في مقال سابق للقمة ، أشرنا إلى أننا سننتظر ما سيقوله القادة العرب في قمتهم عن دارفور . اليوم لا نجد مناصاً من أن نحاول إستجماع الشتات المبعثر للكلمات من هنا وهناك لنسبر غور المعاني والمضامين لكثير من المظاهر التي كانت اصدق قولاً من الكلم. غياب ما يقارب نصف القاده ، مغادرة بعض القادة والقمة في أوج مراحلها ، إستحياء المفردات القطعية وتحجّبها عن نصوص القرارات وإبداء المفردات المطاطة لزينتهن وتبرجها في صدر الإعلان ، وكثير مما لا شك قد أحس به غيرنا ، يشكل في مجمله علامة إستفهام كبيره يراها القاصي والداني ، بل وعبر الأفق السياسي الممتد من ضمير الأمة السودانية إلى عقلها بكل الأبعاد الحسية والمعنوية. ودون التلميح إلى ما لامسته القمة من مواضيع من هنا وهناك ، تلك التي تتعلق بقضية فلسطين أو العراق أو غيرهما ، أجد نفسي محكوماً بالربط بين مقالنا السابق للقمة وهذا المقال في محور دارفور. لم تكن سعادة الشارع السوداني بعد ما يقارب من أربعين عاماً من أول قمة عربية عقدت في الخرطوم إلا تلك المشاهد التي تابعها عبر شاشات التلفزيون السوداني وهو يعرض جموع المواطنين وهي تستقبل القادة العرب في العام 1967 ، حتى ليخال لك أن الخرطوم يومها تحتضن ضعف ما يحتضرون فيها اليوم . ليس غريباً والحال كذلك أن تأتي القرارات عرجاء حيث يراد لها أن تخوض في وحل وعلى عجل . وإذا إدركنا بأن فناجين القهوة هي دائماً ما تستقبل القادة العرب في قممهم وتستدبرهم كإرث ضيافه، لخلصنا إلى أن الرشفه الأولى تزيل ما يستبطنها وهي وإن كانت في القهوة مرغّبة، فهي بذلك تخرج عن كونها زبداً وإن ذهبت من الرشفة الأولى للرأي العام . كنا نأمل أن تولد الخرطوم توأماً للقمة الأفريقية رغم علمنا وكما يقول البعض (البطن لوبيا ) أو كما يحلو لآخرين أن يقولوا (البطن بطرانه). كنا نأمل أن تطلقها القمة العربية صرخة مجلجلة أن لا لإبادة شعب دارفور ، لا للإفلات من العقاب للمجرمين ، لا لتكريم النظام المتهم . لآءآت شرعيه يدعمها واقع ليس من شاهد أصدق من شهادته وتسندها أدلة ليس في كمالها منقصة ولا في ملمسها بسطنة . ليس مهماً ماهية اللآءآت ناقصه ألفاً أوتتناقلها أصوات فيها بحّة وتتلقفها آذان فيها شئ من صمم، بيد أن اللآءآت لم تخرج من القمة ولكن ناب عنها في الخروج غياب مكثّف للقادة وسفر قبل الختام وختام غير تام . ترى هل قصد القادة العرب أن تكون اللآءآت مواكبة لمقتضيات العصر الحالي والذي يسعى فيه الجميع إلى الغلول في الحلول . لم يقل القادة العرب كثيراً عن دارفور في قمة الخرطوم فأكتفوا بتتويج البشير من خلال آهة ملوك وتنهد رؤساء وهمس أمراء فجاءت قراراتهم مغررة . وعطفاً على وجهة شبح دارفور الذي يطارد نظام الإنقاذ، ظل الرأي العام في شغف لإستهلال غرة ابريل بصدق وليس بكذبة ، (حيث درج الناس أن يقولوا كذبة أبريل) . والإنقاذ وقد قالت بأن القمة من أنجح القمم ، نترك للقراء الكرام أن يميزوا ما إذا كانت ابريل كعادتها .
عبد الجبار محمود دوسه
أبوجا – نيجيريا
31/3/2006