اخبار سودانية
أخر الاخبار من السودان

عقبــات علي طريــق الســـلام

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
2/1/2006 3:28 ص


الخرطوم‏:‏ عبد الواحد لبيني

انتهي عام‏2005‏ في السودان إلي حال غير الذي بدأ به‏,‏ فقد بدأ بزغاريد واحتفالات لدي قطاعات واسعة من السودانيين استبشروا بأن يكون عاما للسلام بعد توقيع اتفاق السلام بين حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان في مطلعه‏,‏ وبآمال عريضة أن يحدث هذا الاتفاق برغم المآخذ العديدة عليه تحولات كبيرة في السودان تتعلق بالحفاظ علي وحدته وإحداث تحول ديمقراطي وجعل السلام حقيقة علي أرض الواقع‏,‏ وأن ينعكس ذلك بشكل إيجابي علي حل باقي المشكلات في شرق السودان ودارفور‏,‏ وعلي علاقات السودان مع العالم الخارجي‏.‏

لكن ها هو عام‏2005‏ يرحل ليترك الكثير من الآمال التي لم تتحقق معلقة بالعام الذي يليه‏,‏ مشفوعة بدموع ودماء مازالت تسيل‏,‏ ومحاطة بصعوبات وشكوك وظنون وضغوط وإحباطات‏.‏

وقد كان عام‏2005‏ عاما حافلا في السودان‏,‏ إذ شهد توقيع اتفاق السلام في حفل تاريخي بحضور دولي وإقليمي‏,‏ عاد بعده زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان الراحل الدكتور جون قرنق لتستقبله الملايين في استقبال منقطع النظير بالخرطوم‏,‏ إيذانا بانتهاء الحرب وبدء تنفيذ اتفاق السلام‏.‏
وصاحب ذلك وسبقه حدوث انفراج داخلي بالإعلان عن رفع حالة الطوارئ في غير مناطق الحرب‏,‏ وبالإفراج عن الشيخ حسن الترابي زعيم حزب المؤتمر الشعبي‏,‏ وبخروج محمد إبراهيم نقد زعيم الحزب الشيوعي من اختفائه‏.‏

وبدت الأجواء وقتها مبشرة‏,‏ فها هو قرنق زعيم التمرد علي مدي‏22‏ عاما يضع يديه في أيدي خصومه السابقين الرئيس السوداني عمر البشير‏,‏ ونائبه علي عثمان طه‏,‏ ويعلن أنه لا يهدف فقط لوقف الحرب وتحقيق السلام والتنمية في الجنوب‏,‏ وإنما في كل شبر من أنحاء السودان‏,‏ ويدشن عمل حركته كحزب سياسي‏,‏ ويذهب لحضور مؤتمر أوسلو للمانحين برفقة علي عثمان طه‏,‏ الذي تعهد بتقديم‏4.5‏ مليار دولار لإعادة إعمار الجنوب‏.‏
وفي مفاجأة أذهلت السودان وأدخلته في دوامة عنف في العاصمة الخرطوم وعاصمة الجنوب جوبا‏,‏ اختطف القدر الدكتور جون قرنق رئيس الحركة الشعبية الذي وجدت أفكاره نحو الوحدة في تنوع السودان رضاء من الجنوبيين والشماليين علي السواء‏,‏ وقضي في حادث تحطم الطائرة الرئاسية الأوغندية في طريق عودته من أوغندا إلي السودان حيث تضاربت أقوال القيادة الأوغندية حول الطائرة والحادث‏,‏ ومازالت لجنة التحقيق في الحادث تمارس عملها بين كمبالا والخرطوم‏,‏ مطلع أغسطس الذي حمل فاجعة رحيل قرنق حمل أيضا تجاوز الحركة الشعبية لأحزانها واختبار قيادتها قبل مراسم دفن الراحل‏,‏ ليثور جدل في الشمال حول توجه القادة الجدد للانفصال‏,‏ لكن سلفا كير الرئيس الجديد للحركة أرسل تطمينات هادئة في أول أسبوع لتقلد منصبه كنائب أول لرئيس الجمهورية بزيارته الأولي في موقعه الجديد إلي مصر‏,‏ مما أعطي إشارة إيجابية بأنه علي خطي سلفه يسير نحو الوحدة‏.‏

وعلي أثر التحول في حكم الإنقاذ إلي حكومة وحدة وطنية أبدت الحركة الشعبية مرونة في تقبلها للتقسيم الإداري‏,‏ وتنازلت عن وزارة النفط والمالية‏.‏
ووضع الرحيل المفاجئ لقرنق أطرافا عديدة داخل السودان وخارجه في مأزق‏,‏ فقد كان الفرس الذي يراهن عليه الجميع‏,‏ أو التلميذ الشاطر الذي يعلق عليه كل التلاميذ أملهم في النجاح‏,‏ فلما غاب عن الساحة وقع الجميع في مأزق‏,‏ فتغيرت الأوضاع داخل حركته التي كان يمسك بزمام قيادتها علي مدي‏22‏ عاما‏,‏ وألقي غيابه بظلال واسعة حول أولويات أهداف حركته الآن‏,‏ وحول مشروع السودان الجديد الذي كان يبشر به ويسعي لتحقيقه في السودان‏,‏ كما أثر غيابه علي حلفائه في التجمع المعارض وفي دارفور والإقليم والعالم‏,‏ وقد كان ممسكا بخيوط اللعبة السياسية في السودان كله‏.‏

وبرغم ذلك استطاعت الحركة الشعبية أن تلملم جراحها‏,‏ وأن تختار القائد سلفا كير ميارديت نائب رئيس الحركة خلفا للراحل قرنق في موقعه كرئيس للحركة ونائب للرئيس وحاكم للجنوب‏,‏ لتبدأ بعدها المشاورات مع حزب المؤتمر الوطني شريكها في الحكم حول تشكيل الحكومة الانتقالية‏,‏ وهو الأمر الذي استغرق زمنا طويلا وشابته خلافات حول تولي وزارة الطاقة وغيرها‏,‏ وأدي إلي تركيبة وزارية وجهت إليها العديد من الانتقادات‏.‏
وقد طفت بعد ذلك خلافات حول منطقة أبيي المتنازع عليها بين الشمال والجنوب‏,‏ والتي أقرت اللجنة الخاصة بها تبعيتها إلي الجنوب‏,‏ وهو الأمر الذي ينذر بتفجير الأوضاع في السودان ما لم يتم تدارك الأمر وتقديم حلول مرضية لسكان أبيي من الدينكانقوك والعرب المسيرية‏.‏

بالإضافة إلي خلاف حول إرادة العاصمة القومية وعدم التوصل إلي حل لمشكلة الميليشيات الجنوبية خارج الحركة‏,‏ وكذلك عدم حل مشكلة جيش الرب الأوغندي المعارض الموجود في الأراضي السودانية‏,‏ وإن تم تشكيل المفوضيات التي نص عليها اتفاق السلام وبقي أن تباشر عملها بفاعلية‏.‏
وشهد العام الماضي توقيع اتفاق القاهرة للمصالحة الوطنية الشاملة بين الحكومة السودانية والتجمع المعارض‏,‏ الذي قاد في النهاية إلي عودة معظم قيادات التجمع إلي الخرطوم ومشاركته في السلطة وفق اتفاق مع الحكومة أثار خلافات داخل التجمع‏,‏ وكذلك تشكلت جبهة موحدة لمتمردي شرق السودان‏,‏ وتحالفا للمعارضة بين حزب الأمة الذي يتزعمه السيد الصادق المهدي وحزب المؤتمر الشعبي الذي يتزعمه الشيخ حسن الترابي‏.‏

وصاحب ذلك استمرار الأزمة في دارفور التي وصلت جولات المفاوضات بشأنها إلي محطتها السابعة دون إحراز تقدم حقيقي يؤدي لتسوية سياسية للمشكلة بما ينعكس علي حل المشكلة أمنيا وإنسانيا في الإقليم‏,‏ وزاد من تفاقم الأزمة وتعثر الوصول إلي حل بشأنها الانقسام في صفوف الحركات المسلحة بدارفور‏,‏ لاسيما حركة تحرير السودان‏,‏ التي اختارت ميني أركو ميناوي زعيما لها بدلا من عبدالواحد محمد نور الذي عارض ذلك التغيير‏.‏
وجاء التصعيد الأخير بين السودان وتشاد ليصب مزيدا من النار علي الحدود الملتهبة بين البلدين‏,‏ وليهدد بإطالة أمد الأزمة في دارفور ما لم يتم احتواء الموقف‏.‏

وبدأ المجتمع الدولي يتعامل مع السودان من خلال مسارين‏,‏ أولهما يعد بتقديم المساعدة والمعونات من أجل تطبيق اتفاق السلام‏,‏ ومسار آخر يتوعد فيه بالعقوبات والقرارات الدولية بشأن دارفور‏,‏ التي كان أخطرها القرار‏1593‏ وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة بشأن محاكمة مرتكبي جرائم الحرب بدارفور‏,‏ وإحالة الأمر للمحكمة الجنائية الدولية التي بدأ المدعي العام لها لويس مورينو أوكامبو عمله في ظل حديث عن قائمة تضم‏51‏ شخصية مسئولة عن تلك الانتهاكات‏,‏ ثم جاء مشروع قانون محاسبة دارفور في الكونجرس الأمريكي ليصب في الاتجاه نفسه‏,‏ بعد أن قررت واشنطن في نوفمبر تمديد عقوباتها المفروضة علي السودان لعام آخر‏.‏
وهكذا مضي العام الأول من الفترة الانتقالية التي حددها اتفاق السلام السوداني بست سنوات‏,‏ فهل تنقضي السنوات الخمس المتبقية مثل العام الأول الذي شهد بعض الإنجازات والعديد من النكبات والصعوبات جعلت السودان مازال يتلمس طريقه؟ أم يشهد العام المقبل محاولات لسد فجوات الداخل وجبهات الخارج وما أكثرهما‏,‏ لاستغلال فرصة سانحة وربما أخيرة لتحقيق الوحدة والاستقرار في السودان‏.‏





اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved