اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

دور السودان فى مناصرة القضايا العربية

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
19/3/2006 1:34 م


المقدمة
حرص السودان أشد الحرص على تعزيز علاقاته الاخوية مع جميع الدول العربية الشقيقة، والدعوة إلى توحيد الصف العربي وتقريب المواقف وتعميق تضامن الدول العربية لمواجهة ما تتعرض له من تحديات ومخاطر للتغلب على حالة الضعف والتفكك والعجز التي تعاني منها، لذلك عمل السودان جاهداً لترقية اداء وفعالية جامعة الدول العربية ومراجعة هياكلها وميثاقها حتى تتمكن من تحقيق أهدافها. كما سعي السودان لوضع استراتيجية موحدة للتصدي للقضايا العربية ومواجهة المشكلات المتجددة التي تواجه الامة العربية.
وقد ظل السودان يكرر على الدوام مطالبته بوضع صيغ جديدة للعمل العربي الموحد تعيد للتضامن العربي سيرته الأولى.
ولعبت الدبلوماسية السودانية جهوداً مقدرة في دفع عجلة الوحدة ومناصرة القضايا العربية ، فشارك السودان في كافة انشطة الجامعة العربية ، حيث اتخذ السودان القضية الفلسطينية كمحور اساسي في سياسته الخارجية. وبذل السودان جهوداً كبيرة في مسيرة التضامن العربي ، وبادر بطرح دعوته لعقد قمة عربية تشارك فيها مصر بعد القطيعة السياسية ابان معاهدة كامب ديفيد بين مصر واسرائيل.
كما شكلت الازمة اللبنانية أحدى الموضوعات التي تصدت لها الدبلوماسية السودانية ، فشارك السودان في كل الجهود المبذولة في اطار الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية ، فقام السودان بارسال قوات عسكرية في إطار قوة الردع العربية ، كما بادر السودان باستضافة المقاتلين الفلسطينين عقب خروجهم من بيروت.
وادان السودان وبعنف التصرف الوحشي الذي تعرض له المفاعل النووي العراقي من قبل العدو الصهيوني ، كما أدان الاعتداء الأيراني على منشآت النفط في الكويت وبادر السودان بالترحيب بمبادرة المملكة العربية السعودية بشأن الحل السلمي والعادل لقضية الشرق الأوسط والتي وافقت عليها قمة فاس ، وقد بذل السودان الجهد الكبير ولايزال يبذله في سبل تحقيق هذه الغاية ، واتساقاً مع قناعة السودان الثابتة بضرورة العمل العربي الجماعي المشترك بادر السودان بالترحيب بمشروع السلام السعودي لاحلال السلام في الشرق الأوسط وميثاق العمل القومي بين الدول العربية الذي طرحه العراق.
وفي هذا الصدد جاءت مشاركة السودان الفاعلة في مؤتمر القمة الحادي عشر الذي انعقد بالأردن والذي تمكن لأول مرة في تاريخ العمل الجماعي العربي من اجازة استراتيجية عربية للعمل السياسي والإقتصادي المشترك.
وقد لعبت الدبلوماسية السودانية دوراً هاماً أبان قمة فاس الثانية في سبتمبر 1982م ، وجعلت منها عامل وصل واتصال بين مصر والدول العربية.
وظل السودان منذ تلك الفترة داعماً للقضايا العربية وداعياً للوحدة بين الدول العربية خاصة في ظل المتغيرات السياسية العالمية والانتقال من مرحلة ثنائية القطب إلى القطب الواحد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها الأستراتيجية إسرائيل .
ولن يفلح العرب في تحقيق اهدافهم المنشودة إلا بالتعاضد والوحدة والتضامن العربي.
ومن هذا المنطلق تأتي القمة العربية التي تنعقد في الخرطوم في مارس 2006م والعالم العربي كله أمل وترقب بما ستسفر عنه هذه القمة في دعم القضايا العربية واسترداد الحقوق السليبة في عهد نظام عالمي جديد لا يعرف إلا القوتين العسكرية والمادية.
وبهذه المناسبة يسعدنا في وكالة السودان للانباء أن نقدم هذا الملف الخاص عن دور السودان في مناصرة القضايا العربية .
وبالله التوفيق


المحور الأول
السودان ومناصرة القضية الفلطسينية

على مدى أكثر من خمسين عاماً احتفظ التاريخ في سجلاته بمواقف مشهودة للسودان دولة وشعباً تجاه القضية الفلطسينية ، وقد كان مؤتمر الخريجين الذي انخرط فيه كل السودانيين في الاربعينات اسبق القوى الوطنية والسياسية في العالم العربي والاسلامي في التنبيه الى المخاطر التي تهدد القدس ، وبالتالي فلسطين وشعبها.
وعندما اعلن السودان استقلاله في مطلع يناير 1956م وانضمامه الى جامعة الدول العربية ، فان وزير خارجية السودان انذاك السيد مبارك زروق قال إن السودان يضع موارده وامكاناته من اجل استرداد فلسطين الجريحة.
لقد كان السودانيون في تلك الفترة المبكرة يؤكدون على الدوام ارتباطهم بالقضية الفلسطينية والإنتماء للعروبة ويبذلون الروح رخيصة في الدفاع والزود عنها ، وهو ادراك متقدم من السودانيين يعكس أهمية القضية.
وفي فترة الأربعينات ثابر مؤتمر الخريجين على متابعة الأوضاع والتطورات في الأراضي الفلسطينية وخاصة ما اتصل بها من إنهاء للانتداب البريطاني في فلسطين ، وكان النشاط المحموم للمنظمات اليهودية والصهيونية يحتدم بارسال اليهود لفلسطين تمهيداً لإعلان قيام دولة اسرائيل.
وقرر مؤتمر الخريجين تكوين لجنتين ، لجنة لجمع المال من إجل فلسطين برئاسة الشيخ أحمد السيد مفتي السودان الاسبق ، وضمت هذه اللجنة خيرة شخصيات العاصمة السودانية وشخصيات من المدن السودانية الأخرى. وبدأت نشاطها في جمع المال ، ولم تجد صعوبة في ذلك فقد اقبل المواطنون من تلقاء أنفسهم بتسليم وتقديم مساهماتهم المالية.
وقد كان هذا المال ضرورياً وحيوياً لشراء السلاح للثوار، ولأن فلسطين لم يكن ينقصها الرجال ولا المقاتلون ، وقد كان أول مال يصل للفلسطينيين هو مال السودان ، كما كون مؤتمر الخريجين لجنة عسكرية برئاسة المقدم زاهر سرور السادات حيث تم فتح مكتب بنادي الخريجين في أمدرمان ، واعلن عن التطوع للقتال ضد اليهود في فلسطين ، وهرع المواطنون إلى تسجيل اسمائهم وبلغ عدد من تقدموا وفي فترة قصيرة نحو سبعة الآف مواطن، وقد جاء حماسهم على اساس أن التطوع لفلسطين هو بمثابة حرب مقدسة ، وهو جهاد في سبيل الله ، وتم اختيار 250 ضابطاً وجندياً وجميعهم ممن لهم خبرة عسكرية جيدة ممن اشتركوا في معارك الحرب العالمية الثانية.
وتحركت القوى العسكرية من نادي الخريجين في أم درمان صوب العاصمة المصرية القاهرة ، حيث كان في استقبالها امين عام الجامعة العربية في ذلك الوقت الدكتور عبدالوهاب عزام ، والذي كانت له خلفيه جيدة عن السودان ، وكما استقبل القوة العسكرية مندوب من قيادة الجيش المصري حيث عسكرت في قاعدة الهاكستيب شرق مطار القاهرة ، وواصل افراد القوة السودانية تدريباتهم العسكرية قبل الانتقال إلى ارض المعركة. وقد ابليت القوة السودانية رغم قلة السلاح بلاءاً حسناً وسببت الهلع لليهود.
وقد بلغ عدد الضباط السودانيين الذين استشهدوا في حرب فلسطين في عام 1948م أربعة ضباط هم بشير عبادي ، وبشرى محمد خير ، وعلي رمضان ، وعلي محجوب ، وبلغ عدد الجنود الذين استشهدوا من ذوي الرتب أمباشي ووكيل امباشي وجاويش أربعين عسكرياً، كما تم اسر الصاغ زاهر سرور السادات وأمباشي رمضان عبدالله ، وجبريل أدريس وقائد فصيل سيد أحمد محمد أحمد .
وقال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر للاستاذ عبدالله الحسن رئيس نقابة المحامين السودانيين الاسبق – عليه رحمة الله – إن السودانيين صنعوا بطولات خارقة ، وقد رؤي الضابط بشير عبادي مندفعاً وسط الرصاص لانقاذ ضابط مصري جريح وحمل الضابط على كتفه ولكن رصاص اليهود عاجله ، ولم يتوقف حتى وصل لمكان آمن وسقط شهيداً ونجا الضابط المصري الجريح.
وقد ظلت فكرة التطوع والجهاد في سبيل الله تملأ نفوس كافة السودانيين الذين اعتبروا حرب فلسطين حرباً دينية لاجزاء للشهيد فيها إلا الجنة ، ولو كان الانتقال لفلسطين سهلاً آنذاك لدخل إليها الألآف من السودانيين.

لاءات الخرطوم الثلاث :-
عندما انعقد مؤتمر قمة الخرطوم في أغسطس 1967م ، وأتخذ الملوك والرؤساء العرب قراراتهم التاريخية في دعم الدول العربية التي احتلت اسرائيل اراضيها وهي مصر والأردن وسوريا ، تمسك الوفد السوداني في المؤتمر بان تتصدر اللاءات الثلاث قرارات المؤتمر وهي " لا صلح مع اسرائيل ، ولا اعتراف بها ولا مفاوضات معها " . وصاغ هذه الكلمات المحددة رئيس وفد السودان ورئيس الوزراء محمد أحمد محجوب إذ كان الرئيس الأزهري هو رئيس المؤتمر ، كما أصر الوفد السوداني على وجوب النص على حقوق عرب فلسطين وحقهم في ارضهم ووطنهم.
إن قمة الخرطوم العربية والتي آلبت على السودان خصومات وعداء من قبل الدول المساندة لاسرائيل ، لم تكن اهميتها قاصرة على نجاحها ونتائجها الايجابية وعلى مبادرة انعقادها في اعقاب هزيمة 5 يونيو المريرة ، وإنما في التمسك باللاءات الثلاث في مواجهة آثار الهزيمة، وفي دعم الصمود العربي وأيضاً التمسك بحق شعب فلسطين في أرضه.

قرار مجلس الأمن (242):-
عندما أصدر مجلس الأمن قراره الشهير (242) الذي صاغه رئيس الوفد البريطاني اللورد كرادون والقاضي بانسحاب اسرائيل من الاراضي التي احتلت ، تحفظ السودان - آنذاك- باعتباره مكلف من قبل الملوك والرؤساء العرب بمتابعة تنفيذ قرارات القمة العربية – على هذا القرار وطالب بتعديل الكلمات بحيث يضاف الألف واللام لكلمة انسحاب ويكون الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلت في القتال الاخير ، وكذلك تحفظ على الإشارة العابرة الخاصة بتحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين ، وطالب بوضع نص صريح يشير علي " تحقيق تسوية عادلة لحقوق الشعب الفلسطيني ".
وتظل الاخوة السودانية الفلسطينية ممتدة عبر الحقب حيث كانت قوافل الحجيج السوداني في الماضي تمر عبر بيت المقدس في طريقهم إلى مكة والمدينة ، وعند عودتهم كان لابد لهم من الصلاة في المسجد الإقصى . حيث توجد في بقعه قريبة منه قطعه أرض كان قد أوقفها السلطان على دينار للمسلمين منذ القرن التاسع عشر ، وهي التي تقول عنها سلطات الاحتلال الاسرائيلي أنها وقف لفقراء افريقيا أنه تاريخ ناصع للسودانيين في فلسطين.
إن العلاقات السودانية الفلسطينية تعتبر من العلاقات الثنائية المميزة وطالما ساند السودان حكومة وشعباً القضية الفلسطينية عبر تاريخ نضالها الطويل . فقد أيد السودان كافة القرارات الصادرة لنصرة الشعب الفلسطيني في المحافل الدولية والإقليمية . كما قام السودان رغم الوضع الاقتصادي والسياسي الصعب الذي يمر به بتقديم يد العون قدر الأمكان للشعب الفلسطيني من خلال إبرام الاتفاقيات في المجال الاقتصادي والصحي والثقافي والتعليمي ، كما قدم السودان المنح للطلاب الفلسطينيين . ورفع السودان مستوى تمثيل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في الخرطوم إلى مستوى سفارة عندما اعترف بالدولة الفلسطينية في عام 1987م ، كما ساهم السودان في تدريب كوادر شرطية في الأكاديمية السودانية للشرطة. وقد تم توقيع عدد من المعاهدات والاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية وجمهورية السودان منها علي سبيل المثال بروتكول التعاون الصحي بين دولة فلسطين والسودان ، والتعاون الفلسطيني السوداني في مجالات الرياضة والشباب ، ومشروع بروتكول التعاون الاقتصادي ، ومشروع اتفاق التعاون في مجال التعليم ، هذا الى جانب مشروع اتفاق التعاون في المجال الثقافي.
وكان للسودان دور رائد في حشد الدعم المادي والمعنوي للقضية الفلسطينية وتنظيم المنتديات والمسيرات الغاضبة التي تندد بالممارسات الوحشية للعدو الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني ، كما تم قيام العديد من الروابط والهيئات الشعبية والطوعية التي تعني بشؤون الجهاد المستمر حتى تحرير القدس، وذلك بالعمل على اعداد المجاهدين تدريباً وتجهيزاً وتيسير سبل إيصالهم لجبهات القتال، واستقطاب الدعم العيني والمادي وإرسال البعثات الطبية والتبرع بالدم للمجاهدين ، وإبقاء جذوة النفرة مستمرة ، كما تم قيام الهيئة الشعبية العليا الدائمة لتحرير فلسطين لتبدأ من السودان ثم تنتظم كل الدول الإسلامية وذلك بهدف تحريك المواطن خاصة وأن الأحداث وما يسود العالم اليوم أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن العمل الرسمي وحده لا يستطيع أن يدافع عن الحق الإسلامي ولايستطيع أن يحرر القدس أو يعيد فلسطين. وتهدف أيضاً الهيئة الشعبية العليا الدائمة لتحرير فلسطين لجعل قضية فلسطين حية في النفوس حتى يتم تحريرها ، وذلك بتكثيف العمل الإعلامي لبيان قضية فلسطين بأنها ليست قضية عربية فحسب وإنما هي قضية إسلامية تمس المسلمين في كل انحاء المعمورة ، والعمل على الاستفادة من المنابر الدعوية في المساجد وغيرها لترسيخ هذا المفهوم ومن أهداف الهيئة الشعبية العليا أيضاً ومن خلال برامجها العمل على احياء المقاطعة الشعبية للمنتجات التجارية الأمريكية والإسرائلية وكل منتجات الدول التي تدعم اسرائيل ، وتسعى الهيئة الشعبية العليا من وراء أهدافها وبرامج عملها لأعادة صياغة الوجدان العربي والإسلامي تجاه القضية الفلسطينية وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي جاءت نتيجة للقصور العربي والإسلامي والضعف الذي تعاني منه المجتمعات المسلمة .
ويحسب للسودان وقوفه مع أخوته في فلسطين واستضافته فيالق من القوات الفلسطينية حين إخراجها من لبنان أبان الحرب الأهلية وإجتياح القوات الاسرائيلية للبنان الشقيق، هذا إلى جانب استضافته اعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينين . وقبل ذلك كان الاستقبال الرسمي والشعبي الحاشد للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بالخرطوم في مرات عديدة والتفاكر معه حول هموم وقضايا الشعب الفلسطيني. كما استقبل السودان زعيم المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) الشيخ الشهيد أحمد ياسين في العام 1998م.
وكذلك أستضاف السودان المنظمات الفلسطينية بمختلف توجهاتها، خاصة تلك التي تحفظت العديد من الدول عن استضافتها وعلى رأسها حركة حماس، التي مازالت تجد في السودان السند الوفي ، كما استضافت الخرطوم وفد رفيع من قادة حماس برئاسة المجاهد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في إطار زياراتهم التنويرية بعد فوزهم الكاسح في الانتخابات الفلسطينية التي جرت مؤخراً بفلسطين. وقد أصبحت حماس هي الرقم الأكبر في المعادلة السياسية الفلسطينية بعد أن نالت ثقة الشعب الفلسطيني باكتساحها للإنتخابات، والتي غيرت كل أوراق اللعبة السياسية بمنطقة الشرق الأوسط ، بل بدأت نظرة كل العالم تتغير نحو حركة حماس بدءاً من الدول الكبرى مروراً بالكثير من الدول الأخرى، وطبقاً لذلك فالمنطقة موعودة بتحولات كبرى بعد الزلزال الذي أحدثته حركة حماس.

المحور الثاني
دور السودان في تجاوز آثار حرب النكسة

من الأدوار الكبيرة التي قام بها السودان في مناصرة القضايا العربية حرصه الشديد على تحقيق التضامن والوحدة العربية في احلك الظروف التي مرت بها الامة العربية والمتمثلة في هزيمة حرب يونيو 1967م من قبل العدو الاسرائيلي، حيث سعي السودان إلى لّم الشمل العربي وتضميد الجراح وذلك بدعوته إلى عقد مؤتمر قمة للرؤساء والملوك العرب بالخرطوم في أغسطس 1967م في أعقاب هزيمة فادحة كاسحة قادتها اسرائيل ضد جيوش مصر ، سوريا، والأردن واحتلت أراضيها ، وكان بمقدورها الوصول دون عائق إلى العواصم الثلاث مباشرة حسبما نقل الرئيس جمال عبدالناصر للرئيس اسماعيل الأزهري عبر الهاتف.
وكانت قمة أغسطس 1967م هي أنجح قمة عرفها العرب منذ أنعقاد أول قمة عربية في مارس 1946م في انشاص بمصر حتي آخر قمة عربية عقدت في مارس 2005م ، وبلغت الإشادة بها شأناً كبيراً إلى حد أطلاق إسم (الملحمة) عليها نسبة للمهارة والبراعة والحنكة وتحديد الأهم والمهم في جدول الأعمال والذي صنعته العبقرية السودانية وإليها وحدها يرجع الفضل لما تحقق للعرب فيما بعد من نصر كبير للقوات المصرية ضد العدو الاسرائيلي وتحطيم اسطورته في اكتوبر 1973م. وكما ترجع إليها ما تنعم به الآن دول الخليج مجتمعة من تقدم ورخاء، ولأن السودان تمكن بذكاء ومهارة من أن يغير (حظر) البترول لضخ البترول ليكون اداة وسلاحاً نافذاً لدعم الصمود والتصدي العربي، والرخاء والتقدم العربي.
وما يذكر في هذا الجانب ليس من باب المباهاة أو الامتنان وأنما حقائق مجردة تهدف إلى جعل قمة الخرطوم العربية التي ستعقد في مارس 2006م بأهمية القمة الملحمة التي عقدت في أغسطس 1967م بالخرطوم.

كيف كان التمهيد لانجاح القمة العربية "الملحمة"
كانت بداية انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في أول أغسطس 1967م تعكس جدية الدول العربية في مواجهة التصدي للهزيمة الفادحة التي الحقتها أسرائيل بالجيوش العربية، ووضع وفد السودان أجندة محددة طرحت أولاً معالجة الخلافات العربية الثنائية وخلق أجواء الأخوة والثقة وتحقيق التضامن العربي، وكيفية مواجهة العدوان الاسرائيلي واستعادة الاراضي العربية التي احتلت بالفعل. والقضية الفلسطينية " الأرض والشعب " والحيلولة دون ضياعها، والدور المطلوب من الدول العربية في الأمم المتحدة لإدانة العدوان الإسرائيلي واتخاذ القرارات اللازمة لارغام القوات المعتدية على الانسحاب بالكامل من الاراضي العربية. ومثلما حدث في أعقاب العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956م، وإمكانية أن يلعب الدور الاقتصادي العربي وبوجه خاص النفط لاستخدامه كسلاح نافذ في المعركة، إضافة إلي تصفية القواعد العسكرية الأجنبية في البلاد العربية.
كان هذا هو جدول الأعمال الذي خضع لمناقشة صريحة ومباشرة من جانب وزراء الخارجية العرب ، ووضعوا على ضوئه توصيات مهمة ، وكذلك وضعوا ثقتهم بالكامل في السودان لرأب الصدع بين اكبر دولتين عربيتين مصر والمملكة العربية السعودية بشأن اليمن، حيث ناصرت جده الملكيين وساندت القاهرة الجمهوريين، ودارت في جبال اليمن حرب حقيقية شرشة بين الجيوش العربية ، أهدرت فيها الاموال والأرواح، ورأت القيادة السودانية ممثلة في الرئيس اسماعيل الأزهري والسيد محمد أحمد محجوب تكثيف الاتصالات والجهود لتحقيق التقارب بين الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود وبين الرئيس جمال عبدالناصر . ورغم انهما استجابا بشكل كامل للوساطة السودانية ووافقا على المقترحات السودانيه إلا أن كليهما اعتذر عن الاشتراك بشخصهما في القمة لاعتبارات انسانية مع القناعة التامة والدعم للقيادة السودانية لانجاح القمة المهمة، ولكن الرئيس إسماعيل الأزهري استطاع أقناع عبدالناصر بأهمية حضوره ليطلع القادة على ملابسات الحرب والخسائر التي لحقت بمصر من جراء الهزيمة كي يتدبر قادة العرب ما ينبغي القيام به نحو مصر . وأرسل سيادة السيد علي الميرغني نجله السيد أحمد الميرغني لينقل رسالة إلى الملك فيصل بن عبدالعزيز مفادها التمني بالحضور لأن الكبار في العرب عليهم مسؤولية كبيرة تستوجب الظروف الحالية الاضطلاع بها . واستجاب الملك فيصل على الفور . وطلب من السيد أحمد الميرغني ابلاغ والده السيد علي الميرغني بأنه سيحضر ولن يرد له رغبة أو طلباً، وسيكون كما يتوقع عنه تماماً .

الاعتماد على الشعب ووعيه :
كانت أمكانات الدولة محدودة ، ومع ذلك وجد ما أبدته المملكة العربية السعودية والكويت كل تقدير واحترام لحرصهما على المساهمة المادية كي لا يتحمل السودان وحده التكلفة الكبيرة للمؤتمر الاستثنائي. وكما عولت الدولة على اريحية المواطنين الذين وضعوا تحت تصرفها منازلهم وسياراتهم للرؤساء والملوك العرب، ومن جانب آخر عولت الحكومة على الشعب في تنسيق وتجميل واجهات بيوتهم واماكن عملهم وشوارعهم وميادينهم ورفع صور الزعماء وأعلام الدول العربية ، وفعلوا ذلك بكل همة وأريحية بالغة .. ولم تحتاج الدولة آنذاك لخطب أو بيانات حيث كان السودانيون بوعيهم السياسي المتقدم متابعين تماماً للأوضاع العربية وبوجه خاص في مصر وفلسطين وسوريا والأردن وكذلك لأهمية أنعقاد المؤتمر في هذه الظروف الدقيقة. وجعلت الحكومة يوم وصول القادة العرب عطلة رسمية لتمكين المواطنين كافة من استقبال الملوك والرؤساء والاحتفاء بهم ، حيث حملت الجماهير السودانية الأعلام وصور الزعماء العرب وأصطفوا لتحيتهم من مطار الخرطوم وحتى القصر الجمهوري ، كما تم تشكيل لجنة لتولي امر الصحافيين ووكالات الأنباء الذين جاءوا من عواصم الدنيا المختلفة لتغطية أعمال المؤتمر . وقد زاد عددهم آنذاك عن أربعمائة صحافي، ووجدوا كل التسهيلات اللازمة لاداء رسالتهم.
لقد تحول القليل لدى الكثيرين إلى ما هو وفير لأنه قٌٌدم عن حرص وأريحية ومعرفة وواجب ، ولذلك كبر أهل السودان في عيون العرب والصحافة العالمية والعربية لأنهم لم يعتادوا أن يستقبلوا بمثل هذه الحفاوة البالغة التي جعلتهم في أهمية ومكانة القيادات المشاركة في القمة . وقد نقلوا هذه الأنطباعات الإيجابية عن السودان وأهله ، قبل أن يتحدثوا عن المؤتمر وجدول أعماله وما دار خلف وأمام الكواليس.

إنعقاد القمة في مبني البرلمان:
في مبني البرلمان في وسط الخرطوم إنعقدت الجلسة الافتتاحية في يوم 29 أغسطس 1967م وذلك بعد ساعتين من اكتمال وصول الملوك والرؤساء العرب ، حيث حظوا باستقبال شعبي اختلط فيه الترحيب والسرور بالأمل والتصميم والعزم ليحقق القادة العرب ما تتطلع إليه الشعوب العربية من نتائج وقرارات تصد الانكسار وتزيل الاحباط والاحزان التي اجتاحتها بعد الهزيمة المريرة ، بل إن الجماهير السودانية الواعية لم تكتف باستقبالها العظيم للملوك والرؤساء العرب على طول الطريق من المطار إلى القصر ، وأنما أتجهت بوعي ونظام صوب المحطة الوسطى حيث اصطفت على طول الطريق وحول مبني البرلمان رافعة رايات الترحيب والتضامن وتحقيق النصر.
وترأس الرئيس اسماعيل الأزهري الجلسة وافتتحها بخطاب قصير رحب فيها بالملوك والرؤساء العرب. وشدد على قول: "إن اعين وأفئدة العرب اجمعين تتطلع إلى لقائكم هذا في بلدكم الخرطوم، وأن نكسة 5 يونيو 1967م لم ولن تستطيع كسر الإرادة العربية، وأنما على العكس تماماً وحدت العرب وقوت عزيمتهم وأظهرت صلابتهم، وأنهم قادرون على تجاوزها واسترداد الأرض العربية والقدس الشريف". وقد استغرق الخطاب نحو ثلاثة دقائق كدلالة على أن القمة للعمل وليست للخطب. وبعد خروج المراقبين والدبلوماسيين والصحافيين ، تحولت اعمال المؤتمر إلى جلسة مغلقة قاصرة على الملوك والرؤساء . وتحدث فيها رئيس الوفد السوداني في المؤتمر السيد محمد أحمد محجوب حيث اطلعهم بأيجاز وتركيز على القضايا التي أتفق وزراء الخارجية العرب لتكون اجندة القمة وهي :
1- تنسيق الجهود لازالة آثار العدوان الاسرائيلي بالعمل العسكري والإقتصادي والسياسي.
2- دراسة جادة لنقاط الضعف العربية التي أدت إلى النكسة " الهزيمة المريرة" لتفاديها مستقبلاً.
3- تصفية القواعد الأجنبية في البلاد العربية .
وشدد المحجوب بدوره على أهمية التضامن والوحدة العربية لمواجهة الخطر في هذه الفترة الدقيقة ، مجدداً القول أن العدوان الاسرائيلي يستهدف الإنسان والتراث والتاريخ وليس الأرض والجغرافيا.
وبعد ذلك أعلن الرئيس الازهري عن رفع الجلسة لحضور العشاء الذي أقيم على شرف الملوك والرؤساء العرب بالقصر الجمهوري .
عندما عاد الملوك والرؤساء العرب إلى مقارهم وجدوا ملخصاً لما دار في الجلسة المفتوحة والجلسة المغلقة ، ولما تناقلته الإذاعات ووكالات الأنباء العالمية عن وصولهم للخرطوم وعن الاستقبال الشعبي المذهل . لقد اعدها السفراء والصحافيين والإعلاميين وفي وقتها لم تكن هنالك فضائيات ولابث مباشر ولا كمبيوتر ومع ذلك كانت القدرات والخبرة السودانية ذات حضور كثيف ومتقدم ومتميز.

حديث المكاشفة والوقائع:
لأن القادة العرب تحولوا في الخرطوم إلى أسرة يحيطها الحب والدفء والاحترام والامل والثقة ، فأن إخاءً شفافاً ربط بينهم وتعزز بالحوار واللقاء المتواصل والاحترام المتبادل ، فجاءت جلسة القمة المغلقة في اليوم التالي وقد أخذت منحي جديداً غاب تماماً عن جلسات القمم العربية السابقة . حيث جاءت في قمة الخرطوم المصارحة والمكاشفة بلا تحفظ حيث سرد الملك الحسين عاهل الأردن حرب الأيام السته في الأردن والخسائر الفادحة التي مني بها بشرياً ومادياً من جراء العدوان الاسرائيلي ، وإن الأردن لا يملك الآن حتى مرتبات موظفي الدولة .
ثم تحدث الرئيس جمال عبدالناصر بصورة مطولة موضحاً كيف بدأت الحرب ، ومن أين جاءت المباغتة والخسائر الفادحة والجسيمة التي تعرضت لها مصر وشعبها من فعل العدوان.
ومن ثم جري التداول حول الوضع الخطير في مصر والأردن ولم يكن وقتها رئيس سوريا نور الدين الاتاسي قد شارك في القمة ، فاستمعت القمة العربية للسيد محمد أحمد محجوب رئيس وزراء السودان لانه كان آخر من زار سوريا وشاهدا على ما آل إليه حالها وقد احتلت القوات الاسرائيلية الجولان بكاملها . كانت احاديث الملوك والرؤساء في قمة الخرطوم في الجلسة المغلقة تتسم بالواقعية والتفهم والمشاعر المشتركة والإدراك التام لما ينبغي القيام به وإلا ضاع العرب كلهم .

تحديد الاسبقيات المطلوبة:
ترك الملوك والرؤساء العرب للسودان أن يتحمل أو ينوب عنهم في تحديد الاسبقيات وما ينبغي القيام به دون إبطاء أو تأجيل ، ورأي وفد السودان على هامش القمة وجوب معالجة مشكلة اليمن وتحقيق المصالحة بين الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز، وتم اللقاء في مساء متأخر في منزل السيد محمد أحمد محجوب بالخرطوم ، وأمكن التوصل إلى اتفاق حول النقاط التي وضعها السودان لوقف الحرب والتدخل من الطرفين في اليمن ، وسحب القوات المصرية وقوامها 60 ألف جندي من اليمن، حيث مكانها الطبيعي هناك للدفاع عن أرض وشعب مصر. كما تمت تسوية الجوانب المتعلقة بالوضع في اليمن بحيث يترك لأهل اليمن أن يقرروا بأنفسهم ما يريدون وأن يتولي السودان إقناع الرئيس عبدالله الشلال للتنازل عن الحكم والانتقال لمصر ليمهد بذلك لقيام مجلس سيادة يختاره زعماء اليمن. وجاء أعلان المصالحة بمثابة المفاجأة الكاسحة في مؤتمر صحفي عالمي ، فقد تم طي ملف الأزمة اليمنية وتعهد السودان بالإشراف على تنفيذ كل الخطوات بما فيها تحقيق المصالحة بين زعماء القبائل في اليمن لتحقيق الاستقرار المطلوب.
وأعتبر ما تحقق في الخرطوم انجاز كبير على طريق نجاح القمة العربية ، وكانت القضية التالية في الاسبقيات كيف يمكن أستخدام النفط العربي كسلاح لصالح القضية العربية والتفت القادة العرب للسودان وحده ليقول ما هو أجدى وأنفع حظر النفط ام ضخ النفط ؟
وكانت الغلبة لتوجه ضخ البترول ليكون سلاحاً نافذاً في دعم الصمود والتصدي العربي في وجه اعداء الأمة ، إلى جانب تحقيق الرخاء والتقدم العربي.
المحور الثالث
جهود السودان لتحقيق التضامن العربي

تميزت مواقف السودان ازاء قضايا الأمة العربية بالثبات والوضوح ، وأخذ زمام المبادرة دفاعاً عن الحقوق العربية ، ونبذا لعوامل الفرقة والشتات وإعلاءاً لرايات التضامن والوحدة العربية وتعزيزاً لاواصر الوئام والسلام .
وظل السودان منذ استقلاله في العام 1956م يسعي لدعم القضايا العربية في كافة المحافل والمؤتمرات العربية والاقليمية والدولية. كما ساهم السودان مساهمة فعالة في الحفاظ على الوحدة العربية وذلك من منطلق ارتباطه بالأمة العربية، فكان جهد السودان واضحاً ومتميزاً لجمع وتوحيد الصف العربي أبان نكسة 1967م ، حيث تم عقد قمة الخرطوم في نفس العام والتي نجحت في تضميد الجراح وعودة الروح للصف العربي، وخرجت هذه القمة باللاءات الثلاث المشهورة، وذلك تمهيداً لمواصلة النضال العربي ضد اسرائيل واسترداد الأراضي العربية المحتلة، وجاء تأثير ذلك واضحاً في حرب اكتوبر 1973م بعد ست سنوات فقط من حرب النكسة.

دور السودان في إنهاء أحداث ايلول الاسود (1970):
بعد هزيمه 67 توجه الفلسطينيون مع قياداتهم الى الاردن ... وبدؤا بتدريب الشباب الفلسطيني وتسليحهم. وانشئوا ميليشيات مسلحة لحماية المدنيين الفلسطينيين.
وكانت نذائر ايلول الاسود قد استفحلت.. ودخلت مرحلة اللاعودة بعد قصف عمان بالمدفعية الثقيلة، وبعد الاعلان عن محاولة اغتيال الملك حسين، كما عبر عن ذلك البيان الأردني الرسمي الذي صدر رسميا في الاول من ايلول/ سبتمبر عام 1970م. وقد جاء رد اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية في نفس اليوم نافيا صحة البيان الاردني مؤكدا انه مقدمه لفتنة كبرى تهدد بانفجار الوضع للوصول إلى تحقيق اهداف المحتل الصهيوني والامبريالية الامريكية من خلال تصفية الثورة الفلسطينية المسلحة التي تتخذ من الاردن قاعدة ارتكازية لتصعيد مسيرتها النضالية داخل الوطن المحتل.
وفي 7 ايلول/سبتمبر 1970، اختطفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ثلاث طائرات وفجرتها في مطار الزرقاء. وفي 16 ايلول/سبتمبر في العام 1970 هاجم الجيش الأردني القوات الفلسطينية في الأردن ، ووقعت اشتباكات بين الطرفين أسفرت عن سقوط ضحايا من كلا الجانبين وعرفت بأحداث "أيلول الأسود" وخلفت عشرات الآلاف من الضحايا.
وفي محاولة لتطويق الاحداث ومنع استفحالها قام عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بالدعوة لعقد جلسة خاصة لمجلس جامعة الدول العربية من اجل النظر في الحالة الراهنة في الاردن.
وقد حاول الزعماء العرب جاهدين لوقف هذا النزيف العربي ، فأوفدوا الرئيس جعفر نميري وبرفقته سعد العبد الله الصباح لانقاذ الراحل عرفات بعد احداث ايلول الاسود , فذهب النميري إلي عمان تحت قصف المدافع واتي بعرفات الي مصر دون علم الملك حسين الذي كان عازما علي القضاء عليه.
وبعد وساطات عربية ومن بينها الوساطة السودانية قررت المقاومة الفلسطينية في العام التالي الخروج من الأردن والانتقال إلى لبنان بعد أن نجح جغفر النميري من إنقاذ عرفات من الموت المحقق في عمان وتهريبه سرا إلى القاهرة، حيث حضر القمة العربية في سبتمبر 1970، فكانت أول قمة عربية تسلط فيها بقوة أضواء وفلاشات الكاميرات عليه.
وبهذا انتهت الاحداث باخراج عرفات من الاردن تحت عباءة سعد العبدالله وجعفر النميري .. عندما جازف سعد العبدالله وجعفر النميري بحياتهما ودخلا ذلك المكان المضطرب في ذلك الوقت .. واخرجا عرفات سالما خارج الاردن.

ايلول الأسود والانتقال الى لبنان:
مع انتقال المنظمة إلى لبنان، واصل "الثائر" أبو عمار رحلة الكفاح المسلح، فشرع في ترتيب صفوف المقاومة معتمدا على مخيمات اللاجئين. وفي السنوات التي أعقبت انتقال عرفات إلى بيروت نفذ مسلحون فلسطينيون ينتمون لفصائل مختلفة عمليات تفجير وخطف طائرات واغتيالات، من أشهرها عملية خطف وقتل 11 رياضياً إسرائيلياً أثناء دورة الألعاب الأولمبية التي أقيمت في ميونخ عام 1972.

دور السودان في حرب اكتوبر 1973م:
ظل السودان مناصراً لقضايا الأمة العربية وداعياً للوحدة حيث شكلت قضية الشرق الأوسط وقضية الشعب الفلسطيني محور ارتكاز في سياسة السودان الخارجية وفي تحركاته الخارجية في إطار العمل العربي المشترك داخل الجامعة العربية وفي منظماتها المتخصصة. وجاء دور السودان مناصراً لمصر باعتبارها قلب الأمة العربية فشارك بجيشه في حرب التحرير " اكتوبر المجيدة " والذي جاء متسقاً ومناصراً للجهود المصرية والسورية في إطار وحدة الصف والتكامل العربي ، فكان ان تحقق الإنتصار في اكتوبر 1973م. واستقبل الشعب السوداني ذلك الانتصار بالفرح والقبطة بارزاً انتمائه للامة العربية .
عند اعلان الدول العربية المصدرة للبترول في 7 أكتوبر 1973م عن استخدام سلاح البترول في خدمة الصراع مع العدو الإسرائيلي وذلك بتخفيض الانتاج بنسبة 5% شهرياً نشرت الصحافة السودانية هذا الخبر في مانشيتات ابرزت تضامن السودان مع اشقائه العرب ، وفي 4 نوفمبر من نفس العام اجتمع وزراء بترول الدول العربية في الكويت وقرروا رفع نسبة تخفيض انتاج البترول 25% بالإضافة إلي الـ 5% حتى يتم انسحاب اسرائيل من الاراضي العربية المحتلة ويحصل الشعب الفلسطيني على حقوقه المشروعة.

جهود السودان لإعادة التضامن العربي بعد كامب ديفيد:
دعا السودان الدول العربية منذ بداية اجتماع كامب ديفيد إلى دراسة ما سيسفر عنه من نتائج ، وعدم التسرع في اتخاذ مواقف انفعالية من شأنها تعميق الخلافات العربية . وقد ذكرت صحيفة الأيام السودانية في عددها الصادر في 14 نوفمبر 1977م " إن مصر تحركت وتتحرك نحو السلام وفق استراتيجية سياسية دقيقة الحسابات ، وذات خطط تكتيكية ذكية ، واشارت إلى موقف مصر الثابت من ضرورة الربط بين اتفاقيتي كامب ديفيد . وذكرت أيضاً "أن مصر كشفت بهذا الموقف على أنها لم تنوِ لحظة واحدة ان تبرم معاهدة سلام منفردة مع اسرائيل دون اعتبار للتسوية الشاملة للنزاع مع اسرائيل ، والتي تمثل الحقوق الفلسطينية جوهره".
ومن المعروف أن السودان تزعم لجنة للمصالحة العربية واعادة التضامن العربي بعد مبادرة القدس والتي لم تسفر للتوصل إلى نتائج ملموسة في هذا الاتجاه.
ونتيجة للموقف الذي ساد قمة بغداد من 2 إلى 5 نوفمبر وحضرته كل الدول العربية ما عدا مصر وما اسفر عنه من نتائج فضلاً عن إن انقضاء المؤتمر ازال الحساسية التي ربما كانت تشعر بها دول عربية أخرى مثل السودان ، حيث أرسل السودان في هذه القمة سفيره في مصر رئيساً لوفدها في المؤتمر.
وعقب عقد معاهدة السلام في مارس 1978م قام الرئيس جعفر نميري بجولة في عدد من العواصم العربية الشقيقة تنفيذاً لخطة التحرك التي اقرتها لجنة التضامن العربي في اجتماعها بالخرطوم في 22 ابريل 1978م وذلك ضمن الجهود المبذولة لاعادة وحدة الصف العربي وتهيئة الجو لعقد قمة عربية ، والتي بدأت بزيارة الرئيس نميري إلى دمشق والقاهرة في 3 مايو 1978م ، ونتيجة لهذه الزيارة ابدى الرئيس السادات عدم ممانعته لعقد مؤتمر القة العربية المقترح لإعادة التضامن العربي وتصفية الخلافات بين الدول العربية . وفي 5 مايو التقي الرئيس نميري الرئيس السوري حافظ الاسد ، وأكد الأسد على تأييد سوريا لشعار التضامن العربي وقال إن سوريا هي أول من رفع هذا الشعار باعتباره مطلباً عربياً قومياً تجاوب معه كل العرب.
وتابع العالم بإهتمام بالغ في ذلك الوقت جولات الرئيس جعفر نميري من اجل رأب الصدع في كيان الأمة العربية وإعادة التضامن العربي إلى ما كان عليه والتمهيد لعقد القمة العربية ، وفي ذلك الوقت قال الرئيس السادات: "إن نميري ذلل العقبات امام انعقاد مؤتمر القمة العربي" . وفي اطار جهد السودان لرأب الصدع التقي نميري بالأسكندرية في 8 مايو 1978م بالرئيس الصومالي سياد بري ، وفي 9 مايو بدأ جولته إلى كل من تونس والجزائر والمغرب وليبيا لاجراء مشاورات مع زعماء تلك الدول في نطاق مهمة لجنة التضامن العربي.
وقالت جريدة الصحافة السودانية في 10 مايو 1978م " أن جهود الرئيس نميري في إعادة الوفاق العربي والتي يقوم بها في صبر واناءة تحرز كل يوم تقدماً كبيراً رغم اتفاق المراقبين من مختلف العواصم العربية على صعوبة المهمة التي يقوم بها " وقد يصدر في أي وقت خلال اليومين القادمين ما يفيد بأعادة العلاقات إلى طبيعتها بين مصر وبعض الدول العربية التي قطعت علاقتها معها بعد اتفاق كامب ديفيد " .
وتلت تلك الجولة جولة أخرى إلى كل من السعودية واليمن ودول الخليج العربي ، ولأول مرة بعد احتدام الشقاق العربي وحلول القطيعة السياسية افلح السودان في اعادة لغة الحوار بين الدول العربية ، وهو حوار ظنه البعض أنه مستحيل ، حيث لم يكن الأمر في نظر الكثيرين اكثر من محاولة جديدة للدق على جدار الخلافات العربية السميك ، بينما رأت لجنة التضامن العربي برئاسة الرئيس جعفر نميري غير ذلك مع الاعتراف بصعوبته .
ولقد بدأ السودان التحرك على أساس تحقيق ثلاثة أهداف عملية أقرتها لجنة التضامن العربي وتشتمل :
أولاً: إعادة العلاقات إلى طبيعتها بين مصر وكل من سوريا والعراق والجزائر وليبيا واليمن الجنوبية ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ومن المعروف أنه تم قطع هذه العلاقات منذ أيام مؤتمر طرابلس في ديسمبر 1977م.
ثانياً: وقف الحملات الإعلامية التي لم تؤد إلا لتعميق الخلافات .
ثالثاً: الاتفاق على عقد مؤتمر قمة عربي يدور فيه حوار موضوعي وتقرر فيه استراتيجية ملزمة لكل الأطراف فيما يتعلق بالمرحلة المقبلة من الصراع العربي الإسرائيلي.
وكانت هذه الأهداف الثلاثة بمثابة اجندة في مباحثات الرئيس نميري مع القادة العرب ، والتي افلحت في كسر الجمود في العلاقات العربية ، وثبت بما لا يدع مجالاً للشك التفاؤل السوداني كما عبرت عنه احدى الصحف العربية في ذلك الوقت بأنه " كان في محله " وان المسألة ليست مجرد تفاؤل عاطفي بل هو نضال شاق للوصول إلى هدف مرسوم .
وفي 6 يونيو 1978م اكد الشيخ جابر الاحمد الصباح امير الكويت تأييده ودعمه لجهود الرئيس نميري الكبيرة في تحقيق التضامن العربي ، مشيدا بما يتحمله السودان من اعباء الامة العربية وذلك خلال المباحثات التي أجراها مع الرئيس نميري في الكويت .
وذكرت جريدة الصحافة السودانية خلال انعقاد اجتماعات لجنة التضامن العربي في الخرطوم في 17 يونيو 1978م قول السيد محمود رياض امين عام جامعة الدول العربية في ذلك الوقت" إن اللجنة قد اشادت بالجهد الكبير الذي بذله الرئيس نميري من اجل تحقيق التضامن العربي".
وقد بذل السودان جهوداً كبيرة لتنزيل فكرة التضامن والوحدة العربية علي أرض الواقع فكانت فكرة الاتحاد الثلاثي في العام 1970م بين كل من مصر وليبيا والسودان. كما جاءت فكرة التكامل السوداني المصري أبان زيارة الرئيس نميري إلي سيناء المحررة عقب الانتصار في حرب اكتوبر 1973م كأول رئيس عربي يزور سيناء بعد التحرير، وكان منهاج العمل السياسي والتكامل الاقتصادي بين السودان ومصر والذي تم توقيعه في 11 فيراير 1974م بمثابة ضربة البداية والتي ادت إلي توقيع ميثاق التكامل بين مصر والسودان في 12 أكتوبر 1982 في الخرطوم علي يد الرئيسين جعفر نميري ومحمد حسني مبارك ، وفي 23 أكتوبر 1982 قرر الرئيسان نميري ومبارك تشكيل المجلس الأعلي للتكامل والبدء في إنشاء وتنفيذ مؤسسات التكامل وتم الانفاق علي إن يكون الأمين العام سوداني وتم إختيار ابوبكر عثمان صالح لهذا المنصب.
ورغم المعوقات التي واجهت عملية التكامل إلا انه كان بمثابة لبنة أولي قام بها السودان ومصر لتحذو بقية الدول العربية حذوها ، ويعتبر بكل المقاييس جهداً مقدراً من جانب كل من السودان ومصر لخلق جو للتضامن والوحدة العربية.

المحور الرابع
أثر حرب الخليج الأولى والثانية على العلاقات العربية

حرب الخليج الأولي:
ظل العالم العربي والإسلامي يواجه الكثير من النكبات والمؤامرات التي تحاك ضده، لكي يظل غير قادر على التطور والنهوض باعبائه، وبذلك تضمن اسرائيل الحليف الإستراتيجي للاستعمار الغربي الأمان وتظل جاثمة على صدر الأمة العربية، لذلك افتعل الاستعمار الغربي والذي يأتي بصور متجددة الأزمات والحروب بين الأشقاء العرب والمسلمين، فاستغل الأثنيات والعصبيات أسوأ استغلال في اذكاء نار الحروب والفتن .
فعمل الغرب جاهداً على بذر روح الفتنة بين العراق وايران الدولتين المسلمتين فأشتعلت الحرب في أغسطس من العام 1982م . وكان السودان في تلك الفترة يسعى جاهداً لجمع الصف العربي وأعلاء روح التضامن بين الدول العربية ومناصرتها ولم الشمل العربي واحلال السلام . فقام السودان بطرح مبادرة للحل السلمي بين العراق وإيران في إطار مساعيه ودعوته للحوار وتحقيق السلام.
وعلى الرغم من طلب العراق لتنفيذ اتفاق الدفاع العربي المشترك ، بذل السودان كثير من المساعي لايقاف الحرب والتي لم تكن تصب إلا لصالح الاستعمار الغربي ودولة الكيان الصهيوني .
وتعتبر حرب الخليج في مجملها طوقاً من أطواق الصهيونية العالمية ضرب على عنق الأمة العربية والإسلامية الناهضة باعباء رسالة التبليغ لخلاص البشرية من عبودية العباد إلى رحاب الحياة المتوازنة مادة وروحاً.

ظلال حرب الخليج الثانية:
ما أن انتهت حرب الخليج الأولى بين العراق وأيران حتى اندلعت شرارة الحرب مرة ثانية بمؤامرة وأيعاز غربي عقب اجتياح القوات العراقية للكويت.
وخيمت حرب الخليج الثانية بظلالها الكثيفة على العلاقات العربية من جهة والعلاقات العربية السودانية من جهة أخرى .
وقد ظلت علاقات السودان باشقائه العرب محل تقدير السودان وحكوماته المتعاقبة ، والتي كان يسعى دائماً إلى تعزيزها ، وتمتين أواصر الأخوة والتضامن العربي.
وعلى الرغم من ان موقف السودان كان واضحاً برفضه للتدخل الأجنبي في المنطقة العربية ، وإبداء السودان رايه بتأييده للحل العربي العربي .. لكن الآله الاعلامية الغربية حرفت ذلك الموقف مستغلة ادانة الرأي العام السوداني للوجود الأجنبي وصورته على أنه انحيازاً للعراق ضد الكويت، فتم تصنيف السودان ضمن دول الضد، حيث جمدت الكويت علاقاتها مع عدد من الدول العربية من بينها السودان عقب اجتياج العراق للكويت في أغسطس 1990م والذي استمر 7 أشهر مما إدى إلى اندلاع حرب الخليج الثانية.
وقد ظل السودان يسعى لتوضيح موقفه المبدئي والصريح في هذا الشأن إلا أن الظروف والملابسات في ذلك الوقت لم تمكنه من ابراز موقفه بالصورة المطلوبة.
وبعد انفراج علاقات السودان مع عدد من الدول العربية ، بدأ السودان جاداً في إعادة علاقته مع الكويت بعد ثماني سنوات من القطيعة . حيث سعي السودان بواسطة دبلوماسيته الرسمية والشعبية لكشف الحقائق وتوضيح موقفه ومد جسور الثقة ، حتى افلح اخيراً في كسر الجمود واصلاح علاقاته مع الكويت . فقام دكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية في ذلك الوقت بزيارة إلى دولة الكويت في 29 مايو 1998م في إطار سعي السودان لمقاربة وجهات النظر ، ونجح السودان في اعادة جسور الثقة بينه والكويت .
وصرح وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الأحمد الصباح بعد لقائه بالدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية قائلاً : " إن ظروفنا تحتم الان ان يتقارب العالم العربي مع بعضة خصوصاً ظروف التعنت الأسرائيلي وهذا ما يدفعنا إلى أن لا نكون معطلي لم الشمل العربي ".
واشار إلى إنه لم يعد هناك شيء إسمه دول الضد . وقال أن علاقة الكويت مع الدول التي كانت تسمى دول الضد لم تقطع دبلوماسياً وانما هناك سفارات بدون سفراء ، واكد أن الأمر لن يطول حتى ترجع العلاقات كما كانت عليه، مبدياً ترحيبه باعادة العلاقات السودانية الكويتية ، وقد ظلت العلاقات الدبلوماسية بين السودان والكويت أبان فترة القطيعة على مستوى قائم بالأعمال.
وفي 26 يوليو 1998م في الزيارة الثانية للدكتور مصطفى عثمان إسماعيل للكويت اتفق وزيري خارجية البلدين على إعادة فتح السفارة السودانية في الكويت .
وشهدت العلاقات السودانية الكويتية منذ تلك الفترة تطورات ملحوظة حيث تم بالفعل في 22 يناير 1999م إعادة فتح السفارة السودانية في الكويت ورفع العلم السوداني عليها.
والذي لم تدركه الكويت ابان فترة القطيعة السياسية أن علاقة السودان مع أي دولة عربية لم تكن في يوم من الأيام خصماً على العلاقات السودانية الكويتية، وبقدر ما وقفت الكويت مع السودان كان للسودان اسهاماً مقدراً في النهضة الكويتية ، فالعلاقة السودانية الكويتية تجذرت وأمتدت خلال عقود من الزمان ففي عهد مايو شيدت الكويت منشأت كثيرة في السودان من بينها المشروعات الاستثمارية والخيرية كمصنع سكر كنانه ومستشفي الصباح في جوبا وغيرها من المشاريع .
وفي يوليو 1999م تسلم سمو الشيخ جابر الأحمد الصباح امير الكويت رسالة خطية من الرئيس البشير سلمها له الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل وزير الخارجية أبدى فيها البشير ارتياحه لعودة العلاقات بين البلدين، مؤكداً أن السودان ظل يسعى لمد جسور الصداقة والأخاء والتضامن العربي.
وقد بادر الكويت ابان كارثة فيضانات 1988م بتقديم العون الإنساني للسودان ، فاقامت الكويت جسراً جوياً لاغاثة منكوبي الفيضانات . كما ساهم السودان في النهضة الكويتية ، بارسال الخبرات والدعم الفني للكويت.
وانتهت حرب الخليج الثانية وحصدت الولايات المتحدة غنائمها من زرعها للفتنة والفرقة بين الأشقاء العرب لتحول بينهم وبين امالهم في التوحد والتطور ، حيث تمكنت في غفلة من السيطرة على العالم العربي والاستيلاء على سلاح قوتها وهو البترول . ولهذا كان موقف السودان واضحاً ضد التدخل الأجنبي في العالم العربي .
وما أن انتهت حرب الخليج الثانية حتى افتعلت الولايات المتحدة الأمريكية أزمة جديدة وهي امتلاك العراق لاسلحة دمار شامل وذلك بهدف استعمار الدول العربية واستغلال ثرواتها وتدمير البني التحتية تحت شعارات محاربة الأرهاب والتحرر والديمقراطية ، ولكن الهدف الذي تخفيه هو ضمان الأمن والسلام لدولة اسرائيل المزروعة في قلب العالم العربي.
وقد تضرر العالم العربي من آفات هذه الحروب والخلافات السياسية والمؤامرات المفروضة عليه من الخارج تنفيذاً لاجندة خاصة بالغرب . كما تضرر السودان كثيراً من هذه المقاطعة مما أعاق النهضة والتعمير.


المحور الخامس
اسهام السودان في معالجة قضايا لبنان

بذل السودان مع اشقائه العرب جهوداً متواصلة لايقاف الحرب في السبعينات من القرن الماضي بين الاشقاء اللبنانيين وإصلاح ذات البين فيما بينهم . وقد عاني الشعب اللبناني معاناة كبيرة من هذه الحرب الاهلية والتي كادت أن تمزق أوصاله ووحدته.
وكان للسودان شرف المشاركة في قوات الردع العربية والتي اقرت الدول العربية ارسالها الى لبنان للعمل على وقف الحرب الاهلية ، حيث شارك السودان بلواء كامل من قواته المسلحة وساهم مساهمة فعالة مع القوات العربية الاخرى في إيقاف نزيف الدم العربي في لبنان.
وتواصلت جهود السودان ولم تنقطع للمساهمة في حل قضايا لبنان في اطار مناصرته للقضايا العربية ، وعلى اثر توتر العلاقات بين لبنان وسوريا عقب حادثة اغتيال رئيس وزراء لبنان الاسبق رفيق الحريري، فقد تقدم السودان بمبادرة لتقريب وجهات النظر بين لبنان وسوريا، وابتعث الرئيس عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية مستشاره للشئون الخارجية الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل إلى لبنان وسوريا ، حيث التقي بالرئيس اللبناني أميل لحود وسلمه رسالة من الرئيس البشير تضمنت المساعي بشأن ازالة حالة التشنج بين لبنان وسوريا .
وتضمنت المبادرة والتي تقوم على تسهيل معرفة الحقيقة في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري مع الحفاظ على المهنية في التحقيق وعدم استغلال عمل لجنة التحقيق لتمرير أجندة أخرى تستهدف سوريا ، وازالة الفتور في العلاقات اللبنانية السورية لما فيه مصلحة البلدين.
كما كشف الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية للشئون الخارجية ومبعوثه إلى لبنان انه حمل رسائل إلى المسئولين اللبنانين من الرئيس السوري بشار الأسد، تعبر عن خشية سوريا من استغلال قضية اغتيال الحريري من قبل أطراف غير لبنانية ضد دمشق. كما التقي د. مصطفى اسماعيل مع رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيوره في نفس الإطار .
واعرب الرئيس اللبناني لحود عن ترحيب لبنان بالتحرك السوداني الاخير الهادف إلى تقريب وجهات النظر وتنقية الاجواء بين لبنان وسوريا قبل انعقاد القمة العربية المقبلة في الخرطوم في مارس 2006م. واكد الرئيس أميل لحود لمبعوث الرئيس البشير أن لبنان يتمسك بكشف ملابسات اغتيال الرئيس رفيق الحريري ، وهو يتعاون لهذه الغاية مع لجنة التحقيق الدولية ، فيما يواصل القضاء اللبناني القيام بواجباته في هذا المجال.
وأشار لحود إلى ان حرص لبنان على معرفة الحقيقة يوازيه أيضا حرص مماثل على عدم استغلال هذه الجريمة النكراء للأساءة إلى الوحدة الوطنية اللبنانية وأستهداف الأمن والاستقرار فيه وخدمة مصالح تضر بلبنان وتخدم أعداءه، وشدد الرئيس اللبناني على أهمية استمرار العلاقات المميزة بين لبنان وسوريا المبنية على الاخوة والتعاون . واكد الرئيس لحود أن لبنان لن يقبل أن يكون ممراً لتمرير سياسات تهدد الدول والشعوب العربية وأمنها وسلامتها ومصالحها وذلك حفاظاً على مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين من جهة وتعزيزاً للتضامن العربي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة الحافلة بالتحديات والمخاطر من جهة ثانية.
وحمل الرئيس اللبناني الموفد الرئاسي السوداني رساله شفوية إلى الرئيس البشير شكره فيها على مبادرته وعلى الإهتمام الذي يبديه بالوضع في لبنان ، مؤكداً العمل على توفير المناخات الايجابية التي تحقق النجاح للقمة العربية المرتقبة في السودان في شهر مارس المقبل.
من جانبها اشادت أجهزة الاعلام والصحافة اللبنانية بالمبادرة السودانية ووصفتها بأنها جاءت لتنقية الأجواء العربية عموماًَ والسورية واللبنانية خصوصاً وأنها لاقت الكثير من الارتياح والتجاوب في الأوساط الرسمية والشعبية اللبنانية لما تضمنته من حسن نوايا ورغبة أكيده في انهاء التشنج بين البلدين والإفساح في المجال امام قمة عربية مقبلة خالية من التعقيدات والمشاكل .
واكد د. مصطفى عثمان أن الجهود السودانية المبذولة حظيت بمباركة عربية واسعة لأنها تصب في خانه تخفيف حدة التوتر والتأزم الموجودين في المنطقة ككل، وهذه الجهود تأتي انطلاقاً من شعورنا بأن الأمن القومي كل لا يتجزأ سواء كان في السودان أو لبنان أو سوريا.

المحور السادس
دور السودان في تحقيق المصالحة الصومالية

ظل السودان يقدم الدعم للقضية الصومالية حيث جدد تأكيده على التزامه المستمر لدعم الجهود الرامية لبسط وإحلال السلام في الصومال في إطار المحافظة على وحدته واستقراره وسلامته الإقليمية ، ففي يونيو 1993م عندما دخلت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة مقديشو بحجة تأمين وصول المساعدات والمؤن الغذائية إلى الشعب الصومالي الذي عاني من الحرب الأهلية، دارت معارك قتل فيها عدد من الصوماليين وقوات الأمم المتحدة.
وفي هذا المنعطف الخطير دعا السودان الدول الإسلامية ودول العالم الثالث وخاصة باكستان إلى سحب قواتها من المشاركة في عملية الامم المتحدة في الصومال.
ووصف الرئيس البشير الاحداث في مقديشو بانها مؤامرة على الشعب الصومالي معتبراً أنه لا ينبغي على الدول الإسلامية ودول العالم الثالث المشاركة فيها، وقال البشير: إن أول نزول للقوات الأمريكية في الصومال حدث مباشرة بعد أن اختار الشعب الصومالي الشريعة الإسلامية لنظام حكمه ، وظل السودان يساند الصومال في قضيته إلى ان زادت الاصوات التي تطالب بانهاء مهمة تلك القوات لما سببته من خسائر كبيرة في الأرواح.
كما ناشد السودان التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الأرهاب على عدم ضرب ومهاجمة الصومال بسبب مخاوف من إحتمال أيوائه متشددين اسلاميين. وقال السودان أن ذلك لن يسبب سوى معاناة للمدنيين .
واوضح السودان في اجتماع اقليمي لدول المنطقة لانهاء عقد من الحروب في الصومال عقد في فبراير 2002م بنيروبي إن التحالف الغربي يجب أن يمنح الفرصة لدول الجوار ولاقناع الفصائل الصومالية بتشكيل حكومة وحدة وطنية. كما أجرى السودان عدة إتصالات مع الجهات المعنية بالشأن الصومالي حرصاً منها على عدم توجيه ضربة للصومال الذي يتمتع بعضوية منظمتي الايقاد والساحل والصحراء .
وناشد السودان بصفته رئيساً للايقاد والساحل والصحراء في ديسمبر 2002م الولايات المتحدة والدول الغربية تجنب القيام بأي اعمال عسكرية في الصومال ، وفي بيان أصدره في الخرطوم في ديسمبر 2002م دعا السودان الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي والقوى الاقليمية بالتعاون مع الحكومة الصومالية التي اكدت استعدادها للتعاون مع الجهود الدولية للتحقيق والتخلص من أي معسكرات أرهابية ، وناشد البيان منظمة الوحدة الافريقية والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والأمم المتحدة للوقوف مع الصومال ودعمه ومساندته في ظل الظروف البالغة الخطورة التي يمر بها ، وذكر البيان أن الشعب الصومالي بحاجة إلى السلام وليس مزيداً من الحروب والدمار بعد ان قاسي مرارات الحروب والضربات العسكرية.
وفي هذا الصدد اعلن السودان دعمه وتأييده للمبادرة الجيبوتية الرامية لإحلال السلام والاستقرار في الصومال حيث أعرب في بيان له بمناسبة عقد الجمعية الوطنية الإنتقالية الصومالية أولى جلساتها في أغسطس 2000م عن امله في أن يكون ذلك بداية لعودة دولة الصومال المستقر إلى الوجود بعد أن دمرته الحرب الأهلية، ووصف السودان في بيانه المبادرة الجيبوتية بالشجاعة وثمن دور الرئيس الجيبوتي اسماعيل عمر قيلي وبلاده التي أخذت على عاتقها إستضافة مؤتمر المصالحة والقيام بدور نشط في إجراء المشاورات التي أفضت لقيام البرلمان الصومالي الانتقالي.
وفي ابريل 2001م قرر السودان إيفاد مبعوث خاص للسلام في الصومال في إطار جهوده لإحلال السلام في الصومال حيث عبر الرئيس الصومالي عبده قاسم صلاة عن ترحيب بلاده بالمبعوث السفير السوداني على عبدالرحمن النميري، واكد السودان في هذا الصدد استمرار جهوده من اجل اعمار وإعادة بناء الصومال وحرصه على استتباب امنه واستقراره ، وذكر أن مساعيه ستتصل مع كل الاطراف من اجل الوصول إلى مصالحة شاملة.
وأجرى المبعوث عده لقاءات مع المسئولين الاثيوبيين تركزت حول إيجاد حل للازمة في الصومال وسبل احلال السلام في الصومال وجمع الأطراف السياسية المتناحرة فيه.
ويأتي التحرك السوداني باتجاه الصومال انفاذاً لتوجيهات وقرارات القمة الثامنة للايقاد التي عقدت بالخرطوم في نوفمبر 2000م والتي اقرت إشراف السودان على لجنة مكونة من أطراف الحوار الصومالي لاستكمال المصالحة فيه ويستهدف التحرك بشكل اساسسي إيجاد حل للازمة الصومالية المتفجرة منذ انهيار نظام الرئيس سياد بري في ابريل 1991م وذلك من خلال عدة محاور هي بلورة رأي موحد بين الأطراف الصومالية المختلفة والقوى الإقليمية المعنية بالأزمة الصومالية توطئة لإكمال صيغة المصالحة الصومالية التي اقرت في مؤتمر عرته في جيبوتي في مايو 2000م ، والاتفاق على آلية لاحلال السلام في الصومال لجمع أطراف (الفصائل الصومالية) المتناحرة بما فيها الحكومة الانتقالية.
وفي مجال العلاقات الثنائية بين السودان والصومال وقع السودان عدة اتفاقيات مع الصومال ففي مارس 2003م وقع البلدان اتفاقية للتعاون المشتركة في مجال الزراعة حيث نصت الاتفاقية على التعاون في إطار توفير التقاوي المحسنة للذرة والسمسم لمعاونة الصومال في زيادة الإنتاجية بجانب تبادل الخبرات في المجال الزراعي والتنسيق المشترك بينهما، كما وقع السودان مع الصومال في مارس 2005م اتفاقية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي ونصت على تبادل الزيارات بين المسئولين وأعضاء هيئة التدريس والباحثين، وخلال زيارة وزير داخلية الصومال للسودان في مايو 2003م تم إبرام اتفاقية في المجال الامني والشرطي بين البلدين حيث اثني الوزير الصومالي على المجهودات والمساعي التي يبذلها السودان في المجال الدبلوماسي والسياسي التي من شأنها أن تساهم في توحيد الفصائل الصومالية ووقف الإقتتال فيما بينها بغرض تحقيق الاستقرار وبسط الأمن ، كما ثمن الوزير مواقف السودان الداعمة والمساعدة للصومال في المحافل الإقليمية والدولية، واعرب عن شكر وتقدير حكومة وشعب الصومال لما ظل يقدمه السودان من استقبال للطلاب الصوماليين للإلتحاق والدراسة بالجامعات السودانية وتخريج العديد من الضباط بالكلية الحربية وكلية الشرطة ، كما شارك الصومال في فعاليات الخرطوم عاصمة للثقافة العربية 2005م .
وفي يناير 2006م وقع السودان والصومال بالخرطوم مذكرة تفاهم للتعاون بين البلدين في كافة المجالات واوضح وزير الدولة بالخارجية السماني الوسيلة ان المذكرة تعتبر نتاجاً لجولة المباحثات التي تم عقدها بين رئيسي البلدين على هامش قمة الاتحاد الافريقي في يناير 2006م والتي تم فيها الاتفاق على دفع مسيرة التعاون بين البلدين خاصة بعد المصالحة في الصومال التي تشهد الآن ترتيب الأوضاع الداخلية ليلعب شعبها دوره في القارة بعد إيقاف معاناته، وأعرب الوسيلة عن امله في ان تسهم علاقات البلدين بعد التوقيع على الاتفاقية في استقرار الصومال واشاد وزير خارجية الصومال عبدالله الشيخ اسماعيل بمستوى العلاقات بين السودان والصومال، معتبراً ان توقيع المذكرة يجيء تجديداً وتوثيقاً لعرى العلاقة الأزلية بين البلدين مؤكداً سعي بلاده للمضي قدماً في طريق المصالحة وإنشاء مؤسساتها الدستورية لإعادة البناء والرخاء للمواطن الصومالي.
وفي إطار مساهمته في إحلال السلام في الصومال اعلن السودان ويوغندا في بيان صدر في ختام إجتماع مجلس وزراء الهيئة الحكومية للتنمية ايقاد بنيروبي في مارس 2005م عن موافقتهما على نشر قوات حفظ سلام من الدولتين في الصومال، حيث يتم نشر كتائب حفظ السلام على مراحل وتقوم بهذه المهمة مبدئياً يوغندا والسودان وتشارك باقي الدول الأعضاء في المرحلة الثانية من خلال توفير الدعم اللوجستي والمعدات والمعونات الطارئة وتدريب الجيش والشرطة في الصومال تعزيزاً لرغبة الحكومة الصومالية للمساعدة في نقل مقر الحكومة المؤقت من كينيا المجاورة إلى بلادها. إلا أن بعض أمراء الحرب الصوماليين والولايات المتحدة وبعض الدول المانحة الاخرى عارضت مشاركة قوات من جيبوتي واثيوبيا وكينيا ، وذكر محللون ان وزراء خارجية إيجاد رضخوا لضغوط الدول المانحه وامراء الحرب الصوماليين واستبعدوا إرسال قوات من دول خط المواجهة لحفظ السلام في الصومال .
في ظل دعم السودان للصومال قام مبعوث السودان للصومال بزيارة لاثيوبيا في ديسمبر 2001م للبحث مع اللجنة المشتركة لشركاء ودول الأيقاد حول قضية توحيد الفصائل الصومالية المتنازعة والتحفيز لعقد قمة ايقاد في الخرطوم مطلع 2002م ، وذكر مبعوث السودان إن مباحثات اللجنة بين كل من اثيوبيا، كينيا وجيبوتي تأتي في إطار التنسيق والتشاور بين دول الجوار الصومالي ودول الايقاد بشأن تحقيق السلام في الصومال. كما تم عقد مؤتمر للمصالحة الصومالية في الخرطوم في يناير 2002م بمشاركة دول وشركاء الايقاد والجهات المهتمة بالشأن الصومالي .
في يناير 2002م عقد مؤتمر الايقاد التاسع بالخرطوم حول الصومال واعلن الرئيس عمر البشير لدى مخاطبته المؤتمر حرص السودان على الجهود الخيرة التي يبذلها ابناء الصومال وجيرانه والحادبون على استقراره وامنه والخطوات الهامة التي اتخذت في سبيل عودته لممارسة دوره على نطاق الأقليم وفي محيطه العربي والافريقي واوضح البشير إن السودان قام برعاية التحركات والجهود التي بذلها مبعوثه الخاص بالصومال مشيرا إلى أنه ايماناً منه بضرورة استكمال حلقات المصالحة الشاملة للاخوة في الصومال وإعادة الأعمار فيه لنثبت للعالم أجمع أننا قادرون على بناء سلام ومصالحة وحل المشاكل وتجاوز الخلاف في إطار البيت الواحد ، واعلن دعم السودان لتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة في الصومال واستتباب الأمن والاستقرار في دول المنطقة والإتجاه لتسخير موارده من أجل التنمية والإعمار والتكامل الاقتصادي.
كما أجتمع المبعوث السوداني للصومال بالأمين العام لمنظمة الوحدة الافريقية وشرح له الجهود التي بذلها السودان للوصول إلى حل سلمي للقضية الصومالية ونقل رسالة من د. مصطفى عثمان وزير الخارجية إلى وزير خارجية اثيوبيا تتعلق بالقضية الصومالية وجهود السودان بصفته الرئيس لمنظمة ايقاد بشأن مقررات قمة الخرطوم المنعقد بتاريخ يناير/2002م بشأن الصومال.

المحور السابع
المؤتمر البرلماني العربي فبراير 2002م
مناصراً للقضايا العربية
تصدر إعلان الدعم الشعبي للانتفاضه الفلسطينية وادانة السياسة الامريكية المؤيدة للحصار الاسرائيلي للشعب الفلسطيني فاتحة اعمال المؤتمر البرلماني العربي الذي انعقدت فعالياته بالخرطوم في فبراير 2002م. حيث خصص البرلمانيون العرب مؤتمرهم لمناقشة اربع قضايا رئيسية هي أسهام البرلمانيين العرب في مساندة كفاح الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة، والبرلمان العربي الموحد والخطوات التنفيذية لاقامته ، ودور البرلمانيين العرب في مكافحة الارهاب، وهجرة الادمغة العربية ووضع سياسة واضحة لاستيعاب تلك الكفاءات والحد من هجرتها للخارج .
ودعا المؤتمر الي اعتبار الاتحاد البرلماني العربي نواه للبرلمان العربي الموحد ووضع مشروع عملي لاقامته. كما أكد مساندته بقوة إلى إقامة "البرلمان العربي الموحد" واتخاذ جميع المبادرات والخطوات السياسية والتشريعية اللازمة لتحقيق هذا الهدف القومي الكبير. وتم طرح موضوع "البرلمان العربي الموحد" مجدداً كبند مستقل في جدول أعمال المؤتمر العاشر للاتحاد الذي عقد بالخرطوم (فبراير2002م) تحت عنوان "البرلمان العربي الموحد": اقتراحات ملموسة حول هيكلية البرلمان الموحد والخطوات التنفيذية لإقامته.
ويأتي طرح البرلمان العربى الموحد في مؤتمر الخرطوم في إطار تنفيذ قرار المؤتمر العاشر للاتحاد وتتويج جميع الجهود التي بذلها الاتحاد خلال أكثر من عقدين لإخراج هذا المشروع إلى حيّز الوجود وتجسيده على أرض الواقع.
وكما بدات جلسات المؤتمر مشتعله اختتمت ايضا باكثر سخونة وهذا ما عكسه البيان الختامي للمؤتمر وعدد التوصيات الصادرة عنه والبالغة 71 توصية ولعل زيادة عدد التوصيات يعكس اصرار كل دولة بالاتحاد علي ادراج مطالبها ودعوة الاخرين لتبني موقفها السياسي .جاء تاكيد المؤتمر علي احياء التضامن العربي حماية للمصالح العربية المشتركة وحفاظا علي امنها القومي ومقومات تنميتها الاقتصادية الشاملة وضمان استقرارها الداخلي ولا ينفصل عن هذا تحقيق المصالحة العربية الشاملة وحل الخلافات البينية في اطار الجامعة العربية واعطي المؤتمر دفعة قوية لسياسة عمرو موسي امين عام جامعة الدول العربية ، حيث اعرب عن تقديره لبرنامج تطوير الجامعة وانظمة العمل المشترك الداعية لتعزيز دور مؤسسات العمل العربي المشترك.
كما حث المؤتمر علي وضع التشريعات اللازمة لدعم الحريات العامة وتوسيعها وحماية حقوق الانسان وترسيخ الديمقراطية في الوطن العربي وضرورة العمل علي تطبيق المراحل المتقدمة لاقامة السوق العربية المشتركة الكبري ومنطقة التجارة الحرة العربية .
وحول القضية الفلسطينية اعرب البرلمانيون العرب عن تأييدهم المطلق للانتفاضة ومساندتها الكاملة وادانة حرب الارهاب والابادة من اغتيال وتجويع وتدمير واغلاق وحصار والتي تشنها حكومة شارون ضد الشعب الفلسطيني ، وكما ادانوا مخططات شارون للتهجير القسري للفلسطينيين الي الاردن، وكما تم ادانت مواقف واشنطن التي تفتقر لاية منطق ونزاهه لقراءتها المعكوسة للواقع ، والتأكيد علي ان اية تسوية يجب ان تتضمن الانسحاب الاسرائيلي الكامل وغير المشروط من جميع الاراضي العربية المحتلة في فلسطين والجولان وبقية جنوب لبنان .
وتضامنا مع سوريا اكد المؤتمر دعمه الحازم ومساندته الكاملة في حقها العادل باستعادة كامل الجولان والوقوف بجانب المواطنين العرب في الجولان في تصديهم للاحتلال وممارساته القمعية وعدم الاعتراف باية اوضاع تنجم عن النشاط الاستيطاني الذي يعد من جرائم الحرب وفقا لاتفاقيات جنيف مما يستدعي وقف جميع هذه الانشطة.
وفيما يتعلق بلبنان طالب المؤتمر الدول العربية الاسراع بالتزاماتها المالية المقررة للبنان في القمم العربية من أجل ازالة اثار الاحتلال في جنوبه، وكما طالب المؤسسات الدولية الانسانية والامم المتحدة بالتدخل لفك اسر المعتقلين اللبنانيين وكشف مصير المفقودين منهم .
كما دعا المؤتمرالي تشكيل محكمة جنائية دولية لمحاكمة مجرمي الحرب الصهاينة الذين ارتكبوا مجزرة قانا والمجازر الاخري واجبار اسرائيل علي دفع تعويضات للبنان عن الاضرار التي سببتها له باحتلاله سنوات طويلة .
ولاول مرة عبر المؤتمر مازق التوصيات الخاصة بالحالة بين العراق والكويت، حيث رفض تقسيم العراق وطلب رفع الحصار عنه وبالنسبة لقضية الاسري والمفقودين الكويتيين طالب بتنفيذ ما اتخذ من قرارات في توصيات سابقة.
وعن ليببا طالب الاتحاد البرلماني العربي برفع الحظر المفروض علي الجماهيرية بصورة نهائية بعد ان اوفت بالتزاماتها كامله.
وابدي المؤتمر تضامنه الكامل مع السودان ضد جميع الاخطار التي تستهدف وجوده الحضاري وثرواته ، وأكد رفضه لاية تدخل في شئون السودان الداخليه .
كما أكد علي سيادة دولة الامارات علي جزرها المحتلة، ودعا ايران الي قبول دعوة الامارات لحل القضية سلميا بطريق التفاوض او احالتها الي محكمة العدل الدولية.
ورحب بعودة الاستقرار للصومال، ودعا الحكومات العربية الي دعم الصومال في اعادة بناء مؤسسات الدولة والبنية التحتيه المنهارة
وطالب المؤتمر اسبانيا بالدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب لحل قضية المدينتين المحتلتين سبته ومليله والجزر الجعفرية لاعادة الحقوق المشروعة والثابته للمملكة المغربية .
وفي قضية الارهاب تبني المؤتمر دعوة الرئيس مبارك لعقد مؤتمر دولي لمكافحة هذه الظاهرة وضرورة التمييز بين الارهاب ونضال الشعوب من اجل تحرير اراضيها ورفض استخدام القوة ضد اي دولة عربية ويعتبر ذلك عدونا علي الامة العربية كلها ، ودعا الي وضع المسئولين عن الاعلام في الوطن العربي لعمل استراتيجية عربية لمواجهة الارهاب وتفنيد مفاهميه المغلوطة والتصدي الشجاع لاثارة السلبية .

السودان رئيساً لاتحاد البرلمانيين العرب:
بحث المؤتمر مسالة انتقال رئاسة الاتحاد الي دولة اخري بعد الجزائر ، ووفقا للائحة الاتحاد تناوبت الدول العربية عملية الرئاسة بالترتيب الابجدي ومدة الدورة سنتان وكان الدور علي العراق الي ان حدثت المفاجاة نتيجة طلب عبدالقادر قدروه رئيس البرلمان السوري انتقال الرئاسة للسودان . كما طالب الكويت ان تتولي السودان علي مدار العامين القادمين تاييدا للطرح السوري وأيده في ذلك وفد الاردن ثم ايدت بقية الوفود رئاسة السودان الي ان يتم بحث تعديل اللاحئة الحالية.

الوفد المصري الأكثر حضوراً:
كان الوفد المصري الأكثر حضورا في المناقشات العامة للمؤتمر وفي اجتماعات اللجان وخطف اعضاؤه عدسات كاميرات التلفزيون واخبار الصفحات الاولي في الجرائد السودانية المحلية ، وجاءت تصريحات الدكتور احمد فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ورئيس الوفد المصري حول العلاقات المصرية السودانية محدثة صدي واسع وارتياحا فى مختلف الاوساط السياسية في الخرطوم، مؤكدا ان جميع الملفات المعلقه بين البلدين الشقيقين قد تمت تسويتها وان فترة التوتر بينهما قد انتهت تماما . كما تطرق الدكتور سرور الي القضية الفلسطينية والتي كانت البند الاول والأساسي في جدول الاعمال ، مشيراً إلي حديث رئيس الوزراء الاسرائيلي شارون عن تغيير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، واعتبر حديثه مرفوض تماما وقال انه سلوك غريب مناقض للقانون الدولي لانه تدخل صريح في الشئون الداخلية للفلسطينيين. و دعا الدكتور سرور الي عقد اجتماع بين اللجنة السياسية والقانونية بالاتحاد ورؤساء المحاكم الدستورية بالدول العربية لدراسة توحيد التشريعات العربية في مجالات الطفولة والبيئة والمرأة كمقدمة لتوحيد بقية التشريعات لتفعيل العمل العربي المشترك . وكان محور تركيز الوفد المصري هو البحث عن مخرج من الوضع الراهن وضرورة ان يتم ذلك في اطار استراتيجية عربية مشتركة تعتمد علي التنسيق الدائم بين جميع الجهود القائمة واهمية التحرك العربي الفعال لدفع الولايات المتحدة الامريكية لتبني موقف عادل وممارسة الضغوط علي اسرائيل وليس علي السلطة الفلسطينية وحدها لانجاح المباحثات الامنية في مفاوضات السلام طبقا لتقرير لجنة ميتشيل وتوصيات تينيت.

العلاقات البرلمانية الثنائية العربية:
1/ زيارة مملكة البحرين 30 يناير الى 1 فبراير 2003م:
دعماً للعلاقات البرلمانية العربية وفي إطار رئاسة السودان للاتحاد البرلماني العربي قام السيد رئيس المجلس الوطني ورئيس الاتحاد البرلمانى العربي احمد ابراهيم الطاهر بزيارة لمملكة البحرين لتقديم التهنئة لمجلسها النيابي المنتخب، وقد عقد الجانبان السوداني والبحريني جلسة مباحثات مشتركة برئاسة رئيسي المجلسين وبحضور قيادة المجلس البحريني بغرفتيه الشورى والنواب حيث عبر الجانب السوداني عن سعادته بما تشهده البحرين من إصلاحات دستورية أفرزت مملكة دستورية ووضع برلماني جديد، من جانبه أعرب الجانب البحريني عن ترحيبه بالتعاون البرلماني مع السودان والرغبة في الاستفادة من التجربة البرلمانية السودانية العريقة من خلال الروابط والجمعيات إضافة لتبادل الزيارات والمعلومات والوثائق.

2/ زيارة سلطنة عمان 1 إلى 3 فبراير 2003م:
مواصلة لنشاطه البرلماني كرئيس للاتحاد البرلماني العربي زار السيد رئيس المجلس الوطني يرافقه وفد كريم من المجلس ، زار مجلس الشورى بسلطنة عمان خلال الفترة من 1 إلى 3 فبراير 2003م، حيث عقد الجانبان جلسة مباحثات نيابية مشتركة تناولا فيها تطور التجربة البرلمانية في كل من السودان والسلطنة واتفقا فيها على العمل سوياً لترقية هذه العلاقات بمزيد من الزيارات وتبادل الخبرات والتجارب.


3/ زيارة رسمية لمجلس الشعب السوري خلال الفترة من 29- 30/5/2003م:
زار وفد من المجلس الوطني يقوده السيد رئيس المجلس ، الجمهورية العربية السورية الشقيقة يومي 29-30 مايو 2003م لتقديم التهنئة لمجلس الشعب السوري باستئناف أعماله في أعقاب الانتخابات العامة التي جرت في سوريا مؤخراً.

4/ زيارة رسمية للمجلس الوطني بدولة الإمارات العربية المتحدة يوليو 2003م:
قام الأستاذ أحمد إبراهيم الطاهر رئيس المجلس الوطني يرافقه وفد من المجلس بزيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة حيث التقى بالسيد سعيد الكندي رئيس المجلس الاتحادي بدولة الإمارات، وتم خلال اللقاء تبادل الآراء والتشاور حول الرؤية المستقبلية لدور البرلمانات العربية في تفعيل وتطوير العمل البرلماني العربي المشترك، وتميز اللقاء بالشفافية والإيجابية وروح التعاون. وتم الاتفاق على ضرورة التواصل بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة، وقدم السيد رئيس المجلس الوطني الدعوة لنظيره الإماراتي لزيارة السودان.

مشاركات السـودان فـي المؤتمـرات واللقاءات
على مستوى الدوائر المتخصصة للبرلمانات العربية:
1- الاجتماع الثاني عشر للجنة التنفيذية للاتحاد الكشفي للبرلمانيين العرب خلال الفترة من 18 إلى 27 ديسمبر 2002م.
2- ورشة عمل تطوير نموذج للصياغة التشريعية للبرلمانات العربية الذي نظمته جمعية الأمناء العامين للبرلمانات العربية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالعاصمة اللبنانية بيروت خلال الفترة من 3 إلى 6 فبراير 2003م.
3- المشاركة في اللقاء العربي الثالث للجان السكان والتنمية في المجالس العربية، مصر - القاهرة خلال الفترة من 10-12/6/2003م.
4- المشاركة في أعمال الاجتماع الاستثنائي للجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية في الفترة من 18-26/6/2003م.



اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
ترتيب وإحصائيات المواقع في رتب


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved