اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

ارتفاع في معدلات الإصابة بالايدز و الدرن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
12/3/2006 7:29 ص

اجراه: عبد المنعم ابو ادريس
* عند مدخل مدينة كسلا تستقبلك اللافتات التي تطلق شعارات التوعية الصحية لثلاثة امراض هى الدرن والملاريا والايدز، واذا عبرت المدينة وانت تتجه شرقاً نحو ما يعرف بريفي كسلا تكبر حجم اللافتات التي تحذِّر من الالغام، واتضحت لنا الصورة اكثر عندما اعلن قائد احد المواقع العسكرية في منطقة ريفي كسلا انزعاجه لسيرنا بهذه العربة ونحن غريبون عن المنطقة وأمر عدداً من جنوده بمرافقتنا الى منطقة ود شريفي التي اصبحت بسبب حركة النزوح الكبيرة مدينة بحساب عدد السكان ولكن بواقع الخدمات فحدث ولا حرج وهذا امر سنعود له.
* هذه المشاهد جعلتنا نحاول البحث في امر الصحة في هذه الولاية.. ما هو حجم الكوادر البشرية وواقع الوحدات الصحية وما يؤرِّق القطاع.
> والي كسلا >
من مستشفى كسلا البداية:
* الصورة من الخارج تختلف عن آخر مرة زرت فيها المستشفى قبل خمسة اشهر، فالحوائط تم طلاؤها وعندما اقتربنا قليلاً وجدنا ان الابواب والنوافذ التي كانت من الاخشاب تم استبدالها بأبواب وشبابيك من الالمونيوم اما الارضيات فقد حل السراميك مكان البلاط في العنابر ولكن السقوفات في كل العنابر هى من الزنك.
ولافتة ضخمة توضح ان هذه الصيانة تمت بتمويل من العون الايطالي الذي دفع مبلغاً وقدره 500 ألف دولار، ويتهيأ العون الايطالي لتوقيع مذكرة حول مشروعات في عام 2006م.
يقول الدكتور محمد سعيد تركاي اختصاصي الجراحة السابق بالمستشفى، ان سقف غرفة العملية سرب ماءً في الخريف الماضي، كما انه لا وجود للاحواض داخل العملية والحمام الداخلي بها ليس به ساحب هواء مما جعل الاطباء يطلبون الغاءه وقد حدث.
وتقول مذكرة رفعتها ادارة مستشفى كسلا بتاريخ 3/7/2005م عن صيانة قسم الاشعة بأنه عند هطول الامطار اتضح ان الصيانة لم تتم بالمواصفات المطلوبة.
وداخل المستشفى وجدنا جهاز اشعة يعمل، علمنا بأنه قديم وان هناك جهازاً آخر تم شراؤه بسعر 250 ألف دولار، وعندما زرنا الغرفة المخصصة له وجدنا انه لم يعمل منذ تركيبه في مايو 2005م وحتى الآن.
والرواية تمتد الى غرفة التطبيب من على البعد التي كان من المفترض افتتاحها في اغسطس الماضي وكلفت حوالى 300 مليون جنيه، ولكن السماء امطرت في اليوم الذي سبق الافتتاح فتحرك السراميك، وتسرَّبت المياه عبر السقوفات فأجري اليها اسعاف ليتم الافتتاح التشريفي ولكنها لم تعمل حتى لحظة كتابة هذه السطور.
وهذا المستشفى الذي تمت صيانته بني عام 1917 بواسطة الطوب والمونة من التراب، وخلال هذه السنوات دخلت مياه القاش لعنابره عشر مرات، وكانت الحكومة الولائية اعلنت عن قيام مستشفى محوري بتكلفة 22 ملياراً، قال والي كسلا إنهم بصدد البحث له عن تمويل وهو مطروح على العون الياباني وكذلك الحكومة الاتحادية.
ولكن د. تركاى يقول إن الكوادر الطبية تعترض على انتقال المستشفى من موقعه الحالي بسبب انه الآن في قلب المدينة ويسهل على المواطنين الوصول له. عموماً المستشفى الجديد ما زال قيد الاوراق، فلنتوغل اكثر في المستشفى التعليمي فعلى مستوى القوى العاملة ففي قسم الباطنية يعمل بالمستشفى اختصاصيان و12 طبيباً عمومياً و12 طبيب امتياز، اما الجراحة فالمستشفى به ثلاثة اختصاصيين واربعة عموميين و12 طبيب امتياز، اما الاطفال فالاختصاصي واحد ومعه اربعة اطباء عموميين وستة اطباء امتياز، اما العيون هناك اختصاصي واحد وطبيبان عموميان، اما الانف والاذن والحنجرة فالاختصاصي واحد، اما قسم الاسنان فيه ثلاثة اطباء عموميين ومعالج طبيعي واحد.
والمستشفى ليس به اختصاصي صدر على الرغم من المعدلات العالية للاصابة بالدرن، حيث تقول احصاءات وزارة الصحة ان الذين تم علاجهم داخل مستشفى كسلا فقط خلال عام 2004م عددهم 40 ألف حالة.
كما ان الولاية ليس بها اختصاصي عظام ولا موجات صوتية.
الارياف.. وضع أسوأ
* رغم كل الذي قيل عن مستشفى كسلا إلا اننا اذا قارنا ذلك بأرياف كسلا فمحلية ستيت خارج مدينتي حلفا وخشم القربة ليس بها اي طبيب لا عمومي ولا اختصاصي وعدد من الشفخانات مغلقة لعدم وجود الكوادر حتى المساعدين الطبيين والممرضين، وما يزيد الامر سوءاً في هذه المحلية انها بجانب نصيبها من الامراض التي تعرفها الولاية تأخذ حصة زائدة عنها بسبب انتشار مرض البلهارسيا وما يسببه من مضاعفات ومرد هذا المشروعات التي تروى بالرى الانسيابي كما ان هذه المحلية من اكثر المناطق وباءً بالملاريا.
اما محلية همشكوريب التي يسكنها حوالى 350 ألف نسمة، فالمستشفى الوحيد الموجود في مدينة همشكوريب معطل منذ اربعة عشر عاماً بسبب الحرب وفي يوم 13 يناير وصل اليه اثنان من كوادر الهلال الاحمر ليس من بينهم طبيب.
وتزداد الصورة سوءاً في ريفي كسلا حيث كل الريف الذي يبلغ عدد سكانه حوالى 250 ألف نسمة، هناك مشروع مستشفى منذ سنوات وتدرج سجلات وزارة الصحة الولائية في قوتها العاملة 104 وظائف لمستشفى ود شريفي، ولكن الواقع ان هناك مركزاً صحياً يقوم عليه مساعد طبي اسمه عبد القادر اونور، وحتى الممرض الذي كان يعمل معه توفى منذ عام، اما فني المعمل فقد افتتح معملاً خاصاً. ويبقى مستشفى اللاجئين في ود شريفي والذي بنته مفوضية اللاجئين في ظل المد العالي لحركة اللجوء من اريتريا في الثمانينات وبعد انتفاء حالة اللجوء بموجب اعلان مفوضية اللاجئين تم تسليمه للحكومة السودانية. وكما يقول د. محمد سعيد تركاي فهو مستشفى جيد بمواصفات ممتازة ولكن الحكومة سلمته للهلال الاحمر الذي جلب له طبيباً عمومياً فقط وتعداد سكان المنطقة المحيطة بالمستشفى يبلغ حوالى مائة ألف نسمة.
اما بقية المناطق ففي دراسة اعدها الدكتور تركاي نجد ان نازحي منطقة فداييب وهى عبارة عن تجمع لعدد ثماني قرى نزحت منذ العام 1997 وتقدر كثافتها السكانية بـ 6 آلاف نسمة ليس بها اي وحدة لخدمة صحية ونفس الحال بالنسبة لتجمع منطقة الرديف والبالغ عددهم خمسين الف نسمة.
اما مناطق قلسا وتلادييت شرق وعدد سكانها 10.000 نسمة توجد بها عيادة متنقلة تابعة لصندوق اعانة المرضى الكويتي وفي تجمع دبل اديت عدد السكان حوالى مائة ألف نسمة ليس هناك خدمة صحية.
وفي مناطق عواض الماريا، وسيدنا عبد الرحيم، وعد كفو، هناك شفخانة واحدة في مقابل سبعين الف نسمة.
اما مليكاى فلم تنل نصيبها من الخدمات الصحية.
وبعد هذا السرد بالارقام تقول دراسة دكتور تركاى انه لا يوجد دور لوزارة الصحة الولائية في هذه المنطقة مما يجعل الوضع مأساوياً.
وعندما التقيت د. محمد سعيد تركاى قال لي هذه المنطقة حتى نهاية الثمانينات لم تكن تعرف مرض الدرن والآن تفشى فيها بصورة كبيرة، وهذا هو وضع الوحدات الصحية. ونزيد على ما قاله د. محمد سعيد ان هذه هى المنطقة المتأثرة بالحرب وتنتشر فيها الالغام وهى اولى المناطق التي يتسلل لها اللاجئون الاريتريون.
اما في ريفي القاش فمحمد طاهر باركوين عضو المجلس التشريعي الولائي عن هذه الدائرة يبدأ حديثه بأن المنطقة بها مستشفى اروما، الذى أنشئ منذ حكم عبود وهو الآن يعمل به طبيب واحد وهو مستشفى يخدم منطقة يبلغ تعداد سكانها حوالى 350 ألف نسمة، كما أن نوافذه خلعت بفعل الزمن وأسرِّة العنابر شاخت ولا يحلم المستشفى بالتخصصات.
أما الجزء الشمالى فيخدمها مستشفى «وقر» الذي أنشئ حديثاً ولكن يعوزه الطبيب الذى يعمل فيه، حيث يأتى طبيب لفترات ثم يغادر ومما يجعل الامر شائكاً أن هذه المنطقة تبعد كثيراً عن كسلا واروما .
والوضع باركويت يكشف حقيقة جديدة ومن ثلاثة مراكز صحيحة انشئت منذ خمس سنوات لم يتم استلامها حتى الآن وكل الموجود ممرضون ومساعدون طبيون يعملون بطريقتهم الخاصة وهى في مناطق تندلاى، ومتاتيب ومكلى.
وهناك في بعض الارياف شفخانات من القطاطى انشئت منذ ايام المستعمر ولكنها الآن مغلقة.
عندها تذكرنا قصة الشفخانة الموجودة في منطقة الجيرة ريفى كسلا وقد تحولت إلى دكان.
ومحمد طاهر مثل ما قال تركاى يكشف ان كل الريف تفشى فيه وباء الدرن بعد ان كان محصوراً في المنطقة الشمالية فقط، ويتزايد مع الدرن فقر الدم وسط النساء وارتفاع معدلات وفيات الاطفال.
وزارة الصحة الولائية لا يمكن الوصول إليها
بعد هذه الرحلة الطويلة والأرقام المأساوية حملنا أوراقنا وذهبنا إلى وزارة الصحة الولائية وطلبنا مقابلة وزيرها الذي اعلمتنا سكرتاريته بأنه مرتبط باجتماع مجلس حكومة الولاية، لذلك احال طلبنا إلى المدير العام ففي سكرتاريته انتظرنا طويلاً وقالت لنا السكرتارية أنه أخذ علما بطلبنا للإفادة ولكنه غادر الوزارة وانتظرنا لأكثر من ساعتين ومن بعد تركت رقم هاتفى لدى السكرتيرة وقلت لها إذا أردتم الاجابة في أي وقت فأنا على استعداد وكان ذلك في يوم 27 فبراير وبقيت في كسلا بعد هذا اليوم ثلاث ليالٍ وأربعة أيام لم تتصل وزارة الصحة الولائية.. فالوقائع قالت بالنسبة لي انهم لا يريدون الإجابة ولكن والى كسلا عندما التقيته قال إن خطتهم في هذا العام تركز على الطب الوقائى واصحاح البيئة ومعالجة مشكلة برنامج الدرن عبر التعاقد مع اختصاصي صدر وتنسيق مع البرنامج الاتحادى لمكافحة المرض ليقوم بتوجيه احدى المنظمات العاملة في هذا المجال لتعمل في ولاية كسلا.
المنظمات حاضرة:ـ
اينما ذهبت في ارياف الولاية تجد المنظمات الأجنبية وعلى رأسها «اوكندين» وبلان سودان وIRC وقوول الايرلندية تعمل في خدمات الصحة والتعليم والمياه ولكن لا أثر لمنظمة سودانية واحدة وحتى المنظمات الاسلامية والعربية لولا صندوق المرضى الكويتى كانت ستكون غائبة .
خاتمة
صورة الوضع الصحى في ولاية كسلا قاتمة، فالبنيات تكاد تكون معدومة وقليلة هي الكوادر الموجود منها محصورة في مدن الولاية، ولا حظ للريف منها، وهذا في ظل ولاية تشكو الدرن وتتزايد معدلات الإصابة بالإيدز فيها بسبب حالة الحرب والتسلل عبر الحدود كما أن الإصابة بالبلهارسيا في بعض محلياتها عالية وفوق كل ذلك تأخذ نصيبها مع بقية ولايات السودان من الملاريا ولكن د. تركاى يقول إن الملاريا هي الأكثر إستفحالاً لان المريض بسبب ضعف مقاومته التى ردها للفقر، مما يجعلها قادرة على افتراس جسده.
في النهاية ثمة أجساد هزيلة بعضها يرقد على أسرة المستشفى، وآخر خارجها لا يستطيع مجرد الوصول إلى معاون صحى، وآخرون يحملون الامراض على اجسادهم المنهكة ويسعون بين الناس لانه لا وقت لهم للتوقف عن طلب الرزق.

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار
للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
ترتيب وإحصائيات المواقع في رتب


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved