دخلت مفاوضات ابوجا مرحلة حاسمة ونهائية بعد ان فرغت معظم اللجان المكلفة بمناقشة الملفات الثلاثة - السلطة والثروة والترتيبات الامنية - كل على حدة من اعمالها . وسط تفاؤل مشروط بضرورة بذل المجتمع الدولى جهدا اكبر لحل الازمة .فالآن الكرة فى ملعب الاتحاد الافريقى الذى يعكف هذه الايام لاعداد مسودة شاملة فى كل الملفات وطرحها للاطراف المختلفة , الا ان السؤال الذى يطرح نفسه هل يستطيع الوسطاء الزام او فرض تلك المسودة على الحكومة والحركات المسلحة ام تظل ورقة توفيقية كل منهما يقبلها اويرفضها كما فى الاوراق التى كان يقدمها الوسطاء من قبل؟
المراقبون يشيرون الى ان المجتمع الدولى لم يأت بمفاتيح حقائبه لحل المشكلة , وذلك من خلال ادوار ممثلى تلك الدول , فلم يكن- بحسب المراقبين -هو الدور المناط بهم . فالجولة لم تنته بعد ونتائجها يمكن ان نحكم عليها بالفشل، رغم ان الاتحاد الافريقى لم يعترف بذلك, من خلال النتائج التى نضعها امامكم لنترك لكم التقييم,،وفى هذا التقرير نضع النقاط التى تم الاتفاق او الاختلاف عليها والرؤى والاطروحات التى قدمتها الاطراف ولنبدأ بملف السلطة باعتباره اكثر الملفات حساسية قدمت فيه اكثر من اربعة مقترحات من الاطراف بما فيها الوساطة ولم تجد القبول.
جدول اعمال السلطة شمل المباديئ العامة و حقوق الانسان والحريات الأساسية و معايير وموجهات اقتسام السلطة النظام الفدرالى ومستويات الحكم وصلاحياتها والمشاركة الفعالة على المستوى الفدرالى ومستويات الحكم الأخرى والمؤسسات الحكومية والخدمات العامة.
فى الجولة السادسة التى قاطعتها حركة تحرير السودان مجموعة مناوى ودخلها عبد الواحد وخليل ابراهيم بتنسيق واحد قبيل مؤتمر حسكنيتة , تم الاتفاق فيها على المبادئ العامة وحقوق الانسان والحريات ومعايير وموجهات اقتسام السلطة, وتم فيها مناقشة البند الرابع الخاص بالفدرالية الا ان الجولة انهت اعمالها قبل الوصول لاى نقاط مشتركة.
وبدأت الجولة السابعة من حيث انتهت السادسة بمناقشة النظام الفدرالى ومستويات الحكم وصلاحياته , حيث قالت الحكومة ،ان السودان يحكم فدراليا وتنتقل فيه السلطة بفاعلية وتوزع المسؤوليات على المستوى القومى وتمارس فيه سلطات فدرالية سيادية وتنفيذية وتشريفية , تتمثل فى مستوى حكومة الجنوب و تمارس فيه السلطات التى خولتها لها اتفاقية السلام فى المسائل المتعلقة بحكومة الجنوب , ومستوى الحكم الولائى وتمارس فيه السلطات على مستوى ولايات السودان , ومستوى الحكم المحلى ويعمل على مستوى القواعد الشعبية ومستوى الادارة الاهلية ويعمل فى اطار الحكم المحلى على اساس التراضى والعادات والتقاليد الاجتماعية .
الاقليم
موقف الحركات المسلحة حول بند الفدرالية قام بناء على مطلب حكم على مستوى الاقليم , وهو مارفضته الحكومة , الا انها وافقت موافقة مشروطة واقترحت ان يستفتى اهل دارفور عقب إجراء إنتخابات حرة وعادلة ومباشرة فى ولايات دارفور الثلاث وإعلان نتائجها وذلك بعد تشكيل المجالس التشريعية و الحكومات الولائية المنتخبة ديمقراطياً لاختيار احد الخيارات الآتية :قيام اقليم يضم ولايات دارفور الثلاث ودمج ولايات دارفور الثلاث لتصبح ولاية واحدة و,تشكيل مجلس تنسيق للولايات الثلاث, او أى خيار آخر يوافق عليه أهل دارفور فى إطار السودان الموحد. واضاف وفد الحكومة ان الخيار الذى يحصل على موافقة ثلثى أهل دارفور - أو أكثر - سوف ينال إحترام الحكومة القومية وستعمل على تنفيذه. واشارت الى ان الآلية والضمانات اللازمة لإجراء التشاور الشعبى يتم الأتفاق عليها بين الحكومات والهيئات التشريعية المنتخية لولايات دارفور الثلاث والجهة القومية ذات الصلاحية, على ان تبقى الهياكل الأدارية القائمة فى ولايات دارفور دون تغيير حتى إعلان نتائج التشاور الشعبى بإنشاء أقليم أو أى خيار آخر, ولم يتم البت فى هذا الموضوع بصورة نهائية وترك للوساطة لاتخاذ ماتراه مناسبا.
الحركات المسلحة تمسكت بمقترحها القاضى بانشاء اقليم فى دارفور بحدود الاول من يناير , يتكون من اجهزة تنفيذية وتشريعية وقضائية , واختلفت مع الحكومة فى متى يكون الاستفتاء حيث ترى الحركات قيام الاقليم اثناء الفترة الانتقالية على ان يجرى الاستفتاء لاهل دارفور عقب نهاية تلك الفترة لتحديد ما اذا كان الاقليم سيستمر مع زيادة الولايات الى خمس ام يظل الوضع القائم الآن , وهو ما يتعارض مع رؤية الحكومة التى ترى ضرورة ان يظل الوضع القائم الآن فى دارفور على حاله الى نهاية الفترة الانتقالية , بعدها يتم الاستفتاء لاهل دارفور .
الحدود
جاءت رؤية الحكومة بأن يتم ترسيم الحدود الإدارية بين ولاية شمال دارفور والولاية الشمالية بواسطة لجنة مختصة تضم ممثلين من كلا الولايتين لترسيم الحدود , بينما رأت الحركات المسلحة ان الترسيم يجب ان يكون لحدود الاقليم الادراية كافة وهو ماترفضه الحكومة بحجة ان ذلك سيأتى خصما على دارفور مع ولايات متاخمة اخرى غير الشمالية.
وتعود مطالبة الحركات المسلحة لقضية الحدود هذه على خلفية ان الولاية الشمالية فى بداية التسعينات ضمت اليها منطقة كرب التوم التى كانت تتبع لشمال دارفور آنذاك وهى منطقة جمركية على الحدود بين الولايتين كما ان هناك اعتقاداً لدى البعض بان المنطقة تضم آباراً بترولية.
الرئاسة والمؤسسات التنفيذية والتشريعية
اما فيما يتعلق بالبند الخاص بمستويات التمثيل على المستوى الفدرالى وخصوصاً رئاسة الجمهورية فاقترحت الحكومة خلق وظيفة مساعد لرئيس الجمهورية ، يشغلها شخص من دارفور , تكون صلاحياته المشاركة فى إجتماعات مجلس الوزراء ، ومتابعة تنفيذ إتفاقية السلام فى دارفور ، وأى تكليفات ذات صلة يكلف بها . بينما تمسكت الحركات المسلحة بالمشالركة فى مؤسسة الرئاسة بمنصب نائب للرئيس حيث ترى ان رئاسة الجمهورية تتكون من الرئيس ونائبه الاول ونائبين آخرين له احدهما من دارفور ترشحه حركة العدل والمساواة وتحرير السودان والقوى المتحالفة معهما ليشغل المنصب طيلة الفترة الانتقالية التى يتم الاتفاق عليها على ان يتم الاتفاق على صلاحياته واختصاصاته فيما بعد.
وعلى صعيد المشاركة فى المستويات التنفيذية والتشريعية الأخرى اعتمدت الحكومة معايير النسبة المئوية للسكان والسوابق (التجارب المشابهة) و التمييز الإيجابى . للمشاركة فى تلك المؤسسات. وجاءت مشاركة اهل دارفور فى مجلس الوزراء بناء على رؤية الحكومة واعمالاً لمعيار السوابق فى التمثيل السياسى ، بالمشاركة بثلاثة مقاعد وزارية وثلاثة مقاعد وزراء دولة لأهل دارفور فى مجلس الوزراء الاتحادى.
وحول المشاركة على المستوى التشريعى القومى - (المجلس الوطنى ومجلس الولايات) - ، اعتمدت الحكومة معيار الحجم السكانى لمشاركة اهل دارفور واضافت اليه ثلاثة مقاعد للحركات فى المجلس الوطنى من بين عدد المقاعد المخصصة للأحزاب السياسية (14%).
بينما قالت الحركات المسلحة ان مجلس الوزراء يتكون من 30 وزيرا اتحاديا و34 وزير دولة , تمثل فيه حركة العدل والمساواة وحركة التحرير والقوى المتحالفة معها بنسبة23% , فى الوزارات الاتحادية ووزراء الدولة, اى 7وزارات اتحادية و8 وزراء دولة. وجاءت رؤية الحركات المسلحة للمشاركة فى المجلس الوطنى بالمطالبة بنسبة 20% من مقاعد المجلس اى ما يعادل 90 مقعدا واشترطت عدم المساس بالمقاعد التى خصصت للجنوب من خلال اتفاق نيفاشا, وتمثيل الطرفين فى المناصب الخاصة بالمجلس التشريعى وفق معيار السكان مضافا اليه معيار التمييز الايجابى .
وجاء موقف الحكومة بضرورة تمثيل الحركات المسلحة فى كل المجالس التتشريعية فى حكومات الولايات بدارفور , وفق ما ورد فى اتفاق نيفاشا 70% للمؤتمر الوطنى و20% للأحزاب السياسية بما فيها الحركات 10 %للحركة الشعبية. واشترطت ان يتم تمثيل الحركات ضمن نصيب الأحزاب السياسية ألأخرى فى مجلس الولايات والهيئات الأخرى ذات الصلة إذا ما تحولت الحركات إلى أحزاب ساسية.
وحول المشاركة فى المفوضيات القومية ، قالت الحكومة يجب ان يتم تمثيل ولايات دارفور فى المفوضيات القومية ذات العلاقة , واكدت على مبدأ الحياد والاهلية فى الخدمة المدنية , واتاحة ضمان الفرص كافة لاهل السودان للمشاركة فيها , واقترحت الحكومة ردا على ما يثار حول عدم تمثيل اهل دارفور فى الخدمة المدنية اشراكهم فى المفوضية القومية للخدمة المدنية وتشكيل لجنة من خبراء تقوم بدراسات لتحديد حجم تمثيل أهل دارفور فى الخدمة المدنية. وإتخاذ الإجراءات التصحيحية إذا ما كشفت الدراسة وجود اى خلل وتطبيق مبدأ التمييز الإيجابى لتحسين التعليم ، والتدريب ، وبناء القدرات بالإضافة إلى إبقاء نظام المعاملة التفضيلية لطلاب دارفور فى التعليم الجامعى و ضمان الإلتزام بالمعايير والقواعد الدولية الخاصة بالتوظيف.
اما فى مايتعلق بموضوع العاصمة فاقترحت الحركات ان تمثل حركة العدل والمساواة وتحرير السودان فى حكومة ولاية الخرطوم بوزيرين احدهما نائبا للوالى وثلاثة معتمدين, وتمثل ذات الحركات والقوى المتحالفة معها بنسبة 20% فى المجلس التشريعى لحكومة العاصمة .
واشارت الحركات الى ان الجامعات والخدمة المدنية والمؤسسات والمفوضيات والصناديق واللجان الدائمة والمؤقتة واجهزة الامن والاستخبارات والقوات المسلحة والقوات النظامية الاخرى والتمثيل فى مستويات الحكم المختلفة فى دارفور تمثل فيها بنسبة 26%.