أولاً: هذه الميزانية لا تختلف كثيراً عن الميزانية السابقة في تكريس الفقر وتوسيع دائرته وتعميق حدة التفاوت بين شرائح المجتمع المختلفة وطبقاته.
ثانياً: الأهداف التي تنشدها الموازنة وهي ( تحقيق معدل نمو 10% وتخفيض التضخم ) تنسفها تفاصيل الإيرادات والإنفاق العام.
ثالثاً: زيادة الأجور المقترحة في ابريل 2006 (إذا حدث ذلك) ستبتلعها الزيادات في الأسعار والضرائب الواردة في الموازنة.
رابعاً: الإيرادات تعتمد أساساً على البترول وهو يمثل 53.1% من الإيرادات العامة. + الضرائب بشقيها مباشرة وغير مباشرة وتبلغ 39.5 %. + 7.4% فقط هي إيرادات غير ضريبية في الميزانية.
ده مؤشر واضح للزيادات التي ستحدث حتماً في الأسعار ، مما يضاعف أعباء المعيشة ويجعل حياة الأغلبية الساحقة من الشعب جحيماً لا يطاق.
خامساً: ما هو غريب ومريب فعلاً إن هناك إيرادات لم ترد في الميزانية مثل:
1- إيرادات الذهب والمعادن الأخرى وهي أكثر من 50 مليون دولار في العام.
2- إيرادات المؤسسات التي تشارك الحكومة برأسمال فيها مثل (مشروع سندس، البنك الإسلامي للتنمية ... الخ).
3- إيرادات الشركات والمؤسسات التابعة للأجهزة الأمنية مثل (مجموعة قادرة للاستثمار – شاكرين – وبشائر للبترول ... الخ).
4- عائدات صادر المشتقات البترولية (وتبلغ أكثر من 114 مليون دولار في العام).
5- إيرادات ديوان الزكاة رغم ضخامتها وهي (240 مليار دينار في عام 2005 إلى 312 مليار دينار).
سادساً: يلاحظ في الإيرادات التالي:
1- نصيب الحكومة من البترول لا يتعدى 52.5% من عائدات النفط والحكومة تدعي أن نصيبها 80%. – ونجد أسعار بيع النفط المصدر متدنية في حين هناك ارتفاع كبير في الأسعار العالمية؛ السؤال الذي يفرض نفسه ويحتاج إلى إجابة واضحة من وزير المالية هو : كيف يتم تسويق البترول السوداني؟ وكم من نصيب الحكومة في البترول يدخل الموازنة؟ (لأن هذا مسكوت عنه).
2- هناك زيادة كبيرة في الضرائب غير المباشرة بلغ 571 مليار دينار. وهي ستلقي أعباء كبيرة على المواطن المسحوق أصلاً.
3- كذلك الزيادة في ضريبة القيمة المضافة من 10% إلى 12%.
سابعاً: فيما يتعلق بالإنفاق العام نجد أشياء أكثر غرابة:
1- معظم الفصل الأول (الأجور والمرتبات) مخصصة للأمن والدفاع (260.5 مليار دينار من جملة 408 مليار دينار).
2- المخصص من مصروفات التسيير للأمن والدفاع يعادل 73.1 مليار دينار من جملة 127.8 مليار دينار.
3- ونجد أن الإنفاق على التنمية لا يتجاوز 17.5% من الإنفاق العام.
– والدعم الاجتماعي العام يعادل 1.9% فقط من الإنفاق العام.
4- لا توجد ميزانية تنمية اتحادية لقطاعي الصحة والتعليم.
5- يحدث ذلك في وقت تنفق فيه الحكومة من مال الشعب على منظماتها الحزبية كما هو مبين دون حياء في الموازنة مثل: منظمة الشهيد، وهيئة الذكر والذاكرين وغيرها !!
6- الحكومة لا تدعم البترول ولا أي سلعة أخرى. ويؤكد ذلك بنك السودان عن عائدات البترول (مال التركيز).
7- الحكومة لم ترصد أي اعتماد لمقابلة إعادة المفصولين ودفع الضرر وإنصاف المعاشيين.
8- مطلوب وقف الخصخصة وبيع القطاع العام بل دعمه وإصلاحه وفتح ملف الفساد في عمليات بيع الوحدات الحكومية والتصرف في القطاع العام.
9- الموازنة لم تضع أي اعتماد للتنمية القومية في جنوب البلاد. وهي موازنة تكرس لانفصال الجنوب إذا سارت بهذه الصورة.
المخصص لحكومة الجنوب من إيرادات البترول ونصيب الولايات الجنوبية قليل ولا يزيد عن 319 مليار دينار أي 16.5% فقط زيادة عن اعتماد عام 2005.
ثامناً: أما عن دارفور والمخصصات المحددة لها:
فرغم أن سكان دارفور الذين تأثروا مباشرة بالأحداث يبلغ عددهم حوالي 3.4 مليون أي نصف سكان دارفور.
عدد القرى التي تم حرقها وتدميرها يفوق الـ 4 ألف قرية. عدد المواطنين في المعسكرات ، داخل البلاد وخارجها يبلغ عددهم 2 مليون من النساء والأطفال والعجزة. (استناداً إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة شهر نوفمبر 2005).
لم يرد في خطاب الموازنة أي إسهام للحكومة في الإنفاق على احتياجات المواطنين وعلى رأسها إعادة تعمير القرى المدمرة أو الإعاشة والخدمات. في حين نجد مخصصات الدفاع والأمن بلغت أكثر من 126 مليار دينار.
* ومعلوم أن الحكومة تسعى بإصرار لشراء مقاتلات وقاذفات بينما وقفت الحرب في الجنوب وهناك محادثات للوصول لتسوية سلمية في دارفور.