هاجم رئيس وفد الحكومة السودانية المفاوض مع الحركات المسلحة في إقليم دارفور في العاصمة النيجيرية أبوجا الدكتور مجذوب الخليفة بشدة قادة أفارقة والولايات المتحدة الأمريكية التي اتهمها بعدم الإيفاء بتعهداتها، واتهم الحركات المسلحة في دارفور بالتخندق في موقفها القديم. وأعلن النائب الثاني للرئيس السوداني علي عثمان طه أن حكومة بلاده تعكف حاليا على بلورة رؤيتها للحل النهائي في دارفور، وأكد رغبتها في التوصل إلى حل سياسي في مفاوضات أبوجا.
وفي مؤتمر صحافي أمس في الخرطوم، فتح الدكتور مجذوب الخليفة أحمد النار في مختلف الاتجاهات، وقال إن زعامات في إفريقيا تريد أن تعيد الاستعمار إلى القارة، وأن ظاهرة شراء رؤساء أفارقة أصبحت منتشرة، وهؤلاء يقفون حجر عثرة أمام تقدم إفريقيا، داعيا شعوب القارة إلى الثورة ضدهم. وأضاف أنه يحرض الشعب السوداني على قرار مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي تمديد مهمة قوات الاتحاد في الإقليم ستة أشهر، ووصفه بأنه بين منزلتين، وقال إن صانعي القرار في دول الاتحاد استجابوا لضغوط الشعب السوداني برفض التدخل الأجنبي والضغوط الخارجية التي دعت له.
وقال المفاوض السوداني البارز إن الولايات المتحدة لا تفي بالوعود ولن تفي بها لاحقا، وإن اللوبي الصهيوني استطاع أن يزيد قبضته على قرار الإدارة الأمريكية التي أخذت تخرج بقرارات أسوأ من التي كانت قد اتخذتها ، ما يرسل إشارات خاطئة للحركات المسلحة في دارفور، ويدفعها للتعنت والاستمرار في التخندق حول المواقف القديمة، بيد أن الخليفة أكد أن الحكومة تفاوض بروح ونفس واحد لتحقيق الحل السياسي لمشكلة دارفور. وأعرب عن أمله بإنهاء المشكلة قبل الوقت المحدد لها، وقال إن المفاوضات انتهت من معظم القضايا عدا الخلافات الأساسية حول ملف السلطة، وفي مقدمتها هيكلة الحكم في دارفور ومنصب نائب الرئيس الذي تطالب به الحركات المسلحة، وكذلك حول حدود الولايات والعاصمة والخدمة المدنية. وأفاد بأن الحكومة عرضت على حملة السلاح التمثيل في رئاسة الجمهورية بمنصب مشرف يتمتع بصلاحيات، حتى لا تعطي الحكومة الجنوبيين إشارات سالبة عبر زيادة التمثيل في مؤسسة الرئاسة بنواب جدد لدارفور والشرق والنيل الأزرق وغيرها. وقال إن الخلافات حول التمثيل في أجهزة الخدمة المدنية ما زالت قائمة.
إلى ذلك، قال النائب الثاني للرئيس السوداني علي عثمان طه إنه لمس في لقاءاته في طرابلس مع قادة حركات متمردة في دارفور رغبة حقيقية في التوصل إلى اتفاق سلام في أقرب وقت، ونفى أن يكون قد وقّع اتفاقات سرية معهم، موضحا أنه بحث معهم النقاط العالقة بين وفدي الحكومة والمتمردين المتفاوضين في أبوجا. وأفاد بأن حكومة بلاده تعكف حاليا على بلورة رؤيتها للحل النهائي في إقليم دارفور، موضحا أن المرجعية للوصول إلى اتفاق سلام في أبوجا تتمثل في إعلان المبادئ الموقع بين الحكومة ومتمردي دارفور الذي يتضمن الاتفاقات بينهما واتفاقية نيفاشا التي أنهت الحرب بين جنوب وشمال السودان.
ونفى طه أي تعارض أو تقاطع أو تقويض لتسوية سياسية لمشكلة دارفور مع اتفاقية نيفاشا، بيد أنه أوضح أن سياسة الحكومة السودانية لحل المشكلة تقوم على الأسس نفسها لعلاج مشكلة الجنوب وإنهاء الحرب الأهلية، وخصوصا بنود المشاركة السياسية وتوزيع الثروة والحكم الذاتي وتحقيق التنمية وإعادة الإعمار والترتيبات الأمنية.
ورأى المسؤول السوداني البارز أن قرار مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي تمديد مهمة القوات الإفريقية في دارفور يستجيب لبعض مطالب الخرطوم، ومنها أنه دعم رغبة الحكومة السودانية في التوصل إلى حل سياسي في أبوجا، وأعطى مهلة حتى نهاية الشهر المقبل للاتفاق على وقف إطلاق النار. وأضاف إنه يتوقع أن تشهد مفاوضات أبوجا في هذه الفترة تمثيلا قويا لكل الأطراف ومفاوضات جدية للتوصل إلى حل. وقال إن القرار وضع مراحل زمنية للمفاوضات في محاولة لدفع الأمور فيها، والحكومة ترحب بذلك.
وأكد طه مجددا رفض حكومة بلاده إدخال قوات تتبع للأمم المتحدة إلى دارفور، غير أنه أوضح أنها توافق على دخول هذه القوات بعد توقيع اتفاق سلام، وقال “ليس ضروريا حتى بعد توقيع الاتفاق أن يكون تدخل الأمم المتحدة في دارفور عن طريق قوات عسكرية، لأننا نحتاج المنظمة الدولية في مجالات كثيرة، منها ضمان تنفيذ اتفاق السلام وتنفيذ مشروعات للتنمية وإعادة الإعمار”. وأوضح أن الأمم المتحدة التي تُدعى للتدخل عسكريا في دارفور لم تستطع بعد أكثر من عام على اتفاق نيفاشا نشر كل قواتها المتفق عليها لمراقبة تنفيذ الاتفاق. واشترط لقبول قوات دولية بعد اتفاق السلام أن تقوم بمهام القوات التي دخلت وفق اتفاق نيفاشا، أي تكون للرقابة فقط ولا تتولى صلاحيات أمنية أو إدارية تمس بسيادة السودان، ولا مطاردة المتهمين بارتكاب جرائم في دارفور.