غضب الحكومة السودانية من القرار الدولي ليس له أي مبرر، سوى الشعور بالأنا المتضخمة والركض وراء شعارات الكرامة الوطنية، والهروب من مواجهة المسؤولية ومواجهة الحقيقة.
يأتي القرار الدولي غداة التفسير الجديد لمأساة دارفور والذي ورد على لسان الرئيس السوداني عمر البشير الذي حاول تبسيط المشكلة وتبرئة الحكومات السودانية المتعاقبة وسياساتها الخرقاء، وإعلانه انه ليس هناك مشكلة، فالقضية بدأت بمجرد «سرقة جمل» تحول إلى صراع قبلي، ولو لا التدخلات الأجنبية لتم حل الإشكال..!
ومن يستمع لذلك التفسير لا بد له أن يتذكر ما سجله التاريخ العربي القديم حول الحرب الضروس بين قبيلتي عبس وذبيان بسبب سباق بين فرسين «داحس والغبراء»... وهو دليل على أننا جاهزون للقتال بسبب فرس أو بسبب جمل، أو بسبب رغبتنا في التفسير الساذج للتاريخ. وإذا كانت القوى الأجنبية الإمبريالية والمتآمرة تدخلت في دارفور فمن هي القوى المتآمرة التي تدخلت في داحس والغبراء..!
إنها محاولة لتبسيط ما لا يجوز تبسيطه، ومحاولة تحميل الآخرين مآسينا ومشكلاتنا، والظهور دائماً بمظهر الأبرياء وضحايا المؤامرة.
من منطلق إنساني وأخلاقي لا بد لنا من أن نقيم حفلة فرح على القرار الدولي لإرسال قوات لدارفور، فنحن على ثقة، ونقولها بكثير من المرارة، متأكدون أن القوات الدولية ستكون أرحم من الجنجويد، وأرحم من الجنرالات السودانيين الذين قادوا الحرب خلال السنوات الطويلة الماضية.
لقد وفر المجتمع الدولي نقطة خلافية على جدول أعمال قمة الخرطوم، وخطا خطوة كبيرة إلى الأمام لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بعد أن فشلت سياسات الخيبة، ولم يعد لتفسير الحرب على جمل أو الحرب على فرس قيمة سياسية أو إنسانية.