من جانبه حمل رئيس مجموعة حقوق الإنسان في السودان غازي سليمان المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة مسؤولية مقتل وإصابة هؤلاء الأشخاص، وذلك بناء على قرارها رفض منحهم حق اللجوء لدولة ثالثة بحجة التوصل إلى اتفاق سلام بين الخرطوم والجنوب في يناير/كانون الثاني الماضي.
وأكد سليمان في حديث مع الجزيرة أنه رغم وجود بوادر للديمقراطية والسلام في السودان، إلا أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة في السودان تحول دون إمكانية استقبال هذا البلد للملاييين من أبنائه الذين هربوا من "الأوضاع السياسية والمعيشية الصعبة فيه". وطالب المفوضية بتحمل مسؤولياتها، وتأمين دولة لاستضافة هؤلاء اللاجئين.
المصادمات
وكانت الشرطة المصرية قد تمكنت فجر اليوم بالقوة من إخلاء المتنزه العام الذي أقام فيه اللاجئون منذ 29 سبتمبر/أيلول الماضي، للضغط على المفوضية العليا للاجئين على تأمين هجرة لهم إلى دولة ثالثة.
وكانت المصادمات قد بدأت إثر فشل الشرطة المصرية بعد خمس ساعات من المفاوضات في إقناع المعتصمين بالصعود إلى الحافلة، لنقلهم إلى مكان آخر.
وقال شهود عيان إن نحو أربعة آلاف من أفراد الشرطة طوقوا المخيم من جميع الجهات ومنعوا أي شخص من دخوله، ثم بدؤوا رشق المعتصمين بالمياه في حين اقتحم نحو ألفي شرطي المخيم وهم يحملون الهري والعصي التي انهالوا بها على أجساد المعتصمين وأجبروا الكثيرين على الصعود بالقوة إلى الحافلات، فيما لجأ المعتصمون إلى رشق الشرطة بالحجارة والزجاج.
الشرطة أجبرت المعتصمين على الصعود بالقوة إلى الحافلات (الفرنسية)
وقال شهود عيان إنهم رأوا عشرات الجرحى، بينهم أطفال ونساء، في حين أكد أحد المسعفين وفاة طفلة عمرها أربع سنوات.
وحسب وزارة الداخلية المصرية فإن نحو 20 معتصما أصيبوا بجروح خلال المصادمات، كما أصيب نحو 30 من ضباط وعناصر الشرطة.
وقال مراسل الجزيرة في القاهرة إن الشرطة تمكنت بعد مصادمات عنيفة من إجبار جميع المعتصمين على الصعود إلى الحافلات التي أقلتهم إلى معسكر أمني، تمهيدا لنقلهم إلى بلادهم.
وأوضح المراسل أن وزارة الصحة كانت قد حذرت من تحول المخيم إلى مكرهة صحية بسبب افتقاره إلى الكثير من المرافق والخدمات الصحية التي لا تكفي لسد حاجة عدد المعتصمين.
وحسب المراسل فإن أزمة اللاجئين السودانيين في مصر بدأت فعليا بعد رفض المفوضية العليا للاجئين قبل ثلاثة أشهر منح هؤلاء حق اللجوء والهجرة إلى دولة ثالثة.
المفوضية العليا
من جانبها عبرت المفوضية التي تتخذ من سويسرا مقرا لها عن أسفها الشديد لمقتل عدد من طالبي اللجوء خلال مصادمات اليوم مع الشرطة المصرية، وأكدت أنه لا يوجد أي مبرر من وجهة نظرها للجوء إلى العنف للتعامل مع المحتجين.
المعتصمون واجهوا المياه التي رشقتهم بها الشرطة بالحجارة (الفرنسية)
وكانت المفوضية قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها تتفاوض مع قادة المعتصمين من أجل إعادة دراسة أوضاع بعض الحالات الخاصة بينهم، وتعهدت بأن تدفع للبقية نحو 7500 دولار لمساعدتهم على تأمين مسكن في السودان، لكن المعتصمين رفضوا هذا العرض بشكل كلي وأصروا على منحهم حق اللجوء إلى دولة أخرى.
وأكدت المتحدثة باسم المفوضية في القاهرة أن السلطات المصرية لم تبلغها في اجتماع عقد صباح أمس الخميس بأنها ستعمل على ترحيل المحتجين إلى السودان.
يذكر أن الحرب الأهلية التي استمرت في السودان بين الحكومة والحركة الشعبية في الجنوب نحو 21 عاما تسببت في تشريد نحو أربعة ملايين شخص، كما أدى صراع منفصل في منطقة دارفور غربي البلاد إلى تهجير مليوني سوداني آخر.
ورغم انتهاء الحرب في الجنوب فإن كثيرا من المهاجرين السودانيين يقولون إنهم لا يأمنون العودة إلى بلادهم، واصفين اتفاق السلام بأنه هش.
المصدر: الجزيرة + وكالات