الفنان محمود يس: احلم باطفال يرقصون ويغنون تحت ظلال السلام بدارفور
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 27/12/2005 6:53 م
حوار: طاهر محمد علي طاهر حينما يعبر الفنان عن حال امته ويظل مهموما ومسكونا على الدوام بالقضايا الانسانية والاجتماعية يكون قد اوفي رسالة الفن بعض حقها وحقوقها وادوارها المطلوبة.. هكذا بدأ النجم الكبير الفنان محمود يس وهو يزور السودان باعتباره سفيرا للنوايا الحسنه لدى منظمة الغذاء العالمي التابعة للامم المتحدة ويتلمس بصدق ما يجري في دارفور معبرا عن اثار الحرب بألم، لكنه يشرع باب الامل والتفاؤل بسلام قادم يجعل من المستقبل املا واشراقا. التقيته يوم الثلاثاء 2005/12/13 خلال مأدبة العشاء التي اقامها على شرفه الامين العام لاتحاد الفنانين العرب الاستاذ علي مهدي وضمت اطيافا من الادباء والفنانين واعضاء السلك الدبلوماسي. فإلى ما دار من حديث وسفير النوايا الحسنة الفنان محمود يس بداية ارجو ان نتعرف على ملامح ومغزى زيارتك الى السودان؟ ـ حقيقة تأتي الزيارة الى وطن اثير الى قلب كل عربي، وبخاصة الشعب المصري فالسودان يظل قطعة غالية الينا جميعا، وآثرت زيارته للوقوف على الواقع خاصة واننا نسمع ونقرأ الكثير عبر المحطات والصحف العالمية واستطيع القول بالرغم من الصورة القاسية والصعبة التي لمسناها من خلال زيارتنا لدارفور على مدى يومين، زرنا فيها مخيمات كثيرة ومعسكرات هامة لكن هناك بشارات امل تتضح على شفاه الاطفال الصغار، وامهاتهم، واسرهم داخل المخيمات ، وكانت الصورة اكثر وضوحا واقترابا من الحقيقة واحسسنا بالاطمئنان ونحن نتحدث الى فلذات اكبادنا واشقائنا واحبابنا ونلمح الابتسامات التي تعلو الشفاه وينبغي ان نحلم بالسلام وندعو له ونتطلع له وليس امامنا غير السلام وجميعنا يتطلع الى هذا الحلم ليكون املا لشعب السودان ولاطفاله واجياله ويعود السلام مستقبلا للاسر السودانية التي رأينا اطفالهم يغنون ويرقصون ويحضرون الحصص داخل هذه المعسكرات املين ان نراهم وهم ينعمون بهذه النعمة في ظل السلام. سفارة النوايا الحسنة والادوار المرجوة التي يجب ان يلعبها الفن؟ ـ للفن دور ريادي يجب ان يلعبه في حياة الشعوب ولا بد لاي فنان ان يكون رسولا لهذه الرسالة اما عن شخصي فانني لست غريبا على العمل الخيري والطوعي والنوايا الحسنة ليست اول نشاطاتي فحياتي كلها كانت كذلك، في اختياراتي وانتقاءاتي واعمالي، وما احلم به وما اقدمه باستمرار كان يستشرف تحقيق هذه القيم وهذه المعاني من خلال عملي كفنان ولعل البعض من الاشقاء في السودان والعالم العربي قد سمعوا بجمعية فناني وكتاب واعلاميي محافظة الجيزة وهي لا تحد بحدودنا القومية فاهدافها اكبر بكثير وترأست قيادتها لمدة ثلاثة وعشرين عاما وقدمنا الكثير من الاعمال من اهمها عرض مسرحي بعنوان «بداية ونهاية» لكاتبنا الكبير نجيب محفوظ واشرفت على تنفيذ هذا العمل الذي شارك فيه 25 فنانا وفنانة على مستوى الوطن العربي ومصر في مقدمتهم فريد شوقي وحسين فهمي ويسرا وشهيرة وكريمة مختار وابو بكر عزت وفاروق الفيشاوي وكانوا يقفون على خشبة المسرح العائم في القاهرة لمدة «40» ليلة، ولم يأخذوا مل يما واحدا، انما كان عطاؤهم لوجه الله والوطن ثم اكلمت ايراداتها ليتم بيعها بعد تصويرها كفيديو ووهبنا ريع دخلها الى الاعمال الانسانية ولا زلت اواصل مع الجمعية جهودي رغما عني بطلب من زملائي وهذه النشاطات الانسانية والاجتماعية رشحتني لاكون سفيرا للنوايا الحسنة بمنظمة الغذاء العالمي وهو امر اعتز به واسعد باعتباره مكملا لرسالتي كفنان يبدو ان لديك اتجاهات واهتمامات مختلفة فانت قانوني في المقام الاول لكن القدر رمى بك في عالم الفن؟ ـ قد يستغرب الناس اذا قلت: انه لولا دراستي للحقوق وما تلقيته من علوم قانونية بكلية الحقوق ماكان توفر لي معين انهل منه، واعتبر القانون المعين الاهم والاكبر ولا بد للفنان من قدر كبير في العلوم الانسانية وابرزها ما يتم تدريسه خلال اربعة اعوام في كلية الحقوق فانا منذ السنة الاولى درست «النظم السياسية» ثم في بقية السنوات درست «الشريعة الاسلامية» و«الفكر الاسلامي» و«الاحوال الشخصية لغير المسلمين» هذه علوم انسانية مهمة واذا سألت عن علاقة هذا بالفنون اقول لك ان الفنان من غير ان يكون له نصيب من كل هذه العلوم وغيرها في الاجتماع والفلسفة فلا قاعدة له لانها تنبني عليها العقوبات والقانون الجنائي والمدني وجميعها يبنى على القانون الدولي الخاص وتمثل قواعد اجتماعية وثقافية. محمود يس رحلة فنية عامرة بالعطاء تخطت المائة والخمسين فيلما وعددا ضخما من المسلسلات والمسرحيات ثم ماذا بعد؟ ـ اولا قدمت حوالى الخمسين مسلسلا ولعل الركيزة الاساسية هي المسرح فانا فنان مسرحي بالدرجة الاولى رغم ما قدمته للسينما وبلغ المائة وستين فيلما، فقد قدمت في المسرح القومي جل عمري، وسني حياتي والمسرح هو المدرسة الكبرى وهو الدراما والدراما هي الحياة وبرغم هروبي عنه الا انني دائم العودة اليه ولا انقطع عنه واعتز بأنني قدمت 25 مسرحية تعتبر من ارشيف المسرح المصري والعربي، واعتبر ان مسرحيا تي شديدة الشهرة والاهمية وبالتالي جاء يوم صرت فيه مديرا للمسرح القومي لمدة ثلاثة اعوام كانت من اكثر سنوات الشهرة وذات الجدوى الحقيقية في حياتي وتاريخ المسرح القومي، وتم تكريمي في مهرجانات مسرحية هامة اولها مهرجان المسرح التجريبي الدولي كفنان مسرحي، وهذا تاريخ لا يمكن ان اغفله عن سيرتي الذاتية في عالم الفن. وكرمت اخيرا في المهرجان السينمائي الدولي بدمشق؟ ـ هذه تجربة اثارت في نفسي اعمق المشاعر، لأن تكريمي كان مفاجأة لي وكان لي شرف الدعوة للمهرجان السينمائي الدولي بدمشق في دورته الـ 14 واعتباري ضيف شرف المهرجان مما اعتبرته تكريسا للقيم والتقاليد السينمائية من بلد لها قيمتها الثقافية والحضارية قرينة التاريخ.. ولا شك ان التكريم كان مفاجأة رائعة وتقديرا لما قدمته. ما هو انطباعك عن السودان الذي تزوره لاول مرة؟ ـ انا سعيد جدا برؤية السودان واحساسنا كاشقاء لا يساوره الشك ، ويجب ان نمنح انفسنا الفرصة الحقيقية بصدق لنقترب من بعضنا البعض، ونعمق من صلاتنا وانا خجل لاقول انها زيارتي الاولى. لكن الظروف كانت اقوى وانا فخور وفرح بهذه الزيارة التي اتمنى ان تتكرر. سبق لك وان قدمت عملا مسرحيا مع بعض رموزنا السودانية في مجال المسرح؟ حدثنا عن هذا العمل؟ ـ هذا العمل قدمناه باسم «وا قدساه» تناولنا فيه القضية الجوهر، قضية القدس الشريف وشاركت في هذا العمل الاستاذ علي مهدي الذي اعتبره اكثر من اخ وصديق فهو فنان فيه مذاق النيل وطعم الابتسامة السودانية والحكمة والعمق وخفة الدم التي يتمتع بها الاشقاء في السودان وعلي مهدي فنان من طراز شديد الرقي والتميز والالق واعتبر ان العمل الذي قدمناه يعتبر العمل الوحيد الذي حقق تجربة الوحدة التي عجز عن تحقيقها الساسة العرب.