تقرير: عبد المنعم أبو ادريس

كان فصيل الاسود الحرة (احد مكونات جبهة شرق السودان) قد وقع اتفاقا مع المؤتمر الوطني يوم 25/12/2005م في مدينة طرابلس الليبية بحضور الزعيم الليبي معمر القذافي وسليمان الشحومي الذي لعب دور الوسيط في الاتفاق. في الفترة من 18 الى 22 ديسمبر الجاري زار طرابلس وفد سوداني ضم قيادات من سبعة احزاب سودانية وقيادات قبلية وممثلين لمنظمات المجتمع المدني من اجل الحوار مع الجانب الليبي حول الدور الليبي في قضيتي دارفور وشرق السودان، ولكن احد اعضاء هذا الوفد طلب مني حجب اسمه قال لم نتعرف على الدور الليبي وكل ما حدث هو تقديم وثيقة عهد للزعيم الليبي معمر القذافي عندما التقيناه في خيمته.

هذه اللقاءات والاجتماعات المتعددة تكشف الحضور اللافت للدور الليبي في قضايا السودان شرقا وغربا الآن وقبلها جنوبا. ورغم انه دور مشهود ومحمود إلا أن السؤال المشروع هنا هو ما هي ابعاد هذا الدور وما مدى تأثيره على هذه القضايا والى اي مدى هو قادر على المساعدة في حلها خاصة وان ليبيا ماتزال تعاني من آثار العزلة التي فرضتها عليها امريكا بسبب حادثة لوكربي وهي تحاول الان جاهدة الخروج منها ام ان ذلك لا يحد من دور ليبيا باعتبار ان المجتمع الدولي يريد ان يعطيها هذا الدور الاقليمي؟.. وهذا الرأي يدعمه ما قاله وزير خارجية الولايات المتحدة الامريكية السابق الجنرال كولن باول ابان زيارته لدارفور في يونيو 2004م، «اننا نريد من القذافي التدخل للمساهمة في حل ازمة دارفور»

ليبيـــا والشـــرق:

قد تبدو ليبيا جغرافياً بعيدة عن شرق السودان، ولكنه يتاخم احدى حليفاتها في القارة الافريقية وهي دولة اريتريا ولذا حاولت ليبيا مرارا اصلاح العلاقة بين الخرطوم واسمرا ففي يونيو 2000م دخلت ليبيا مباشرة على ملف الشرق عبر وساطة قامت بها ما بين الحكومة السودانية وتنظيم الاسود الحرة الذي انطلق من قبيلة الرشايدة توصلت لاتفاق يقضي بعودة قوات الاسود الحرة للسودان وتعويض الرشايدة عن ممتلكاتهم المصادرة والاعتراف لهم بنظارة. ولكن هذا الاتفاق ظل مجمدا على الورق.
وعقب الاعلان عن ميلاد جبهة الشرق في مارس 2005م دخلت ليبيا الى الساحة عبر خط الوساطة ضمن وساطات كثيرة كانت مطروحة في ذلك الوقت ولكن الوساطة الليبية سبقت الآخرين لمبررين أولهما علاقتها مع اريتريا وفي ذات الوقت ثقة اطراف جبهة الشرق في اريتريا كما ان مبروك زايد احد زعماء الجبهة له علاقة خاصة مع ليبيا، كما انها تحتفظ ايضا بعلاقة مميزة مع الحكومة السودانية.

ورغم التأجيلات المتعددة لمفاوضات طرابلس ما بين الحكومة وجبهة الشرق الا ان ليبيا نجحت في يوم 25/12 في الوصول لاتفاق بين الاسود الحرة والمؤتمر الوطني ولكن مؤتمر البجا اعلن عن نفض يده من الوساطة الليبية ووصفها بأنها لم تعد مؤهلة.

ولكن سلمان مسلم سلمان عضو قبيلة الرشايدة الذي شارك في المفاوضات قال في رسالة الى «الصحافة» عبر الفاكس ان هذا الاتفاق الذي تم بطرابلس هو اكمال لاتفاق عام 2000م ، وأضاف ان هذا الاتفاق كان موقعا بين الجانبين قبل قيام الجبهة وليس على حساب طرف آخر ثم يقول على لسان مبروك مبارك سليم زعيم الاسود الحرة (ان هذا الاتفاق لا يعني انفصالاً عن جبهة الشرق او التخلي عنها ولن يكون وانا امينها العام وانما القصد اكمال ما بدأناه عام 2000م ليكون الطريق سالكاً لجبهة الشرق في محادثات طرابلس المزمع عقدها يوم 17/1/2006م. ورغم هذه التطمينات الا ان الجناح الآخر في جبهة الشرق مازال متمسكاً برأيه الذي أعلنه في البيان الذي أصدره عبر توقيع الاتفاق وهو نفض يده عن الوساطة الليبية.

خــاتمة:

رغم ان ليبيا قدمت الوقود الأول للحرب الأهلية في جنوب السودان ولكن عند قطف الثمار كانت غائبة، اما في دارفور فالمؤشرات تقول بان كل الاطراف تبدو مقتنعة بان جزءا من الحل في يد ليبيا.
اما في شرق السودان فالامر يحتاج لترميم بعد اتفاق المؤتمر الوطني والاسود الحرة، وربما تكشف الأيام القادمة ان قطار الشرق تجاوز محطة الوساطة الليبية.