اخر الاخبار من السودان لشهر ينائر 2006
أخر الاخبار من السودان

كلمة السفير بابا غنا كينجيبي الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في السودان

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
6/2/2006 4:02 ص

AFRICAN UNION

UNION AFRICAINE


UNIÃO AFRICANA
Addis Ababa, ETHIOPIA B.P. 3243 Telephone: (251-11) 551 3822 Fax: (251-11) 551 9321
E-mail: [email protected] website: www.africa-union.org


كلمة السفير بابا غنا كينجيبي الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في السودان


استعراض موجز لتطورات الأحداث في دارفور

الخرطوم 2 فبراير 2006


سيداتي وسادتي،

صباح الخير وأرحب بكم في مقر بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان.

قد تذكرون أنه كانت لي من قبل جلسة إعلامية صحفية مماثلة في شهر أكتوبر 2005 على خلفية التدهور الخطير للوضع الأمني في دارفور بين يوليو وسبتمبر 2005. وقد تذكرون كذلك، أنني في تلك المناسبة أعربت عن أسفي إزاء انتهاكات اتفاقية وقف إطلاق النار الإنساني المبرمة في انجامينا من جانب كافة الأطراف المتحاربة. وشجبت بصفة خاصة الهجمات التي تشن على المدنيين بما في ذلك النازحين وهم في مخيماتهم. تلك الهجمات التي لا تشنها الأطراف فحسب ولكن أيضا ميليشيات الجنجويد العرب المسلحة بالإضافة إلى المجموعات المتمردة المنشقة عن الحركتين ولا سيما بالنسبة للقطاع 5 الواقع ضمن مجال مسؤوليتنا في شمال غربي دارفور.

سيداتي وسادتي،

بعد مرور أربعة شهور، ها أنا أخاطبكم مرة أخرى على خلفية الوضع الأمني المتدهور في دارفور. فبطرق مختلفة، يعتبر انفلات الأمن في دارفور، أكثر انتشارا وحدَّة وتكرارا مما هو عليه في جميع الجبهات الأخرى.

لعلكم تذكرون أنه في أوائل أكتوبر حين تطورت التحرشات التي كانت من قبل متقطعة وتتعرض لها قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان، تطورت إلى مستوى مأساوي. ففي 8 أكتوبر 2005، قتل (4) من الجنود النيجيريين و(2) من السائقين اللذين كانا يعملان بموجب عقد مع بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان. وقد أعقب ذلك، اختطاف أعضاء من الفرقة العسكرية السينغالية في 19 أكتوبر 2005 في تين، القطاع 5 وذلك من قبل فصيل منشق عن حركة العدل والمساواة العاملة مع منظمة الإصلاح والتنمية وفي تلك المناسبة، وعلى الرغم من عدم وقوع خسائر بشرية فقد جرت مصادرة وسرقة عدد من سياراتنا ومعداتنا على أيدي المهاجمين.

ومنذ وقت قريب في 26 من الشهر الماضي، تعرضت الفرقة السينغالية مرة أخرى لنيران المدافع بين كلبس وتين وفي كل مرة كان القطاع 5 مسرحا للحوادث. ولسوء الحظ، خسرنا في هذا الهجوم جنديا واحدا وأصيب 10 آخرون بجروح، وكان خمسة منهم في حالة حرجة. وهذه المرة أيضًا استولى المهاجمون على سيارات ومعدات بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان.

إن الأيام الأخيرة من شهر يناير 2006 شهدت تصعيدا للعنف لا سيما في غرب دارفور وفي الغالب كان ذلك التصعيد يرتكبه جيش تحرير السودان الذي لا يهاجم جيش حكومة السودان والشرطة فقط ولكنه أيضًا يهاجم القرويين المدنيين الأبرياء.

ومن جهة أخرى، شوهدت طائرة مجهولة الهوية تحلق فوق خور أبشي أربع مرات في 22 يناير 2006 محدثة رعبًا غير ضروري ولا مبرر له في المنطقة على الإطلاق.

في غضون ذلك، فقد أضافت التطورات في تشاد بعدا جديدًا إلى الوضع المشحون بالتوتر أصلا في غرب دارفور. وعلى سبيل المثال في مورني، فقد منعتنا مرة أخرى مجموعة من الهاربين من الجيش التشادي المسلحين بالأسلحة الثقيلة من مواصلة دوريتنا المتجهة إلى قرية دريسة. وفي 20 يناير 2006،عبر الجيش النظامي التشادي الحدود إلى الأراضي السودانية لملاحقة المتمردين التشاديين الذين قيل إنهم اختطفوا في وقت سابق مفوض المقاطعة وجنديًا واحدُا معه.

كما تلقينا تقارير تفيد بأنه في 28 يناير 2006، شن هجوم على معسكرات جيش حكومة السودان في قرية أرمانكول بالقرب من تندلتي التي تقع في القطاع 3، في مدينة الجنينة من جانب عدد من المسلحين بالأسلحة الثقيلة. ويعتقد أنهم تشاديون. وأصيب في هذا الهجوم ثلاثة من جنود حكومة السودان بجروح وقتل اثنان من المهاجمين.

أنه في الوقت الذي يجري فيه تصعيد الهجمات والتحرشات ضد قوات بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان والعاملين في الحقل الإنساني، لا بد لي أن أقول بأن احتمالات المجابهة الفعلية بين الأطراف الثلاثة في اتفاقية انجامينا وهي: حكومة السودان وجيش تحرير السودان وحركة العدل والمساواة، تضاءلت بصورة ملحوظة خلال معظم هذه الفترة. وينبغي أن أقر بأن ذلك يرجع إلى حد كبير، إلى ضبط النفس الذي تمارسه قوات حكومة السودان حتى في المواقع التي تتعرض فيها للاستفزازات بصورة واضحة مع توافر المبررات على الرد. وإن أوضح مثال على ذلك، قيام جيش تحرير السودان بالهجوم على شعيرية والاستيلاء عليها. وبهذه المناسبة، نود أن نشيد بقوات حكومة السودان لاستجابتها دائما للمناشدات التي وجهناها إليها من أجل ضبط النفس.

إن عدم المجابهة المباشرة بين الأطراف الرئيسية يرجع جزئيًا أيضًا إلى إنشغال الحركات ولاسيما جيش تحرير السودان، بالخلافات الجارية في صفوفها. وإن هذه المصاعب الداخلية التي تفاقمت نتيجة إقدام ميني ميناوي على عقد مؤتمر عام أحادي الجانب في حسكنيتة في أكتوبر 2005، أدت إلى ظهور قيادة بديلة ولكن تفتقر حتى الآن إلى الاعتراف.
كما كان متوقعًا، فإن الفترة التي تلت مؤتمر حسكنيتة شهدت عددًا من المصادمات بين الفصيلين المتنافسين داخل جيش تحرير السودان مع اتخاذ مجموعة ميناوي موقف المتحدي على نحو مستمر ليس فقط بالنسبة لقوات حكومة السودان ولكن أيضا للأطراف الأخرى في الميدان بما في ذلك جنود بعثة الاتحاد الإفريقي والعاملين الدوليين في المجال الإنساني.

إن هذا الانقسام في صفوف جيش تحرير السودان كان عامل عرقلة لأي تحرك إلى الأمام خلال الجولة السادسة لمحادثات السلام في أبوجا وأدى إلى إرجائه بدون إحراز تقدم يذكر حول الأسس الإيجابية التي أرسيت قواعدها بعد إعلان المبادئ خلال الجولة الخامسة. وقمنا نحن وبعثة الأمم المتحدة في السودان وبعض شركائنا على وجه الخصوص، الولايات المتحدة الأمريكية من خلال نائب وزيرة الخارجية زويليك ومساعد وزيرة الخارجية فرايزر، ببذل الكثير من الجهود بغية تحقيق وحدة في صفوف جيش تحرير السودان ولكنها لم تؤد إلى أية نتيجة فورية مجدية. بيد أنكم قد تذكرون أنه في أعقاب تدخل تشاد وليبيا وإريتريا بالإضافة إلى بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان في انجامينا اتفق الفصيلان أخيرا في 24 نوفمبر 2005 على نبذ خلافاتهما والعمل مع حركة العدل والمساواة كفريق موحد في الجولة السابعة من محادثات السلام التي تجري حاليا في أبوجا. ولحد الآن بقيتا ملتزمتين بهذه الاتفاقية. إلا أن ما أعقب هذا التطور الإيجابي هو أن المظاهر الرئيسية لانفلات الأمن في دارفور تمثل إلى حد كبير في المجابهات القبلية التي تؤكدها أنشطة الميليشيات العربية بدون هوادة واللصوص الإنتهازيين وخصوصًا في شمال وجنوب دارفور. وفي غرب دارفور، ازدادت أعمال اللصوصية والهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني والمنظمات غير الحكومية نتيجة لتطورات الأحداث داخل تشاد التي أدت إلى عبور الهاربين من الجيش التشادي والعناصر الأخرى من المتمردين التشاديين إلى السودان.

إن الوضع الجديد من عدم الاستقرار في تشاد، هو مصدر التوتر الشديد في منطقة دارفور وتحديدا في الشمال الغربي، وهي منطقة أصبحت تعج ليس فقط بالجماعات التقليدية الثلاث بل كذلك بالعناصر الأخرى من مختلف المجموعات المسحلة بما فيها حركة الإصلاح والتنمية وفصيل محمد صالح حربة إضافة إلى مجموعة العقيد جبريل المتمردة.

في أعقاب تبادل الاتهامات بين حكومتي تشاد والسودان حول مسؤولية الدعم لمنشقي كل منهما ولا سيما إثر قيام بعض المتمردين التشاديين بالهجوم على قرية أدري التشادية الحدودية في 18 ديسمبر 2005، ازداد الوضع الأمني في غرب دارفور تعقيدا مما أدى إلى انسحاب الكثيرين من عاملي الأمم المتحدة في المجال الإنساني وعاملي المنظمات غير الحكومية. كما أعقب ذلك تحرك واسع النطاق من جانب القوات السودانية سعيًا إلى تعزيز أمنها الحدودي. ومع ذلك، فإني أثني على ضبط النفس الذي أظهرته الحكومتان حتى لا ينفلت الوضع على الحدود خارج السيطرة وذلك لتمهيد الطريق لعقد اجتماع مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي.

وعلى العموم، فإن الوضع، ولا سيما خلال اليومين الماضيين، يتسم بالتدهور الأمني المستمر وعليه، فإن عناصر جيش تحرير السودان تتحمل المسؤولية عن الاستفزازات. وإن أوضح مثال على ذلك استمرار احتلال قريضة من جانب جيش تحرير السودان الذي يمثل مصدرًا دائمًا للاستفزاز. ويجب على جيش تحرير السودان الالتزام بقرار اللجنة المشتركة بشأن جعل قريضة منزوعة السلاح ومحايدة بغية تمهيد الطريق لوجود بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان فيها كما هو الحال بالنسبة لبلدات مماثلة متنازع عليها مثل لابادو وماريا وإشما.
وبنفس القدر، ندين هجوم جيش تحرير السودان على شعيرية في 16 يناير 2006 وقولو في 23 يناير 2006. إذ نجم عن الهجومين خسائر فادحة وتشريد المزيد من الأشخاص. وقد أدت تصرفات جيش تحرير السودان إلى حدوث هجمات انتقامية قامت بها ميليشيات الجنجويد. وأسفر عن هذه الهجمات الانتقامية المزيد من الخسائر في الأرواح وكان معظمها من القرويين العزل الأبرياء.

وسواء قام جيش تحرير السودان باستفزازات أم لا، فإن ميليشيات الجنجويد العرب مستمرة في نشر الدمار على المزارع والمحصولات التي على وشك أن يشرع المزارعون في حصادها والذين يطلق عليهم عبارة "المتنقلين الزراعيين" القادمين من المناطق القريبة من مخيمات النازحين". فاستمرت الميليشيات في الإحراق والتقتيل واغتصاب البنات على أوسع نطاق.

يعتبر هذا من أهم الأسباب التي جعلتنا نجدد مرة أخرى نداءات المجتمع الدولي إلى حكومة السودان لاتخاذ خطوات قوية وصادقة نحو نزع سلاح هذه العناصر الخطيرة. إن قدرة تلك المجموعات المستمرة على ضرب من وأين ومتى شاءت، تقوي إحساسها بالإفلات عن العقاب وإذا بقيت خارج التحكم ستظل عاملا خطيرا على عرقلة الجهود الجماعية في سبيل إقرار الوضع الأمني في دارفور.

لا ينبغي السماح مرة أخرى بحدوث هذه الانتهاكات والخروقات سواء من جانب جيش تحرير السودان أو ميليشيات العرب أو حتى من جانب قوات حكومة السودان لأنها لا تزيد فقط تقويض وقف اطلاق النار الهش ولكنها أيضا ستجعل محادثات السلام الجارية في أبوجا تخرج عن خط سيرها. تلك المحادثات التي بذل فيها الكثير من الطاقات والموارد من جانب الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي. بل إن التصعيد الأخير للعنف في دارفور وبصفة خاصة هجمات جيش تحرير السودان على قولو وشعيرية تردد صداها في أبوجا. وكانت دافعًا لكبير وسطاء الاتحاد الإفريقي على الإعراب عن عميق قلقه وامتعاضه.

كما أودّ أن أجدد مناشدتي لجميع الأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لكافة الأعمال العدائية المتكررة فيما بينها أو تلك التي توجه إلى هيئة عاملي بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان.

أودّ أن أناشد مرة أخرى جميع الأطراف المتنازعة المبادرة، إلى الكف فورًا عن الأعمال العدائية فيما بينها أو ما كان موجها منها ضد العاملين في بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان وأعضاء المجتمع الإنساني الدولي، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية والمدنيين الأبرياء، ولا سيما المشردين. وفي هذه اللحظة، على أية حال، بلغني أن محادثات أبوجا أحرزت تقدما خلال الأسبوع الماضي. وإني أحث الأطراف على مواصلة هذا التقدم، على الرغم من الحادثة الشنيعة والأولى من نوعها التي سجلت في 28 يناير 2006 عندما قام بعض أعضاء حركة العدل والمساواة في المحادثات بالتهجم بعضهم على بعض، مما أدى إلى إلحاق جروح خطيرة على اثنين منهم.

غير أنه، كما تبين لنا منذ بداية هذه المحادثات، يكاد يكون من المستحيل الجمع بين الحديث عن السلام واستمرار العنف، سواء كان ذلك في أبوجا أو في دارفور. والحديث المنمق عن التزام الأطراف بمفاوضات السلام لا ينسجم مع الأعمال الحربية التي تجري في الميدان في دارفور. ويتعين إذن على المتمردين، وعلى حركة/جيش تحرير السودان، على وجه الخصوص، وقف هجماتها والعدول عن تعنتها في دارفور. وعلى الحكومة، من جانبها التحكم في الميليشيات التي تظل تشكل تهديدًا يتعارض مع كل إلتزام بالسلام في دارفور.

نقطة أخيرة حول هذا الموضوع:

لا يفوتني أن أشيد بقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان والشرطة المدنية والعاملين المدنيين فضلا عن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وغيره من المجموعات الإنسانية، وكذلك بالدور الهام الذي تؤديه هذه القوات في إطار أكبر تدخل طموح يقوم به الاتحاد الإفريقي لدعم السلام. ولا يخفى على أحد ما يتعرض له جميع العاملين في دارفور من ضغوط شديدة. ولكنني، مع ذلك، أدعو الوكالات الإنسانية والمنظمات غير الحكومية التي علقت عملياتها إلى عدم الاستسلام وإلى الاستعداد لاستئناف عملها الحيوي المتمثل في توفير المساعدات اللازمة لإنقاذ الأرواح كلما سمح الوضع بذلك. وستوزع عليكم في نهاية كلمتي نسخة عن موجز الحوادث التي وقعت والتي تشكل خروقات سافرة لوقف إطلاق النار وانتهاكات للاتفاقية الإنسانية.

نستعرض الآن مسائل أخرى:

كما هو معلوم، لقد أنهى المؤتمر السادس لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي أعماله في الخرطوم في الأسبوع الماضي. وبالتالي، لا يسعني إلا أن أشيد بالأداء الرفيع للحكومة السودانية المتمثل في توفير جميع المرافق اللازمة لضمان نجاح القمة. وإن القيادات التي قررت خلال قمة أبوجا التي عقدت قبل سنة، أن تجتمع في الخرطوم، في يناير 2006 لتكريم شعب السودان وبمناسبة الاحتفال بعيد الاستقلال الخمسين والذكرى الأولى لاتفاقية السلام الشاملة – غادرت الخرطوم مرتاحة جدًا لما وضع تحت تصرفها من تسهيلات.

لقد جلب هذا النجاح أيضًا تحديًا وفرصة للسودان. فالرئيس البشير اعترف صراحة، في كلمتيه الافتتاحية والختامية، بأن هناك مشكل في دارفور، وتعهد رسميًا أمام نظرائه بالالتزام بإحلال السلام في هذا الإقليم عمّا قريب. ومن جهتها، منحت القيادات الإفريقية الحكومة السودانية فرصة للوفاء بهذه اللالتزامات. وقد أيقنت من خلال المحادثات التي أجريتها مع المسؤولين السودانيين، أن الحكومة ستكون في مستوى التحدي وستنتهز الفرصة التي أتاحتها لها رسالة القمة، لتكون في طليعة الجهود الدؤوبة الرامية إلى إحلال السلام في دارفور.

أود أيضًا أن أشير إلى أن لدينا الآن قيادة جديدة لقوات بعثة الاتحاد الإفريقي المنتشرة في دارفور، بعد مغادرة وإنتهاء مهمة كل من قائد هذه القوات، الجنرال فاستوس أوكوانكوو من نيجيريا ونائبه العميد جان بوسكو كازورا من رواندا.

لقد استطاع الجنرال أوكونكوو وفريقه الذي قاد قوات بعثة الاتحاد الإفريقي الرائدة في السودان أن ينجزا عملا رائعًا تمثل في وضع أسس لعملياتنا في دارفور، بدءاً من العدم. وكانا مسؤولين عن إثبات وجودنا بمجموعة أولية قوامها 60 مراقبا عسكريا وقوات حماية لا يتجاوز عددها 300 جندي، وعن رعايتها إلى أن بلغ عددها الآن 5300 جندي و 700 فرد من الشرطة المدنية.

لقد جاءت هذه القوات إلى دارفور في أعقاب المأساة الإنسانية الكبرى لعام 2003/2004 لتقديم أدنى حدّ من الدعم اللوجستي والعتاد في وقت لم يكن فيه أحد يرغب في التدخل، بما في ذلك الأمم المتحدة. وعلى الرغم من التفويض المحدود المخول لهم وما لاقوه من قيود، فقد وفق الجنرال أوكوانكوو وزملاؤه في استخدام قوات الاتحاد الإفريقي لأجل احتواء الانفلات الأمني المتفشي خلال تلك الأيام البشعة في دارفور، وذلك قدر ما يمكن لأي قوة القيام به في مثل هذا الوضع، لا سيما في بيئة يعوزها وقف حقيقي لإطلاق النار. وإنني أشعر بالفخر لما أنجزه الجنرال أوكونكوو وفريقه رغم الصعوبات الكثيرة وظروف العمل القاسية. وأنا على ثقة بأن قائد القوات الجديد، الجنرال إيهاكيري ونائبه العميد كامانزا سيواصلان العمل على الأسس المتينة التي وجداها.

إنكم تعلمون أيضًا أننا أجرينا التقييم الثاني لعمليات بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان في ديسمبر 2005 للتعرف على مدى تنفيذ توصيات بعثة التقييم المقدمة في مارس 2005 وتقديم توصيات أخرى حول ما ينبغي عمله في المستقبل. قام مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي في يناير 2006 ببحث التقرير وتوصياتنا التي شملت، على المدى البعيد، النظر في تبني عملية واحدة لدعم السلام تغطي مجموع السودان. ومنذ ذلك الحين، فقد استقطبت مسألة مستقبل بعثة الاتحاد الإفريقي قسطًا كبيرًا من المناقشات، لا سيما احتمال التحول إلى فترة إنتقالية برعاية الأمم المتحدة. ويتضمن تقرير التقييم أساسًا صنفين من التوصيات على المدى القصير والمتوسط والبعيد. ويعالج الترتيب الأول من تلك التوصيات الجوانب الفنية لعمليات بعثة الاتحاد الإفريقي وكيفية تحسينها. وتشمل مسائل الإدارة وعمليات القيادة والرقابة والدعم اللوجستي والاختصاصات وقواعد الارتباط والتدريب والعلاقات مع الأطراف، الخ...

يستند النوع الثاني من التوصيات المتعلقة بالأمد البعيد إلى الملاحظات التالية:
• إنجاز الجزء الأكبر من المرحلة الأولى التي تشمل ترسيخ الاستقرار؛
• مساهمة جهود بعثة الاتحاد الإفريقي في تخفيض عدد انتهاكات وقف اطلاق النار على نطاقٍ واسعٍ؛
• قيام بعثة الاتحاد الإفريقي بتهيئة الظروف المواتية للشروع في العملية السياسية في أبوجا؛
• في حالة التوقيع على اتفاقية السلام في مطلع 2006، فإن عدد المشردين داخليا الراغبين في العودة إلى ديارهم لن يتجاوز 30%؛
• في حالة ثبوت السيناريو الأفضل، من المطلوب استمرار عملية دعم السلام في دارفور لفترة إضافية من 2 إلى 3 سنوات لإتاحة العودة الكاملة للمشردين داخليًا واللاجئين؛
• اتساع نطاق عملية بعثة الاتحاد الإفريقي وازدياد تعقيدها، يتطلب المزيد من المهارات الفنية والخبرة على الأصعدة الفنية والتشغيلية والقيادية وفي مجال الرقابة؛
• عدم تأمين تمويل بعثة الاتحاد الإفريقي بعد نهاية مارس 2006،
• على الرغم من عدم استعداد الشركاء الدوليين لمواصلة تمويل بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان على أساس طوعي بعد مارس 2006 دون استراتيجية خروج واضحة، فإنهم قادرون على إيجاد الموارد اللازمة لتمكين البعثة من استئناف عملياتها لفترة إضافية تمتد على 9 شهور أو نحو ذلك، شريطة أن يكون هناك قرار نهائي بشأن فترة انتقالية ترعاها الأمم المتحدة.

بناءًا على هذه الاعتبارات وغيرها من الاعتبارات ذات الطابع الداخلي في معظمها، طلب مجلس السلم والأمن من مفوضية الاتحاد الإفريقي إشراك الأمم المتحدة في تحديد كيفيات إقامة مرحلة انتقالية ريثما يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن في اجتماع المجلس على المستوى الوزاري. تلك هي الحالة التي آلت إليها الأمور، في هذه اللحظة وأعلم أن هذا الأمر أثار معارضة قوية من الحكومة السودانية وأنه جرت مظاهرات في بعض مدن دارفور تنديدًا بخيار المرحلة الانتقالية. بيد أنني أتمنى أن يكون موقف الاتحاد الإفريقي من هذا الموضوع، قد أصبح واضحًا الآن. ولقد كانت عمليات دعم السلام للاتحاد الإفريقي سواء كانت في بوروندي أو غيرها تستند دومًا إلى الاقتناع الواضح بأن الأمر لا يتعدى عن كونه مرحلة انتقالية ترعاها الأمم المتحدة. وعندما شرعنا في بعثة دارفور، فإن هذا الاقتناع الواضح كان حليفنا منذ البداية. وبغض النظر عن الاعتبارات التي أسلفناها وبسببها أيضًا فقد بات واضحًا لدينا أنه لا بد من فترة انتقالية على المدى البعيد لسبب بسيط وهو أنها تعمل على تبني عملية دعم سلام واحدة وفعالة لمجموع السودان بمزيد من التماسك والتعاضد والتكامل بين المسائل السياسية والإنسانية والعسكرية ومسائل أخرى ما بعد النزاع.

من الواضح أيضًا أن هذه الفترة الانتقالية لن تحدث بين عشية وضحاها. وستواصل بعثة الاتحاد الإفريقي في السودان عملياتها في دارفور لستة إلى تسعة شهور على الأقل بعد اتخاذ قرارٍ حاسمٍ. وهنا تكمن فرصة سانحة أخرى للأطراف السودانية، لاسيما التي تبدي تحفظات إزاء فترة انتقالية برعاية الأمم المتحدة. ومن البديهي أن فترة تتراوح ما بين 6 إلى 9 شهور تعتبر كافية لإنهاء عملية أبوجا للسلام التي ستستمر برعاية الاتحاد الإفريقي. وكلما عجّلنا بإبرام اتفاقية سلام في دارفور، كلّما ساهمنا في ترسيخ جذورها، وكلما قلت حاجتنا إلى عملية سلام أقوى أيًّا كانت المنظمة التي ترعاها. ذلك هو الموضوع الذي أودّ أن أؤكد عليه. وأطلب منكم تقديم أية أسئلة بهذا الشأن.

شكرًا على حسن انتباهكم.

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


سودانيزاونلاين.كم | المنبر العام | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005 | أرشيف المنبر العام للنصف الثانى من عام 2005 |أرشيف المنبر العام للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | مكتبة الدراسات الجندرية | مكتبة د.جون قرنق | مكتبة ضحايا التعذيب |مكتبة الشاعر د.معز عمر بخيت |مكتبة الفساد |
اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى|
جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان |الارشيف والمكتبات |


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved