اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

البروفيسور فرانسيس دينق لـ «السوداني»: لو كنت مسلما لهيأت المناخ وقدمت نموذجا لابراز صفات الاسلام الجـميلة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
13/3/2006 1:30 م


لولا الانجليز لأضاف الجنوبيون الكثير للغة العربية.. و لا إستفادوا بها!
حاوره في واشنطون: صلاح شعيب
الجزء الثاني
فرانسيس دينق مع المحرر في منزله بواشنطن ¨&
فرانسيس دينق ابحر في عوالم كثيرة، تبدأ من الدبلوماسية والادب مرورا بالاكاديميات والسياسة والمنظمات الدولية،وقفزا إلي واقع الحال الذي يعايشه السودانيون الآن وربما في المستقبل القريب والبعيد، يمكن القول أن فرانسيس يقف وراء معطياته السارة أو إخفاقاته الكثيرة، فالدور الذي بذله على مستوي إتفاقية السلام بين الجنوب والشمال والذي إنتهى ببروتكولات نيفاشا يعتبر رائدا ومؤسساً، فمن خلال وجوده في العاصمة الامريكية ــ وعبر نيابته لرئاسة معهد بروكلين والذي يعتبر من أكبر المؤسسات التي تقدم أبحاثاً في المجالات الاستراتيجية في العالم ــ شاءت الاقدار ان يطلب منه تقديم تصور لحل مشكلة الجنوب ويكون ذلك التصور المعد لمعهد السلام الامريكي، والذي هو تابع لوزارة الخارجية الامريكية، بحث إستراتيجي يساعد الوزارة في دفع عملية السلام في السودان، وإستطاع د. فرانسيس أن يقدم ورقة ( نظامان في دولة واحدة) والتي تأسيساً عليها تمت مناقشات الحذف والاضافة لتكون برنامج عمل لدول الايقاد في التعامل مع المشكلة ،خصوصاً بعد أن رمت الولايات المتحدة بثقلها السياسي المعروف وبعلاقاتها الجيوبولتيكية في المنطقة في عملية المفاوضات السياسية بين الحركة الشعبية وحكومة السودان وعليه أمكن التوصل إلي سلام نيفاشا والذي ما كان ليتم لولا هذه الضغوطات التي مارستها الولايات المتحدة على الجانبين لايقاف الحرب التي أودت بحياة مليوني شخص كما تقول تقديرات التقارير في العالم الغربي.إذن ، وبصورة أو بأخري، كان لفرانسيس القدح المعلى في التأسيس لهذا السلام ضمن مجهودات أخرى بذلت من قبل الاطراف المعنية لإحداث ذلك الاختراق في عملية التفاوض.
ثم من جهة التأليف والذي يعد من أكثر المجالات التي عرف بها د.فرانسيس دينق، بعد إنتهاء دوره كوزير دولة بالخارجية إبان عهد الرئيس جعفر النميري، وتناولت مؤلفاته مسائل الهوية في السودان وأفريقيا والعالم العربي ، وشؤون النزاعات الدولية والسياسية، وكتب عدداً من الروايات وترجم بعض أشعار قبليته الدينكا، ومن ضمن مؤلفاته (طائر الشؤم ) والذي ترجمه للعربية البروفيسور عبدالله النعيم ،(وحرب الرؤي وبذرة الخلاص) المترجمان بواسطة البروفيسور إسماعيل حسين ، و(رجل يدعي دينق مجوك) الذي ترجمه الاستاذ بكري جابر ، و(أغاني الدينكا) بواسطة الاستاذ شمس الدين ضو البيت وله كتب أخري مثل (ذكريات بابو نمر) و(أفريقيا من عالمين) و(حل مشاكل النزاعات الدولية ومشاكل الهوية في السودان) وله اثنى عشر مؤلفا غير مترجمة من الانجليزية إلي العربية. وتبلغ جملة مؤلفاته مايربو على ال24 مؤلفاً. هذا بخلاف الكتابات في المجلات الدورية المتخصصة.
في هذا الجزء الثاني من الحوار الذي تم بمنزله بواشنطون يواصل البروفيسور دينق الاجابة علي التساؤلات المطروحة في الساحة السياسية
العرب والمسلمون غمطوا حق الجنوب.. ولم يتدخلوا ليعدلوا بين الطرفين
هناك وجهات نظر تؤكد أن النظام الحالي غير قادر علي إنجاز إتفاقية نيفاشا للسلام ويبررون ذلك أن النظام الحالي يفتقد دعم غالب السودانيين الشماليين، اوعلي الاقل لا يمثلهم، ثم أن النظام نفسه متهم بإرتكاب جرائم حرب وبالتالي هو غير قادر على صنع وحدة السودانيين الشماليين ناهيك عن الجنوبيين، ويرون إنه لابد من محاكمة بعض النظام ومن ثم تحقيق تسوية شمالية ـ شمالية يشارك فيها الاسلاميون أنفسهم حتي تساعد في خلق مناخ أفضل لتحقيق إلتزامات نيفاشا والتي جاءت لإرساء قيم السلام الشامل..؟
ےهذا صحيح ولكن يبقي الاشكال هو انه متي ما كان لدينا واقع للصراع خصوصا في قطر مثل السودان، والذي إستمر صراعه لنصف قرن، فإن هناك ملامات وإتهامات عديدة ستبقي مطروحة، وفي واقع كهذا يكون من الصعوبة بمكان إيجاد أياد نظيفة لم تتلوث بالدماء في هذا النوع من الصراعات، وحتي الحركة الشعبية لديها تجاوزات في حقوق الانسان، والتجاوزات في الجانبين تتعلق بالتنظيم وبالافراد، ولذلك حينما نسعي أونتحدث عن العدالة في محاكمة الذين إرتكبوا جرائم حرب فإننا سنعاني كثيراً في تحديد هذه المسائل..وأذكر أن جدا كبيرا لنا نادي قبيلته بعد أن إنتهت الحرب بعد صراعاتهم الدموية في فترة ما، فصلي بجماعته وقال أن الشيطان الذي فرق بيننا قد قتلناه ودفناه ودعونا الآن نتحرك للامام. بالنسبة لي أري إننا لابد أن نحقق التسوية والعفو، واضعين في الإعتبار أن الناس لايسعون للحرب من لا شئ، ومع ذلك فإنني حين أسمع أن إمرأة حامل ما قد بقر بطنها في معمعة الصراع وتم نزع جنينها، فإنني أحزن ولا أتصور أنني أتوقع شيئاً مثل هذا الفعل من إنسان سوي وهو الذي يفعل فعلته هذه بوعيه ضد إنسان آخر، ولذا لايكون أمامك إلا أن تصغر هذا الانسان وتتركه كما الحيوان، وأذكر أيضاً إنني كنت في سريلانكا في مهمة تابعة للامم المتحدة في منطقة ريفية وجاءني محام سريلانكي وجلس ليتحدث معي حول المجازر التي إرتكبت هناك ، وقال لي أن هؤلاء الناس الذين قتلوا في هذه الجرائم ليسوا بشر وإنهم حيوانات ولا تستطيعون أن تتحدثوا هنا عن حقوق الانسان،وقلت له ألم تكن هناك حلول أفضل من القتل الذي تم لهم، فرد بقوله إنه لم تكن هناك حلول غير القتل وإنهم كان يجب أن يقتلوا..
في الواقع أن هنالك بشراً بهذه العقلية، وهؤلاء أيضاً هم البشر الذين نريد معالجتهم ومعالجة قضاياهم أيضاً.. وفي السودان نحن نعاني من هذا الفهم وهذه العقد، ولدينا أبعد من ذلك عقدة الانتماء وكثير منا يخفي عقدة اللون ، فبينما نري أن العرب فاتحون، فإن كثيراً من الشماليين يحاولون بألوانهم المختلفة التي تتدرج من السمرة إلى الدكنة التعالي على أخوانهم في القطر ويحاولون قسرا تدجينهم ضمن إطار العروبة الثقافية والتي تخفي موقفا حول اللون، وأذكر إن رجلا كان آتيا إلىّ فوجدني في الباب ذاهباً إلى السوق ، فقال لي إنني أريد الذهاب معك وكان يلبس ( جبة البقارة) وسلم علىّ بطريقة البقارة وقال لي ( أظنك ما عرفتني يافلان..؟ ) وقلت له ب (الطريقة) السودانية ( والله شبهتك ولكن ماعرفتك) فقال لي ( أنا ما ود عمك فلان ود فلان) ..والحقيقة فالرجل ( طلع) من أقربائي مئة بالمئة، فاسرتهم ذهبت إلى الشمال وتربى هناك وأصبحت الاسرة تسلك مسلك البقارة.. و في السبعينات علمت أن كثيراً من أصول الشماليين تعود للمسترقين من قبيلة الدينكا، وعلى هذا الاساس إنقطعت وشائجهم مع الجنوب وأصبحوا مندمجين داخل إطار الثقافة العربية وربما من المتعصبين لها بل وربما من الذين صارت لهم عقدة الانتماء للاصول، هذه بعض العقد التي نحتاج لمعالجتها ونعترف أن السودانيين شعب ممتزج.
هل هنالك إختلافات بين واقع السلطة في السودان وواقع السودانيين في مستوياتهم الإجتماعية، وهل هناك تعايش وتسامح ملحوظ في الثقافة الشعبية السودانية..؟
في الواقع هناك تصور مختلف بين ما هو حادث في الخرطوم وبقية السودان، لو لاحظنا قبائل غرب افريقيا من نيجيريا ومالي واثيوبيا تجد ان اشكالهم لاتختلف عن السودانيين وحتي موسيقاهم لا تختلف عنا بل، ونجحت ثقافتنا الشعبية عبر موسيقانا في الانتشار هناك ولم تنجح السياسة الثقافية.. اسلام السلطة في السودان يختلف عن إسلام الصوفية الشعبي، هناك تعايش بين الناس وعدم تعصب في الدين والعرق ، وصحيح أن القبائل تنظر لبعضها البعض باختلاف وبعض من القبائل ترى نفسها انها الافضل وحتى الدينكا في ابيي يرون انفسهم هم الدينكا اما بقية الدينكا في الجنوب فهم نوع آخر، وذات الشئ تجده في قبائل المسيرية فهؤلاء يرون انفسهم افضل من المسيرية الزرق أو الحمر وهكذا، ولكن مع ذلك نجد أن هناك تعايشاً متينا بين هذه القبائل إستمر لفترات تاريخية طويلة وكان الناس يذعنون لرؤساء القبائل .
وبالمناسبة فإن عدد الانجليز الذين حكمونا لم يتجاوز الخمسمائة وهذا العدد بسيط بالمقارنة بعدد الحكام الآن، وكانوا يتركون السلطة لزعماء العشائر، ومعظم الوقت لم نكن نري المفتش الانجليزي وربما نراه في السنة مرة واحدة وعلى اكثر تقدير مرتين، بينما يمسك بزمام الامور هؤلاء الزعماء ولو كنا بنينا السودان على الاسس الموجودة ما بعد الاستقلال لاختلف الامر ولانصهرت الاختلافات ووجدت حلول لها، ولكن حكام الخرطوم جاءوا بتصورات سياسية من مصر والشرق الاوسط وأدت إلى تزايد الخلافات بين السودانيين، مثلاً نجد في بيئة البقارة إنهم يرقصون كما الافارقة وهناك الاختلاط بين المرأة والرجل والدين نفسه متسامح، كل هذه الاشياء حرفت برؤية ضيقة للقطر سواء كانت دينية ام عرقية وطبقت على هذا المزيج القبلي..
بروفيسور فرانسيس، نود أن نسألك بعد كل هذا عن رؤيتك الشخصية حول الثقافة العربية عموما والإسلام خصوصاً ، وحول ما إذا كانت الثقافتان نماذج إيجابية للإهتداء، ولماذا يحاول الجنوبيون التعمق فيها كثقافة بعيدا عن الحمولات العرقية والدينية ـــ إن كان هذا ممكناً ..؟
للاشك أن الثقافة العربية عالمية وقوية التأثير ، كما أن اللغة العربية جميلة ..وعموما نجد في الناحية الثقافية وكذلك في سلوك الناس ميزات رائعة جدا ومحترمة سواء في العالم العربي أو شمال السودان، إنما العيب هو أنه خلقت للجنوبيين عقداً ضد العروبة لأنها أستخدمت في الصراع ضدهم وكمصدر للسيطرةالثقافية والدينية، والناس عموما كما تعرفون يتعاملون بردة الفعل، ودائما ما أقول إنني لو كنت مسلما أو إسلامياً وأردت نشر الاسلام في جنوب السودان وأفريقيا، فإنني سأكون في وضع يجعلني إستطيع خلق المناخ الايجابي الذي يتيح للصفات الاسلامية الجميلة أن تبرز ، وبالتالي يراها الناس ومن ثم يقتنعون بإنها النموذج الجيد للتطبيق، وكما قلت سابقاً أن أبي معجب بالثقافة العربية وأسواق العرب في أبيي وكان ينظر لهذه الثقافة كنموذج للاتباع، ولكن عندما يرى الجنوبيون أن الامر مختلق وكأن الثقافة هي مسألة للاستعلاء ويتم فرضها بقوة المؤسسات فإن مقاومتهم ستكون أكيدة ضدها..
وأذكر أن عائلتنا تضم عددا من المسلمين وبيننا يوجد (أخوان مسلمون) أيضاً وغيروا أسماءهم للعربية حتي ، فهؤلاء عندما يرون مع مسلمي الجنوب أن الثقافة العربية والاسلام أصبحا جزءاً من السيطرة السياسية فإنهم يبتعدون عنها..
وبهذه المناسبة تحضرني قصة طريفة فحواها أنه كان هناك زعيم من الدينكا، ويعتقد أن لدي قبيلته إتصالا مع العالم وكذلك مع الله، وكان هذا الزعيم مقربا لجدنا الكبير والذي كان بدوره من المقربين للعرب ويتحدث العربية. هذا الزعيم الديني فشل في تعلم العربية وبدأ كما يقول هو في نقاش مع الله الذي سأله بقوله: لماذا يا إلهي لاتدعني أتحدث العربية ، أوليست هي لغة للتخاطب..؟ فقال له الإله: لا..لا أريدك أن تتحدث العربية ..وسأل الإله مرة ثانية ..لماذا يا إلهي..؟ فرد الإله : إنني لو تركتك تتحدث العربية فمنذ اللحظة الاولي ستكون رجلاً سيئاً..
إذن هذه عقدة جنوبية للمقاومة.. أنا في تقديري أن الانجليز لو لم يسعوا إلى تجزئة القطر وتركوا إمكانية للاندماج بين الجنوب والشمال لأمكن لنا التوحد ولأصبحنا مثل موريتانيا الموحدة باللغة والاسلام رغم أن هناك قبائل في جنوبها تتحدث بلغاتها.. وكان يمكن للجنوبيين أن يتحدثوا اللغة العربية بطريقة أفضل مما يتحدث الافارقة الفرنسية والانجليزية، وكان يمكن أن يكون لدينا أدب جنوبي مكتوب بالعربية، وكان يمكن للعربية أن تثري بحس الجنوبيين، ولكن الظروف جعلتنا أن نكون أمتين في قطر واحد،، ولذلك نحتاج إلى التوازن، على الاقل في المرحلة الاولي من السلام.


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
ترتيب وإحصائيات المواقع في رتب


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved