ملف خاص
بمناسبة انعقاد القمة العربية
مارس 2006م الخرطوم
المحتويات
مقدمة.....................................................................................
إستراتيجية الإعلام العربي.............................................................
الإعلام العربي و قضيتي فلسطين والعراق........................
تأثير الإعلام الصهيوني علي العقل الغربي........................
حملة الإعلام الغربي على العرب والمسلمين........................
خطة العمل الإعلامي العربي في مواجهة التحديات........................
المؤسسات الرسمية لصناعة القرارات الإعلامية العربية........................
مؤسسات الإعلام العربي المشترك.......................................................
نص ميثاق العمل الإعلامي العربى......................................
مشاكل الإعلام العربى.....................................................
التحديات التي يواجهها الإعلام العربى......................................
التحديات الرئيسية...........................................................
التلفزيونات و الفضائيات العربية............................................
ضرورة وضع سياسات إعلامية عربية......................................
الآفاق المستقبلية للإعلام العربى............................................
الإعلام وتفاعل الثقافات (قضية الرسوم المسيئة للإسلام) ........................
مقدمة:
صار الإعلام اليوم علماً له قواعده وأصوله ، ولم تعد الممارسة العملية كافية للتقدم في المسيرة الإعلامية من صحافة مكتوبة ومرئية ومسموعة وسينما وإعلان ودعاية فقد أنشأت معظم دول العالم معاهداً ومراكز جامعية للتخصص في دراسة علوم الإعلام وفنونه .
وبدراسة متأنية لتاريخ الإعلام وتطور وسائله وأساليبه يمكن وصف هذا العصر بعصر المعلومات والمعلوماتية وكذلك يمكن القول أن الأقوياء هم الذين يمتلكون الإعلام ويسيطرون على قنوات الإتصال التي ينتقل الإعلام من خلالها إلى الجماهير الواسعة وتتأثر به ويؤثر بها.
وقد حرصت الحركة الصهيونية التي وجدت منذ منتصف القرن التاسع عشر على السيطرة على الإعلام الدولي الأوروبي والأمريكي لكي تبث دعوتها وتهيئ الرأي العام ليتأقلم مع أهدافها المستقبلية ويتعاطف معها عندما تحتل أرض فلسطين معتبرة أن هذه الأرض هي "أرض الميعاد" المذكورة في التلمود وفي العهد القديم وهي حق مكتسب لها .
وفي هذا المجال لم تتوقف الصهيونية عند إحتلال الأراضي العربية بل سعت بكافة وسائلها الإعلامية الداخلية والدولية إلى بث دعوة الكراهية ضد العرب والمسلمين وبدأت الحملة التشويهية لصورة العرب وذلك منذ وجود الإنتداب الإنكليزي ، الذي كان لها الحليف المناصر .
وبعد الحرب العالمية الثانيه وإنهيار الحركة النازية المعادية لليهود والحركة الفاشية وظهور الرأسمالية والشيوعية ، عملت الصهيونية على تثبيت أقدامها في الشرق الأوسط بإحتلال فلسطين بمساعدة المحتل الإنكليزي سنة 1948.
وكان لا بد للإعلام العربي فى مواجهة هذه السيطرة الصهيونية وما نجم عنها من حملات منظمة لوسائل الإعلام الغربى إستهدفت العرب والمسلمين من وضع إستراتيجية موحدة ورص صفوفه وإعداد أدواته العملية الحديثة وأجهزته الرسمية والشعبية وخططه الآنية والمستقبلية للتصدى لها والدفاع عن وجود أمته وقضاياها الكبرى وعلى رأسها قضيتى فلسطين العراق ومجابهة صراع الحضارات والمعالجة الحكيمة لمسألة تفاعل الثقافات . وكان لا بد للإعلام العربى أيضا من إستشراف آفاق مستقبلية تعين الأمة العربية على التطلع لتبوء مكانها اللائق والطبيعي في مسيرة الأمم والإضطلاع بمهمتها الحضارية السامية كخير أمة أخرجت للناس .
الإعلام العربي في مواجهة الإعلام الغربي
إستراتيجية الإعلام العربي
تستدعى التحديات التي تواجهها المجتمعات العربية الراهنة وهي تخطو بدرجات متفاوتة في مسيرة التحديث تفعيل الإعلام العربي لينهض بدوره التثقيفي والتنويري ولمساندة عمليات الإصلاح التي لا معنى لها بدون سند ثقافي وفكري جادّ ورصين.
ولقد إهتمت مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية بوضع عناصر لإستراتيجية عربية لتفعيل دور الإعلام من أجل بناء واقع عربي جديد، مما يتطلب دراسة التغيّرات الكبرى التي حدثت في بنية المجتمع العالمي من ناحية، ودراسة الواقع الراهن للمجتمع العربي من ناحية ثانية.
ومن أبرز التغيّرات التي حدثت في المجتمع العالمي من وجهة النظر الحضارية هي عملية الإنتقال من نموذج المجتمع الصناعي إلى نموذج مجتمع المعلومات العالمي، الذي ينتقل ببطء إلى مجتمع المعرفة الذي ينطوى على تغيرات فكرية وثقافية وقيمية جديدة لن يكون العربي بمنأى عنها وعن تأثيراتها.
وتتمثل عناصر الإستراتيجية الإعلامية العربية المقترحة في عنصرين: أوّلا رسم خرائط للإتجاهات الأيديولوجية في الوطن العربى تنبع أهميتهامن إنها ستساعد على معرفة الواقع العربي الذي نريد تغييره، وكذلك من شأن هذه الخرائط أن تقضي على التعميمات الجارفة عن العرب والمسلمين التي تصوغها الدوائر الغربية السياسية والثقافية والإعلامية.
اما العنصر الثاني: فيتركز علي الإستراتيجية العربية لتفعيل دور الاعلام فى معالجة مشكلات التواصل الثقافي مع الغرب، ومن ضمنها العلاقة بين الإسلام والغرب، ومشكلة ما يسمي بالإرهاب، وقضية الهجرة إلى أوروبا وقضية اندماج المهاجرين في المجتمعات الأوروبية، ثم التمييز بين المقاومة المشروعة للاحتلال الأجنبي والإرهاب وتنامي العنصرية الجديدة في أوروبا.
الإعلام العربي و قضيتى فلسطين والعراق:
تحددت وظيفة الإعلام العربي بشأن تطورات القضية الفلسطينية من خلال بيان الأقصي الذي أصدره مجلس وزراء الإعلام العرب في إجتماعه الطاريء في 25/11/2000م في القاهرة والذي تضمن وضع إستراتيجية عربية إعلامية لمواجهة الدعاية الصهيونية خاصة في عدد من الدول الغربية وأمريكا.
وقد تمخض عن الإجتماع توصية بدعم قناة فلسطين الفضائية ودعوة وسائل الاعلام والقنوات الفضائية العربية لإنتاج برامج باللغات الاجنبية لدعم قضية الشعب العربي الفلسطيني.
ومنذ إنطلاقة إنتفاضة الأقصى كان للإعلام العربي دور مهم وأساسي في تغطية أحداث الانتفاضة وقد إبتعدت تغطيتها عن الأسلوب التقليدي و تميزت بحرية تامة في نقل الرسائل الإعلامية والإحداث بصورة عامة. وقد قامت وسائل الاعلام العربية المرئية والمسموعة والمقروءة بكشف كل الممارسات العدوانية التي تقوم بها القوات الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني.وأدى نقل الاحداث بواسطة الفضائيات العربية إلى تغيير كبير في نقل الواقع الحقيقي للمشاهد العربي فيما يتعلق بفلسطين والعراق.
وقد أجمع المختصون الإعلاميون علي الدور الكبير الذي لعبه الإعلام العربي في قضية فلسطين خاصة الفضائيات العربية التي قامت بتغطية شاملة للهجمة الاسرائيلية علي الشعب الفلسطيني وأوصلت صوت فلسطين وصورتها من خلال المشاهد المتلفزة لجيش الإحتلال وهو يسحق الأطفال والنساء إلى كل فرد من الأمة العربية من المحيط إلى الخليج بحيث ساهمت في خروج أبناء الامة العربية والإسلامية بمئات الآلاف في مظاهرات ضد الإحتلال الإسرائيلى.
ولأول مرة في تاريخ الإعلام العربي تحولت الفضائيات العربية التي تفوق الخمسين قناة الى مرجعية للإعلام العالمي بعد ما كان يحدث العكس وذلك بفضل النقل المباشر والمتواصل والدقيق لأحداث الإنتفاضة الفلسطينية ولإمتلاكها كوادر إعلامية قوية مما زاد من مصداقيتها.
وبصفة خاصة فقد لعبت الفضائيات العربية وشبكات الإنترنت دورا كبير في التأثير علي الرأي العام العربي عن طريق نقلها وبشكل حي ومتواصل أعمال القمع التي تمارسها اسرائيل ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وساعدت المشاهد المبثوثة علي شاشات التلفزيون والإنترنت في تصعيد المظاهرات الضخمة علي إمتداد العالم العربي.
لقد كون الإعلام العربى الجديد أطراً حقيقية لفهم الأحداث من خلال القنوات الفضائية التي جعلت هذا الإعلام يحظى بمزيد من القوة وأصبحوا منافسين فعليين في وضع الأجندة العامة خاصة مع غياب الديمقراطية الحقيقية في المنطقة.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية قد تعرفت على هذه الضرورة بعد 11 سبتمبر 2001 وأرسلت مسئوليها لبرامج قناة الجزيرة، ولكنها سرعان ما أصيبت بالتشاؤم وخيبة الأمل والغضب الشديد من التغطية الإعلامية التي إتسمت بالتعاطف عند تناول أخبار القاعدة، بينما تغطى أخبار السياسة الأمريكية بعدوانية خاصة في حالتي أفغانستان والعراق. ومن ثم ضغطت الإدارة الأمريكية على قناة الجزيرة بمراقبة التسجيلات الصوتية المذاعة لأسامة بن لادن، الأمرالذى خلق سخرية من نغمة خطابها الحر فى أعين العرب، وجعلت الصحفيين العرب لا يرغبون فى تقبل نصائح من الولايات المتحدة حول الموضوعية.
وكان على الولايات المتحدة أن تنأى بنفسها بعيداً عن الغضب والإستياء وبدلاً من معارضة قناة الجزيرة أو غيرها، فإن عليها أن تحاول تغيير وسائل وأدوات المناقشة في العالم العربي وتفتح حواراً جاداً معهم، وهذا سيتطلب مجهوداً أكبر من مجرد إرسال المسئولين للمشاركة في عرض الحوار لأن معظمهم لا يعقل سوى التكرار المتصل للآراء المذكورة سابقاً. ومن هنا فإن على الولايات المتحدة أن تحاول التغيير من صورتها لأنه في واحد من برامج الجزيرة على سبيل المثال كان هناك إستطلاع للرأي حول تساؤل وهو هل تعمل الولايات المتحدة كقوة إستعمارية فى العراق ؟ وكان الضيف مسئولاً أمريكياً سابقاً وبارزاً، وكلما أطال فى الحديث، كانت نتيجة الإستفتاء نعم وبنهاية البرنامج كانت نسبة من قالوا بالإيجاب 90% .
ولكن هذا العداء ليس أبدياً كما يعتقد البعض، بل قابل للتغيير ففى أعقاب هجمات 11 سبتمبر عبر قطاع واسع من الجمهور العربي عن تعاطفه مع ضحايا الهجمات، وقدمت وسائل الإعلام مناقشات حول تنفيذ الهجمات - حيث ناقش بعض الإسلاميين المعتدلين فتوى تدين هذه الهجمات و تصفها بأنها مخالفة للإسلام، وطالبوا بإعتقال ومعاقبة منفذيها. ولم تحظ هذه النداءات سوى بالنذر القليل من الإهتمام فى الغرب.
ولم تثر الحرب فى أفغانستان المعارضة العالمية (بالرغم من كثير من الشكوك حول مسئولية بن لادن عن الهجمات). ثم كانت هناك نقطة حاسمة للرأى العام العربى ممثلة فى إعادة الإحتلال الدموى لرئيس الوزراء الإسرائيلى شارون للضفة الغربية فى أوائل ربيع عام 2002 مع وصول الغضب لدرجة الحمى خلال معركة جنين. وأخيرا موقف الإعلام الغربى بصورة عامة من قضية الرسوم المسيئة للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم).
إن واحدة من الملاحظات القليلة من كثير والتى أغضبت معظم العرب بدرجة لم تحدث من قبل، هى وصف بوش فى قمة إشتعال الموقف لشارون بأنه يمثل رجل السلام . وتكررت هذه المقولة كثيراً فى الإعلام الغربى – وسببت هذه النغمة ألما شديدا للعرب لأنها وأوضحت عدم قدرة أمريكا على تفهم حساسية الموقف العربى،. وخلق هذا المناخ غضباً شديداً بين كل المتابعين للرأى العربى، ومن ثم انتشرت دعاوى المقاطعة للبضائع الأمريكية، وإن لم يكن لها أهمية اقتصادية حتى أصبحت جزءاً متكرراً من الحياة السياسية والثقافية فى كثير من البلدان العربية، حتى أن المطرب المصرى الشعبى شعبان عبد الرحيم قام بتسجيل عمل ناجح جداً خصص فيه أغنية ضد الولايات المتحدة وتحمل أسم الهجوم على العراق.
وظلت قضية العراق لسنوات عدة جنباً إلى جنب مع القضية الفلسطينية تمثلان إهتماماً جماعياً عربياً، حتى أن متابعة قناة الجزيرة الإخبارية فى تغطية غارات عملية ثعلب الصحراء عام 1998 أكسبتها جماهيرية كبيرة فقد شكلت سندا للشعب العراقى الذي يعانى من العقوبات .ومن هنا فليس من المصادفة والغرابة أن يستحضر بن لادن العقوبات على العراق والوضع الفلسطينى كقضايا أساسية تضمن له تعبئة العرب. هذا فضلا عن الإعتقاد الراسخ بأن الولايات المتحدة هي المسئول الأول عن المعاناة الإنسانية المستمرة للشعب العراقى وأعطى شكوكاً قوية حول إعتبارات تحرير العراق.
وبالرغم من كل هذا، فإن الرأى العربى تجاه حرب وإحتلال العراق لم يأخذ اتجاهاً محددا حيث انقسم العرب كثيراً حول رؤيتهم لنظام صدام حسين، وغطى الجدل صحفات الجرائد القومية، وهناك أكثر من شخص ممن تحدثوا داخل أستوديوهات الجزيرة رأى أن صدام حسين هو المسئول المباشر عن معاناة الشعب العراقى.
أما المعارضين فسوف تردعهم القوة العسكرية الفائقة البراعة وسيكون الإتجاه السائد لدى الجماهير العربية هو العرفان بالجميل لأن الشعب العراقى إستعاد حريته ومن ثم سوف يكون مصير معارضى الولايات المتحدة هو الرفض وتنفتح النافذة لفكر جديد ونقد للذات.
وبدا منذ البداية أن هذا السيناريو ضعيف الإحتمال وليس هناك ما يثبت صحة هذه النظرية. وفى الواقع فإن عددا ضئيلا للغاية من العرب إتفقوا مع المحافظين الجدد المسيطرين على مقاليد الأمور فىواشنطن فى رؤيتهم للصراع ، حيث بدأت الحرب فى الإعلام العربى بأن هذا الهجوم الأمريكى والبريطانى ضد رغبة العالم فى مجمله، وجوبهت هذه القوات بمقاومة فورية عنيفة وسيطرت إصابات المدنيين وإصابات الأمريكيين على تغطية الحملة الإعلامية العربية للحرب، فضلاً عن قصف المبانى و المدن وقتل عشرات المدنيين الذى كان مثارا للإثارة والإستياء من القوات الأمريكية.
ورغم أن عدداً قليلاً جداً هو الذى اعتقد واقعياً بأن العراق سينتصر، إلا أن السقوط المفاجئ لبغداد قد أفرغ هذا الإعجاب بالقوات الأمريكية من مضمونه. ورغم أن سقوط تمثال صدام حسين كان يمثل لحظة ذهبية لإغلاق باب الجدل حول الحرب في الولايات المتحدة، إلا أن هذا التوجه حظى بإهتمام ضئيلً فى الإعلام العربى. ولكن الأوضاع إنتقلت سريعاً من حرب صغيرة إلى إحدى الورطات الكبرى لسوء الإدارتين الأمريكية والبريطانية بعد تصاعد العداء العراقى وإزدياد عمليات الكفاح المسلح ضدهما.
وأصبحت اللغة السائدة لوصف الحرب تقول أن القوة الأمريكية قوة غازية لا قوة تحرير وتم وصفها بأنها إحتلال يمتد صدى كراهيته إلى الإحتلال الإسرائيلى للضفة الغربية وغزة، ولأن العرب يعتبرون أعمال العنف الفلسطينى تجاه الإسرائيليين أفعالا مشروعة ضد الإحتلال، فقد تم استقبال أنباء الهجمات على القوات الأمريكية والبريطانية فى العراق بترحاب وإقتناع كبيرين.
وبإختصار مساعدة الإعلام العربى لم يحظ بأى مساعدة فى أن يعطى للعرب سبباً مبرراً وحجة مقبولة بالحرب وآثارها وبأنها قد تكون ناجحة وسريعة ونظيفة ومقاصدها غير خطرة.
تأثير الإعلام الصهيوني علي العقل الغربي:
لا شك أن تأثير الإعلام الصهيوني كبير علي العقل الغربي وهناك إلتقاء في المصالح بين الجانبين .وتتمثل المصلحة الكبري المشتركة في تركيع العالم العربي والسيطرة علي موارده وإستنزافها لصالح دول الغرب خاصة أنها تشعر بأن مصالحها مع العالم العربي لم تتأثر في كثير أو قليل نتيجة مواقفها المنحازة وتأييدها المطلق لإسرائيل وسياستها وإعتداءاتها الوحشية علي الشعب الفلسطيني.
ويحاول الإعلام الصهيوني طمس تأثير الإعلام العربي من خلال نقله لحقيقة ما يجري في الأراضي المحتلة بلغة يفهمها المواطن الغربي، لذلك فلا بد أن يتحرك الإعلام العربي سالكا كل السبل المتاحة لتعزيز قدراته في توصيل الرسالة الإعلامية للرأي العالمي والتأثير فيه.
وقد أدرك الصهاينة قوة الإعلام وتأثيره على الرأي العام والدعاية السياسية مما دفع بالمنظمات الصهيونية إلى إمتلاك أهم وأكبر المؤسسات الإعلامية في العالم ، وحصرت ملكية هذه الوسائل، سواء في داخل إسرائيل أو خارجها بمؤسسات وتنظيمات تلتزم تنفيذ سياستها على تحقيق مآربها .
ولكسب المزيد من الرأي العام العالمي لصف إسرائيل ومعاداة العرب عمد مؤيدو إسرائيل في العالم إلى الإحتفالات الإعلامية العلنية في المناسبات والأعياد الإسرائيلية لتكون فرصة لبث الدعاية السياسية لتحسين صورة إسرائيل وتجريح العرب وتشويه صورتهم وتاريخهم وحضارتهم وإتهامهم بالهمجية. ويستغل الصهاينة في ذلك فرصة غياب السياسة الإعلامية العربية المركزة التي من شأنها ، إن وجدت منافسة الإعلام الإسرائيلي في كسب الرأي العام العالمي.
وعملاً بالإستراتيجية المعروفة لكسب الرأي ، وهي إثارة المخاوف لدى المتلقي من أمور مكروهة قد تحصل له ، أقر صحفيون إسرائيليون أن الإعلام الصهيوني الموجه إلى داخل إسرائيل كان يعتمد على إيهام الذهن اليهودي بعقدة الخوف من العرب والتفوق التقني والكمي عليهم . ويصرح أولئك الصحفيون بأنه " قد تم تحويل عقدة الخوف من العرب إلى أسطورة عملت وسائل الإعلام على غرسها في ذهن كل يهودي من أجل تنمية الشعور بالحقد والكراهية ضد كل عربي.
ويصور الإعلام الإسرائيلي العرب" همجاً متعطشين للدماء ، لا يفهمون إلا لغة القوة ، ومع ذلك تتمكن إسرائيل الدولة الصغيرة من هزيمتهم في كل حرب يبدءونها أو تضطر هي إليها للدفاع عن أمنها بفضل تميزها وتفوق جنودها".
وهناك حملات إعلامية منظمة موجهة إلى الرأي العام العربي لكسبه في سبيل تحقيق الأهداف الإسرائيلية ، فضلاً عن الإعلام الإسرائيلي الموجه إلى داخل إسرائيل لكسب الرأي العام . وتعمد هذه الحملات إلى إضعاف الروابط الثقافية والحضارية بين العرب وإلى دفعهم للإقتناع بأن الحرب مع إسرائيل غير مجدية ، فالعرب هم الخاسرون أولاً وأخيراً والسلام مع إسرائيل لا يكون إلا بالتسليم لها.
وفي هذا الصدد ، يصرح صحفيون إسرائيليون بأن الإعلام الموجه إلى العرب يحاول أن يصل بهؤلاء إلى الإقتناع بعدم جدوى الخيار العسكري مع إسرائيل لتحقيق هدف نهائي يتمثل في المضي بالعرب إلى قمة اليأس من إمكانية التخلص من الأوضاع التي يفرضها عليهم التفوق الإسرائيلي ، ومن ثم تحطيم أي أمل في إمكانية تغير الواقع ، أو حتى التفكير في تحسين الظروف الموضوعية والاجتماعية والاقتصادية والصحية السيئة التي يعانون منها .
حملة الإعلام الغربي على العرب والمسلمين:
لقد برزإهتمام العالم الغربي بالإعلام بإعتباره السلاح الأخطر وذلك منذ أواسط الستينيات.ويعيش العالم في المرحلة الراهنة ثورة تكنولوجيا المعلومات لا سيما في مجال وسائل الإتصال مما دفع الدول الغربية إلى أن تستغل هذه الثورة المعلوماتية لشن الحروب المعرفية على دول العالم الثالث الغنية بالثروات الطبيعية وخاصةً الدول العربية والإسلامية وتحاول أن تكون أمام الرأي العام الخارجي صور نمطية عن العرب والمسلمين تسمى بالصورة النمطية الغير القابلة للتبدل stereotype التى تكون في معظم الأوقات مغالطة للواقع .
و كان أسلوب التضليل الإعلامي من أهم الأساليب التي إتبعها الإعلام الغربي عامة والأميركي خاصة ً ، لكسب الرأي العام ،. ومن الأمثلة الكثيرة حجب الأسباب الحقيقية لحرب الخليج عن الرأي العام . ومن الأساليب التضليلية التي اتبعتها الإدارة الأمريكية لتبرير نقل ما يقارب النصف مليون جندي على بعد عشرات الآلاف من الكيلومترات من دولهم ، قامت الوسائل الإعلامية بتشويه صورة الرئيس صدام حسين وإثارة المخاوف من إزدياد قوته ومن ثم دغدغة عواطف الأميركيين بالأمور التي يعتز بها ويحافظ عليها ، ويعمل لأجلها كل أميركي وهي الحرية والعدالة والنظام العالمي . ولقد نجحت وسائل الإعلام الأميركية بتعبئة الرأي العام ضد نظام الرئيس العراقي الذي وصفته بهتلر العرب ، والشيطان الصغير والمخرب الأعظم .
وكان من الواضح أن الإدارة الأميركية أظهرت بواسطة إعلامها المكثف أن الأسباب الرئيسية للحرب هي الإنتصار للحرية والديمقراطية والتخلص من القيادة النازية أو ما شابه ذلك ، والتي يمكن أن تدمر العالم لو تعاظمت قوتها .
ويعتقد الأمريكيون أن الفرد الأمريكي هو الأقوى على الإطلاق والأقدر على مواجهة الصعوبات والتغلب عليها . وذلك نتيجة الصورة التي خلفتها الوسائل الإعلامية في ذهن الأمريكي من خلال سيل من الأفلام مثل: " الرجل المتفوق" Superman " المرأة المتفوقة "Wonder Woman" الفريق الأول "The A Team " وغيرها … وفي هذه الأفلام يقوم الأمريكي في مواجهة أعنف المعارك ودائماً يخرج منتصراً بأقل قدر ممكن من الخسائر.ومن الأساليب التي إتبعها الإعلام الغربي لكسب الرأي العام إخفاء بعض الحقائق والتركيز على وجه واحد للقضية بدل مناقشة وجهتي النظر المتعلقتين بها.
وكشفت دراسة نشرها "مركز دراسات الوحدة العربية" بعنوان :" صورة العرب في الصحافة البريطانية" إلي أي مدي يعكف الإعلام الغربي على تشويه صورة العربي والمسلم حيث تصوره علي أنه مخلوق يتصف "بالأنانية" و "لا يعول عليه" . ولا تقل صورة العربي في التلفزيون والسينما بشاعة عن صورته في الصحافة إذ يبدو متعطشا إلى الإنتقام ، قاسياً ، منحطاً ، مهووسا ، يبتز الأمم المتحضرة بواسطة النفط " .
ونجد سعياً متزايداً ومتصاعداً إلى ترسيخ صورة "العربي البشع" في العقل الجماعي والثقافي الشعبي في البلدان الغربية . ولا تقتصر تلك الصورة على المواطنين العرب في الدول التي صادقت الإتحاد السوفيتي السابق ، بل أنها تطال الجميع بدون إستثناء ، سواء كانوا رعايا دول مناهضة للغرب أو حليفة وصديقة له. ولقد ظهرت هذه الحقيقة في أعقاب حادث تفجير مركز التجارة العالمي ، إذ حفلت التعليقات في الإعلام الأميركي بعبارات وتأويلات تحرض على العرب وعلى المسلمين وتؤجج المخاوف من " الإرهاب العربي " ومن " الخطر الإسلامي ".
وتلقى القضايا المتعلقة بالإسلام والمسلمين إهتماماً واسعاً على صفحات المجلات والصحف الأميركية ، كما تستأثر بالإهتمام في قاعات الكونغرس حيث يثار الجدل حول تلك القضية ويصعب على القادة السياسيين أن يميزوا المصلحة الوطنية على المصلحة الفئوية .
إن أحد المفاتيح الرئيسية لفهم الشرق الأوسط كما يرى الصقور فى إدارة بوش هو قول أسامة بن لادن بأن" الناس يندفعون أفواجاً خلف الجواد القوى"، حيث يعتقد المسئولون فى إدارة بوش بأن مشكلات الولايات المتحدة أساساً ترجع - فى جزء كبير منها - إلى ضعف الإدارات السابقة تجاه الهجمات الإرهابية فى الثمانينيات والتسعينيات، وأنهم قد جاءوا للسلطة وهم مصممون على إعادة إحترام القوة الأمريكية خارجياً .
وبالرغم من ذلك فقد هبطت المكانة الإقليمية للولايات المتحدة بعد قرابة الثلاثة أعوام من أعمال العدوان العسكرى ضدها، ويؤكد إستطلاع رأى مؤسسة بيو الخاصة بقياس الاتجاهات بأن تأييد العرب والمسلمين للولايات المتحدة قد انخفض.
لقد انتشر جدل واسع النطاق فى الشرق الأوسط حول الغرض الفعلى لغزو العراق وذلك بعد ثبات الفشل فى إيجاد دليل عملى يثبت إمتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم يرى كثير من المعلقين العرب بأن هذا الغزو مزايدة أمريكية للتحرك وفرض هيمنتها إقليمياً وعالميا.ً
وقد زادت هذه الشكوك جدياً حول نوايا واشنطن بعد التهديدات الأمريكية لكل من سوريا وإيران وتصميمها على مقاومتهما، وبسبب ظهور الفوضى التى تبعت سقوط بغداد وتصاعد الموقف العراقى لدرجة وصلت إلى وصف الأمريكيين بالغزاة، ثم التناقص الواضح فى الموقف الأمريكى تجاه الديمقراطية فى العراق.
وقد انتشر الاضطراب وازداد القلق مؤخراً ضد الأمريكيين داخل كل الجماعات الاجتماعية بالمنطقة حتى داخل صفوف المثقفين والليبراليين العرب ذوى التوجهات الغربية.
لذا فلم يعد بالإمكان أن نعزى المشكلة إلى الإختلافات الثقافية الدائمة، ولا إلى سياسة الولايات المتحدة التي تدعم إسرائيل ولا إلى توجهات قادة المنطقة، بالرغم من أن هناك إجماعاً داخل العرب أنفسهم يلوم ولا يرضى عن توجهات إدارة بوش فى المنطقة. ومن ثم فإنه ربما يكون الأكثر أهمية من جوهر السياسات الأمريكية الأسلوب الأصم الفج الذى تطبق به هذه السياسات.
ومن هنا فإن استكشاف الولايات المتحدة لطريقة حديثه مناسبة لمخاطبة العرب والمسلمين هى الخطوة الأولية تجاه تحسين صورتها لدى العرب.
وعليه فإن ممارسات فريق بوش تعمل عكس أهدافها المعلنة لأنها بنت رؤيتها على افتراضات خاطئة حول العالم العربى.
وأول هذه الافتراضات الخاطئة هو أن العرب يحترمون القوة ويحتقرون أى علامات تدل على الضعف، ولذا فالطريقة المناسبة للتعامل معهم أن تدفعهم إلى الخضوع والإذعان. وافتراض آخر هو أن الرأى العام العربى ليس له شأن لأن الدول السلطوية تتجاهله. وافتراض قديم ما يزال قائماً وهو أن الغضب من الولايات المتحدة يمكن بل يجب التغاضى عنه وإهماله لأن جوهر هذا السخط يرجع إلى الثقافة العربية أو الإسلامية التى تقوم على الحقد على الولايات المتحدة وهذا يمثل حقد الضعيف الفاشل على القوى الناجح، أو ربما ببساطة شديدة هو من صنع القادة العرب غير المحبوبين من شعوبهم وذلك لصرف الإنتباه عن عيوبهم الشخصية..
وخلاصة القول فإن هذه المفاهيم تؤدى مجتمعة إلى خلق انطباعات سيئة ضد الأمريكيين جراء سوء فهم السياسة الأمريكية..
إختراق الإعلام العربى
كشفت مصادر أمريكية مطلعة عن بدء تنفيذ خطة لتحسين صورة أمريكا عبر وسائل إعلام عربية تشمل أولى مراحلها منح مساعدات تبلغ 84.2 مليون دولار منها 80 مليونا تشرف على انفاقها منظمة أمريكية تعرف بمنظمة "الميل الفطرى للديمقراطية" لإعداد برامج موجهة بصحف وقنوات تليفزيونية عربية و 4.2 مليون دولارا، توزعها الخارجية بصورة غير مباشرة على مشاريع صحفية قيد الإصدار. وحسبما كشف مسئول كبير فإن الخارجية لن تتورط بشكل مباشر في منح المبلغ بعد أن شنت وسائل الإعلام العربية هجوما عنيفا على الخطة الأمريكية.
خطة العمل الإعلامى العربى في مواجهة التحديات
أقر وزراء الإعلام العرب فى الإجتماع الإستثنائي الأخير الذى انعقد بمقر جامعة الدول العربية عدة مقترحات لتحديث وتطوير الإعلام العربي أهمها، إعتماد خطة لتفعيل الإعلام العربى الخارجي في ضوء آليات ودعائم ووسائل مبتكرة جديدة للتحرك الإعلامى فى الفترة القادمة. كذلك قيام الدول الاعضاء بسداد حصتها في مبلغ 22.2 مليون دولار حدده المجلس في إجتماعه كميزانية للخطة.
ويتوقع تنفيذ الخطة خلال الخمس سنوات القادمة على الساحتين الأوروبية والأفريقية للتعامل مع حملات التشويه والإساءة المتعمدة للهوية والحضارة العربية والاسلامية .
وركزت الخطة للتحرك علي خمسة محاور أساسية لعملية التحديث وهي:
1ـ التحديث والتطوير والإصلاح في العالم العربي وفقا لما إعتمدته القمة العربية.
2ـ تطورات القضية الفلسطينية.
3ـ قضية مكافحة الارهاب ودور الإعلام العربي فيها.
4ـ دور الاعلام العربي في الحفاظ على الهوية العربية ودعم حوار الحضارات.
5ـ دور الإعلام العربى فى دعم قضايا التنمية الإقتصادية والاجتماعية.
وأكد وزراء الاعلام العرب في ختام اجتماعهم علي مبدأ الوحدة في التحرك العربي الإعلامى المشترك وفى مقدمة ذلك دعم صمود الشعب الفلسطيني وتأكيد عروبة القدس وحمايتها إعلاميا.
كذلك أمن المجتمعون علي دور الإعلام العربى فى إبراز مخاطر جدار الفصل العنصرى الذى تقيمه إسرائيل على الأرض الفلسطينية وإبراز معاناة الشعب الفلسطينى ودور الاعلام العربى فى ابراز مخاطر مايسمى بقانون محاسبة سوريا والعمل الاعلامى العربى لدعم لبنان لإستكمال تحرير أراضيه ودور الإعلام العربى فى ترسيخ السلام فى السودان والمساعدة فى حل أزمة دارفور.
المؤسسات الرسمية لصناعة القرارات الإعلامية العربية
مجلس الجامعة العربية
يهدف المجلس إلى تحقيق المقاصد التالية في مجال العمل الإعلامى العربي:
1- خدمة قضايا الأمة العربية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وتعريف العالم بالمواقف ووجهات النظر العربية.
2- تعريف العالم بالأمة العربية : حضارة وثقافة وإبداعات وإنجازات وتحقيق التفاعل الإيجابي بين الثقافة العربية الاسلامية والثقافات الاخرى..
3- توثيق التعاون الاعلامى بين الدول الاعضاء وتحقيق التكامل بين إمكانات الاعلام العربى فى شتى ميادينه والعمل على مواكبته للتطور التقنى العالمى فى مجال الاتصال والمعلومات.
4- تطوير وتنمية العمل الاعلامى العربى المشترك على الساحتين العربية والدولية إنطلاقا من استراتيجية اعلامية عربية يضعها المجلس .
5- الارتقاء بالاعلام العربى فى كافة مجالاته ليتمكن من استقطاب المواطن العربى إلى ثقافته العربية والاسلامية ومواجهة التأثير السلبى الذى يحدثه الاعلام الصهيونى والمعادى للامة العربية..
إختصاصات المجلس
من اختصاصاته وضع الإستراتيجيات والخطط الإعلامية ومتابعة تنفيذها وتطويرها وفق الأهداف القومية، ووضع القواعد الأساسية للعمل الإعلامى العربى المشترك، ومتابعة توجيهه وتقييم نتائجه ودعم المؤسسات والأنشطة الاعلامية العربية المشتركة بما يخدم الأهداف المحددة فى هذا النظام، وتقديم المعونات الفنية والمادية فى المجال الاعلامى للدول العربية فى ضوء الدراسات المقدمة منها وما تسفر عنه الدراسات التى يجريها المجلس.
كما يقوم المجلس بتشجيع تبادل وتدفق المواد الاعلامية بين الدول الاعضاء، وبينها وبين دول العالم. كذلك القيام بدراسة وتحليل الظواهر والاتجاهات الاعلامية العالمية وتأثيرها المباشر وغير المباشر على الرأى العام العربى والحضارة والثقافة والقضايا العربية. وبإقرار مشروع جدول اعمال المجلس واتخاذ القرارات والتوصيات اللازمة ووضع الأسس والقواعد التى تؤدى الى ربط الصلة مع المنظمات والاتحادات العربية والاقليمية والدولية التى تمارس مهاما اعلامية.
مؤسسات الإعلام العربى المشترك
لقد حقق التعاون الإعلامي العربي نقطتين أساسيتين هما: إنشاء عدد من مؤسسات الإعلام العربي المشترك، كذلك إنشاء عدد من مؤسسات التعاون الإعلامي بين الدول العربية.
وتتمثل مؤسسات الإعلام المشترك في الجامعة العربية والمنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم ومركز دراسات الوحدة العربية. تتمثل مؤسسات التعاون الإعلامي بين الدول العربية في أربع مؤسسات هي:
مجلس وزراء الإعلام العرب
إتحاد الإذاعات العربية
المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية " عربسات"
إتحاد وكالات الأنباء العربية
نص ميثاق العمل الإعلامي العربي:
الحفاظ على اللغة والدفاع عن الحرية والإبتعاد عن الاثارة وزعزعة الصف
أقر وزراء الاعلام العرب في ختام اجتماعات الدورة الخامسة والثلاثين بالقاهرة ميثاقاً للاعلام العربي مكوناً من ستة وعشرين بنداً تحدد منطلقاته وثوابته القيمية والقومية والمهنية، في مقدمتها الحفاظ على اللغة العربية والهوية القومية، وحرية التعبير.
فيما يلى نص الميثاق الذي يلزم كل العاملين بالاعلام العربي:
نحن الاعلاميين العرب العاملين فى مجالات الاتصال والاعلام والمعلومات نلتزم التزاما ذاتيا نابعا من احساسنا بمسئولياتنا المهنية والقومية بمواد هذا الميثاق وفقا لمنطلقاته ومبادئه واهدافه..
المنطلقات: ـ المواثيق والاتفاقيات التى صاغتها الارادة المشتركة للامة العربية وفى مقدمتها ميثاق جامعة الدول العربية.
ـ قرارات مؤتمرات القمة العربية وبياناتها وما تؤكده من حرص على التضامن العربى ودعم العمل العربى المشترك خدمة للمصالح العليا للوطن العربى وتحقيقا لآمال وطموحات الأمة العربية فى كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والأمنية.
ـ قرارات مجلس وزراء الاعلام العرب وما تبلوره من رؤية عربية مشتركة لمبادئ العمل الاعلامى ومرتكزات الخطاب الاعلامى ورسالة الإعلام العربي في داخل الوطن العربي وخارجه.
ـ التطور النوعي والتقني الذي تحقق في مجال الإعلام والاتصال بدخوله عصر الفضاء والانترنت وتجاوزه حدود الجغرافيا والتأثير المحلى.
المبادئ والأهداف: تسخير إمكانات الإعلام العربي كافة في خدمة المصالح العليا للأمة العربية وتعزيز العمل العربي المشترك باعتباره ركيزة أساسية للتضامن العربي وصون الهوية العربية
التعامل الواعي مع قضايا العصر في ضوء المتغيرات الدولية والتقدم التقنى المتسارع في مجالات الإعلام والاتصال والمعلومات وظواهر العولمة بما يؤكد دور الإعلام العربى فى حماية الهوية العربية وإبراز الصورة الصحيحة للأمة العربية وحضارتها وقضاياها الجوهرية على الرأي العام الدولي ودعم قدرة الأمة على الإسهام المتكافئ في حوار الحضارات والثقافات.
الإيمان بأن حرية التعبير ركيزة أساسية من ركائز العمل الإعلامى.
وتقترن هذه الحرية بالمسئولية حماية للمصالح العليا للأمة العربية واحتراما لحريات الآخرين وحقوقهم والحرص على تمكين الإعلام العربي من الإطلاع على الحقيقة من مصادرها..
مواد الميثاق:
المادة الأولى : إثراء شخصية الإنسان العربي والعمل على تكاملها قوميا وانمائها فكريا وثقافيا واجتماعيا وسياسيا .
المادة الثانية: التعريف بحقوق الانسان العربى وحرياته الأساسية وواجباته تجاه اسرته ومجتمعه ووطنه وامنه وترسيخ ايمانه بالقيم الروحية والمباديء الاخلاقية والالتزام باحترام حياته الخاصة..
المادة الثالثة: الحفاظ على سلامة اللغة العربية باعتبارها قوام الثقافة العربية ورمز الهوية العربية والعمل على نشرها عن طريق تيسير قواعدها والتعريف بجماليات بيانها.
المادة الرابعة: دعم القضايا الأساسية للوطن العربى وحشد الطاقات والجهود العربية لنصرتها.
المادة الخامسة: الحرص على التضامن العربى فى كل ما يقدمه الاعلام العربى للرأى العام فى الداخل والخارج والاسهام فى تعزيز اواصر التعاون والتكامل بين الدول العربية وتجنب نشر أو عرض أو اذاعة أو بث كل ما من شأنه الاساءة الى التضامن العربى.
المادة السادسة: تسليط الاضواء على العمل العربى المشترك باعتباره السبيل الأمثل لتحقيق التكامل العربى فى كل المجالات.
المادة السابعة: تكثيف الجهود على الساحة الدولية للتعريف بالوطن العربى وتاريخه وحضارته وتراثه وإمكاناته البشرية والمادية والمعنوية وعدالة قضاياه الاساسية وفى مقدمتها القضية الفلسطينية وتحرير الأراضى العربية المحتلة كافة وكشف حقيقة الممارسات الصهيونية العنصرية ضد الشعب الفلسطينى ومحاولاته المستمرة فى التوسع الإستيطانى وعدم الإنسحاب من الاراضى العربية وطمس الهوية الفلسطينية وفضح جرائم المحتل الإسرائيلى وإنتهاكاته وابراز النضال البطولى للشعب الفلسطينى.
المادة الثامنة: الالتزام بالموضوعية والامانة واحترام كرامة الدول والشعوب وسيادتها الوطنية واختياراتها الاساسية وعدم تناول قادتها أو رموزها الوطنية بالتجريح والابتعاد عن الحملات الاعلامية التى تهدف إلى الإثارة أو زعزعة الصف العربى.
المادة التاسعة: الالتزام بالصدق والدقة فيما يبثه الاعلام العربى من بيانات ومعلومات واخبار واستقائها من مصادرها الاساسية وتحرى ذلك فى كافة الأشكال الإعلامية والالتزام بتصويب أية اخطاء فى هذا الصدد.
المادة العاشرة: تعميق روح التسامح والتآخي ونبذ كل دعاوى التحيز والتمييز والتعصب ايا كانت اشكاله قطريا أو عرقيا أو دينيا والامتناع عن عرض أو إذاعة أو بث نشر اية مواد يمكن ان تشكل تحريضا على العنف والإرهاب والتطرف..
المادة الحادية عشرة: الامتناع عن وصف الجرائم بكافة أشكالها وصورها بطريقة تغرى بارتكابها أو تنطوى على إضفاء البطولة على الجريمة ومرتكبيها أو تبرير دوافعها أو منح مرتكبيها والمحفزين عليها أو المروجين لها فرصة استخدام وسائل الإعلام كمنبر لهم.
المادة الثانية عشرة: مراعاة اصول الحوار وأدابه وبخاصة الذى يعرض أو يذاع أو يبث على الهواء مباشرة من حيث حقوق ضيوف الحوار فى شرح آرائهم والمتلقين فى التعقيب وعرض كافة الآراء والحقائق وصولا الى بلورة رؤية متكاملة وموضوعية لدى المتلقى العربى.
المادة الثالثة عشرة: الاهتمام المتواصل بتوفير بدائل عربية ثرية ومتنوعة للأشكال الاعلامية والمعلوماتية التى تتفق وميول الانسان العربى وتعمل على توسيع مداركه وتنمية ملكاته فى البحث والإبداع وترسيخ اعتزازه بانتمائه الى الامة العربية وثقافتها وقيمها.
المادة الرابعة عشرة: مراعاة حقوق ذوى الإحتياجات الخاصة فى الحصول على ما يناسبهم من الخدمات الإعلامية والمعلوماتية وتعزيزا لفرص اندماجهم فى مجتمعاتهم.
المادة الخامسة عشرة: تشجيع الاهتمام الجماهيرى بالرياضة باعتبارها واحدة من العوامل الرئيسية فى النهوض بالصحة البدنية والنفسية للمجتمع والحرص على تنقية الاعلام الرياضى من أية شوائب تعكس أو توجج نزعات التعصب والتحيز والسعى الى تنمية الروح الرياضية فى المنافسة.
المادة السادسة عشرة: الحرص على حماية الاطفال والأحداث من مخاطر المواد الاعلامية التى تتضمن مشاهد عنف أو انماطا سلوكية غير سليمة تتناقض مع القيم النبيلة.
المادة السابعة عشرة: ابراز الكفاءات والمواهب العربية وخاصة تلك التى تنال اعترافا أو تقديرا عالميا وذلك اثباتا لثراء الطاقات الابداعية والقدرات الخلاقة للوطن العربى وتحفيزا للنشء على الاقتداء بالنماذج الناجحة وتشجيعا على ظهور مزيد من الكفاءات العربية.
المادة الثامنة عشرة: تقديم الصورة الموضوعية الواقعية عن المرأة العربية ونهوضها بمسئولياتها الحياتية واسهاماتها فى التنمية المجتمعية وما تضطلع به من دور مشرف فى بناء الانسان العربى وبث ونشر المواد والمعلومات والبرامج التى تعينها على ذلك.
المادة التاسعة عشرة: احترام حقوق الملكية الفكرية وللتعريف بتشريعاتها المختلفة حماية للمبدعين العرب واثراء لقاعدة الابتكار والابداع على امتداد الوطن.
المادة العشرون: عدم الخلط بين المواد الاعلامية والمواد الاعلانية والتزام هذه الأخيرة باخلاقيات المجتمع العربى وعدم استغلال الطفل والمرأة فى الحملات الاعلامية بشكل يسيء اليهما.
المادة الحادية والعشرون: الالتزام بالقيم الدينية والاخلاقية للمجتمع العربى ومراعاة بنيته الاسرية وترابطه الاجتماعى.
المادة الثانية والعشرون: تعميق الوعى بأهمية التصدى لظاهرة الامية فى المجتمع العربى.
المادة الثالثة والعشرون: تنمية الوعى الصحى العام والتعريف «دون تهويل أو تهوين» بالأمراض المتفشية أو المستجدة وايضاح الاساليب العلمية للوقاية والتحذير من الأساليب العشوائية أو غير العلمية فى العلاج.
المادة الرابعة والعشرون: نشر الوعى البيئى وبخاصة فى مجال السلوكيات المتصلة بالحفاظ على البيئة والحد من التلوث وترشيد استخدام الموارد والتعريف والتشريعات البيئية وقواعد الصحة والسلامة المهنية والعامة فى هذا المجال وتشجيع ادخال التقنيات الصديقة للبيئة.
المادة الخامسة والعشرون: يستهدف بهذا الميثاق رصد وتقويم وضع الأداء الاعلامى العربى فى منح العضوية أو تعليقها أو الغائها فى الاتحادات والمنظمات العربية وما ينبثق عنها من مجالس وهيئات فى مجال الاعلام العربى.
المادة السادسة والعشرون: تسري احكام هذا الميثاق على الاعلام العربى باشكاله ووسائله كافة ويعتبر وثيقة من وثائق جامعة الدول العربية.
مشاكل الإعلام العربى
يتميز عصرنا الراهن بسمة الحرية وذلك بما يحمله من إنفتاح يطال كافة مجالات الحياة من سياسية وإقتصادية وثقافية وإعلامية مما يضفي صفة العالمية على كل شيء وهيمنة القوى العظمى وسيطرتها المباشرة وغير المباشرة على شؤون المجتمعات بشكل عام.
ومن ابرز المجالات التي تحاول قوى الهيمنة النفاذ من خلالها إلي السيطرة والتحكم في مصير الامم والشعوب هو مجال الإعلام والاتصال حيث تحاول هذه القوى عبر هذا المجال بث الأفكار والمفاهيم التي تخدم مصالحها كالعولمة الثقافية وتحرير التجارة العالمية والأمركة لإبقاء هذه الدول تدور في فلكها وترزح تحت وطأة الإستغلال والتبعية.
ولو نظرنا على سبيل المثال لما تعرضت له سورية خلال العام الماضي من إفتراءات وأكاذيب وعدم قدرة الإعلام السوري والعربي على الرد بنفس قوة الخصم حيث مارست أمريكا ووسائل الإعلام الأخرى دعاية مضادة ضد سورية ومارسوا حربا إعلامية حقيقية كادوا أن ينتصروا فيها ويقنعوا العالم بأن سورية قتلت الحريري وانها تدعم الارهاب وانها لا تضبط الحدود مع العراق وانها تحتل لبنان وهي من كل ذلك بريئة.
وبما آن الاعلام يمثل سلاح هذا العصر فيجب استخدام هذا السلاح استخداما جيدا لمصلحة باقى المجالات الأخرى.
فالإعلام العربي إنعكاس للواقع الراهن وما يسود هذا الواقع من اسباب تفرقة وضعف وتخلف اقتصادي واجتماعي مماوضع امام الاعلام صعوبات كثيرة أهمها:
1- القاعدة الإقتصادية الضعيفة.
2-تسييس الإعلام العربي وإرتباطه بالسياسة.
3 - التأثير الحضاري والثقافي وحماية القيم الثقافية من النظام الإعلامي العالمي.
4- الانقسامات الإعلامية.
5- نقص العنصر البشري المؤهل .
هناك صعوبات أخرى متنوعة منهاعدم المرونة وتقبل الجديد في مجتمع المعلومات وحالة الجمود والتثاقل وعدم الحراك.
من هنا نلاحظ تبعية الاعلام العربي للسلطات من ناحية الملكية و بمضمون المادة الاعلامية وتابع تكنولوجيا للدول الغربية وتابع سياسيا وثقافيا وتابع لوكالات الانباء و لمعاهد وكليات الإعلام الغربية وأنه تابع في رسم السياسات وتعيين الموظفين وغير ذلك مما أدى إلى وضع غير صحى انعكس سلبا على الأداء الإعلامى.
وقد إستطاع الاعلام الإلكتروني أن يفلت من هذه التبعية لذا حقق نجاحا جيدا وقد تجاوزت الصحافة الإلكترونية الحدود والخطوط الحمراء التي يضعها الرقيب.
ونجد أن اغلب الصحف العربية ملكيتها حكومية ولا تتسع إلا لوجهات النظر الرسمية وتنطوي على اتجاه واحد لسريان الإعلام من السلطة إلي الجماهير ولا توجد اتصالات متبادلة بين الجماهير ولا تنشر الآراء المخالفة لرأي الحكومة واذا نشرت المقالات المعارضة تتعرض للتعديلات من أيدي حراس البوابات الإعلامية من رؤوساء التحرير وامثالهم. وتمارس الحكومات العربية رقابة شديدة على وسائل الإعلام عموما والصحافة خصوصا.
وتشكل قلة الكوادر الاعلامية المتخصصة مشكلة ملحة ينبغى العمل على حلها بصورة فورية .وليس المقصود هنا الكوادر الفنية التقنية بل الكوادر الملتزمة القادرة على إعداد برامج جيدة ومفيدة وعلى أن تقدم إعلاما جذابا سريعا ناجحا يشتمل على التخصصات الإدارية والمالية والإقتصادية والنقدية والسياحية والتقنية . والاعلامي الذي لايؤمن بقضيته المهنية يظل عاجزا مهما كان مستوى كفاءته إذ ينبغى أن يكون الاعلامي مبادرا لا آن ينتظر التوجيهات الآتية من أعلى فهناك مواقف تحتاج إلي تصرف سريع لا يحتمل آن تسأل المدير آو الوزير.
لذا تبقى مسألة أعداد الكوادر ملحة وحاسمة علما بأن اغلب الذين يعملون بالتلفزيون اليوم ليسوا أفضل وأنسب الكفاءات الإعلامية أو ممن تم إنتقائهم بطرق غير ملائمة للعمل الإعلامي وخاصة في عصر الإنترنت وتفجر ثورة المعلومات.
إن الإعتماد على العفوية و المبادرات غير المدروسة وعلى إرتجال المواقف سمة بارزة في الإعلام العربي بعامة مع بعض الإستثناءات نذكر منها على سبيل المثال قناة الجزيرة التي حققت نجاحا عندما وظفت التقنية وإستقطبت خيرة الإعلاميين من كل أنحاء الوطن العربي الأمر الذي دفع جورج بوش الصغير للتخطيط لقصفها وضربها والتخلص منها لأنها تفضح العدوان الامريكي على العالم والبشرية.
ولم يعد الإعلام اليوم سلطة رابعة بل سلطة اولى حتى إنه أصبح أهم من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فهو يشغل المجال الشفاف بين الفعل السياسي والثقافي ورد الفعل الجماهيري ومن هنا أصبح ينظر إليه كما لو كان معيارا لقياس كفاءة الأداء العام للنظم السياسية القائمة و مدى صلاحية فكرة آو مقولة ما . ولأن الاعلام محكوم بمنطق الممارسة العلمية أكثر من الفعل التنظيري مما يحتم إعادة النظر وتحديث وتطوير هذا القطاع بالإعتماد على أهل الخبرة والمهنية والتخصصية وإستقطاب الكفاءات العالية للعمل في هذا الحقل الوطني البالغ الأهمية.
وقال مشاركون في مؤتمر "الاعلام العربي في عصر المعلومات" أن وسائل الاعلام العربية تشكو ضعفا في الضوابط المهنية وتسقط احيانا في اشاعة "وهم" الديمقراطية.
وأرجع مدير عام قناة "الجزيرة" القطرية وضاح خنفر ضعف الضوابط المهنية إلى حداثة الاعلام العربي والتلفزيوني بصورة خاصة، موضحا ان الإعلام العربي "لا يزال غضا في كثير من الأحيان ونجد أن الإعلام التلفزيوني اقل فقرا من الاعلام المكتوب في الضوابط والمصداقية".وعزا الامر ايضا الى "السرعة التي يتميز بها الاعلام التلفزيوني في ملاحقة الاحداث وربما يدفعه ذلك في الكثير من الاحيان الى الطرح السطحي وعدم الموضوعية".غير انه نبه الى ان توجيه النقد للاعلام العربي "لا يعني ان نترك للحكومات القيام بوضع تقاليد وضوابط لوسائل الاعلام بل يجب ان تنبع هذه الضوابط من داخل التجربة الاعلامية ذاتها".واكد خنفر انه "لو ترك للاعلامي الحرية لإستطاع ان يضع الضوابط اللازمة ليمارس العمل باحتراف".من جانبه اعتبر عبد الرحمن الراشد مدير قناة "العربية" التي تتخذ من دبي مقرا أن "المؤسسات الإعلامية تواجه مشكلات كثيرة مما يستلزم تأهيل العاملين في قطاع الاعلام" داعيا أيضا إلى "آن تكون هناك مواثيق شرف للمهنة وعلى المجتمع أن يضع حدودا ترسم مبتدأ حرية الاعلام ومنتهاها".
أما محمد السيد سعيد نائب مدير عام "مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية" فقد لاحظ مشكلة أخرى يعاني منها الإعلام العربي تتمثل في إستخدامه كبديل عن الديمقراطية الغائبة في الدول العربية.وقال السيد "غالبا ما يستخدم هامش حرية التعبير المسموح به من جانب السلطات العامة كبديل عن الديمقراطية" وفي اطار تطبيق الدول العربية "نموذج التعددية المقيدة الذي لا يسمح بتداول السلطة ولكنه يتيح هامشا من حرية التعبير".
وأعرب السيد عن اعتقاده بأنه في بعض المناطق العربية وخاصة في الخليج ظهرت مجموعة من المعطيات "خارجة كليا عن فضاء الحرية" ونابعة عن "إنتعاش المنافسات بين أسر سياسية وتجارية ورؤوس أموال سياسية تستثمر في الاعلام".واوضح ان ذلك "يوحي بنوع من التعددية والحراك" الذي يمكن أن "يوجد وهما بديلا عن الديمقراطية والعمل السياسي".
غير ان جهاد الخازن الكاتب الصحافي في جريدة "الحياة" لاحظ ان "النظام الذي يسعى للترويج لأى كلام من خلال وسيلة دعائية سيكلفه الأمر غاليا ولن تتمكن في النهاية هذه الوسيلة من الصمود.. فالبقاء دائما للأصلح".واشار الى ان "من يملأ التلفزيون بالاستقبالات والتوديعات ويجعل منه بوق دعاية لن يجد في النهاية من يشاهده ويتابعه".واعرب من جهة أخرى عن اعتقاده انه "لا يوجد سوق كاف لكل هذا الكم الهائل من المحطات الفضائية والصحف التي تنشأ يوميا" في الفضاء الاعلامي العربي.
وكان وزير الإعلام والثقافة الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد اعتبر في كلمة له في افتتاح مؤتمر نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إن الإعلام العربي "لن يستطيع مهما تسلح بالإمكانات ومهما استفاد من تقنيات عصر المعلومات ان يؤدي الدور المطلوب منه دون وجود عملية اصلاح جذرية وشاملة لواقعنا العربي".واكد ان "على الاعلام العربي أن يكون أداة تنوير وتغيير وليس وسيلة لتجاهل الحقائق او طمسها وتزييفها"
تحديات الإعلام العربي:
تتمثل التحديات التي تواجه الاعلام العربي في الاتي:
o احتكار السلطة للنشاط الاعلامي والصحفي وسيادة نظام سلطوي في الصحافة.
o يقود آلي تأثيرات سلبية على الاداء الاعلامي والصحفي.
o حرمان الخصوم والمعارضين من فرص التعبير والنشر.
o خلق صورة جذابة غير دقيقة ومغايرة للواقع لصانع القرار.
o فقدان الثقة بين الجماهير ووسائل اعلام السلطة.
o إرتباط الظواهر الاعلامية والصحفية بالعسكر والامن والايديولوجيا.
الامبريالية الإلكترونية والغزو المنظم
نجد أن 95 % من مواقع الانترنت باللغة الإنكليزية و95 % مما يبث في العالم من إنتاج أمريكا .
إذا من الذي يغزو فعلا في الوقت الحاضر؟؟
الذي يغزونا ليس كبار فلاسفة و مفكرى الغرب بل أنواع المشروبات الروحية والسيارات وأفلام وأغانى الفيديو الخلاعية وافلام السوبر مان والوطواط الأمر الذى يشكل قضية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. فالذي يغزونا هو مجتمع الإنحلال والاستهلاك.
-وكالات الانباء العالمية تشكل التصورات عن الاشخاص والشعوب والثقافات.
-يتحكمون بالاتصالات الدولية عبر الاقمار الصناعية والاتصالات السلكية.
يتحكمون بالسوق التجاري.
يتحكمون بالتقنية انتاجا وتسويق.
الاذاعات الموجهة.
مازال هناك إختلال إعلامي على النطاق الدولي بين الدول المتقدمة والنامية كما وكيفا :
• وكالات الانباء الدولية هي مصدر الصحف العربية.
• تعد الوكالات العربية 2% من الانباء الخارجية.
• لا يتابع المشاهدون العرب أخبار بلدانهم وقنواتها.
يحصل العربي على اخبار بلاده من الخارج.
التحديات الرئيسية:
يجد العالم العربي نفسه وجها لوجه أمام التحدي الإعلامي الغربي المزدوج وذلك بمواجهة تحديين متكاملين يخدم أحدهما الآخر الأول : هو التقدم المادي والتطور الحاصل في الغرب في مجال التقنية الاتصالية والإعلامية من أجهزة حاسوب وأقمار صناعية و..الخ والثاني هو التحدي المعلوماتي الفكري والثقافي ويتلخص في غزو الأفكار الغربية للأنسجة الدماغية والفكرية مما يؤثر سلبا على فكر وثقافة البلدان العربية.
أولا : التحدي الإعلامي التقاني (التكنولوجي )
إنَ جوهر التحدي التقاني الغربي ومضمونه هو ما يتمخض عن التقدم الإعلامي التقاني الغربي من نتائج خطرة يمكن أن تحدث على الصعيد العالمي جراء هيمنة الدول المتقدمة على عناصر التقنية بشقيها الأجهزة والبرامج الأمر الذي هيأ ويهيئ الفرصة للعديد من الشركات المتعددة الجنسيات لفرض سيطرتها الإعلامية ومن ثم خدمة مصالحها ومصالح نظمها .
يضاف إلى ذلك عدم وجود معايير دولية تنظم إمتلاك التكنولوجيا وتوزيعها ، ناهيك عن حالة الفقر والتخلف وضعف التنمية في الدول العربية في شتى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإعلامية .
نستنتج من ذلك وجود خلل واضح في إمتلاك تقنيات الإعلام بين العالمين الغربي والعربي وهو خلل له خطورته الكبرى ونتائجه الكارثية على صعيد تكوين الأفكار والثقافات والقناعات لأنه ينعكس على نمط الحياة والممارسة اليومية الإعتيادية لأي فرد في العالم يقتني ويتلقى الوسيلة الإعلامية الحديثة والمستوردة من الغرب والموجهة أيضا من الغرب . وجدير بالذكر أن الشركات متعددة الجنسيات تسيطر على أجهزة الإرسال والمسجلات وكذلك التلفزيون وأجهزة الراديو والتلكس والهاتف وأجهزة الحاسوب المعقدة.
وتهيمن أكبر خمس عشرة شركة أمريكية في مجال الإلكترونيات على 75%من الإنتاج الصناعي الالكتروني العالمي في مجال أجهزة الاتصال .وتسيطر الولايات المتحدة الأمريكية على صناعة الدوائر الالكترونية الإندماجية إذ أنها تنتج ما يتراوح بين 60% إلى 70% من إجمالي الإنتاج الدولي في هذا المجال.
إن العالم العربي مدعو اليوم أكثر من أي يوم مضى لتطوير التقانة الإعلامية بإيفاد باحثين وعلماء وخبراء في مجال الإعلام والاتصال إلى الدول المتقدمة
لنقل التكنولوجيا الإتصالية بدل شرائها والنقل هنا لا يعني اقتنائها وإنما تصنيعها.
ولابد من الإشارة إلى أن هناك سرعة خيالية في حجم التطور التكنولوجي في الدول الغربية التى لا تساهم في تطوير وتنمية التقانة الإعلامية وغير الإعلامية في العالم العربي أوغيره لعدة أسباب من أهمها : إبقاء هذه الدول في حالة من التبعية الإعلامية وغير الإعلامية وإبقائها في حاجة دائمة وماسة لإستيراد التكنولوجيا الغربية ليتهيأ لها السيطرة الاعلامية المستمرة تقنيا وفكريا وثقافيا ومعلوماتيا.
ولا يمكن للعالم العربي أن يتطور في مجال التقنية الاتصالية إذا لم
يتعاون فيما بين دوله لإنجاز التقنية الإعلامية العربية المشتركة وتبادل الخبرات القطرية وتبادل البحوث والدراسات وإقامة الندوات ومراكز التدريب التكنولوجي وزيادة الدعم المالي لمثل هذه النشاطات بما يخدم المسيرة الإعلامية في العالم العربي برمته .
ويمكن الإشارة في هذا المجال إلى القمر الصناعي العربي " عربسات " الذي تستفيد منه عدة دول عربية وبالرغم من عدم منافسته الإعلامية لأقمار الاتصال الغربية إلا أنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
ثانيا : التحدي الإعلامي الفكري الثقافي / المعلوماتي
يخدم التطور التقني الإعلامي الغربي بصورة مباشرة الأهداف الفكرية والثقافية للدول الغربية بل هو سبب أساسي في تبعية البلدان النامية – ومنها دول العالم العربي – الإعلامية للدول الغربية التى تمتلك إعلاما متقدما تكنولوجيا يسيطر على مصادر وتدفق الأخبار. وتساهم التقنية الغربية الإعلامية في نقل البرامج والمسلسلات والأفلام والمشاهد المتلفزة . ويستطيع الإعلام الغربى من خلال هذا الإمتلاك النفاذ إلى قلوب وعقول أبناء الدول النامية مما يشكل تحديا إعلاميا خطيرا " أو عولمة ثقافية " تهدد الخصوصيات الثقافية لشعوب المنطقة.
وتبرز التبعية الإعلامية للدول الغربية وتبدو ملحوظة بشكل واضح في النقاط التالية:
1- التكوين الأساسي لوسائل الإعلام والاتصال في العالم العربي هو تكوين غربي والدول العربية تعتمد على هذه الوسائل دون وجود صناعات عربية لمستلزمات وسائل الإعلام والاتصال.
2- تحتكر المؤسسات الإعلامية الغربية قسما كبيرا من مصادر المعلومات والأخبار والرسائل الإعلامية المتبادلة في العالم العربي .وتكاد أربع وكالات عالمية غربية أن تسيطر بشكل مطلق على حركة تبادل الأخبار الدولية في العالم العربي
هذه الوكالات هي:
3-الأسوشيتد بريس – أمريكية - ، يونايتد بريس – أمريكية - ، وكالة الأنباء الفرنسية ، وكالة رويترز- إنكليزية.
-توجد 32 اذاعة موجهة إلى العالم العربي باللغة العربية تديرها دول أجنبية أغلبها من الدول الغربية.
4-توجد 21 وكالة أمريكية للإعلان تهيمن على سوق الإعلان العالمي وهذه الوكالات لها فروع في غالبية الأقطار العربية وتسيطر الوكالات على 75% من سوق الإعلان في بلدان مجلس التعاون الخليجي و56% من سوق الإعلان العربي.
5- تستورد محطات التلفزة العربية ما بين 40 و60 % من برامجها من الدول الغربية ويحتل الإنتاج الأمريكي 80% من البرامج المستوردة.
وكما أسلفنا تستورد الدول العربية البرامج والمسلسلات الدرامية الغربية و تلهث وراء هذه البرامج والمسلسلات لسد العجز في الإنتاج الدرامي المحلي ولسد الفراغ في ساعات البث التلفزيوني ولذلك عدة أسباب منها عجز هذه الدول عن تأمين إنتاج محلي لنقص الكوادر الفنية وارتفاع كلفة الإنتاج وتواضع مستواه الفني وصعوبة تسويقه أمام الإنتاج الغربي الذي يتسم بالجودة العالية ورخص الثمن.
تقوم الصفوة العربية بإستجلاب الإنتاج الدرامي الغربى عن عمد لإشباع اهتماماتها وأذواقها وتتعمد ترويجه في الداخل تحت عدة شعارات ومبررات منها التنوير والتمدين والانفتاح على العالم.
ولا تتعامل الذهنية السائدة في العالم العربي مع الواقع الإعلامي بصورة تدعو للتفاؤل فهي إما أنها لا تعي حقيقة الأوضاع وتنطلق من معالجات أيديولوجية حتى أعلى المستويات الرسمية التى لا تطرح حلولا ولكنها تزيد من الإثارة والخطابة والتسلية الفارغة من المضمون ، أو أن الأوضاع الفعلية غائبة عن هذه الذهنية أو أن هذه الذهنية لا تعطي للمشكلة ما تستحق من الأولوية والاهتمام.
وما يشكل خطورة أكبر من ذلك أن تعالج مشكلة الاختلال الإعلامي بمزيد من الإختلال الإعلامي كأن تزيد من جرعات المواد الإعلامية المستوردة وتلغي الرقابة الأخلاقية عليها.
التلفزيونات والفضائيات العربية:
كانت الصحافة القومية ووسائل الإعلام المسموعة في الدول العربية موضوعاً لسيطرة الدولة مع وجود خطوط حمراء واضحة تحكم الخطاب المقبول. وغالباً ما كانت بعض الدول خلال النصف الأول من التسعينيات تندفع إلى الإعلام المثير والمروض والذى يهدف إلى مناقشة الشئون والقضايا المحلية فقط .
ولكن ظهر نوع جديد من المناخ العربى العام خلال النصف الثانى من التسعينيات، حيث أثار إرتباط التليفزيون بالأقمار الصناعية مناقشات محلية متفاوتة فى مختلف الدول العربية ووسط الشتات العربى فى إطار جدل عام أصبح متاحاً لكل شخص تقريبا، وذلك بالرغم من أن النظم العربية كافحت لإستمرار السيطرة على وسائل الإعلام المحلية.
وكان الإعلام العابر للقوميات بديلا أدى إلى فتح مناقشات سياسية نشطة ومفتوحة.
ولم تعد وسائل الإعلام الجديدة (التليفزيون والصحافة) مثل الإذاعة فى الخمسينيات والتى كانت فى خدمة الدولة.وأصبحت وسائل الإعلام الجديدة التى نشأت فى لندن أساساً قادرة على الإبتعاد من التدخل الحكومى المباشر، واستطاعت أن توضح آراء الكتاب والصحفيين من كل أرجاء العالم، وتذيع موجزاً منتظماً للأخبار فى محطات القنوات الفضائية الحديثة، فضلاً عن وجود شبكة (الإنترنت) والتى تساعد الشباب على متابعة الصحف العالمية، كما مكنت الصحافة العربية من الوصول إلى جمهور أكبر.
ونتيجة لذلك فقدت محطات التليفزيون السياسية المحافظة سوق مشاهديها بسرعة كما فقدت تميزها السياسى، وعلى سبيل المثال، فإن واحداً من أشهر اعترافات الرئيس اليمنى على عبد الله صالح هو أنه يشاهد قناة الجزيرة أكثر انتظاماً من التليفزيون اليمنى الرسمي.
ومن ثم بدأ الإعلام الفضائي يغزو المنطقة العربية وهذا الإعلام في معظمه لا يتبع للحكومات العربية بشكل مباشر.
ولا يخرج هذا الإعلام -المحطات الفضائية العربية - عن نمطين أثنين فهى إما تكون سياسية وإخبارية أو ترفيهية غنائية . وتفتقر معظم هذه الفضائيات وبخاصة ذات الطابع الإخباري السياسي لإستراتيجية إعلامية واضحة تفيد المواطن العربي للارتقاء بوعيه إلى مستويات متطورة.ويغلب على برامجها الطابع التحريضي الذي يخاطب العواطف بدلا من تقديم برامج تخاطب العقول والإرادات والمدارك الفكرية للإنتقال من حالة التخلف والجهل إلى مدارج التقدم والرقي. ويغلب على الحوارات- وبخاصة السياسية - التي تجري في الفضائيات طابع الانتقائية والتحريض والتكرار والإجترار والصراخ ولا تتوفر فيها – إلا نادرا – أجواء العقل والمنطق والحوار الهادئ البناء.
كما أننا لانجد – إلا بشكل نادر جدا –فضائيات متخصصة في الشؤون الثقافية والفكرية بينما نجد الكثير من فضائيات المرح والغناء والخلاعة والمجون التى تخاطب شريحة كبيرة من المواطنين وبخاصة فئة الشباب وتقوم بتشجيعهم على الكسل من خلال برامج المسابقات التي يغلب عليها اللا إتزان والمياعة والتهتك وعلى سبيل المثال (ستار أكاديمى) و(الوادى).
وبالرغم من الادعاءات المختلفة حول التأثير الثورى للجزيرة وكثرة مهاجميها، فإنهامنذ إنطلاقها جعلت السياسة محورها الأساسى على عكس القنوات التى نشأت فى مراحل مبكرة وركزت على الرقص والمسلسلات.
لقد جاء هذا التحول الإعلامى ليكون متنفساً للقضايا الأوسع فى الاهتمام العربى لتلعب دوراً جديداً فى عملية تشكيل الثقافة السياسية العربية ومن ثم تأتى قناة الجزيرة بعرض أحاديث تشمل المسئولين وممثلين عن الدول لتخرج بذلك ببعض الأعمال المثيرة.
وقد أصبح ظهور نجوم الفكر والرموز السياسية المؤثرة فى العالم العربى الإسلامى وحتى بعض الأجانب شيئاً منتظماً فى برامج القنوات الفضائية العربية، كذلك أصبحت مشاركتهم بمقالات تنشر بصفحات الرأى فى الجرائد العربية. ومن ثم فقد أو جدت وسائل الإعلام الحديثة مخرجاً لعدد من المناقشات الهادفة بين المشاهدين والقراء لتشكل إطاراً فكرياً جديداً ولتمثل فهماً أعمق للأخبار.
وأصبحت مشاهدة التليفزيون وقراءة الصحف أموراً عامة مشتركة وتحولت المقاهى خلال الأزمات إلى صالون سياسى لتبادل الآراء السياسية، وأصبح لكل قناة فضائية مشاهديها ونصرائها وصارت الجماهير تقارن بين التغطيات الإعلامية المختلفة لحدث وتقوم بمناقشة ذلك بلهفة شديدة.
ولم يعد للمقولة القديمة مكان، وهى أن الإعلام العربى يتصف بأنه ببغائى يسير مع الخط الرسمى للدولة، لأن الجزيرة أصبحت تتناول أى حكومة عربية بملاحظة أو أخرى، كما تسمح برامجها بالنقد وأحياناً بالسخرية.
وقد أجج نجاح الجزيرة- بالرغم من أنها هى الراعى الأول لهذا الشكل الجديد - المنافسة لدى راغبى سوق محطات القنوات الفضائية العربية للأخبار
والمناقشات السياسية. وتزايدت حدة المنافسة مع محطة MBC السعودية وقناة LBC اللبنانية
وقناة المنار الخاصة بحزب الله وتلفزيون أبو ظبى.
وأصبحت كل قناة تحرص على تمييز نفسها عن الآخرين، فضلاً عن سعى البعض إلى المساهمة فى تلك السوق، مما حدا بالأستاذ / مأمون فندى أن يطلق عليه /الإباحية السياسية للآراء المعارضة/.
الإعلام ودوره في العملية الثقافية
يعتبر الإعلام بمثابة آلية قادرة على التحرك والتأثير في المنظومات السياسية والثقافية والاجتماعية بسبب فعاليته الاجتماعية وانتشاره الواسع فهو بقدرته على الحراك الثقافي والاجتماعي ومخاطبته القسم الأعظم من المجتمع ، يمتلك الإمكانية على التأثير غير المباشر والمتسارع على الوعي المجتمعي .
ويتلهف المتلقي للوسيلة الإعلامية إليها كحاجة ترفيهية تأخذه بعيدا عن هموم معيشته ومنغصات حياته وهكذا يلتقي المرسل مع المتلقي في دائرة إعلامية مغلقة تنتهى بإنتصار المرسل على المتلقي بتأثير الإثارة التقنية والجاذبية الفنية الشكلية المبهرة الأمرالذي يؤدي إلى تنويمه وإستسلامه لتقبل التأثيرات الإيديولوجية والثقافية المبطنة في ثنايا البرامج المقدمة له على طبق من الفضة أو الذهب . وهكذا يتحول المتلقي إلى ضحية من ضحايا الإعلام الذي لا يخلو من التوجيه المقصود بغايات إيديولوجية ثقافية وفكرية .
ويقوم الإعلام الغربي اليوم بالاستفادة من الثورة التكنولوجية الهائلة في العالم ، ويوظف ذلك إيديولوجياً لترويج السياسات الرأسمالية ومن ثم لتسهيل عملية السيطرة الاقتصادية والاجتماعية على دول الأطراف.
إن السؤال المطروح الآن هو : لماذا لا يقوم المسؤولون عن الإعلام بإعادة الاعتبار للأهمية الإعلامية وتوظيف الإعلام الذي يتداخل مع الثقافة اجتماعياً ، أي بمعنى لماذا لا يتم توجيه الثقافة إلى الجمهور عبر قنوات الإعلام .
وتكمن معالجة الأزمة الثقافية الراهنة وتخفيف حدتها بشكل عام بالتنسيق بين المنتج الثقافي والوسائل الإعلامية ، فالوسائل الإعلامية قادرة بحكم حركيتها التكنولوجية وقدرتها على النشر والانتشار على استيعاب الثقافة كإنتاج اجتماعي وبثها إلى المجتمع لتوعيته وتوجيهه بشكل إيجابى وامتصاص التأثيرات الإعلامية الخارجية المرتبطة بالعولمة .
وهناك سؤال لا بد من محاولة الإجابة عليه وهو : لماذا كل هذا الضجيج واللغط حول العولمة والذي يأخذ طابعاً نظرياً بحتاً من دون عمل فعلى لتفعيل الإعلام والثقافة وإحداث عملية التداخل والتبادل والتفاعل والتجادل بين العمليتين الإعلامية والثقافية ليكون الإعلام في خدمة الثقافة ، ولتكون الثقافة مقومة وناقدة للإعلام ومطورة له بحيث تتحول العملية بصورتها الإجمالية إلى فعل إجتماعي مثمر يساهم في الارتقاء بوعى المجتمع بحيث يغدو قادراً على استيعاب التأثيرات الإعلامية والعالمية الخارجية وإمتصاصها والحد من مخاطرها المتعددة.
ضرورة وضع سياسات إعلامية عربية
لا بد من سياسات اعلامية جديدة تتضمن التالى:
-توطيد العلاقة بين الإعلامي والتربوي والثقافي بشكل منتظم ومستمر.
- إنتاج اعلامي جديد بمعايير جديدة هما نشر الوعي العلمي والتكنولوجي والمعاونة في العملية التربوية والتعليمية.
-مواجهة الغزو الفضائي الانترنيتي من خلال دعم الانتاج المحلي وتشجيع الابداع الفني ووجود فلسفة تربوية واضحة المعالم.
-إنشاء هيئة تلفزيونية عربية تدعم بالكفاءات المطلوبة من التربويين والاعلاميين والمثقفين.
-إنشاء وكالة انباء عربية موحدة
-إنتاجات عربية مشتركة لاسيما في مجال البرامج التربوية وبرامج تعليم الكبار وبرامج التثقيف والتنمية وبرامج التعليم المفتوح.
الحاجة لإعلام تنموي فاعل:
من اهم مفردات وعناصر الاعلام التنموي الفاعل إن يكون الإعلام في خدمة المجتمع والناس ولا يقوم بتلميع صورة المسؤول وعدم مدح احد وقول الحقيقة بصدق كما هي، وأن ذلك يعني التحكم بأجهزة الاعلام ووسائل الاتصال وتوجيهها بالشكل الذي يتفق مع تنمية المجتمع مصالحه العليا.والإعلام التنموى هو نشاط اعلامي هادف مستوحى من حاجات المجتمع .وهو اعلام شامل وواقعي وموثوق فيه من قبل الذين يخاطبهم .وهو واضح ومقنع ومنطقي ويقدم حجج وبراهين وحاضر دائما في مكان الحدث.
وهو إعلام ذو دور سياسي اجتماعي وثقافي و ترفيهي وجمالي و اقتصادي و نقدي تقويمي لكل الأمور التي تهم الناس ولكل اعمال الحكومة.
ويعتبر الاعلام التنموي أداة تغيير وتطوير نحو الأفضل و لتبسيط سياسة الدولة للمواطنين وللرقابة وللبناء والتعليم والتثقيف.
الآفاق المستقبلية للإعلام العربي
نظرا لأهمية الإعلام ودوره في المرحلة الراهنة يجب تعاون العرب في هذا المجال وتحديد اولويات العمل الاعلامي وتحديد منظور عربي مشترك من جميع القضايا:
-يجب تفعيل التعاون الاعلامي العربي في مجال استغلال المعلومات العلمية والتكنولوجية المتاحة لوسائل الاعلام وتشجيع سياسة المشاركة في الموارد والمعلومات.
-يجب تطوير اللغة الاعلامية بإستخدام لغة جديدة سهلة سلسة مفهومة لجميع المشاهدين.
-يجب توسيع مجالات الإعلام ليخاطب العرب في بلدان الإغتراب برسالة مفهومة تشدهم آلي بلدانهم ولأن يتبنوا قضاياها بدلا من ترك المغتربين نهبا للأيدى العابثة.
-إعداد مسوح ميدانية ودراسات علمية وبحوث جادة قبل بناء البرامج والسياسات الاعلامية.
– كسر إحتكار وسائل الاعلام بكل أشكالها.
- ضرورة إنشاء الوكالة العربية للأنباء والهيئة التلفزيونية العربية .
- اصدار صحف يومية عربية لاتقل عن ثلاث صحف بالإنكليزية الفرنسية والأسبانية وتوزيعها في العالم وبلاد الإغتراب.
-اعدا دراسات عن صورة العرب في العالم والعمل لمحو الصور السوداء والسيئة.
الإعلام وتفاعل الثقافات (قضية الرسوم المسيئة للإسلام)
أصبح الإعلام في عالم اليوم مرغوبا ومكروها في نفس الوقت. فبينما يقال دائما أنه جسر للتعاون بين الثقافات وإثراء الحوار ومن ثم إزالة الكراهية بين الشعوب، يقال أيضا انه يتحمل المسؤولية عما آل إليه حال التفاعل بين الحضارات والعلاقات بين الشعوب والدول من تدهور. وبينما يقال إنه شرط ضروري لتعزيز الحرية وإثرائها لدى كل البشر بغض النظر عن ميراثهم الحضاري والثقافي، يقال أيضا أنه آلية سهلة لتدمير الحريات ولنشر الفوضى ومن ثم فإن عليه مسؤولية في كل ما يتوخاه من مواقف وصور للتعبير مرئية كانت أم مقروءة.
وتعكس هذه الجدلية بين الحرية والمسؤولية الأهمية الكبيرة التي يحظى بها الإعلام في حياتنا المعاصرة فبفضل التطور الخطير الذي مس دور الإعلام في حياة الشعوب لم يعد هامشيا أو بسيطا بل عنصرا رئيسيا في مختلف أنحاء التطور الداخلي للأمم وفي صياغة العلاقات الدولية أيضا.
وقد يرجع ذلك إلى التقدم المذهل في عالم الاتصالات ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي وفرت فرصا أكبر لازدهار الإعلام المرئي وكذلك الصحافة التقليدية وظهور الانترنت وما أفرزه من أدوات إعلامية لم تكن موجودة من قبل مثل المواقع الإلكترونية والصحافة الإلكترونية وأخيرا ما يعرف بالمدونات أو البلوجرز.
كما قد ترجع هذه الأهمية المتزايدة لدور الإعلام إلى موجة الإصلاح السياسي فى العديد من بلدان العالم الثالث مما وفر مسرحا عريضا لحركة وسائل الإعلام لم يكن موجودا من قبل، خاصة أن حرية الإعلام أصبحت أحد معايير الحكم على مدى قوة هذا الإصلاح.
وكان من الممكن اعتبارذلك من العوامل التي تؤدي إلى ازدهار الرسالة الإعلامية ونفعها للبشرية، بمعنى أنه يصبح التطور المعاصر في «الثورة الإعلامية» تعبيرا عن الإيجابية في دور الإعلام وأمرا مرغوبا ومحببا للجميع وليس تعبيرا عن السلبية في هذا الدور والنفور من آرائه.
وكان من الممكن ألا يقع كل هذا الضجيج المثار حول دور وسائل الإعلام لو لم تكن هناك مشكلات سياسية داخلية وخارجية هي من الحدة والاتساع إلى الحد الذى أوقع الإعلام في أسر السياسة وخلافاتها الشديدة فإنحرف عن مساره وأصبح جزءا أساسيا من صراعات السياسة اليومية بحيث أصبح عبئا على الحرية وعصيا على المسؤولية مما ساهم في حالة الفوضى الثقافية والسياسية السائدة في كثير من الشعوب بما فيها الشعوب المتقدمة وفي زيادة حالة الكراهية وتوسيع الفجوة بين الثقافات بدلا من تجسيرها.
من المفترض ألا يتعارض الإعلام مع الحرية ولا مع المسؤولية فهو لا يستطيع أن يعمل في ظل القيود التي تعوق رسالته في الإخبار أو الترويج أو تعليم القيم وبناء الإنسان العصري لتهذيب ثقافته وتأهيله لتقبل كل ما هو نبيل في الفكر الإنساني وإبعاده عن كل ما هو غير أخلاقي أو عن أصناف الجمود والتحجر الفكري..
وليس هناك تعارض بين المسئولية الحرية بل هي حصن الأمان الذي يحميها من الفوضى والضياع، ومن ثم فهي قيود مرغوبة لبقاء الحرية وازدهارها. ولكن تجدد الحديث عن المسؤولية لا ينصرف إلى هذا المعنى المعتاد، وإنما يشير إلى الخوف والجزع مما آل إليه إطلاق العنان لوسائل الإعلام لكي تفعل ما تريد تحت مسمى الحرية في وسط مشحون بالخلافات السياسية.
ولا يعنى الحديث عن المسؤولية الإعلامية هنا بالضرورة البحث عن قيود لكبح حركة الإعلام وتقدمه، وإنما لتخليص الإعلام من الإنفلات وتصحيح مساره للعودة به إلى دوره الطبيعي في كشف الحقيقة كمطلب أو حق من حقوق الإنسان، وتعميق الشفافية ودعم الإصلاح وبناء الثقة بين الشعوب.
وقد يرى البعض أن الخلاص هو في تفعيل أخلاقيات المهنة، وهذا صحيح إلى حد كبير في ضوء التردي الذي أصاب العاملين بها حيث أصبح الكثيرون أسرى إغراء المال والسياسة والمصالح الشخصية. ولا يتم ذلك إلا بوضع ميثاق الشرف الصحفي موضع التنفيذ. ولكن كم من مواثيق للشرف الصحفي موجودة لدى كل المعنيين بالشأن الإعلامي، وكم من قيم نبيلة تتضمنها هذه المواثيق، وكم من حديث متكرر عن الإلتزام بها.
وقد يرى آخرون أن النهوض الثقافي ضرورة لا غنى عنها لإيجاد المناخ الصحي من الفهم والتعارف وإدراك الحقائق التى تعتبر مقومات أساسية فى تقبل الرسالة الإعلامية في حجمها الطبيعي دون تهوين أو تضخيم، وفى تيسير عملية فهم المصطلحات والمفاهيم خاصة في ظل إعلام يعمل بأكثر من لغة وثقافات لها لغات مختلفة.
ولكن ما جدوى كل هذا في ظل تعمد تدمير الهويات الثقافية الوطنية لصالح ثقافة عولمية واحدة، وغياب العدالة عن النظام الدولي المعاصر، وإعتماد الحروب وسيلة لحل الصراعات، وفرض نماذج الديمقراطية على الشعوب دون ارادتها
وهى أمور تعنى في جوهرها فرض سيطرة الأقوياء سياسيا في العالم على الضعفاء منه.
أليس من المنطقي أن تتوقع إعلاما منفصلا في هذه الحالة ينحو نحوا سياسيا خارج رسالته التي يقام من أجلها. وهو وضع يؤدي إلى إيجاد «مزاج عام» يميل إلى الكراهية و التمرد والتشكك والإقتناع بمنهج المؤامرة، ومن ثم يبحث لنفسه عن إعلام يعبر عن نفسه لا يأخذ في اعتباره قضية الاهتمام بالحرية ولا الإحساس بالمسؤولية.
لقد كان بالإمكان ألا نشهد هذا الاحتقان الإعلامي الذي وقع مجددا بين الشرق الإسلامي والغرب على خلفية إساءة بعض الصحف الدنماركية والبلجيكية ثم مؤخرا الفرنسية للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بنشر رسوم كاريكاتورية تمس ذاته الكريمة، كان بالإمكان ألا يحدث ذلك لو أن المناخ السياسي بين الجانبين في أفضل حالاته، ولكنه وقع بسبب الخلاف السياسي الذي هو من تداعيات أحداث 11 سبتمبر وما يثار حول الإرهاب.
صحيح أن الثقافة العلمانية في تلك الدول تسمح بمثل هذه الإعتداءات على الأديان ولكن العداء السياسي أحيا بقوة نزعات التطرف العلمانية كلها وجعلها تطفو على السطح. وكان من الأسباب التي جعلت الدول الإسلامية تتقاعس عن توضيح حقيقة الإسلام لمثل هذه الشعوب العلمانية بحيث لا يقدم أحد من أبنائها على الإساءة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وما زاد الطين بلة هو موقف هاتين الدولتين من الناحية الرسمية حيث لم تعطيا الاهتمام لمعالجة الأزمة منذ وقت إندلاعها عندما رفضت حكومة الدنمارك تحديدا مقابلة سفراء الدول العربية والإسلامية الذين أرادوا الاحتجاج وطلبوا اعتذارها. ووقعت الدول العربية و الإسلامية فى ذات الخطأ عندما تأخرت كثيرا في التحرك المضاد، مما أثار غضب الشارع، وانتقل الغضب إلى الإعلام وإلى أن يتصرف أبناء الدول الإسلامية من تلقاء أنفسهم للرد على هذه المهانة.
على الجانبين كانت السياسة هي المشكلة سواء بكونها إطاراً انطلقت منه أو بكونها آليات لمعالجة الأزمة ثم تعطيلها دون حسبان لتداعي رد الفعل الشعبي.
والغريب أن الإساءة للإسلام في شخص نبيه الكريم جرى تبريرها من جانب من قاموا بهذا العمل المشين على أنها حرية للرأي والتعبير، بينما لو أن أحدا في المنطقة الإسلامية قال بزيف دعوي الهولوكوست(محرقة اليهود) بدعوى حرية الرأي والتعبير أيضا لقامت قيامة هذه الدول الغربية.
ولا تتعلق المسألة هنا بالحرية كما يقولون وإنما بمواقف سياسية مقصودة من جانب من قاموا بهذا العمل.
وقام رد فعل الشعوب الإسلامية التي شعرت بالصدمة من مثل هذه الإساءة، إنطلاقا من نفس الإطار السياسي وذلك عندما تصرفت من تلقاء نفسها وقررت مقاطعة البضائع والمنتجات الدنماركية والبلجيكية، هنا فقط إهتزت هذه الدول وقلقت وسعت إلى لملمة الموقف، ولكن بعد أن فعلت الأزمة تداعياتها المؤسفة في المشاعر بين الشعوب الإسلامية، وكان بالإمكان تجنب هذا الوضع منذ البداية لو كانت العلاقات السياسية سوية.
وفى ندوة بعنوان "المحددات القيمية والاخلاقية لحرية الصحافة " الحالة الدنماركية نموذجا " عدد الزهاوي ابراهيم مالك وزير الاعلام والاتصالات السودانى أسباب استهداف الغرب للإسلام والتي تتمثل في أنماط الاستعمار الجديد وبروز فكرة حوار الحضارات وظهور الجيل الثالث من المهاجرين المسلمين في البلدان الغربية بالاضافة الي تراجع دور الدين في الغرب .
وقال أن خروج المظاهرات والاحتجاجات في البلدان الاسلامية تمثل اصدق تعبير عن رفض الامة الاسلامية لأشكال الاستهداف الغربي مؤكدا إهتمام وزارته بالحريات الصحافية وفقا للدستور مبينا أن الحريات لا ينبغي أن تتعدي علي حرية وحقوق الاخرين .وأشار الي ان بعض الصحف الغربية حاولت تصوير الإحتجاجات بأنها صراع بين حضارتين تؤمن احدهما بالحريات فيما لا تؤمن الأخري .
وقال د. هاشم الجاز الامين العام للمجلس القومي للمطبوعات أن الندوة تهدف إلي التعريف بالمحددات القيمية والاخلاقيه لحرية الصحافة وان قضية الحريات الصحفية لا تحرس فقط بالقوانين والأوامر وإنما تحرس بالمواثيق والقيم والأخلاق وهى التي تؤثر علي الأداء الصحفي المسئول خاصة وان كثير من البلدان تعتد بالقيم والأخلاق اكثر من القوانين خاصة في الغرب.
واشار الى ان هذه الندوة تأتى في إطار مساهمة المجلس في تبيان الفروقات الجوهرية مابين الحرية والإساءات .
وتناول الإعلامى السودانى حسن عبد الوهاب فى ورقة بعنوان "المحددات القيمية والاخلاقية" قضية الحريات الصحفية في الغرب بإستعراض تاريخي لهذا المفهوم من خلال النظم التي حكمت عمل الصحافة خلال القرنين الرابع عشر والخامس عشر والمفهوم الليبرالي الذي بدأ يسود الصحافة الفرنسية منذ منتصف القرن الثامن عشر. كما تعرضت الورقة الي بعض النماذج التي اساءت فيها النظم الإعلامية الغربية إلي الثقافة العربية والاسلامية والتي تجاوزت خلال العقدين الاخرين الإساءة الي العقيده الاسلامية في اشارة الي سلمان رشدي .
الإعلام الغربى وفوز حماس :
مثال آخر على ما نشهده من احتقان إعلامي على خلفية صراعات السياسة، هو رد فعل الإعلام الغربي على فوز حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، فبرغم فوزها بإنتخابات ديمقراطية إعترف بها الجميع، إلا أن هذا الإعلام قرر من اللحظة الأولى لإعلان النتائج شن حملة لتشويه صورتها وترهيب العالم منها وتأليبه عليها مهملا كل خطابه المكرر في الحديث عن الديمقراطية وأهميتها كطريق للإصلاح السياسي في المنطقة.
أي أن الموقف السياسي الغربي المناهض لحماس هو الذي أصبح حكما في القضية وليس الدعوة إلى الديمقراطية.
ولم تكن هذه هى الحماقة الأولى التي ارتكبها الاعلام الغربي خاصة الأمريكي فقد سبقها دفاع هذه الإعلام عن وجود أسلحة دمار شامل في العراق، وبعد أن اتضح زيف ذلك، إضطرت بعض صحفه الكبرى مثل نيويورك تايمز إلى الإعتذار، ولكن بماذا يفيد الإعتذار بعد أن جعلت هذه الصحف نفسها داعما أساسيا لحملة الرئيس بوش في غزو العراق واحتلاله!
ويشكل فك الارتباط بين الإعلام والسياسة بصورتها الراهنة سواء بالنسبة للدول المتقدمة أو دول العالم الثالث المخرج من الإتهام الموجه الآن للإعلام بأنه لم يعد وسيلة لتجسير الفجوة بين الشعوب بقدر ما أصبح موضعا لتبديد الثقة فيما بينهما، أى أنه يتعين العمل أولا على تحرير الإعلام من أخطاء السياسة قبل الحديث عن أخلاقيات المهنة أو صياغة إطار للتوافق حول جانب المسؤولية الملقى عليه.
وأخيرا فإذا كان تعريفنا للإعلام بأنه أداة (أدوات) تتقلد دوراً أساسياً في إيصال المعلومات والمستجدات والإحداث إلى الجمهور، كما يقوم بدور تحريضي عبر طرح المشاكل المرتبطة بحياة الناس سواء أكانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية او غيرها مما له تأثير مباشر على افراد المجتمعات ، ووعيهم . وإذا كان الإعلام يسعى، عبر ممارسة دوره المذكور الى إيصال الحقائق والاحداث ، بوسائل وتقنيات محددة وكوادر لها القدرة على إستخدام تلك التقنيات ، فأن حياديته وصدقه ستكون مرهونه بتوفر هذه الوسائل والتقنيات والكوادر بعيدا عن قدرات تحكميه خارجية كالسلطة و رؤوس الاموال والأيدلوجيات. .