تراجعت أسهم السودان وحظوظه في رئاسة الدورة المقبلة للاتحاد الإفريقي، وعلمت “الخليج” أن لوبي غرب إفريقيا قلل هذه الحظوظ، وأن ضغوطا فرنسية وأمريكية مورست في هذا الخصوص في اجتماعات وزراء الخارجية الأفارقة في الخرطوم في المجلس التنفيذي لدول الاتحاد الإفريقي، والتي تهيئ لقمة الاتحاد التي تبدأ أعمالها غدا. وانتقد وزير الخارجية السوداني لام أكول تقريرا قدمته في اجتماعات أمس مفوضية الاتحاد الإفريقي بشأن النزاعات لاحتوائه على مفارقات عديدة، بحسب قوله. وأقر الوزراء مقترحا بوضع آلية لفض النزاعات واحتوائها. وجددت الخرطوم تأكيدها أن ملف إقليم دارفور سيبقى في يد نيجيريا وإن كسب السودان رئاسة الاتحاد.
وخلت أروقة قاعة الصداقة في العاصمة السودانية، حيث تعقد الجلسات، من صخب الاجتماعات الثنائية والثلاثية، بعدما حسمت مسألة رئاسة الدورة المقبلة للاتحاد، والتي أخذت كل وقت المؤتمرين أمس الأول، بإحالتها إلى القمة بعد تعذر الوصول إلى اتفاق حولها. وعلمت “الخليج” من مصادر دبلوماسية تحضر الجلسات المغلقة للاجتماعات أن هذا الموضوع اتخذ منحى مغايرا مع بداية الجلسة المسائية أمس، حيث حدث اختراق خلال فترة الراحة لتناول وجبة الغداء، أضعف أسهم السودان في الفوز بالرئاسة. وقالت إن مجموعة دول شرق إفريقيا التي تدعم السودان بقوة عادت بعد مداولات جانبية خلال الاستراحة بهدف تثبيت حقها في الرئاسة بعيدا عن السودان، واكتفت بأن علمت أن اللوبي القوي الذي تزايد في اليومين الماضيين ليس ضدها، ولكن ضد السودان.
وأكدت المصادر ل”الخليج” أن اللوبي المعارض لرئاسة السودان تقوده دول غرب وجنوب ووسط إفريقيا، وأن الدول التي أيدت رسميا حق السودان في الرئاسة هي دول شمال إفريقيا، لكن اللوبي الرافض كان ضاغطا بشكل كبير جذب إليه دولا كانت ترى حق السودان في الرئاسة.
وتحدثت المصادر عن ضغوط أخرى تمارسها منظمات غير حكومية خاصة من فرنسا وأمريكا لإبعاد السودان عن رئاسة إفريقيا بسبب ملف إقليم دارفور، حيث لا يريدان غطاء سياسيا للحكومة السودانية في هذا الملف، وبدأت حظوظ هذه الضغوط بإحراز نتائج في الارتفاع خلال الجلسة المسائية، على الرغم من حماسة بعض الدول لتجربة سابقة أبقت ملف السودان قبل اتفاق السلام بشأن الجنوب والصومال ضمن إطار دول هيئة الإيقاد في كينيا عندما انتقلت الرئاسة إلى أوغندا، مشيرة إلى إمكانية تكرار التجربة وإبقاء ملف دارفور في حضن نيجيريا ولو انتقلت الرئاسة إلى دولة أخرى.
وعبرت المصادر عن اقتناعها بأن الرئاسة لن تكون بعيدة عن دول شرق إفريقيا، لكنها غير مضمونة للسودان، وذكرت أن أكثر الدول المرشحة للرئاسة هي رواندا وتنزانيا وإثيوبيا وكينيا، وأن فرصة الأخيرة أكبر، لكن الوضع الصحي للرئيس الكيني مواي كيباكي يقلل من حظوظها في نيل الرئاسة.
وقال وزير الدولة في وزارة الخارجية السودانية السماني الوسيلة إن وزراء الخارجية في اجتماعات المجلس التنفيذي أكدوا مبدأ تكامل القارة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، ومحاربة كل الأنظمة التي تأتي بالانقلابات، كما نصت على ذلك اتفاقية لومي لنشر الديمقراطية والحكم الرشيد ومحاربة الفساد وكفالة الحريات. وأفاد المسؤول السوداني أن الوزراء أجازوا آلية لحسم النزاعات والصراعات وتقوية إجراءاتها عتادا وخبرة، وصادقوا كذلك على مقترح للمفوضية بالسعي لوضع آلية تعمل على فض النزاعات واحتوائها، وتجنب حدوث اختلافات سياسية بين الدول الأعضاء يمكن أن تتطور لاحقا إلى خلافات عسكرية. وفي مداخلة موسعة له في اجتماعات أمس المغلقة، انتقد وزير الخارجية السوداني الدكتور لام أكول تقرير مفوضية الاتحاد الإفريقي المتعلق بالنزاعات في إفريقيا، ومنها الوضع في إقليم دارفور، ووصفه بأنه حافل بمفارقات عديدة، ولم يعكس التطورات الإيجابية التي حدثت في السودان، وتجاهل التحول الكبير الذي حققته اتفاقية السلام الشامل في السودان. وقال أكول إن التقرير ذكر أن لجنة الحدود بين الشمال والجنوب لم تتشكل بعد، وهو ما يناقض الحقيقة ، وأوضح أن لجنة الحدود أنشئت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فيما أعد تقرير المفوضية في الشهر الجاري. وشدد الوزير السوداني على أن التمهيد للحل السياسي في إقليم دارفور يستوجب التنفيذ الحرفي لما تم التوصل إليه مع حركات التمرد، وخصوصا اتفاقية وقف إطلاق النار في إنجمينا في ،2004 مبينا في هذا الصدد أن التقرير أغفل أهم أشكال الخروق في دارفور، أي فقدان الأرواح كنتيجة للكمائن التي تنصبها حركات التمرد ضد قوات الاتحاد الإفريقي، كما حدث في الشهر الماضي في قتل الجندي السنغالي وجرح عشرة آخرين.
وأوضح أكول أن اتفاقية وقف إطلاق النار تلزم حركات التمرد بتحديد مواقعها العسكرية وتسلم خرائطها للاتحاد الأفريقي وللجنة وقف إطلاق النار، ما سيدعم تسريع خطوات الحل السلمي، وأضاف أن الحكومة نفذت ما عليها وحددت مواقع قواتها وسلمت الخرائط المتعلقة بذلك للجنة.