ذكرنا من قبل وسنظل نكرر إن مأساة دارفور التي لفتت انتباه العالم أجمع، قضية سياسية وهي جزء لا يتجزأ من الأزمة العامة التي تواجهها البلاد ولا يمكن حلها إلا عبر التفاوض السياسي.
وبما إن سلطة الجبهة القومية الإسلامية في مطلع أيام استيلائها على السلطة لعبت دوراً أساسياً بقيادة الدكتور حسن الترابي في تصعيد الأزمة لتصبح دارفور الكبرى حزاماً أمنياً لدولة إسلامية عربية إذا ما دارت الدوائر على هذه الدولة، فإن ذات المخطط يتواصل الآن وفق سيناريوهات مختلفة رغم الفشل الذريع الذي مني به بعد انفضاحه داخلياً وعالمياً.
غير إن أخطر مافي هذا المخطط انه وضع دارفور في جحيم حرب أهلية استئصالية متصاعدة وقودها إنسان دارفور المسالم الذي يواجه ببشاعة غير مسبوقة: القتل والحرق والنهب والاغتصاب والقسر على النزوح والتشرد وكل صنوف العذاب ... بل يضع البلاد كلها أمام خطر الاحتلال الأجنبي المباشر بعد ان أصبحت في واقع الأمر محمية يقرر في مشاكلها العديد من الدول بعد أن صارت مهدداً أمنياً للبلاد والإقليم.
إن حزب المؤتمر الوطني الذي يمثل الأغلبية في الحكومة وسلطة إصدار القرار غير موثوق به في أي تصريح يصدره عن حل للأزمة ... والدليل على ذلك عدم انصياعه لتنفيذ قرارات الأمم المتحدة: 1590، 1591، 1593 القاضية بتجريد مليشيات الجنجويد من أسلحتهم وهم يمثلون الذراع المساعد لقوات السلطة النظامية الأخرى في تنفيذ مخططاتها، ورفضها بكل صلف تقديم المجرمين المتورطين في وضع المخططات وهم في قمة أجهزة الدولة، وكل الذين ارتكبوا جرائم القتل والحرق والنهب والاغتصاب للمحاكمة والإصرار على عدم السماح للمحكمة الدولية بمباشرة عملها في السودان.
من جهة أخرى فإن الاتحاد الإفريقي الذي كان مؤملاً أن يساهم في حل الأزمة يعاني من الضعف البين في تفاصيل إمكاناته المختلفة ولهذا فهو أكثر عجزاً أمام حل الأزمة.
لهذه الأسباب مجتمعة أخذ الوضع في دارفور يتدهور بوتائر عالية وتتفاقم مأساة مواطنيه.
أمام كل ذلك يصبح الحل بيد الشعب السوداني ولا أحد سواه وكل ما يأتي من الخارج لن يتعدى دور المساعد كما أكدت التجربة الماثلة.
هذا الحل يكمن في:
- استمرار المفاوضات السياسية بين الحكومة والمقاومة المسلحة بهدف التقسيم العادل للسلطة والثروة لصالح جميع أهل دارفور والاستجابة لمصالحهم العادلة في إدارة شؤونهم بأنفسهم وحقهم في المشاركة في كافة أجهزة الدولة المركزية التشريعية والتنفيذية ومجلس رئاسة الجمهورية.
- الضمان الأساسي لاستجابة الحكومة لهذه المطالب لن يتم ولن ترضخ له السلطة ما لم تتوحد كلمة وإرادة مواطني دارفور على اختلاف قبائلهم وأحزابهم وعلى رأسهم حركات المقاومة المسلحة وتصفية الانقسام الحالي في حركة تحرير السودان والذي يصب في طاحونة السلطة وسياسة حزب المؤتمر الوطني القائمة على (فرق تسد).
- وبما إن الحزب الشيوعي عضو فاعل في الملتقى الخاص بدارفور الذي جمع معظم قوى المعارضة في دار حزب الأمة في 9/11/2005، فإننا ندعم التوصيات وما هو إيجابي في القرارات التي خرج بها وتوحدت حولها قوى المعارضة ونركز على:
* الحل القومي لأزمة دارفور وفك احتكار الحكومة وشمول حل الأزمة بديلاً للحلول الجزئية والانفرادية الفاشلة.
* دعم وتوسيع مبادرة الرزيقات لتشمل كل القبائل الكبيرة في المنطقة على طريق تكثيف الجهد الشعبي لحل الأزمة.
* عقد مؤتمر عام لأهل دارفور تحت رقابة المجتمع الدولي لإزالة الغبن والمظالم بمشاركتهم في قسمة السلطة والثروة.
* عقد مؤتمر قومي جامع لتأكيد المعالجة القومية وتضمين ما يتم الاتفاق عليه في الدستور القومي الانتقالي بحضور دولي وإقليمي مع الحكومة والحركات المسلحة في دارفور والحركة الشعبية والأحزاب السياسية ... الخ.
* العمل الجماهيري الشعبي المثابر الذي تشترك فيه كل قوى المعارضة برفع المذكرات وغيرها من الوسائل النضالية المجربة التي تمثل الضمان والشرط الأساسي لتحقيق المطالب. فقد أكدت تجارب شعبنا استحالة هزيمة الجماهير الموحدة والمنظمة والمصممة بوعي وإرادة وإصرار على الانتصار.
سكرتارية اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي السوداني
21/11/2005