وقررت المنظمات مخاطبة عدد من نواب البرلمان المعارضين ومنهم المنتمون لجماعة الاخوان لتبني مطلباً بتشكيل بعثة تقصي حقائق أخرى من نواب البرلمان لكشف ملابسات الحادث وسط تزايد الإدانة والاستنكار لتعامل الأمن مع الوضع بهذا العنف، رغم اعتراف الكثيرين بأنه تم استنفاد كافة السبل السلمية لاقناع السودانيين بفض اعتصامهم. وفيما حملت المنظمات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين القدر الأكبر من المسؤولية عن الحادث، بدأ عدد من المنظمات الاقليمية بقيادة المنظمة العربية لحقوق الانسان في اجراء مفاوضات جديدة مع المفوضية لاقناعها بالاستجابة لمطالب اللاجئين السودانيين، كما بدأت المنظمات في الوقت نفسه تحركاً آخر مع السودانيين لاقناعهم بالقبول بحلول وسطية لانهاء الأزمة تماماً.
وطالبت المنظمات أجهزة الأمن بنقل اللاجئين من معسكرات الأمن المركزي إلى معسكرات مدنية أخرى تتحمل تكلفتها ورعايتها المفوضية، وكذلك مطالبة الحكومة المصرية بتشكيل لجنة موسعة للتحقيق في أبعاد الحادث ومحاسبة المسؤولين عنه أياً كان وضعهم.
وشددت المنظمة المصرية لحقوق الانسان على ضرورة اتخاذ اجراءات بترحيل اللاجئين السودانيين من مصر إلى بلادهم، وفي حالة ترحيلهم ينبغي الحصول على ضمانات رسمية بتوفير الحماية والرعاية لهم من دون تعرضهم لأية مساءلات من أية جهة أمنية داخل السودان، كما طالبت المنظمة الحكومة المصرية باصدار بيان رسمي حول العدد الفعلي لقتلى الحادث وكذلك المصابين. وبرلمانياً يتوقع أن يبدأ البرلمان المصري اليوم مناقشة هذا الملف في ضوء ثلاثة بيانات عاجلة من نواب الاخوان وطلب احاطة من النائب المستقل طلعت السادات.
وقالت مصادر برلمانية لـ«الشرق الأوسط» إن البرلمان يتجه إلى اصدار بيان يعرب فيه عن أسفه وتعازيه للشعب ومجلس الأمة السودانيين.
ويبعد هذا البيان في حالة صدوره محاولة لامتصاص غضب المعارضة البرلمانية خاصة نواب التيار الاسلامي الذين لاحقوا الحكومة الجديدة وبعد تشكيلها بساعات بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة الى د. أحمد نظيف ووزيري الخارجية والداخلية تنتقد استخدام العنف لفض الاعتصام وما وصفوه بأنه أبلغ اساءة إلى صورة مصر الحضارية وشعبها.
وعلى الصعيد نفسه رفضت الجامعة العربية التعليق على الحادث، واعتبرت مصادر مطلعة أن موت أي عربي خلال هذه المرحلة يثير الألم، لكنها وصفت المشكلة بأنها معقدة للغاية ولها أبعاد عديدة، فيما اعتبرتها مسؤولية مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وفقاً لما صدر عن الحكومة السودانية.
وفي إطار متابعتها لتداعيات الحادث أجرى مسؤولون بوزارة الخارجية المصرية مباحثات مكثفة أمس مع المدير الاقليمي لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وعلمت «الشرق الأوسط» أن المشاورات تناولت عدة موضوعات بينها ما صدر عن مدير المفوضية في جنيف تجاه مصر من اتهامات لاقت استياء وغضباً شديدين. وقالت مصادر دبلوماسية إن القاهرة من خلال المباحثات بين المسؤول الدولي ومسؤول وزارة الخارجية أبلغت المفوضية العليا من خلال مكتبها في القاهرة بتفاصيل الأزمة منذ بدايتها والتعامل المصري معها ونفت عن نفسها أية مسؤولية في تعقيد هذه المشكلة التي اعتبرت أنها ليست طرفاً مباشراً بها وانما طرفاها المفوضية عبر مكتبها الاقليمي واللاجئون المعتصمون أنفسهم.
وأكدت القاهرة جديتها للتحقيق فيما تم ومحاسبة أي مسؤول أمني يثبت تجاوزه، فيما طلبت من المفوضية مجدداً سرعة العمل على ايجاد حل مشكلة اللاجئين وتخفيف المعاناة عنهم. في الوقت نفسه كشفت مصادر مطلعة أن مصر لم تتخذ أية اجراءات استثنائية أو غير عادية ضد الرعايا السودانيين الموجودين بها والتي تقدرهم بعض الاحصائيات بنحو خمسة ملايين سوداني، وقالت إن كافة المؤشرات تؤكد أن هذا الحادث لم يؤثر على حجم الوجود السوداني بل لم تحدث حالات مغادرة جماعية أو تزايد في معدلاتها عن المعدلات العادية. وأدان متحدث رسمي باسم حزب التجمع اليساري الأحداث المؤسفة التي شهدها اعتصام الأشقاء السودانيين في منطقة المهندسين، وأكد ضرورة فتح باب التحقيق في الأحداث ومحاسبة الجناة الذين قتلوا بلا رحمة بينهم عشرة أطفال لا ذنب لهم إلا أنهم أبناء الفقر والحرب، كما طالب المتحدث مجلس الشعب بضرورة مساءلة وزير الداخلية ازاء ما حدث.