اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

حصاد التعاون بين الخرطوم والـ «سي اي ايه

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
29/3/2006 4:55 م

شبح اللائحة السوداء يصر على ملاحقة السودان
تقرير مزدلفة محمد عثمان
وسط زخم انشغال الخرطوم بترتيبات انعقاد القمة العربية ، خرج مسئول امريكي رفيع ليعلن من كولومبيا عشية الجمعة الماضية أن السودان باقٍ على قائمة الدول الراعية للارهاب مع ليبيا رغم تعاونهما الجيد في جهود المكافحة التي انتهجتها الادارة الامريكية واجهزة مخابراتها لاستئصال من تسميهم بالجماعات الاصولية المتطرفة المتهمة برعاية وترويج الارهاب ، ويظهر استباق هنري كرومبتون منسق الخارجية الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب لموعد اصدار التقرير السنوي والاعلان عن بقاء الخرطوم على اللائحة السوداء. التعامل السياسي الامريكي مع القضية وعدم اخضاعها لحسابات التعاون غير المسبوق الذي ابداه نافذو الحكومة مع المخابرات الامريكية بشهادة موثقة كانت نقلتها صحيفة لوس انجلوس تايمز عن اللواء يحى حسين بابكر حين التقى الصحفي سلفرستين في ابريل من العام الماضي واخبره بان المخابرات الامريكية تعتبر نظيرتها السودانية صديقة لها وان الخرطوم وصلت مرحلة التطبيع الكامل في علاقاتها مع المخابرات المركزية الخارجية الامريكية،وقال بإن الاخيرة تسعى لتلطيف العلاقات السياسية المتوترة بين ادارة بوش وحكومة الخرطوم فالتعاون لازال موسوما بالهشاشة السياسية لدى الجانبين ، بينما تورد التايمز عن رئيس جهاز المخابرات صلاح عبدالله والذي ترقى مؤخرا إلى رتبة الفريق ، قوله" لنا شراكة قوية مع الCIA والمعلومات التي وفرناها كانت ذات فائدة كبيرة للولايات المتحدة " ولكن التناقض الذي تتسم به العلاقة بين المخابرات السودانية والامريكية يتجسد في صلاح قوش والذي تصفه الصحيفة الامريكية بصاحب النظارة والسيجارة ذات الدخان المكتوم حيث يتهمه اعضاء في الكونغرس مع مسئوليين سودانيين كبار بالتورط في ازمة دارفور ، وفي التسعينات تولى قوش المسئولية عن ملف القاعدة، واليوم فهو على صلة دائمة مع مكتب مدير الCIA ومع مسئولين رفيعيين بالوكالة ، وفي مقابل ذات التنسيق الذي ظل محجوبا عن الاعلان لوقت كبير تريد الخرطوم أن يرفع اسمها من قائمة الارهاب وتضغط ايضا في اتجاه رفع العقوبات الاقتصادية المتطاولة التي تحظر تبادل غالب السلع التجارية،
ومعلوم أن وجود الدول على القائمة الامريكية السوداء يعني حرمانها من الأسلحة الأميركية، ويفرض قيودا على مبيعات السلع ذات الاستخدام العسكري والمدني لها، ويحد أيضا من المساعدات الأميركية لها، ويفرض أن تصوت واشنطن ضد منحها قروضا من المؤسسات المالية الدولية.
ويبدو من واقع المشهد السياسي الذي انتظم مجئ الانقاذ في اوائل التسعينات أن السودان من وجهة النظر الامريكية كان ملاذا للاصوليين الاسلاميين ، حين اعلن فجأة السماح لكل عربي مسلم دخول اراضيه دون جواز سفر وكان زوار الخرطوم ابان تلك الحقبة ممن يطلق عايهم في المصطلح الامريكي بالمتطرفين من جماعة ابو نضال التي انشقت عن منظمة التحرير الفلسطينية وجماعة من الحرس الجمهوري الايراني واعضاء الجماعات الاسلامية التي تعارض حكوماتها في تونس وغيرها من الدول العربية والافريقية المجاورة ، ولم تكن تلك الاستضافة قاصرة على العرب المسلمين بل شملت اشهر الارهابيين ويدعي اليتش رامير سانشيز الشهير بكارلوس بن آوي والذي يقال انه عاش حياة رفاهية نسبية في الخرطوم خلال حقبة التسعينات فمرتادو الفنادق قالوا إن الرجل كان يتناول افطاره في هيلتون الخرطوم ويصفف شعره بالمريديان ، ثم ابعدته المخابرات وسلمته للسلطات الفرنسية بالعام 1994، اما اكثر العناصر المثيرة للجدل والتي بسببها يواجه السودان العقوبات الامريكية فهو اسامة بن لادن المتهم الاول في تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة ، فالرجل منزوع الجنسية السعودية دخل السودان كمستثمر وحول غالبية انشطته إلى الخرطوم بعد تصاعد مواجهته النظام الملكي ، وولج فعليا مجال العمل التجاري وبني فعليا عبر شركة مقاولات خاصة طرق حول العاصمة .
وفي العام 1993 وضعت ادارة الرئيس بيل كلينتون السودان في قائمة الدول الارهابية واعلنت أن البلد الأفريقي النامي يملك علاقات مزعجة مع قطاع واسع من المتطرفين الاسلاميين بل ذهبت إلى انه يدعم تلك الفئة بتدريبات عسكرية ويوفر ملاذات آمنة ووثائق السفر والاموال لهم ، وتطور الامر باغلاق محطة مخابراتها في الخرطوم باواخر العام 1995 ، ثم اعقبت الخطوة في فبراير من 1996 بسحب سفيرها من الخرطوم . ولكن بعد عدة اشهر انتبهت الخرطوم إلى خطورة موقفها فاجبرت بن لادن على تحويل عملياته إلى افغانستان وعرضت حسب ما اوردت التايمز في رسالة للامريكان الاستعداد للتعاون الكامل في مكافحة الارهاب ، الا أن الاجندة الحقيقية للسياسة الامريكية كانت ترمي إلى اسقاط النظام في الخرطوم وليس التعاون معه كما يقول تيم كارني وهو آخر سفير امريكي نشط في الخرطوم منتصف التسعينات .
ويبدو أن ما قاله كارني يعكس النوايا الحقيقية للادارة الامريكية فتعاون السودان في اعقد الملفات العالمية كان كفيلا ببناء علاقات فوق العادة مع امريكا ، ولم يكن من مسوغ فعلي يدعو واشنطن للاستمرار في تصنيفه ضمن القائمة السوداء خاصة بعد توقيع اتفاق السلام مع الحركة الشعبية التي اسهمت بقدر كبير في الاساءة إلى حكومة البشير اثناء استفحال حرب الجنوب بل شكلت مصدراً اساسياً للضغط عبر الجماعات المسيحية في الكونغرس على الخرطوم ،ولعل المفارقة أن امريكا نفسها كانت من اكبر الدافعين باتجاه توقيع اتفاق السلام النهائي في نيفاشا الكينية العام الماضي .
ويرى دينق ألور ابرز قادة الحركة الشعبية والمعروف بتطرفه ومعارضته للشركاء الحاليين في المؤتمر الوطني أن الاوضاع في دارفور تسببت بشكل قوي في استمرار الابقاء على السودان بقائمة الدول الارهابية ، ويقول في حديثه الهاتفي مع ( الصحافة) ظهر امس ، إن الحكومة المعروفة بالانقاذ تعاونت فعليا مع المخابرات الامريكية في ملف الارهاب وزودتها بمعلومات هامة للغاية وكان ذلك قبل توقيع اتفاق السلام مع الحركة ، ويعتقد أن حل ازمة دارفور التي وصلت مراحل خطيرة وتعرض بسببها الآلاف للتشريد والقتل كما يقول ربما كان المخرج لمغادرة السودان اللائحة السوداء ، ومع اقراره بان المسألة وصلت مراحل معقدة بدخولها مجلس الامن وملاحقة نافذين بالحكومة للمثول امام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي الا انه لم يكن متأكدا من امكانية توصل المسلحين في دارفور إلى تسوية مع الحكومة تشابه التي اتفق عليها طرفا نيفاشا باعفاء المسئولين من العقاب والحساب جراء سنوات الاحتراب الطويل وبالتالي قطع الطريق امام المحكمة الدولية واخراج السودان من القائمة الارهابية .ويقول ألور بإن حل المعضلة ممكن تدريجيا بالوصول إلى تسوية سياسية ومن ثم النظر في الغاء الملاحقات الجنائية للمسئولين عن الجرائم المرتكبة هناك ، وينبه إلى أن ذات الملف بات في يد المحكمة الدولية التي يمكن أن تدرس الغاء المحاكمات اذا توصل الاطراف إلى تسوية وينبه في ذات الوقت إلى أن الامر يحتاج إلى سند قانوني قال إنه لا يملكه حتى يقطع بالامر.
اما بروفسير ستيف هوارد مدير معهد الدراسات الافريقيه والمتخصص في الشأن السوداني التابع لجامعة اوهايو ( امريكي الجنسية) ويجيد العربية بنحو معقول فيرى في حديث مع ( الصحافة) امس أن المفردات العنيفة التي تصر الحكومة السودانية على استخدامها في خطابها السياسي كلما ذكرت امريكا تتسبب في الابقاء على قائمة الارهاب ويرى أن الخرطوم مطالبة بعمل سياسي كبير ، يقابله انفتاح حقيقي لحرية التعبير وتضامن داخلي اكبر لمواجهة الموقف ولا يستبعد هوارد أن تسهم محاكمة مسئولين عن جرائم دارفور في الاقصاء من القائمة السوداء لكنه يشدد على اهمية البحث اولا عن حل سياسي للازمة بعيدا عن الخيارات العسكرية .
ويذهب مسئول الاعلام في حزب المؤتمر الشعبي المحبوب عبد السلام الى أن انهاء ازمة دارفور من شأنه فك الاختناق والحصار عن السودان ، لكنه يظهر تشاؤما من التوصل إلى تسوية من واقع ما اسماه بتذيل الجدية لآخر اجندة الوفد الحكومي المفاوض ، ويقول في حديث هاتفي ل( الصحافة) من مقر اقامته في لندن امس إن قضية دارفور وصلت مرحلة تستوجب حلا راديكاليا لازالت فرصته ماثلة امام الخرطوم ، وردا على تأثير مطالبة مسئولين بالمثول امام المحكمة الدولية على ملف الارهاب قال المحبوب إن مسألة الجنايات تعد من القضايا التي اتخذت بعدا دوليا عميقا يحتاج من الحكومة إلى عمل سياسي كبير وتضحية من الذين قال إنهم اجرموا في حق الشعب السوداني والاهم من ذلك كله يضيف عبد السلام مبادرة رأس حكومة الوحدة الوطنية للخروج من هذا المأزق بالاستفادة مما وفرته اتفاقية نيفاشا الا أن قصور النظر السياسي ورط النظام في مأساة دارفور وتعقيداتها .
والتعاون الكثيف بين السودان وامريكا اثبته التقرير السنوي للخارجية الامريكية حول الارهاب حيث ذكر أن المساعدات السودانية اثمرت تقدما مهما في قمع النشاط الارهابي ، وكما اكد مسئول رفيع وثيق الصلة بملف الارهاب في المنطقة أن السودان لم يعد في قائمة الدول الداعمة للارهاب ، وإنهم ليسوا جميعا اشخاص جيدين لكنهم قطعوا بالتدريج مسافة التعاون في مكافحة الارهاب وهم فنيا ليسوا في القائمة .يقول المسئول الامريكي بحسب التايمز بسبب انهم مايزالون متورطين في فظائع دارفور والتي لا علاقة لها بالداعمين للارهاب في الخارجية ، ولكن رفعهم الآن من العقوبات مستحيل سياسيا .
ويؤكد المحبوب عبد السلام إن التعاون الاستخباراتي بين الاجهزة السودانية والاجهزة الغربية اضافة إلى الCIA لم يتم تدريجيا وفقا لرؤية وخطة تحكم اسس العلاقة بين البلدين فالسودان اندفع في خفة وسذاجة كما يقول المحبوب متجاوزا اصول فكره وسياسته التي انبت عليها مشروعية النظام الذي ينتسب الى الاسلام ، متوهمين أن بوش يمكن أن يقف لاجلهم ضد الكونغرس من واقع تعاونهم مع الCIA ويضيف بان قاعدة الحزب الجمهوري تعتمد على المنظمات الانسانية والدينية التي تعبأت بقوة في موضوع دارفور وحولتها إلى قضية داخلية امريكية ، ويمضي ليقول إن القضية لم تؤثر على النظام في الخرطوم بشقه الاسلامي فقط انما تجاوزها إلى الحركة الشعبية بوصفها شريك في الحكومة ومطالبة بالمقابل بذل جهد خارق لحل ازمة دارفور وإلا فان المساعدات المخصصة للجنوب ستوضع محل تساؤل .



اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved