أبوظبي وليد علاء الدين:

وصف الدكتور صادق المهدي رئيس الوزراء السوداني الأسبق مفهوم “الصراع الحضاري” بالهلامي، الذي يصعب الإمساك به، وقال في محاضرة له استضافها المجمع الثقافي في أبوظبي مساء أمس الأول: إن مصطلح الحضارة يتشابك مع مفاهيم أخرى كالثقافة، وحدد في محاضرته المعنونة “الصراع والحوار بين الحضارات” سبعة محاور رئيسية في عالم اليوم اعتبرها نقاط تماس يمكن اعتبارها إما مرتكزات للصراع أو للحوار الحضاري، تتجلى فيها مظاهر الحوار أو الصراع، أولى هذه النقاط هي الدين الذي يفتح بطبيعته المجال أمام التحيز لأنه يصنف الآخر، إما مع أو ضد. وقال: إن الدين بطبيعته تجسيد لذات وهوية مخصوصة تتميز عن الآخرين.

ثاني المحاور التي تحدث عنها المهدي هي الأيديولوجيات، وقال إنه رغم انحسار الأيديولوجيات الشمولية تحديداً، إلا أنها لا تزال تشكل نقاط صراع أو توتر يتجسد في الرأسمالية مقابل أفكار ذات مشارب متعددة أخرى، وأكد أن الأيديولوجيات بؤرة للحوار أو الصراع. ويتعلق المحور الثالث بما وصفه المحاضر ببؤر التوتر بين الشمال الغني والجنوب الفقير وهي بؤرة رأى أنها أيضاً قابلة لأن تكون مدخلاً للحوار أو لفتح الباب على الصراع. ومن المحاور أيضاً بؤر التوتر في العالم وخاصة في الشرق الأوسط في فلسطين والسودان وكشمير نقاط تتماس فيها الحضارات ما ينشأ عنها صراع أو حوار. وكذلك محور الصراع بين العولمة والخصوصيات، وكذلك نقطة الصراع بين الأحادية الأمريكية والتعددية التي تتجلى في محاولات إيجاد إدارة مشتركة للعالم.

ووصف الصادق المهدي هذه المحاور بأنها تتضمن بعض الجوانب التي يمكن أن تكون نقاط تلاقي على اعتبار أنها جميعها تشترك في البعد الإنساني والقيم الجمالية المطلقة التي تشترك فيها البشرية، كما اعتبر أن مسألة الشمال والجنوب فيها نقاط صالحة لأن تكون مرتكزات حوار، وطالب بالبحث بشكل عام عما يوحد الانسانية في اطار احترام المصير المشترك وتقدير المشاكل الكبرى كالبيئة وأزماتها والمشاكل المصيرية الأخرى.

وأكد المهدي ان مصطلح حوار الحضارات تم اختراعه من قبل الغرب في اطار البحث عن بديل وخصم خارجي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وذكر أن أحد المستشرقين في الخمسينات وهو يهودي صهيوني هو أول من أشار إلى هذا المصطلح في محاولة لإيجاد نقاط خلاف للإيقاع بالحضارة العربية والاسلامية.