اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

رأي الهيئة البرلمانية للحزب الشيوعي السوداني في ميزانية 2006م

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
20/1/2006 7:08 م

رأي الهيئة البرلمانية للحزب الشيوعي السوداني في ميزانية 2006م

مقدمة :
مشروع ميزانية العام 2006م هو مشروع لأول ميزانية بعد التوقيع على اتفاق السلام بين حكومة الانقاذ والحركة الشعبية في نيفاشا، واتفاق القاهرة مع التجمع الوطني الديمقراطي. وكذلك البدء في تنفيذ هذه الاتفاقيات، التوقيع على الدستور الانتقالي للعام 2005م، وتشكيل حكومة جديدة، وتعيين مجلس تشريعي للاضطلاع بمهام انفاذ ما جاء في الاتفاقيتين المشار اليهما خلال المرحلة الانتقالية. مشروع الميزانية المطروح أمامنا للمناقشة ومن ثم الإجازة، ينبغي ان يحمل في طياته جوهر تلك الاتفاقيات، ويساهم في خلق الأرضية الملائمة للتحولات الكبرى التي طال انتظار جماهير شعبنا لها. في مقدمة هذه التحولات التحول الديمقراطي في كافة مناحي الحياة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية. فالميزانية الى جانب كونها ترسم وتجسد سياسات الدولة الاقتصادية خلال عام كامل، فإنها خطة سنوية يتم من خلالها إعادة توزيع جزء هام من الدخل القومي.
الميزانيات السابقة لهذه الميزانية في عهد حكومة "الانقاذ" لعبت دوراً لا تخطئه عين في تعميق حدة التفاوت بين الشرائح الاجتماعية المختلفة وكرست الفقر ووسعت من دائرته كما تؤكد ذلك الاحصائيات الرسمية. وفي رأينا ان هذا التفاوت وتفشي الفقر يعتبران المصدر الأساسي للتوترات الاجتماعية. ان اطفاء هذه البؤر يبدأ بتخفيف معاناة الاغلبية الساحقة من جماهير شعبنا في المدن والارياف وخلق الشروط الملائمة لتمكينهم من الحصول على الغذاء والعلاج والتعليم دونما عنت ومشقة. ويشكل ذلك احد اركان التحول الديمقراطي الذي ناضلنا سنين من اجل جعله واقعاً ملموساً.
ان مشروع ميزانية العام 2006م سار على ذات النهج القديم الذي افرز المعاناة واحال حياة البسطاء الي جحيم لا يطاق إذ ان هذا المشروع يجئ في اطار ما سمي بسياسات التحرير الاقتصادي التي تؤسس لتخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه مواطنيها في تيسير الحصول على العيش الكريم والصحة والتعليم.

معدل نمو الاقتصاد خلال العام 2006م :
تهدف ميزانية العام 2006م الى تحقيق معدل نمو حقيقي للناتج المحلي الاجمالي يبلغ 10% مقارنة مع 8% للعام 2005م ولا شك ان معدل النمو المستهدف يعتبر عالياً بكل المقاييس العالمية والاقليمية. إلا ان تحقيق هذا المعدل يتطلب توفير الشروط واحتياجات القطاعات الانتاجية وعلى وجه الخصوص قطاعي الزراعة والصناعة ليكون هناك نمو حقيقي في الاقتصاد لا مجرد نمو اسمي تعكسه الارقام وناتج من عمليات اعادة توزيع لما تم انتاجه في القطاعات الانتاجية.
الايرادات : تبلغ تقديرات الايرادات للعام 2006م 1709 مليار دينار مقارنة مع تقديرات العام 2005م البالغة 1275 مليار دينار أي بزيادة قدرها 43.7% وتكون نسبة الزيادة 54.8% اذا ما قورنت بالاداء الفعلي لميزانية 2005م البالغ 112.8 مليار دينار.
تتكون الايرادات من :
 الايرادات الضريبية وتبلغ 676 مليار دينار بنسبة 39.5%.
 الايرادات غير الضريبية وتبلغ 1033.4 مليار دينار بنسبة 60.5%.
مقارنة مع الاداء الفعلي لميزانية 2005م حيث بلغت الايرادات الضريبية 490 مليار دينار بنسبة 47.6% من الايرادات الكلية والايرادات غير الضريبية التي بلغت 639.5 مليار بنسبة 52.4%. هنا لابد من الاشارة الى ان الاداء الفعلي للايرادات الضريبية للعام 2005م زاد عن الربط المقدر بمبلغ 168.1 مليار دينار.
تجربة الاداء الفعلي لميزانية 2005م وغيرها من الميزانيات السابقة تقدم دليلاً على ان الزيادة في نسبة الايرادات الضريبية عند التنفيذ يشكل الاحتمال الاكبر. ودائماً ما تأتي الزيادة في الايرادات الضريبية على حساب المستهلكين من خلال ازدياد وزن الضرائب غير المباشرة في هيكل الايرادات الضريبية.
1-2: الايرادات الضريبية :
تتكون الايرادات الضريبية في مشروع ميزانية العام 2006م من :
الضرائب غير المباشرة وتمثل 571 مليار دينار بنسبة 84.5% من اجمالي الايرادات الضريبية بينما تبلغ الضرائب المباشرة 105 مليار دينار بنسبة 15.5% فقط من جملة الايرادات. وهنا نبدي ملاحظاتنا ان الضرائب غير المباشرة التي يتحملها المستهلك في مشروع ميزانية العام 2006م زادت بشكل واضح في هيكل الايرادات الضريبية مقارنة مع الاداء الفعلي لميزانية العام 2005م حيث بلغت الزيادة 4.5% حيث كانت الضرائب غير المباشرة تمثل 80% من الايرادات الضريبية.
اتجاه مشروع الميزانية للعام 2006م لفرض المزيد من الضرائب على المستهلكين يعززه ما جاء في المذكرة التفسيرية لهذه الموازنة ص 35 والتي قدرت ايرادات ضريبة القيمة المضافة في عام 2006م بـ 236.5 مليار دينار مقارنة مع 93.5 مليار دينار في العام 2005م أي بزيادة قدرها 152.1% وهذه كلها اعباء جديدة تحملها في طياتها ميزانية العام 2006م لتلقيها على كاهل المستهلك الذي ينوء تحت وطأة الفقر.
1-3 الايرادات غير الضريبية :
تشمل هذه الايرادات :
 الرسوم المصلحية وتبلغ تقديراتها 25 مليار دينار.
 فوائض وارباح الهيئات والشركات الحكومية وتبلغ تقديراتها 65 مليار دينار.
 عائد الاستثمارات الحكومية "شهامة" ومقدر لها 18 مليار دينار.
 اخرى مقدر لها 17 مليار دينار.
إلا أن اهم بنود الايرادات غير الضريبية والايرادات بشكل عام هي الايرادات البترولية والتي يقدر لها في العام 2006م ان تبلغ 908.4 مليار دينار. وتمثل الايرادات البترولية 87.9% من الايرادات غير الضريبية و 53.1% من جملة الايرادات للعام 2006م. إلا أن ما احتوى عليه خطاب وزير المالية من بيانات وارقام تشير الي ان هذه النسبة ضئيلة مقارنة مع الانتاج والاسعار المحددة في الموازنة- علماً بان هذه الاسعار التي اعتمدت عليها حسابات الميزانية منخفضة جداً قياساً مع الاسعار في اسواق النفط العالمية.
لتأكيد ما ذهبنا إليه نورد البيانات التي يحتوي عليها الجدول أدناه.

قيمة النفط المنتج خلال العام 2006م
المربع الإنتاج اليومي عدد الأيام الإنتاج السنوي السعر للبرميل القيمة الكلية
(ألف برميل) يوم (ألف برميل) (دولار) (ألف دولار)
1، 2، 4 285 365 104025 45 4681125
3، 7 120 90 10800 35 378000
3، 7 200 275 55000 35 1925000
5 30 167 5010 35 175350
5 60 78 4680 35 163800
6 (الفولة) 13 90 1170 35 40950
6 (الفولة) 30 153 4590 35 160650
6 (الفولة) 40 122 4880 35 170800
الجملة 190155 7695675
المصدر: استنناداً على وزارة المالية والاقتصاد الوطني. المذكرة التفسيرية لموازنة العام 2006م.

ومن هذه البيانات نستنتج ان نصيب الحكومة الذي يدخل ضمن الايرادات العامة لا يتعدى الـ 52.5% عائدات النفط المحسوبة –عمداً- بسعر منخفض "54% من النفط السوداني يباع بسعر 45 دولار للبرميل أي ما يساوي 81% من السعر العالمي و 46% منه تباع بسعر 35 دولار للبرميل أي ما يساوي 70% فقط من السعر العالمي".
مما يجعلنا نطرح اسئلة امام هذا المجلس – ما هو النصيب الحقيقي لحكومة السودان من عائدات النفط؟ وهل يدخل كل نصيبها في ميزانية الدولة؟ وكيف يتم تسويق النفط السوداني؟
كما يلاحظ ايضا ان مشروع الموازنة اغفل العائد من مشتقات البترول "بنزين، نافتا، فيرنس…الخ" وايضا اغفلت الموازنة المطروحة للنقاش عائدات الذهب والمعادن الاخرى التي تتجاوز الـ 50 مليون دولار سنوياً. كما اغفلت الميزانية الايرادات التي يحققها ديوان الزكاة الذي تم انشاؤه بموجب قانون تشمله ولاية وزارة المالية على ما يجمعه من مال عام. وتشير المعلومات الى ان حصيلة ديوان الزكاة في العام 2004م بلغت حوالي 240 مليار دينار وكان من المتوقع لها ان تزيد بنسبة 30% في العام 2005م "الوحدة 9/12/2005م".
كما اغفلت الموازنة المقترحة للعام 2006م الايرادات التي تعود الى الحكومة من مساهمتها في رؤوس الأموال. حيث ان هذه المساهمة تظهر في بنود الانفاق المقدر لها ان تبلغ 77 مليار دينار إلا ان هذا الانفاق لم يظهر له أي عائد. علاوة على وجود شركات حكومية بواجهات مختلفة تحصل على ايرادات ضخمة لكنها للاسف لا تظهر لها مساهمة في الايرادات العامة.
المذكرة التفسيرية لموازنة الهيئات العامة والشركات الحكومية للعام 2006م تشير الى انه يتوقع ان تساهم هذه الهيئات والشركات بمبلغ 65 مليار دينار بزيادة قدرها 55% عن العام 2005م حيث كانت مساهمة هذه الهيئات والشركات في الايرادات العامة 42 مليار دينار. وتشير نفس المذكرة الى ان هذه الزيادة الكبيرة للمؤسسات التابعة للدولة تعزى الى الجهود الكبيرة التي تمت في اطار رفع الاداء وتطوير الضبط الاداري والاستخدامات في شقيها بالفصلين الاول والثاني. هذا يؤكد ان مؤسسات القطاع العام ليست دائما عنوانا للفشل كما يدعي البعض. بل ان هذه المؤسسات تؤكد قدرتها على الاستجابة لعمليات الاصلاح. وتزداد كفاءة هذه المؤسسات اذا توفر لها المناخ الصالح للعمل وتم الالتزام الصارم بالمعايير المحددة للكفاءة الاقتصادية والاجتماعية واعمال مبدأ الشفافية. إلا انه من المؤسف حقا وعلى الرغم من التحسن الكبير الذي طرأ على مساهمة هذه الهيئات والشركات، ان يلوح مشروع ميزانية 2006م بالمضي قدماً على طريق سياسات الخصخصة ويبشر بان الموارد المحلية المتاحة من الخصخصة خلال العام 2006م تبلغ 10 مليار دينار مما يعني ان الدولة عازمة على المضي في طريق تصفية ما تبقى من الوحدات التابعة لقطاع الدولة على عكس ما كان متوقعاً بعد اقرار اتفاق السلام في نيفاشا واتفاقية القاهرة والشروع في تنفيذهما بان تبدأ الحكومة باجراء تقويم موضوعي وامين لسياسة الخصخصة وجرد حسابها اولا قبل المضي قدما في تصفية ما تبقى من مؤسسات عامة تسهم بفعالية في ايرادات الدولة.

الإنفاق العام:
تبلغ تقديرات الانفاق العام في مشروع الموازنة 2085 مليار دينار في العام 2006م مقارنة باعتماد العام 2005م البالغة 1451 مليار دينار اي بزيادة قدرها 43.7%.
يمثل الفصل الاول الذي يشمل الاجور والمزايا التأمينية 20.1% منها بمبلغ وقدره418.3 مليار دينار مقارنة بـ 20.7% من اعتماد الانفاق العام في سنة 2005م.
ونلاحظ هنا الانخفاض النسبي للاجور والمرتبات والمزايا التأمينية في هيكل الانفاق العام بنسبة 0.6% عن العام الماضي. علماً بأن مشروع الميزانية المقدم لـ 2006م يبشر بزيادة قدرها 20% قيمة الحد الادنى للاجور وخلق 17 الف وظيفة جديدة. ونلاحظ وبالرغم من وجود احتياطي في هذا الفصل يقدر بـ 42.9 مليار دينار إلا ان مشروع الموازنة خلا من الاشارة الى رصد اي اعتماد لمقابلة اعادة المفصولين تعسفياً من العمل بموجب ما سمي بالاحالة الى الصالح العام من مدنيين وعسكريين وتسوية اوضاعهم واستيعاب افراد قوات التجمع الوطني الديمقراطي.
الزيادة التي تبشر بها الميزانية المقترحة تبدأ اعتباراً من اول ابريل اي من الربع الثاني للعام المالي 2006م. علماً بان الزيادة في الضرائب غير المباشرة، بما فيها ضريبة القيمة المضافة وغيرها من الضرائب التي يقع عبؤها على المستهلكين ومن بينهم العاملين، تبدأ من اول يناير 2006م. وكما عودتنا الحكومة فانها لا تلتزم بالسداد في التاريخ المحدد مما يعني اتساع الفجوة بين الاجور والاسعار التي لن يفلح استلام متأخرات الزيادة في الاجور في ردمها.
أما الفصل الثاني والذي يمثل التسيير والبنود الممركزة والدعم الاجتماعي العام فيمثل 42.2% من الانفاق العام مقارنة بـ 26.1% في العام 2005م.
أما الفصل الثالث الذي يمثل التنمية الاتحادية فقد اعتمد له مشروع الموازنة للعام 2006م مبلغ 365.243 مليار دينار بنسبة 17.5% فقط من الانفاق العام مقارنة بـ 18.8% في العام 2005م اي ان انخفاضاً نسبياً قد حدث في اعتماد ميزانية التنمية الاتحادية بمقدار 1.3% مقارنة بالعام الماضي.
الباب الثاني ويمثل انفاق حكومة الجنوب ويبلغ 319.4 مليار دينار بنسبة 15.3% من اجمال الانفاق العام. مقارنة بـ 274.4 مليار دينار في العام 2005م اي بزيادة قدرها 16.5% عن العام السابق، علماً بان الانفاق على الجنوب في العام السابق كان يمثل 18.9% من الانفاق العام مما يعني ان النصيب النسبي للجنوب من الانفاق العام انخفض بنسبة 3.6%.
الباب الثالث وهو يشمل الانفاق على حكومات الولايات الشمالية فقد بلغ 477.8 مليار دينار اي ما يعادل 22.9% من جملة الانفاق العام مقارنة بـ 224.8 مليار دينار في العام 2005م اي بزيادة قدرها 112.5% علماً بان الانفاق الجاري في الولايات الشمالية يستحوذ على 70.4% من جملة تحويلات الحكومة الاتحادية لهذه الولايات.
سوء توزيع الموارد:
يقدم مشروع الموازنة العامة للعام 2006م ابلغ مثال لسوء توزيع الموارد الذي ظلت تمارسه حكومة الانقاذ وتريد لهذا التوزيع السيء ان يتواصل بعد توقيع اتفاق السلام واتفاقية القاهرية، فاذا كانت الاجور والمرتبات في العام 2006م ستكون 336.910 مليار دينار، فان 77.3% من اجمالي الاجور – اي 260.574 – تذهب لاجور قطاع الدفاع والامن والشرطة، اما الاجور والمرتبات للاجهزة السيادية فتبلغ 31.3822 مليار ديناراي بنسبة 9.3% من اجمالي الاجور مما يعني ان الاجور لقطاع الدفاع والامن والشرطة والاجهزة السيادية تستحوذ على 86.6%من اجمالي الاجور المرصودة للعاملين في الحكومة الاتحادية.
سوء توزيع الموارد يجسده المثال التالي ايضاً: اذ يستأثر قطاع الدفاع والامن والشرطة والاجهزة السيادية على 68.5% من مصروفات التسيير مقارنة مع نصيب الزراعة، الصناعة، النقل والطرق والجسور، والطاقة والتعدين، القطاع الاقتصادي والمالي وقطاع الاعلام والاتصالات والصحة والتعليم مجتمعة والذي يبلغ 31.4% من مصروفات التسيير.
مصروفات التسيير التي يقدرها مشروع الموازنة للدفاع والامن والشرطة تبلغ 333.7% مليار دينار يعادل أكثر من 10 مرات المقدر لمجموع نفس البنود للتعليم ويعادل 15.5 مرة المقدرة لبنود الصحة. كما يبدو سوء توزيع الموارد في ان مخصصات الوفود والمؤتمرات تعادل ثلاث مرات المبالغ المقدرة لاستيعاب الخريجين حيث ان الاول يقدر له 6 مليارات دينار والثاني 2 مليار دينار. في وقت تشير فيه المصادر الى ان البطالة بين الخريجين بلغت 456 الف خريج "الوحدة 9/12/2005م". كما يلاحظ ان بنود الانفاق العام تشمل الانفاق على بعض الاجهزة التابعة رسمياً للدولة مثل منظمة الشهيد المصنفة كمنظمة حزبية والتي خصص لها مشروع الميزانية المطروح للنقاش 1.3 مليار دينار اي حوالي 65% من المبلغ المقترح تخصيصه لاستيعاب الخريجين ويقترح مشروع الميزانية تخصيص 60 مليار دينار كمصروفات تسيير لهيئة تزكية المجتمع و203.1 مليون دينار للمجلس الوطني للذكر والذاكرين.
الدعم:
ونحن نناقش مشروع الميزانية نرى لزاماً علينا ان نوضح رأينا لهذا المجلس وجماهير الشعب السوداني حول الفهم الذي ظلت تنطلق منه حكومة الانقاذ على مدى سنوات حكمها خاصة وبعد ان اعتلى عبدالرحيم حمدي منصب وزير المالية وظلت تردد هذا الفهم حتى يستقر في اذهان المواطنين. انها اي الحكومة تقدم منحة للمواطنين ولها الحق في ان تسحب هذه المنحة في الوقت الذي تشاء. نعلن من هذا المكان اختلافنا مع الفهم الذي ظلت تتبناه حكومة الانقاذ وتريد للحكومة الحالية ان تمضي علي ذات النهج. فعلى سبيل المثال ظلت حكومة الانقاذ ولا تزال وزارة المالية الانقاذية تواصل زعمها بانها تدعم الاستهلاك المحلي من المواد البترولية لمجرد ان السعر العالمي اعلى من السعر المحلي. معتبرة ان الفرق بين السعرين يعتبر دعماً تقدمه الحكومة للاستهلاك المحلي. علماً بان الحكومة تحقق ارباحاً من مبيعاتها للمواد البترولية في السوق المحلي، فليس يستقيم عقلاً تقديم الدعم وفي نفس الوقت تحقيق الارباح! وانخفاض السعر المحلي عن السعر العالمي امر طبيعي في كل البلدان المنتجة للنفط. كما ان اختلافنا مع فهم الدعم الذي ظلت تعبر عنه حكومة الانقاذ وتود له ان يستمر ينطلق من ان الاسعار المحلية لا تحددها الاسعار المحلية كما ان الاجور والدخول المحلية لا يمكن ان تحددها الاجور والدخول في البلدان المتقدمة. فالاسعار المحلية ومن ضمنها اسعار المواد البترولية في السوق المحلية تحججها مجموعة عوامل اقتصادية واجتماعية داخلية من بينها تكاليف الانتاج والدخل ومستوى المعيشة ..الخ، كما ان احتياجات تنمية وتطوير القطاعات الانتاجية في الاقتصاد الوطني، لا بد من ان توضع في الاعتبار عند التفكير في تحديد السعر المحلي للمنتجات البترولية.
كل ذلك يشير الى فقدان الحكومة لجزء من دخلها من جراء عدم تصديرها لما يتم استهلاكه محليا ولا يعني انها تقدم دعماً، بل يحقق لها مكاسب اخرى بطريقة غير مباشرة، بالاضافة الى الارباح المباشرة التي تحققها من مبيعاتها في السوق المحلية.
اما ما جاء عن دعم الخدمات الصحية فاننا لا نوافق على استخدام مصطلح دعم في حالة الانفاق على الصحة والتعليم لان توفير هذه الخدمات يعتبر واجباً من واجبات الدولة الاساسية وعليها ان تلتزم بالقيام بهذا الواجب ولا نقبل ان تسميه دعماً لكي يسهل عليها التنصل منه في يوم من الايام.
التنمية:
التنمية في مشروع موازنة 2006م تشمل التنمية الاتحادية ومقدر لها 365.243 مليار دينار بنسبة 17.5% من الانفاق العام والتنمية الولائية ويقدر لها مشروع الموازنة 141.587 مليار دينار بنسبة 6.8% من جملة الانفاق العام.
التنمية بشقيها الاتحادي والولائي تتسم بالضعف خاصة بعد ان فرضت سياسات التحرير الاقتصادي التي تنتهجها الدولة الحد من الاستثمار المنتج للدولة. وجعلت القطاع الخاص المحلي المنتج في وضع لا يحسد عليه، اذ لا يكفي ان يقترح مشروع الميزانية تخفيض رسوم الانتاج على الاسمنت والبوهيات والمطالبة بتجميد التعريفة الصفرية للكوميسا لمدة عامين لزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، فعلى الدولة ان تتخلى عن فرض الجبايات بانواعها المختلفة في المركز والولايات على مدخلات الانتاج وعلى المنتجات المحلية الجاهزة وتهيئة المناخ المشجع لرأس المال المنتج، وتوجيه سياسة التمويل لخدمته. وفي نفس الوقت فرض المزيد من الضرائب والرسوم على الانشطة الطفيلية التي تقيض وتمتص ثمرة جهود القطاعات الانتاجية وتثرى على حسابها.
الانفاق التنموي الاتحادي والولائي يتسم بالضعف مقارنة مع اوجه الانفاق على الاجهزة الادارية والامنية المتضخمة في المركز والولايات، اذ ان دعم الانفاق الجاري الولائي لا يساوي اعتمادات التنمية الولائية مرتين ونصف المرة تقريباً. وان نصيب قطاعي الصحة والتعليم من المخصصات المقترحة للتنمية الولائية لا يتعدى 7.9% و11.4% على التوالي. الصورة قاتمة في حالة التنمية الاتحادية لم تبرصد اي اعتماد في الفصل الثالث "ميزانية التنمية" لقطاع الصحة والتعليم "مشروع موازنة 2006 ص 32 – الجداول" علماً بان مخصصات التنمية الاتحادية للعام 2006م لا تشمل مشروعاً واحداً في جنوب البلاد مما يعني ان هذه الميزانية لا تعزز خيار الوحدة.
البلاد تتهيأ لاستقبال موارد مالية اضافية من المصادر الخارجية كما وعد المانحون وتضمنها مشروع الميزانية. واتجاه زيادة الكتلة النقدية بنسبة 30% يتطلب تشجيع القطاع المنتج القائم في كل القطاعات – قطاع الدولة والقطاع الخاص والقطاع المختلط حتى يتمكن من توفير السلع والخدمات لمقابلة الزيادة في الانفاق والقوة الشرائية حتى لا تتصاعد معدلات التضخم. وان الاعتماد على المنتجين المحليين وليس على الاستيراد لمقابلة الطلب المتوقع هو الذي سيدفع اقتصادنا الوطني للامام.

ملخص رأي الهيئة البرلمانية للحزب الشيوعي في ميزانية عام 2006 في 8 نقاط الذي قدمته الهيئة في جلسة المجلس الوطني لنقاش الميزانية

أولاً: هذه الميزانية لا تختلف كثيراً عن الميزانية السابقة في تكريس الفقر وتوسيع دائرته وتعميق حدة التفاوت بين شرائح المجتمع المختلفة وطبقاته.
ثانياً: الأهداف التي تنشدها الموازنة وهي ( تحقيق معدل نمو 10% وتخفيض التضخم ) تنسفها تفاصيل الإيرادات والإنفاق العام.
ثالثاً: زيادة الأجور المقترحة في ابريل 2006 (إذا حدث ذلك) ستبتلعها الزيادات في الأسعار والضرائب الواردة في الموازنة.
رابعاً: الإيرادات تعتمد أساساً على البترول وهو يمثل 53.1% من الإيرادات العامة. + الضرائب بشقيها مباشرة وغير مباشرة وتبلغ 39.5 %. + 7.4% فقط هي إيرادات غير ضريبية في الميزانية.
ده مؤشر واضح للزيادات التي ستحدث حتماً في الأسعار ، مما يضاعف أعباء المعيشة ويجعل حياة الأغلبية الساحقة من الشعب جحيماً لا يطاق.
خامساً: ما هو غريب ومريب فعلاً إن هناك إيرادات لم ترد في الميزانية مثل:
1- إيرادات الذهب والمعادن الأخرى وهي أكثر من 50 مليون دولار في العام.
2- إيرادات المؤسسات التي تشارك الحكومة برأسمال فيها مثل (مشروع سندس، البنك الإسلامي للتنمية ... الخ).
3- إيرادات الشركات والمؤسسات التابعة للأجهزة الأمنية مثل (مجموعة قادرة للاستثمار – شاكرين – وبشائر للبترول ... الخ).
4- عائدات صادر المشتقات البترولية (وتبلغ أكثر من 114 مليون دولار في العام).
5- إيرادات ديوان الزكاة رغم ضخامتها وهي (240 مليار دينار في عام 2005 إلى 312 مليار دينار).
سادساً: يلاحظ في الإيرادات التالي:
1- نصيب الحكومة من البترول لا يتعدى 52.5% من عائدات النفط والحكومة تدعي أن نصيبها 80%. – ونجد أسعار بيع النفط المصدر متدنية في حين هناك ارتفاع كبير في الأسعار العالمية؛ السؤال الذي يفرض نفسه ويحتاج إلى إجابة واضحة من وزير المالية هو : كيف يتم تسويق البترول السوداني؟ وكم من نصيب الحكومة في البترول يدخل الموازنة؟ (لأن هذا مسكوت عنه).
2- هناك زيادة كبيرة في الضرائب غير المباشرة بلغ 571 مليار دينار. وهي ستلقي أعباء كبيرة على المواطن المسحوق أصلاً.
3- كذلك الزيادة في ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 12%.
سابعاً: فيما يتعلق بالإنفاق العام نجد أشياء أكثر غرابة:
1- معظم الفصل الأول (الأجور والمرتبات) مخصصة للأمن والدفاع (260.5 مليار دينار من جملة 408 مليار دينار).
2- المخصص من مصروفات التسيير للأمن والدفاع يعادل 73.1 مليار دينار من جملة 127.8 مليار دينار.
3- ونجد أن الإنفاق على التنمية لا يتجاوز 17.5% من الإنفاق العام.
– والدعم الاجتماعي العام يعادل 1.9% فقط من الإنفاق العام.
4- لا توجد ميزانية تنمية اتحادية لقطاعي الصحة والتعليم.
5- يحدث ذلك في وقت تنفق فيه الحكومة من مال الشعب على منظماتها الحزبية كما هو مبين دون حياء في الموازنة مثل: منظمة الشهيد، وهيئة الذكر والذاكرين وغيرها !!
6- الحكومة لا تدعم البترول ولا أي سلعة أخرى. ويؤكد ذلك بنك السودان عن عائدات البترول (مال التركيز).
7- الحكومة لم ترصد أي اعتماد لمقابلة إعادة المفصولين ودفع الضرر وإنصاف المعاشيين.
8- مطلوب وقف الخصخصة وبيع القطاع العام بل دعمه وإصلاحه وفتح ملف الفساد في عمليات بيع الوحدات الحكومية والتصرف في القطاع العام.
9- الموازنة لم تضع أي اعتماد للتنمية القومية في جنوب البلاد. وهي موازنة تكرس لانفصال الجنوب إذا سارت بهذه الصورة.
المخصص لحكومة الجنوب من إيرادات البترول ونصيب الولايات الجنوبية قليل ولا يزيد عن 319 مليار دينار أي 16.5% فقط زيادة عن اعتماد عام 2005.
ثامناً: أما عن دارفور والمخصصات المحددة لها:
فرغم أن سكان دارفور الذين تأثروا مباشرة بالأحداث يبلغ عددهم حوالي 3.4 مليون أي نصف سكان دارفور.
عدد القرى التي تم حرقها وتدميرها يفوق الـ 4 ألف قرية. عدد المواطنين في المعسكرات ، داخل البلاد وخارجها يبلغ عددهم 2 مليون من النساء والأطفال والعجزة. (استناداً إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة شهر نوفمبر 2005).
لم يرد في خطاب الموازنة أي إسهام للحكومة في الإنفاق على احتياجات المواطنين وعلى رأسها إعادة تعمير القرى المدمرة أو الإعاشة والخدمات. في حين نجد مخصصات الدفاع والأمن بلغت أكثر من 126 مليار دينار.
* ومعلوم أن الحكومة تسعى بإصرار لشراء مقاتلات وقاذفات بينما وقفت الحرب في الجنوب وهناك محادثات للوصول لتسوية سلمية في دارفور.


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved