في حدوثها، نتيجة اعتبارها أن اتفاق نيفاشا أنهى إشكال السودان، وأتى جهاز الأمن المصري ليجهز على حقوق البسطاء، باستخدامه العنف لإجلائهم، بعد ثلاثة أشهر من الإعتصام وخمس ساعات من التفاوض وساعات من العنف.
إننا كشريحة واعية، بالدور المنوط بناء في بناء وطن يكفل لنا أن نعيش على أرضه بحرية وكرامة، والأمانة التي حملها لنا الشعب السوداني، حين بذل الغالي والنفيس لأجل تعليمنا، نرى أن المساهمة في حل الإشكال تأتي عبر:
أن يتم التحقيق في قضية استخدام العنف ضد اللاجئين السودانيين، وأن يعاقب الجناة، ليكون ذلك بمثابة اعتذار من الحكومة المصرية للشعب السوداني على الجريمة التي ارتكبها جهاز الأمن المصري.
أن تعمل الأمم المتحدة ومؤسساتها، على إعادة توطين اللاجئين بما يكفل لهم إعادة حقوقهم التي سلبت منهم وأن يتم تعويضهم عبر الطرق الملائمة عن الخراب والدمار والأوضاع التي تسببت في نزوحهم. وأن تعمل على الإيفاء بوعودها إلى أن تتمكن من ضمان تحقيق إعادة التوطين.
أن تلتقي القوى السياسية الوطنية السودانية على برنامج الحد الأدنى لإزالة النظام الحاكم، والآثار السالبة التي نتجت طيلة فترة إستيلائه على مقاليد الحكم في البلاد.
أن تعمل القوى السياسية على إنتزاع حقوق المواطن السوداني من براثن الجبهة الإسلامية وتعيدها إلى أصحابها كاملة، وأن تعمل على تعويض كل المتضررين من حكم الجبهة الإسلامية، عبر برامج تضمن العدالة والفعالية.
أن يدرك المثقف السوداني، ثقل الأمانة الملقاة على عاتقه وأن يعمل على استعادة حقوق الشعب من داخل السودان بكافة وسائل النضال المشروعة.
اتحاد الطلاب السودانيين - باكستان
www.sudansu.com