على الرغم من أن الشعب السوداني قد رحب بالسلام وأوصد باب الحروبات التي قضت على الأخضر واليابس وعمقت المآسي و الشروخ بين أبناء الوطن الواحد، إلا أن بعض الفئات ما زالت تحن إلى أيام الحرب والفتن وما الحادث الذي وقع بجامعة أم درمان الأهلية إلا مجرد مؤشر لإعادة إنتاج الأزمة ولكن في صورة أشد وأعتى هذه المرة فقد درجت بعض التنظيمات التي تسمي نفسها إسلامية (وهي إما في صورة جماعة من العلماء احتكروا الفتوى في المسائل الدينية وإما في صورة أحزاب مسجلة) على استغلال الطلاب في الجامعات وتجنيدهم من أجل تعطيل عملية التحول الديمقراطي حيث أن هذه الجماعات لا تؤمن بالديمقراطية ولا التعددية وإن إدعتها زوراً وحادث جامعة أم درمان الأهلية إنما هو أبلغ تطبيق للنوازع الشمولية والاتجاهات الإقصائية المتمكنة من فكر هذه الجماعات. وعلى الرغم من التفجيرات التي وقعت بالجامعة وعمليات الإعتداء المسلح على الأفراد وتدمير وحرق الممتلكات والمعامل والأجهزة والخطف والإعتداء على أعضاء إدارة الجامعة وأساتذتها إلا أن السلطات الحكومية لم تحرك ساكناً ومرت القافلة المدججة بالسلاح عبر طرق أم درمان وفي مركبات لا تحمل لوحات مرورية على الرغم من انتشار شرطة المرور في كل الشوارع والأزقة لأغراض الجباية وإرهاق كل المواطنين بالغرامات وقد مارست هذه الجماعة إعتداءاتها في وضح النهار بصورة منظمة ونحن نتساءل من أين للطلاب هذه الأسلحة والمتفجرات إن لم يكن هذا الإعتداء مدبراً من خارج الجامعة ولو كانت السلطات بما لها من إمكانيات أمنية جادة لوقف هذا العبث لكانت فعلت منذ الشرارة الأولى في أول منشأة من المنشآت الست التي تم حرقها ولكن الأمر تم وكأن الجامعة تقع في جزيرة معزولة عن العالم الخارجي.
ناقوس الخطر:
إننا ننبه كل مواطن حادب على أمن هذا الوطن وحريص على بناء واستكمال السلام وتحقيق التحول الديمقراطي إلى أن:
1. أحداث جامعة أم درمان الأهلية ليست مجرد أحداث شغب وسط الطلاب وإنما هي من أمر مدبر من الخارج وبمباركة السلطات الحكومية وتغاضيها عن التنظيمات الدينية السياسية التي ترمي إلى أهداف بعينها.
2. إن هذه الأحداث لن تقف عند جامعة أم درمان الأهلية وسوف تمتد لكل الجامعات الأخرى وتؤدي إلى إشعال الفتنة بين الطوائف الدينية خارج الجامعة مما يؤدي إلى هدم عملية السلام برمتها.
3. ولقد بدأت تظهر جلياً للعيان بوادر الفتنة الدينية حين راحت بعض هذه الفئات الضالة وسط الطلاب إلى إصدار البيانات التي تكفر كل من انضم أو والى أو حتى أجر منزلاً للحركة الشعبية لتحرير السودان وكل هذا في تدبير خبيث جاء متزامناً مع حضور رئيس الحركة الشعبية الدكتور جون قرنق لبلاده ليتولى مهامه الرئاسية فماذا يعني تحديد هذا الوقت بالذات لإصدار البيانات التكفيرية!!!
إننا نرى:
1. إن أساليب العنف والتهديد والتكفير المتفشية في الجامعات تستدعي إعادة النظر في السياسات التعليمية في المدارس والجامعات حتى لا يقع الطلاب فريسة لتيارات الهوس الديني التي تستغل العاطفة الدينية لدى هؤلاء الطلاب لتستعملهم لتحقيق أغراضها السياسية.
2. يجب على أولياء الأمور الانتباه لعملية الاستغلال وغسل الأدمغة التي تقوم بها الجماعات الإسلامية في المدارس والجامعات للتلاميذ والطلاب بما يهزم القضية التربوية من أساسها.
3. ينبغي ضبط الخطاب الديني التكفيري والإقصائي عن طريق إنشاء المنابر الحرة بموجب قانوني دستوري واعتبار إصدار فتاوى التكفير جريمة يرتكبها كل من يطلقها شأنها في ذلك شأن الجرائم الأخرى وكل ذلك بموجب القانون.
4. إننا نوجه النداء لكافة منظمات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان وكل الأحرار الحادبين على السلام ووحدة البلاد في اتجاه مقاومة مثل هذه الممارسات الشائهة وندعو كذلك كل الوسطاء والشركاء في عملية السلام من أجل الوقوف ضد كل هذا العبث بوحدة ومقدرات البلاد.
5. وفوق هذا كله ندعو الشعب السوداني صاحب المصلحة الحقيقية في الوحدة والسلام في الشمال والجنوب وفي الشرق والغرب أن يتكاتف ضد المتآمرين على وحدته وسلامه.
وحفظ الله السودان
المركز السوداني لدراسات حقوق السودان المقارن
منتدى الحوار الفكري الاستراتيجي
الخرطوم – يوليو 2005