بيوت الاشباح فرية فقط..!
الحديث عن اقصاء قيادات جهاز الامن مكايدة سياسية
أجهزة المخابرات كانت تد رك أن دور الترابي مضخم
..
حوار: ضياء الدين بلال
[email protected]
** اللواء حسب الله عمر المسؤول السابق عن دائرة المخابرات بجهاز الأمن
السوداني، والمسؤول الأول بالجهاز الذي أدار المفاوضات السرية والعلنية مع
الجانب الأمريكي منذ أواخر التسعينات.. حول الإرهاب وبكل مايتعلق بالسعي لتحسين
العلاقة بين الخرطوم وواشنطون..
حسب الله غادر منصبه بالجهاز منذ أشهر «الرأي العام» جلست إليه تقلب معه أوراق
تلك الفترة وما استجد من تطورات، فالرجل كنز معلومات وله مقدرة فائقة على
التحليل والتعبير عن أفكاره، فإلى مضابط الحوار:
* هل كان انقسام الاسلاميين وابعاد الشيخ الترابى سبباً من اسباب قبول
الامريكان الحوار معكم؟
= لا اعتقد ذلك..لكن من الواضح ان الامريكان ادركوا انهم اصبحوا اسرى لكثير من
الهواجس المتعلقة بالارهاب والدليل على ذلك ضرب مصنع الشفاء بسبب معلومات
خاطئة.
وماذا عن اقصاء الترابى؟
= ربما.. شجع بعض المجموعات التى كانت تعتقد ان الترابى هو الذى يحرك المسرح
السياسى كله..وبالطبع لم يكن ذلك صحيحاً.. من خلال تعاملي في هذا الملف كنت
اعلم ان كل المخابرات الغربية تدرك ان دور الترابي مضخم اكثر من اللازم.
مضخم بجهل ام بقصد؟
= مايجري في الاعلام شئ وما تدركه المخابرات شيئاً آخر، فهي تمحص كل ما يقال
لتصل للحقيقة، فهي كانت تدرك حقيقة تضخيم دور الترابى بغض النظر ان كان ذلك
بجهل ام بقصد.
هنالك قول بان الخرطوم الان اصبحت مسرحاً لأجهزة المخابرات العالمية؟
= الحديث عن الحركة الفيزيائية لاجهزة المخابرات ان يأتى عنصر مخابرات ليقيم في
مكان محدد لجمع المعلومات هذا اصبح دوراً ثانوياً جداً..جمع المعلومات الآن لا
يحتاج للوصول للخرطوم وتكبد عناء السفر!
لكن الامريكان الآن عادوا للتأكيد على اهمية دور المصدر البشرى «الجاسوس» في
الحصول على المعلومات خاصة بعد ضربة 11سبتمبر؟
= العامل البشرى مهم في تحليل المعلومات ووضع التقديرات.
يبدو ان الحكومة عادت للعب بكرت الارهاب مرة اخرى..لتهديد القوات الدولية من
الدخول لدارفور..فهي تحاول ان تؤكد على انها قادرة على صناعة الفوضى؟
= لا اعتقد ان هذا جزء من تفكير القيادة السياسية، ربما يرد ذلك على لسان
موظفين صغار او محللين ولا اعتقد ان الحكومة تريد تصوير نفسها كمختطف الرهائن
الذى يبتز الآخرين..
هل الوقع السودانى مهيأ لظهور حركات شبيهة بالقاعدة؟
= القاعدة ليست كتيبة عسكرية تنتقل بالطائرات من مكان لمكان..الارهاب ظاهرة
تبرز عند اكتمال شروطها الاساسية.
الى اى مدى هذه الشروط متوافرة بالسودان؟
= السودان عرف مقاومة الاستعمار قبل ان يولد جد ابن لادن..
لكن السودان شهد بداية تأسيس القاعدة ماهو المانع من وجود فرع لها؟
= هذا ممكن..ليس هنالك ما يمنع ذلك ولكن للارهاب شروط تأسيس محددة واذا قامت
مثل هذه التنظيمات بالسودان اعتقد من السذاجة ربطها بالقاعدة.
قد يكون ذلك كرتاً في يد الحكومة تريد ان تمنع به دخول القوات الدولية؟
= بالعكس تماماً، من اكثر الاسباب التي يمكن ان تسرع بالتدخل الاجنبي في مكان
ما وفي السودان ان يثبت ان هنالك مجموعات ارهابية..انت تعلم ان الامم المتحدة
تتدخل في ظروف محددة منها تهديد الامن والسلم الدوليين وهذا ما برر للامريكان
التدخل في افغانستان وسعى الامريكان للدخول للعراق عبر هذه النوافذ.
قد تكون ورطتهم في العراق شجعت الحكومة للتلويح بهذا الكرت؟
= لا اعتقد ان الامريكان يسألون الآن عن مكان القاعدة ليتجنبوه..بالعكس هم الآن
يبحثون عن مكانها.
هل رصدتم في فترة عملك تحركات للقاعدة او بعض منسوبيها بالسودان؟
= السودان شهد مجموعات جندت انفسها طوعاً وذهبت للقتال في العراق
وافغانستان..الحكومة السودانية لعبت دوراً معتبراً لاثناء هذه المجموعات عن
ذلك..وهي مجموعات عفوية ليست لها علاقة تنظيمية بالقاعدة ومثلهم يوجد في كل
الدول الاسلامية الآن.
جهاز الامن الآن قائم على شركة بين المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية وهنالك من
يرى بان اجهزة المخابرات لا تقبل القسمة على اثنين؟
= اعتقد أن ذلك صحيح تماماً..اجهزة الامن والمخابرات اجهزة محترفة ومهنية وليست
اجهزة سياسية هذا هو وضعها الامثل..جهاز الامن والمخابرات يدرك طبيعة الفترة
الانتقالية ومهام التحول الديمقراطى وما يتطلبه ذلك التحول من متغيرات.
هل صحيح ان هنالك مساعي دولية لتغيير رموز الجهاز لا سياساته فقط عبر الضغط
الدبلوماسي؟
= اعتقد أن جزءاً من ذلك يقع في اطار المكايدة السياسية..والمكايدة السياسية
ليست قاصرة على القوى السياسية المحلية فقط فهي موجودة حتى على المستوى الدولي،
والدول لا تؤسس علاقاتها مع غيرها عبر افراد ولكن عبر قراءة التيارات الاساسية
المؤثرة على المجتمع.
هنالك من يرى ان (جهاز الامن والمخابرات) توسعت صلاحياته واصبح يتحرك خارج
فضائه المهني وذلك لضعف الاجهزة السياسية؟
= كل القــوى السياسيــة لو تحملـــت مسؤولياتــها الوطنيـــة ستزيح قوة
الاجراءات السلطوية، فكلما تراجعت عن ذلك او اغرقت نفسها في المكايــدات
السياسيــة متناسية الامن القومي للبلد كل ما افسحت المجال لاجراءات سلطوية
سواء أكان ذلك عبر جهاز الامن او غيره.
هل كنتم تمارسون النقد الذاتي لادائكم في الفترة الماضية؟
= هذا ظل يحدث يومياً..الحوار الذي تم مع الامريكان حظى بتقييم من عدة
جهات..المخابرات من اكثر الاجهزة التي عملها عادة يكون موضوعياً، صحيح العامل
الذاتي موجود في اي نشاط بشرى ولكن الاطر الموضوعية تحد بقدر كبير من الدوافع
الذاتية.
جهاز الامن والمخابرات لا يزال يتهم بأنه جهاز عقدي مؤدلج؟
= الجهاز يزخر بكفاءات محترفة اكسبته احترام اغلب اجهزة المخابرات التي تعاملت
معه.
اغلب كوادر الجهاز جاءوا من اجهزة جعفر نميري؟
= ضحك ثم قال:لا ادري ان كانت هذه الاشارة سلبية ام ايجابية..هنالك من يرى ان
نميري كان لديه جهاز مخابرات محترف وجيد الكفاءة والساحة السياسية ندمت على
حله... الجهاز الآن يتمتع بكفاءات مقتدرة ذات خلق وقيم جمعت بين الخبرات
المتراكمة والاجيال الجديدة.
وماذا عن ممارساته السابقة و بيوت الاشباح؟
= هذه قصص طفحت ايام الشد والجذب السياسى الحاد..الآن من الممكن ان يعود الناس
ليفحصوا هذه الروايات ليتبينوا حقيقتها.
هل يمكن ان توافق المجموعات التى عملت بالجهاز او التى لا تزال تعمل على مبدأ
المحاسبة والمساءلة عن ما مضى؟
= الجهاز مساءل بالفعل..انت ألا تعلم ان هنالك من قدموا للمحاكم واعدموا ومنهم
اعضاء بالجهاز، فهو جهاز خاضع لمنظومة الدولة وقوانينها.
هل بيوت الاشباح كانت فرية؟
= لم تكن هنالك بيوت للاشباح.
كانت هنالك معتقلات خاصة؟
= هذه موجودة في كل العالم ولا تزال موجودة بالسودان.
كيف تنظر لمستقبل جهاز الامن والمخابرات في الفترة القادمة؟
= جهاز الامن في الماضي كان يقوم بدور سياسي وهو دور استثنائي، الآن وقد اتفقت
القوى السياسية ان تجري تحولاً واسعاً تلتزم فيه بالخيارات الوطنية فجهاز الامن
سيعود لدوره الاصيل والطبيعي وهذا الانتقال لن يتم في يوم وليلة فكل ما تقدمت
القوى الوطنية الى الامام في تحمل مسؤولياتها الوطنية كل ما انسحب جهاز الامن
من الساحة واخلى لها الميدان.