واشنطن: طلحة جبريل الخرطوم : إسماعيل آدم
اشترطت الحكومة السودانية «مشاورتها وموافقتها اولا» قبل اتخاذ اي قرار بادخال قوات دولية في دارفور بتحذيرات من اكمال الأمر من دون مشاورتها وموافقتها في وقت علم في الخرطوم ان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية سوف يودع خلال مارس (آذار) المقبل على طاولة مجلس الأمن تقريره النهائي حول محاكمة المتورطين في جرائم ضد الإنسانية بدارفور.
وقالت مصادر مطلعة ان التقرير تسبقه زيارة سيقوم بها عدد من كبار مساعدي المدعي الجنائي الدولي الى دارفور لإجراء تحريات عن الأحداث التي أوردها تقرير اللجنة الدولية للتقصي التي زارت البلاد في نوفمبر(تشرين الثاني) عام 2004، ويحمل المدعي الدولي قائمة بـ 51 متهما في تلك الاحداث فيهم مسؤولون في حكومة الرئيس عمر البشير. ومن جهة أخرى واصلت ربيكا قرنق وزيرة الطرق والمواصلات في حكومة جنوب السودان حملة انتقادات شديدة ضد الحكومة السودانية في واشنطن. واتهمت ربيكا وهي أرملة جون قرنق نائب الرئيس السوداني الراحل، في محاضرتين منفصلتين في «الجامعة الاميركية» و«جامعة جورج تاون» الحكومة بعدم تنفيذ اتفاقية السلام تنفيذا صحيحاً وعدم تقديم معلومات دقيقة للجنوبيين حول الثروة النفطية التي توجد في جنوب البلاد. وتجري ربيكا اتصالات في واشنطن بمعزل تماماً عن السفارة السودانية في واشنطن، وقال خضر هارون سفير السودان لـ«الشرق الاوسط» «لا علم لنا بهذه الزيارة.. ولا علاقة لنا ببرنامجها».
وربيكا هي ثالث مسؤول جنوبي يزور واشنطن ويتعامل معه المسؤولون الاميركيون على اعتبار أنه يمثل «حكومة مستقلة» عن حكومة الخرطوم. وكان سلفا كير نائب الرئيس السوداني زار في بداية خريف العام الماضي واشنطن والتقى عدداً من المسؤولين الاميركيين من بينهم ديك تشيني نائب الرئيس جورج بوش، لكن السفارة السودانية لم تكن كذلك تعرف شيئاً عن تفاصيل وبرنامج زيارته، ورفض كير ان يستعمل سيارات السفارة في تنقلاته في العاصمة الاميركية، وكان لام كول وعلى الرغم من انه وزير الخارجية أبقى بدوره السفارة في واشنطن خارج إطار اتصالاته.
وعلمت «الشرق الاوسط» أن ربيكا اشارت خلال لقاءاتها في العاصمة الاميركية الى أن الجنوبيين يطالبون ان تسند لهم واحدة من سفارتي السودان في واشنطن أو لندن، لكن يبدو ان حكومة الرئيس عمر البشير لا تقبل هذا الاقتراح. وعلم في واشنطن أن ربيكا طلبت من الاميركيين دعم حكومة الجنوب لكي تتحول «قوات دعم السلام» الدولية الى قوات لحفظ السلام. وكشفت ربيكا النقاب خلال محاضراتها في العاصمة الاميركية عن أن جون قرنق كان قد اقترح قبل مصرعه في حادث تحطم طائرة هليكوبتر في جنوب البلاد، تشكيل قوات مشتركة من الاتحاد الافريقي وقوات الحركة الشعبية لحفظ السلام في اقليم دارفور. وقالت ربيكا إن الاقتراح كان يقضي بتشكيل قوة تتكون من 20 الف جندي نصفهم من الحركة الشعبية، مشيرة الى أن هذا الاقتراح لم يجد قبولاً من الحكومة السودانية.
واتهمت ربيكا في محاضرتها في جامعة جورج تاون الحكومة «بالبطء الشديد في تنفيذ اتفاقية السلام»، وعبرت عن أملها في ان تسرع الدول المانحة في تنفيذ اتفاقية أوسلو لدعم الجنوب.
وقالت المصادر إن ربيكا طلبت صراحة من الاميركيين ان لا تشمل العقوبات المفروضة على السودان جنوب البلاد، وإذا استجاب الاميركيون هذا الطلب تكون واشنطن كرست عملياً «تعاملاً انفصالياً» في ظل مشاعر متصاعدة في الشمال تسير في هذا الاتجاه. يشار الى ان ربيكا قرنق التي ستواصل جولتها في الولايات المتحدة بزيارة ولاية ايوا، حيث كان يدرس زوجها الراحل جون قرنق، تزور اميركا بدعوة شخصية من زوجة الرئيس لورا بوش. والتقت ربيكا في واشنطن روبرت زوليك نائب وزيرة الخارجية الاميركية وجنداي فرازر مساعد وزيرة الخارجية للشؤون الافريقية.
وكان يفترض أن يزور واشنطن في الفترة نفسها مصطفى عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني ووزير الخارجية السابق، بيد أنه لم يستطع الحصول على تأشيرة دخول لاميركا من السفارة الاميركية في الخرطوم. ومن بين الذين زاروا واشنطن للمشاركة في «صلاة الافطار» التي حضرتها ربيكا قرنق، وهو لقاء لشخصيات تمثل الاديان الثلاثة، الصادق الهادي المهدي وزير الصحة في ولاية الخرطوم، وقال المهدي، وهو النجل الاصغر لامام الانصار الهادي المهدي، وقد تلقى دعوة لحضور «صلاة الافطار» بصفته الشخصية. كما حضر الصلاة رئيس لجنة التعايش بين الاديان الدكتور الطيب زين العابدين.