خطاب أمانة المؤتمر
السادة/ ممثلي التنظيمات السياسيّة السادة/ ممثلي تنظيمات المجتمع المدنيّ
السادة/ الضيوف
الحمد لله لا شريك له ولا مُشير،نحمدُه على ما أعان عليه من قصدٍ ويسّر من عسير، ونصلّي ونسلّمُ على سيدنا محمّد البشرِ النذير، المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين وبعد.
فإنّه شرفٌ عظيم أن تستجيبوا لدعوتنا هذا المساء، لنجلس نحن أهل السودان على فرحٍ باللقاء، يصدُقُ بعضُنا بعضَاً الحديث، لنرتقي بأهلنا وبوطننا في وحدةٍ ما كان السودان أكثر حاجة لها منه اليوم.
ونزفّ إليكم البشرى أنّ أهلكم في الشمال قرّروا نزع لباسِ التهميش، ولعنوا عدوّ الله إبليس، لينضمّوا للكوكبة المضيئة من أهل السودان ليرفعوا معاً راية العِز، ليلبس أهل السودان كلّهم الديباج والخز. فشمّرنا عن سواعد الجد .. وأخذنا بالسبب لعلمنا أنّ السماء لا تُمطرُ الذهب.
ألم ترَ أنّ الله قال لمريمَ *** وهُزّي إليكِ الجذعَ يُسَاقطُ الرُّطب
لو شاء أن تجنيهِ من غيرِ هزّها *** جنتهُ ولكن كلّ شيئٍ له سبب
إنّ أهلكم في الشمال يُحيّون كلّ من خرج مطالباً بحقه، ونشكر الله أن هيّأ لجنوبنا الحبيب السلام.
ونأمل أن تتقدَ نار القرآن في دارفورنا الحبيب بعد أن يلُفها الوئام، لتعودَ قِبلة السيّاح جبل مرّة ، وكذا كردفان الغرّة أم خيراً برّه.
ويرتقي بأوشيك الحالُ رُقيَّ القطار إلى ( صَمَد) بفضل الله الواحد الصمد.
ومن أرأفُ بنا وأحنَّ .. من أرض المحنّة ؟ رعتنا الجزيرة بلا تقتير ، رعت المتباعد منّا والخدين، ورعت الآل ( هم أهل عبد العال).
ولأهل مقرن النيلين الفضل .. بذلوا كلّ الطاقة والوُسع ، وحين ضِقنا وجدنا في الخرطوم مُتّسع...
خيْرُ بلادنا يكفي ويفيض ...... إنْ صَفت منّا النفوس وعَدَلنَا فأمِنّا ثمّ نِمنا في سلام.
أحبتنا نلتقي اليومَ لنبشّركم بقيام المؤتمر النوبيّ وهو كيانٌ يضمّ أهلكم في أقصى الشمال.. بعد أن ضاق بهم الحال... نحن مُقدِمُونَ على قطف ثمار جهد إخوتنا في الجنوب حين قرّروا الفدراليّة للجميع. وحتى لا يضيع حقُنا بالسُكوت.. في دنقلا وحلفا والمحس وسكّوت .. رأينا أن نتنادى فنلتقي ثمّ نكوِّنُ جسمَنا المُفاوض ... المتآخي مع بقيّة أهل السودان .. نقتسم معاً ( النبقة) قبل أن نقتسم السُلطة والثروة.
عددُنا بفضل الله كبير.. ويُمكنُ أن يكون صوتُنا جهير... وقرّر بعضُ نفرٍ كريم الدعوة لقيام مؤتمرات نوبيّة في كلّ موقع داخل وخارج السودان ليلتقي بعد ذاك الجميع في مؤتمر جامع ، لعلّه يتحدّثُ باسم الإقليم .. إن رأى أهلُه ذلك.
والتقط القفاز بعضُ الشباب في مُهمّة دونها خرطُ القتاد ، يدلفون لدارٍ ويخرجون لجمعيّة ... يستقبلهم البعضُ في بشاشة ويلفظهم البعض الآخر أو يسدّون دونهم الآذان ... فما استكانوا وما وهنوا .. وحاولوا ثمّ حاولوا....
النوبيّون ـ مثل بقيّة أهل السودان أهلُ فِكر وحضارة واستقلال رأي.. لا بدّ أن يقتنعوا دون مسوّغ للشك، قبل أن يستجيبوا.
ما هو المؤتمر النوبيّ
هو كيانٌ قِوامُه الأفراد، وهو من بعد يسعى للتعاون مع الأجسام النوبيّة الأخرى ... العُضويّةُ لكلّ من يقتنع بأهدافه .... لا يدّعي تمثيل أحد بل يضمُ الفردُ جَهدَه لجَهدِ أخيه .. لأنّ الشعرةُ إلى الشعرةِ ذؤابة ـ فيما قالت العرب ـ والنخلة إلى النخلةِ حائش.
استعانت اللجنة المنظِّمة بإدارات الجمعيّات للوصول إلى أعضائها فتعاونت بعضُها وأغلق البعضُ الآخر دونها أبوابها... وهذا أمرٌ طبيعيّ وطوْعيّ ... لن ينضمّ إليك كلُّ النّاس .. ولا التفّ كلّ الناس حول أنبيائهم أصحاب الرسالات السماويّة ... دعكَ عن مجموعة نوبيّة صغيرة.
بفضل جهد قاربَ عاميْن تمّ استقطاب عددٍ يكفي لتكوين كيان: { 4107} عضواً ... صعّدوا مائة وثلاثين مندوباً .. حضر منهم الاجتماع التأسيسيّ ستة وستون... وطرحوا أوراقاً تجسّد رؤيتهم حول مناحي الحياة المختلفة لأهلهم ... وخرجوا بتوصياتٍ ستُتلى عليكم بعد حين... واختاروا هيئة للمؤتمر دون اختيار لجنةٍ تنفيذيّة حين رأوْا أنّ بعض أهلهم يقفون خارج هذه المنظومة ، واتخذوا أوّل قرار بأن تبدأ هذه الهيئة فتصِلَ لكلِّ من قال للمؤتمر لا... تُقنعهم إن نجحوا في دعم المسيرة .. ومن ثمَّ بعد أن يلتئم الجمع يختارُ الجميع لجنة تنفيذيّة لتمضي بجهدِ الجميع نحو الغايات المنشودة.
انزعج بعضُنا ـ وأصدُقكم القولَ ـ عندما عارض بعضُنا هذا الجهد وبصوْت جهير فيه بعضُ الحِدّة .... ولكنَ الشاعِر كان رائدَ أهله حين قال:
بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةُ *** وأهلي وإن ضنّوا عليّ كِرامُ
وهذا النفرُ الكريم لم يجوروا ولم يكونوا ضنينين .. ولكنّ لهُم رأياً آخر .. وكلُّ الأبواب مُشرعةٌ للرأي الآخَر.
من لي بإنسانٍ إذا أغضبته *** وجهلت عليه كان الحلم ردَّ جوابه
وإذا صبَوْتُ إلى المُدامِ شربتُ *** من أخلاقه وسكِرتُ من آدابه
وتراهُ يُصغي للحديث بطَرْفِهِ *** وبقلبه ولعلّه أدرى به
رحم الله أبا تمّام.
بقيام هذا المؤتمر بالمملكة وبقيام مؤتمرات الخليج ، ومؤتمرات أمريكا وأوروبا نظلّ في انتظار قيام المؤتمر الكبير : مؤتمر الداخل الذي بدأ قبل أسابيع ومن يسدّ طريق العارِضِ الهَطِلِِ.
وبعد أن تتجمّع هذه المؤتمرات في مؤتمر جامع ، ويُفوّضُنا أهلُنا ـ إن فعلوا ـ نتحدّثُ باسمهم ونفاوضُ عندما نجلسُ جميعاً لنقتسم ( النبقة ) أو ( التمرة ) الميمونة، والله من وراء القصدِ وهو المأمول لحسن المعونة.
فندق زهرة الشرق ـ الرياض
11/02/2006م
صلاح علي محجوب