ذهب الي ابوجا دون انزار او سابق موعد ومنذ ان حل في حركة دائبة دخل غرف كافة اطراف التفاوض هو رجل يحبه البعض ويبغضه البعض الاخر الا ان الجميع يتفقون علي انه قادر علي الاقناع ومنطقي في الحوار وجاد ومتواضع وسهل الوصول والتخاطب مع من يريد . ارتبك فندق شيدا وتوجس البعض خيفة بل قال بعضهم تكتموا علي اسراركم وتفاءل البعض وعلق البعض الاخر بانه جاء ليحدث هزة في التفاوض, فهو رجل لايعرف الحواجز ولا يهتم بما يقال عنه في عينه او وراء ظهره, ويقول لابد ان تكون بينك وبين الناس شعرة. بل يقول ان قضية دارفور (تحمل الشخص علي حمل حرابه والذي يحملك حرابك ان ادخلوك ادخل وان لم يدخلوك ادخل ) ويقول بين ابناء دارفور السلاح والجراح ولكن بينهم ايضا الملح والملاح . انه المهندس عبد الله علي مسار مستشار رئيس الجمهورية الذي يزور ابوجا هذه الايام

حوار : القسم السياسي

*ما الهدف من زيارتك لابوجا؟

زيارتي تاتي في اطار الوقوف علي العملية التفاوضية ودفع التفاوض الي الامام وذلك بتقريب وجهات النظر بين وفدي الحكومة والحركات المسلحة باعتباري احد ابناء دارفور وفي موقع استطيع فيه ان ادفع بعملية السلام في دارفور الي الامام , خاصة وان معاناة اهل دارفور قد كبرت وزادت وبلغ السيل الزبي وكذلك ان امر الاقليم اصبح في مهب الريح . وعليه فانني جئت لاقف علي حقيقة ما يدور في ابوجا ومقابلة الاخوة في وفد الحكومة والاخوان في قيادة الحركات المسلحة والتفاكر معهم في حل مشكلة دارفور تفاوضيا من باب (ماحك جلدك مثل ظفرك) وما هو الممكن والمتاح وكذلك مناقشة كيفية جمع الصف في دارفور في اطار المؤتمر الدارفوري الدارفوري وهل قبل ام بعد توقيع الاتفاقية وما اهمية ذلك في كل مرحلة, ثم السعي لرتق النسيج الاجتماعي ليؤدي الي وحدة الصف واذا لم يتم اتفاق لاهل دارفور في الداخل والخارج فان اي حل سيكون ناقصا عليه فان زيارتي لا تخرج من السعي لتحقيق السلام العاجل ودفع عملية التفاوض .

*هل يمكن التوصل لسلام بابوجا خلال الجولة الحالية من خلال ماهو مطروح من مطالب للحركات؟

اعتقد ان التوصل لاتفاق سلام في هذه الجولة ممكن اذا صدقت النوايا وحدثت تنازلات من كل طرف حيث ان مراحل التفاوض من المواجهة وحتي التفاوض الخشن ثم التفاوض الموضوعي قد انتهي والان في مرحلة نتائج التفاوض اي بمعني ان نقاط الاتفاق والاختلاف قد بانت وبرزت في العملية التفاوضية فقط المطلوب مرونة من قبل المتفاوضين للوصول الي قرارات نهائية.

*هل الحركات جادة لتقديم التنازلات والتعامل بمرونة؟

لقد لا حظت هناك جدية من قبل حركة تحرير السودان (مني وعبد الواحد) واعتقد انهما اكثر تماسكا واوضح رؤية في الطرح للوصول لاتفاق سلام , وقد يختلفان عن حركة العدل والمساواة في المواقف والاستعداد للوصول لسلام .

*ماهي قابلية الحكومة للاستجابة لمطالب الحركات المسلحة؟

اعتقد ان حسم قضية التفاوض والوصول لاتفاق نهائي يجب ان يوضع في الحسبان ان الحكومة والحركات المسلحة امامهم اربعة مصالح تتمثل في : مصالح الوطن العليا وهذه تشمل حقوق اهل السودان الكلية ثم مصداقية الحكومة بالالتزام بالاتفاقيات المبرمة والموقعة مع اخرين , وثانيا مراعاة راي اهل دارفور في المهجر وخارج السودان فيما يقرر فيه بشانهم في ابوجا واخيرا مصالح الحركات المسلحة.

من هنا الوصول لاتفاق سلام في اطار عملية السلام التي تجري في ابوجا ممكن وهناك قابلية من قبل الحكومة وكذلك الحركات لديها نفس الموقف. عليه فانني اعتقد اذا التزمت الاطراف بالمعايير والمصالح الاربعة المذكورة تستطيع الوصول لحل عاجل طالما تحددت نقاط الخلاف والاتفاق , بقي فقط الموضوعية والجدية والقدرة علي اتخاذ القرار ثم قوة وتاثير القيادة في الحركات المسلحة خاصة وان نقاط الخلاف تحددت في نائب الرئيس والاقليم ووالي الخرطوم والتعويضات الفردية ووضعية واستيعاب قوات الحركات المسلحة. وبعملية التلاقي في وسط نستطيع ان نصل لاتفاق عليها او بدائل معقولة ومناسبة ولا تخرج من مطالب الفئات الاربعة التي ذكرناها .

هل تعتقد ان الانشقاقات في الحركات سبب تاخير عملية السلام ؟

اعتقد ان حركة تحرير السودان بجناحيها متماسكة والتفلتات فيها قليلة او معدومة ولكن حركة العدل والمساواة الاحظ بها انشقاقات يومية منذ وصولي الي ابوجا حتي الان ويوميا هناك بيان من شخص او مجموعة تخرج عن الحركة او تهدد بالخروج والاحظ ان هناك دخان كثيف وغبار عالق في سماء حركة العدل والمساواة ولقد اطلعت علي وثائق في مكان التفاوض وعبر الانترنيت توضح بجلاء ان حركة العدل والمساواة تمر بمرحلة التاكل وقد يحجمها ذلك في جسم قبلي صغير.

ورغم هذه الانشقاقات والخلافات اعتقد ان العملية التفاوضية ستصل الي منتهاها باتفاق سلام في ابوجا في اقرب وقت ممكن بين الحكومة وعبد الواحد ومني , فالمفاوضين والمتحاربين في الميدان ملوا الحرب بل ان المعارك في الميدان تجعل من الضروري التوصل لسلام شامل ونهائي واعتقد ان حركتي عبد الواحد ومني متماسكتان رغم الاقتتال بينهما في منطقة كرومة غرب الفاشر .

*خليل هدد بفصل غرب السودان في حال عدم استجابة الحكومة للمطالب المطروحة؟

اعتقد ان تهديد الاخ خليل بفصل غرب السودان في حال عدم استجابة الحكومة لمطالب الحركات لا يخرج من كونه مزايدة سياسية ورد فعل طبيعي لمشاكل الحركة الداخلية وانقساماتها وانشقاقاتها خاصة وان حركة العدل والمساواة تجمع في دواخلها بعض هموم اهل دارفور واجندتها وارتباطاتها الاخري ولذلك فانني اعتقد ان تصريح الاخ خليل في مؤتمره الصحفي الاخير هو من باب (ضرب القراف) بمعني ( اضرب القراف خلي الجمل يخاف) فالاخ خليل عينه لدارفور وبقية منفستو الحركة الذي تحدث عن الحكم الفدرالي , وكذلك بطن القبيلة الذي يسيطر علي مفاصل الحركة , اعتقد ان امر فصل دارفور عن السودان غير وارد نهائيا ولم يتحدث عنه اي من قادة الحركات المسلحة الاخري . وليس هناك قوة في الارض تستطيع فصل دارفور عن السودان لان دارفور هي السودان, فدارفور اجتماعيا موجودة في كل السودان _ الجزيرة, القضارف ,النيل الابيض وحتي الشمالية-

ما هي رؤيتك للحوار الدرفوري الدارفوري باعتبارك احد ابناء المنطقة؟

الحوار الدارفوري الدارفوري هو امر ضروري وهام واعتقد انه افيد وانفع واجدي ان ينعقد قبل التوقيع علي الاتفاقية حتي يتفق اهل دارفور ولتكون مخرجات ابوجا محل اتفاق ولا غبار عليها بعد توقيع السلام, ولكن اذا كان امر المؤتمر بعد توقيع السلام فان مقررات ابوجا ستكون محل اتفاق او تعديل او رفض بين اهل دارفور عموما . لان التوقيع في ابوجا يلزم الحركات المسلحة والحكومة وقد لا يلزم اخرين لم يشاركوا فيه اذا لم يجدوا انفسهم فيه, خاصة اذا وجدت منقصة في الامر . فالصراع في دارفور بدأ قبليا وتحول سياسيا لذلك توحيد اهل دارفور مطلوب قبل التوقيع علي الاتفاق ليكون الاتفاق محل اجماع وتراضي . لذا انني مع الحوار الدارفوري الدارفوري قبل التوقيع علي الاتفاق ويمكن ان يكون خارج السودان ويرعاه الاتحاد الافريقي او الجامعة العربية او دول كالسعودية او مصر او قطر او اثيوبيا او الامارات ويمكن ان يتفق علي عضويته والياته والمواضيع التي يعالجها . ولكن اذا تعذر هذا الحوار قبل توقيع السلام فيمكن ان تختار عناصر اساسية في تركيبة وتكوين اهل دارفور لحوار يقوي علاقات اهل دارفور مع بعضهم البعض ليكون المؤتمر الجامع ويرتق النسيج الاجتماعي ويؤمن علي ما اتفق عليه في ابوجا .

في ختام هذا اللقاء ومن خلال معايشتي للاوضاع بابوجا اقول ان السلام في دارفور قريب وان الجميع يتفاوضون بروح عالية وهناك حرص اكيد للوصول لسلام بل هناك ادراك لعظم المسؤلية وخطورة المرحلة واني متفائل بالوصول لاتفاق في وقت قريبٍ