الخرطوم عماد حسن، الحاج الموز:
أجمع مراقبون وسياسيون تحدثوا ل “الخليج” على أن اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان التي أكملت عامها الأول يسير تنفيذ بنودها ببطء شديد، واتفقوا على ان تصريحات النائب الاول زعيم الحركة الشعبية سلفاكير لم تكن مفاجئة، بل جاءت متأخرة، واعلنوا ان المؤتمر الوطني اخذ يتباطأ بطريقة منهجية في تنفيذ الاتفاقية التي تحمل بعض بنودها أوجهاً عديدة.
وعلمت “الخليج” ان تصريحات كير تسببت في ازمة سياسية في مستويات عليا، ويترقب الجميع لقاء ثلاثيا يجمع بين الرئيس البشير ونائبيه سلفا كير ميارديت وعلي عثمان طه. وقالت مصادر ل “الخليج” ان النائب الاول سلفاكير غادر امس الى جوبا وقال لمقربين منه انه سيبقى هناك لمعالجة عدد من الملفات وليس لديه في الخرطوم ما يشغله حاليا. كما علمت “الخليج” ان النائب الثاني علي عثمان طه لم يحضر من المملكة العربية السعودية حتى الآن ليتصل غيابه عن اروقة الحكومة منذ عيد الاضحى.
وفي السياق، طالب حزب الامة القوى السياسية بتجميع صفوفها والإقدام على خطوة كبيرة لانقاذ السودان من المؤتمر الوطني. وقال اسماعيل كتر عبد الكريم عضو المكتب السياسي لحزب الامة ، ان المؤتمر الوطني غير جاد لذلك فانه لن ينفذ اتفاق نيفاشا الموقع بينه وبين الحركة الشعبية، مشيراً إلى ان هذا الاتفاق هش مثله مثل الاتفاقات التي وقعتها الحكومة من قبل مع القوى السياسية منفردة او جماعية. واكد ان الضمان الوحيد لتنفيذ نيفاشا يتمثل في اشراك القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في المراقبة الحقيقية ودون ذلك فإن الاتفاق لن يجد طريقا على ارض الواقع .
وقال علي محمود حسنين نائب رئيس الحزب الاتحاد الديمقراطي ان الخلافات بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لن تجد حلاً ما لم تكن هناك قوة ثالثة تعرض رأيا وسطا يساهم في تنفيذ الاتفاق واكد ان عزل القوى السياسية ذات الثقل من المشاركة الحقيقية في السلطة يدفع بالطرفين المتصارعين الان لتفسير بنود الاتفاقية كل حسب هواه. مشيراً إلى ان هناك خروقات حدثت في الاتفاقية وان كل طرف من اطراف نيفاشا اصبح الان يتخندق في اطراف موقفه وهذا لن يؤدي الى تنفيذها.
وقال يوسف حسين الناطق الرسمي باسم الحزب الشيوعي ان الحزب سبق ان اعلن رأيه الذي ذكره سلفا كير متأخرا واضاف: قلنا ان هناك تباطؤاً وتلكؤاً من الحكومة لانزال اتفاقية نيفاشا على ارض الواقع، وان ما تنفذه الحكومة من الاتفاقية يمثل الجانب الذي يمكن منتسبي المؤتمر الوطني من الامساك باطراف السلطة السياسية والاقتصادية، مشيراً في هذا الصدد الى صدور القانون المتعلق بخصخصة مشروع الجزيرة ومنح ادارة سد مروي مليوني فدان في الولاية الشمالية وكذلك مكافأة اصحاب المناصب الدستورية منذ الاستقلال حتى الان بمخصصات مالية تصل الى المليارات من الدينارات بينما بقية الشعب السوداني يعاني في كل المجالات الخدمية.
الى ذلك، اجمع مراقبون على ان هنالك عقبات خارجة عن الإرادة أدت وساهمت في الإسراع بإنزال البنود إلى الأرض، منها وفاة الدكتور قرنق في ذلك الظرف الحساس والبدء في إعادة تركيبة مؤسسة الحركة الشعبية السياسية. واشاروا الى ان ما يسمع ويشاهد هذه الأيام طابعه التسرع والاستجابة العاطفية الفورية للتلميحات والشائعات والاستفزازات المقصودة وغير المقصودة حتى أصبحت الحكومة تتحدث بأكثر من لسان ويبدو طرفاها الرئيسيان متشاكسين في كل وقت.
وعزا المراقبون ذلك الى غياب الشراكة السياسية التي أعلنت كشعار ولم يتم تفعيلها في الواقع، وقالوا “مثلا لم نسمع عن كيانات مشتركة أقيمت بين المؤتمر والحركة أو عن برامج مشتركة تجري صياغتها على المستوى السياسي استنادا إلى اتفاقية السلام”.