مليشيا الجنجويد سيئة الذكر وسعت من نطاق عملياتها الى دولة تشاد المجاورة. إنهم يفعلون ذلك وفق السيناريو المعروف "بمساعدة الجيش الحكومي السوداني". بذلك تتزايد الفوضى في المنطقة.
" قالوا لي (هذه ليست بلدك. إذا بقيت هنا سنقتلك، يجب عليك الهروب من هذا المكان) لكن عندما شرعت بالهروب، أمطروني بوابل من الرصاص". هذه رواية أحد المزارعين التشاديين و الذي يبلغ من العمر 51 عاما للهيومان رايتس ووتش منظمة حقوق الانسان الدولية المعروفة. هذاالشخص هو أحد المواطنين الذين هربوا لا يلوون على شيء منذ ديسمبر الماضي من حملات الجنجويد (فرسان عرب يمتطون الأحصنة و الجمال من السودان البلد المجاور لتشاد) الشرسة تجاههم.
تؤكد الاحصائيات أن هناك 3000 مواطنا تشاديا من قبائل الداجو و المساليت قد أرغموا على الهرب من قراهم. العشرات قتلوا. شهود عيان ذكروا إن طائرات الهيلكوبتر و الانتونوف الحكومية السودانية تطير على ارتفاعات منخفضة بعد ذلك بوقت قصير تبداء هجومات الجنجويد، بنفس الطريقة التي بدأت بها الهجومات على أهالي دارفور غرب السودان منذ ثلاث سنوات خلت. الطائرات ترسل المعلومات عن الاماكن التي تتواجد فيها قطعان من الماشية كي يتركز عليها الهجوم. فعلى الرغم أن الدوافع الحقيقية للجنجويد تبدو عرقية في المقام الاول الا انها ايضا في واقع الامر اقتصادية أيضا. في حرب الموارد الاقتصادية هذه هناك تركيز حقيقي على نهب الاراضي و المواشي. الجدير بالذكر و الملاحظ أن القرى التشادية التي يقطنها مواطنون من أصول عربية يتم استثنائها من هذه الممارسات.
منذ ثلاثة سنوات بالضبط تتقيح هذه الحرب بصورة متواصلة، الوعود الحكومية بنزع الاسلحة من الجنجويد لم يتم تطبيقها مطلقا. ولأن العقاب لا يطالهم و بعيدون عن أيدي العدالة فان هجومات الجنجويد تتسم بوتائر عنف ووحشية متصاعدة.
دولة تشاد الجارة لها مشاكلها الداخلية أيضا. بعد خمسة عشر عاما تحت قيادة الرئيس ادريس ديبي الفاسدة، تبدو هذه الدولة اليوم كمجموعة من القبائل الفقيرة التي تتحين الفرصة للقيام بانقلابات عسكرية توصلها الى السلطة. هذه الانقلابات التي كانت الحكومات السودانية غالبا ما تغض النظر عنها في الماضي، كانت تعد دائما من منطقة دارفور التي تتخذها المجموعات التشادية المتمردة كقاعدة انطلاق لها.
مؤخرا يهرب العديد من الجنود التشاديون إلى المتمردين التشاديين في المنطقة الحدودية مع السودان. وفق مصادر الهيومان رايتس ووتش ينسق المتمردون التشاديون هجماتهم مع مليشيات الجنجويد أو الجيش الحكومي السوداني. في ديسمبر الماضي عندما هاجم المتمردون التشاديون مدينة عدري أصيب الرئيس ديبي بالفزع مما حدا به الى سحب قواته من الحدود السودانية التشادية التي يبلغ طولها 1360 كيلومترا حتى يركزها في مواقع قريبة منه.
منذ ذلك الحين يستغل الجنجويد بدون رحمة الفجوة الامنية التي خلفها انسحاب القوات الحكومية التشادية. حاليا يمكن القول ان قوات الجنجويد هي السلطة الوحيدة القائمة في غرب دارفور و لها القول الفصل. ولهذه الاسباب و للهجومات المتعددة عليهم فقد هرب اللاجئون من معسكرات مورني و ميستري إلى تشاد. حاليا يتكرر نفس سيناريو دارفور في تشاد نفسها حيث يهرب المواطنون ذوو الاصول الافريقية من قراهم جراء هجومات المليشيات العربية ذاتها. هرب الى قرية كولوي التي يبلغ عدد سكانها 1900 نسمة في الظروف العادية، ما بين 10 الى 12 الف لاجيء تشادي. هجمات الجنجويد تجاوزت منطقة دارفور و تتوغل إلى 40 كيلومترا في عمق الاراضي التشادية.
تعتقد الهيومان رايتس ووتش ان الحكومة السودانية تتعمد تصدير ازمة دارفور (2 مليون لاجيء) الى دولة تشاد. بذلك تتتسع رقعة الفوضى في تلك البلاد. جنوبا من آدري تجزم المنظمة الدولية انه لم يعد هناك جيشا تشاديا حكوميا موجودا. ايضا و منذ الانقلاب العسكري في دولة افريقيا الوسطى في العام 2003 توجد في تلك المناطق العديد من العصابات المسلحة شبه العسكرية. التي أجبرت العديد من السكان الى النزوح الى جنوب تشاد.
لهذه الاسباب تحولت تلك المنطقة الى عقدة متفجرة من اللاجئين و العصابات المسلحة. حتى لو قدر لقوات دولية من الامم المتحدة ان تأتي الى دارفور فإن الوقت قد فات.
ترجمة أمجد ابراهيم سلمان
[email protected]