بعد التحية ،،،
بعد أكثر من تسعة أشهر على قراراتكم التي أحلتم بموجبها قضية دارفور إلى محكمة الجزاء الدولية ، ما زال الوضع المأساوي يزداد سوءاً . لقد درجت الحكومة في مستهل كل جولة مفاوضات على تصعيد عملها العسكري بنية فرض الحل العسكري والأمني وإجهاض القضية وإخراجها عن إطارها السياسي الحقيقي. والإبقاء على الأقلية التي ظلت تحكم وتسيطر على كل شئ وتهميش الجميع ورفض أي صيغة حكم تستوعب الأخرين . وفي ظل إصرار الحكومة السودانية على نهجها وسياستها الرامية لإستمرار المأساة ، وإرسالها وفوداً دون تفويض مطلق للوصول إلى إتفاقيات حقيقية ، يصبح لزاماً على مجلس الأمن إتخاذ تدابير أكثرفعالية وأبلغ مضموناً وأسرع تأثيراً لتغيير الواقع المأساوي الآن في دارفور، والذي لا تزال فيه القوات الحكومية ومليشيات الجنجويد تمارس النهب والقتل والإغتصاب ، وما زالت أعداد الضحايا واللاجئين والنازحين تزداد يوماً بعد يوم.
السادة الأعضاء.
إن التوتر الذي يتعاظم يوماً بعد آخر على الحدود السودانية التشادية ، يؤثر سلباً على سلامة الوضع الأمني والإنساني والتفاوضي ،لا سيما مع وجود مجموعات أجنبية مسلّحة داخل الأراضي السودانية ، بينما ترفض في ذات الوقت أن ينعكس ذلك في شكل قناعة مشتركة بيننا كأطراف ، كبند أساسي في صدر المبادئ العامة التي تحكم مناقشات ورقة الترتيبات الأمنية في المفاوضات ، رغم إدراك الجميع بأن ذلك مبدأ أساسي في المواثيق الدولية ، يتناول بوضوح موضوع سيادة الدول .
إن آلاف الشباب المغبونين من أبناء دارفور ، والذين يحملون السلاح ويشكلون قوات الحركتين (حركة/ جيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة ) وبرغم سياسة الأرض المحروقة والتهجير القسري التي إتّبعتها قوات الحكومة السودانية طوال السنوات الثلاث الماضية ، ظل إلتزام الحركتان بالإتفاقيات قوياً . إلتزاماً تمثل في إنضباط مؤطر بالصبر. وهي سابقة قلما سطّرتها صفحات تاريخ الحركات التحررية في المحيطين الدولي والإقليمي ، لا سيما تلك التي تنطلق في أرض مغلقة كما هو حال حركتينا . وهو ما أكسبتهما إحترام الجميع .
الأعضاء الأفاضل .
إن الأزمة السودانية في دارفور ، أزمة سياسية جذوراً وجذعاً وفروع . وهي بذلك تتطلب حلاً سياسياً يستوعب هذا المضمون . ولما كنا ندرك أن هذا الحل لا يتأتى إلا من خلال فهم الحكومة لهذا المضمون ، آثرنا أن تعكس رؤيتنا حلاً يستوعب هذا الفهم ويؤسس لسلام شامل ليس فقط في هذا المنبر فحسب ، وإنما يمتد لأي منبر قد ينشأ في أي إقليم من أقاليم السودان ، لطالما ظلّت الحكومة قاسماً مشتركاً في أزمات الوطن . بيد أن العهد الذي قطعناه بالعمل على تحقيق السلام الشامل قبل مطلع العام الجديد ، قد إصطدم بتعمد الحكومة السودانية وإصرارها على إعتماد الحل من خلال فهمها الخاطئ المتمثل في فرض مرجعياتها بتطبيق حلولها ، في ظل تغافل متعمد لما تم الإتفاق عليه في إعلان المبادئ الموقّع بين الأطراف في الخامس من يوليو الماضي في أبوجا – نيجيريا، والذي رسّخ بوضوح المضمون السياسي للأزمة وحدد محاورها وفصّل أجندتها. لهذا أضاعت الحكومة السودانية وقت التفاوض بإصرارها على فرض الفلسفة الخاطئة ، مما أنهى حظوظ الوصول إلى أي إتفاق رغم مرور شهر ونصف على بدء هذه الجولة . وإن أكثر ما نخشاه ، هو أن تظل الوساطة الأفريقية و الشركاء وكذا الوقت في حيرة من أمرهم أمام هذا التعنت .
الأعضاء الكرام ،،
إن رؤيتنا حول شكل الترتيبات الأمنية التي توفر مناخاً آمناً للعودة الطوعية للاجئين والنازحين إلى مناطقهم الأصلية وممارسة حياتهم الطبيعية في إطمئنان تام ويضع حداً للظلم ويحمي السلام الشامل . هذه الرؤية تقوم على ركائز أساسية هي :
1- نزع سلاح الجنجويد وتسريحهم ومحاكمة قادتهم .
2- إعادة هيكلة وتشكيل وتطويرالقوات النظامية السودانية بمختلف تكويناتها بحيث تعكس التنوع السوداني في كل المستويات .
3- بقاء القوات المسلحة للحركتين طوال الفترة الإنتقالية التي سيتم الإتفاق حولها ، لضمان تنفيذ الإتفاقيات التي يتم التوصل إليها .
4- إنسياب الإغاثة عبر كل المداخل و الحدود ، دون قيد أو شرط .
5- إعادة المفصولين وإطلاق سراح الأسرى والمعتقلين بسبب النزاع في دارفور.
6- إجراء التعويضات العاجلة والعادلة للمتضررين .
أما على صعيد قسمة السلطة ، فقد كانت رؤيتنا واضحة وجلية . إعتمدت منهجاً واقعياً في معالجة القضايا من واقع تطبيق المعايير التي تم الإتفاق عليها إبّان الجولة السادسة . وقد قفزنا برؤيتنا فوق الخصوصية لمعالجة القضايا المصيرية والتي تعكس على مرآتها الأوجه المشابهة في كل إقليم سوداني ، و تبقى لكل خصوصيتها . غير أن هذا الطرح رغم عمق البصيرة فيه ، إلا أنه تكسّر على حائط الحكومة السودانية . ورغم حصرنا للأمر أخيراً في إطار إقليم دارفور ، إلا أن التعنت الحكومي ظل عائقاً كؤوداً . حيث جاءت رؤيتها في أمر الحكم الفدرالي ومستوياته والتمثيل الفعّال في مؤسساته التنفيذية والتشريعية والقضائية ومؤسسات الخدمة المدنية ، بعيدة ومتجاهلة ومجافية للحقائق ، لإعتمادها على فلسفتها الخاطئة القائمة المستندة على مرجعياتها، وتجاهل واقعية الأزمة ، المستندة على مضمونها السياسي .
الأعضاء الكرام .
ليس الحال في مسار قسمة الثروة بأفضل من سابقيه ، فقد انحصر التقدم الطفيف في القضايا الفنية والسياسات والأطر العامة لمفهوم الثروة . ولم تلامس بعد قلب الثروة والذي يتمثل في المخصصات التي تحددها المعايير المتفق عليها من الثروة القومية وثروة الإقليم ، والمِنح والقروض الخارجية والأُطر الزمنية لبدايات ونهايات هذه المخصصات ، وآليات تحويل هذه المخصصات وصناديق إستيعابها ، ومنظومات إدارتها . ولا نحسب أن المدى الكمي والكيفي الذي ذهبت إليه الحكومة في تعاونها في هذا الملف قد يعيد بناء وتأهيل الإقليم الذي حُرم من التنمية لعقود ، ودمّرت الحرب نذرها اليسير .
إننا إذ نعبّر عن شكرنا وتقديرنا البالغين لما بذلتموه وما زلتم تبذلونه من جهود ، دولاً وأفراد من أجل دارفور وأهلها ، نحسب أن الأمر يتطلب منكم إيلاء الأزمة عناية خاصة ، وذلك بالضغط على الحكومة السودانية لإظهار جدية كافية لتكون شريكاً حقيقياً في صنع السلام ، بالإيفاء بإلتزاماتها ، بعد أن ذهبت بعيداً برهانها على إنحسار الإهتمام الدولي بالقضية والتوتر الحدودي مع تشاد هذا ناهيك عن المحاولة الماكرة لإستقلال قمة الإتحاد الأفريقي التي يخطط النظام عقدها في الخرطوم كل ذلك للهروب من دفع إستحقاقات السلام والإستمرار في فرض الحل العسكري والأمني ومن ثم إستنساخ المأساة . كما يتطلب الأمر تفعيل آليات الوساطة الأفريقية وتقويتها وتطوير منهجها . ونؤكد بأننا ملتزمون بالإتفاقيات التي وقعناها ، وسنعمل جاهدين على أن نكون شركاء حقيقين في صنع السلام وتطبيقه .
وتفضلوا بقبول شكرنا وتحياتنا ،،،
حركة/ جيش تحرير السودان حركة العدل والمساواة السودانية
أبوجا – نيجيريا
12/1/2005 م