العدد 41
وضع محفوف بالمخاطر لأهالي جبل مرة
منذ اندلاع العنف في منطقة جبل مرة بغرب دارفور في نهاية يناير/ كانون الثاني 2006، راحت اللجنة الدولية للصليب الأحمر تعمل بكد من أجل التمكّن من الوصول للسكان. وبعد عدة محاولات فشلت بسبب الوضع الأمني الهش، استطاع الموظفون في نهاية المطاف الوصول إلى الجزء الشمالي من جبل مرة حيث قيّموا احتياجات أكثر من ستين ألف شخص متأثّرين بالقتال، نصفهم ممن فروا من ديارهم. ولا يمثّل هؤلاء سوى بعض ضحايا الاشتباكات المسلّحة التي راحت تنشب في جبل مرة منذ بداية العام. ويفاقم من انعدام الأمن الطبيعة الوعرة لأراضي المنطقة الجبلية والتي اضطر فريق اللجنة الدولية لإكمال الجزء الأخير من رحلته سيراً على الأقدام إلى جانب الحمير والجمال.
شهد القتال الذي بدأ هذا العام في المنطقة عدداً من الهجمات استهدفت المستوطنات السكنية. وقد أسفرت تلك الهجمات عن نزوح واسع النطاق للسكان الذين رحل أغلبهم إلى مناطق أكثر أمناً غير مأهولة في الجبال. إن العنف قد أجبر جميع المنظمات الإنسانية على إجلاء موظفيها. ولشهور كانت اللجنة الدولية وغيرها من الوكالات عاجزة عن العودة بسبب انعدام الأمن المتواصل. وفي الأسابيع الأخيرة فقط استطاعت اللجنة الدولية وعدد محدود من المنظمات الأخرى الوصول إلى جزء من المنطقة المتضرّرة وتقييم مدى الحاجة إلى العمل الإنساني.
وبالنظر إلى الحصاد الجيد نسبياً لعام 2005 في منطقة تُعَد واحدة من أخصب مناطق دارفور، وبفضل عمليات التوزيع التي جرت حتى منتصف يناير/ كانون الثاني 2006، فإن الوضع الغذائي مقبول. بيد أنه من الأهمية بمكان أن يتم رصد الوضع عن كثب خلال الشهور المقبلة. فإذا استحال الوصول إلى الأرض وزراعة الحقول، فمن الممكن أن يتدهور الوضع تدريجياً مضيفاً إلى العدد الكبير بالفعل من أهالي دارفور المعتمدين كلية على المعونة الغذائية.
وتخطّط اللجنة الدولية حالياً لتوزيع المواد المنزلية الضرورية مثل البطانيات والقماش المشمّع وأطقم الطهي على النازحين. وتتمثّل أهم شواغل المنظّمة في هذه اللحظة في مراقبة التطوّرات ومساعدة المحتاجين وتحديد أية متطلبات للمساعدة الإنسانية بين صفوف السكان المتأثّرين الذين لم تصل إليهم بعد. ومن أجل القيام بذلك سوف تحتاج اللجنة الدولية للتمكّن من الوصول إلى المنطقة على نحو منتظم وآمن. كما أن موسم الأمطار المقترب سوف يزيد من الصعوبة اللوجستية للعمل في منطقة نائية مثل هذه.
إن ارتفاع وتيرة العنف أفضى إلى زيادة حادة في القيود على تحركات السكان والمنتجات عبر أنحاء دارفور. وتكاد مجتمعات محلية بأسرها تفتقر إلى الرعاية الصحية الضرورية كما أن الأسواق مستنفدة على نحو متزايد، وهو ما يدفع أسعار الإنتاج المحلي إلى أعلى. وتعاني بعض المناطق بالفعل شح الغذاء على حين يتدهور الاقتصاد المحلي باطراد.
لم شمل الأسر
فقدت فاطمة ابنة دارفور ذات العشرين ربيعاً زوجها ووجدت نفسها بمفردها مع أطفالها الصغار الأربعة في مخيّم"تريغين" للاجئين في تشاد. غادرت فاطمة المخيّم في نهاية المطاف ووجدت أسرة في بلدة "أبيشيه" راغبة في إيوائها. ولكن مع العنف المتزايد في شرق تشاد الذي جعل من الأصعب حتى على السكان المقيمين التكيّف اقتصادياً، قرّرت فاطمة أن حالها سيكون أفضل لو أنها عادت إلى السودان، وتمكّنت بمساعدة اللجنة الدولية من استعادة الاتصالات بأسرة زوجها في الخرطوم. جرى تبادل رسائل الصليب الأحمر (رسائل شخصية وجيزة للأقرباء الذين يتعذر الوصول إليهم بسبب النزاع المسلّح) وتم وضع الخطط للم شملها بأهل زوجها.
وإلى جانب فاطمة وأسرتها الصغيرة غادر تسعة مواطنين سودانيين آخرين مخيّمات لاجئين مختلفة في تشاد منذ صدور النشرة الإخبارية السابقة للجنة الدولية وقد سافروا إلى السودان للالتحاق بأسرهم في كتم (شمال دارفور) والجنينة (غرب دارفور) ونيالا (جنوب دارفور). وإلى جانب تسهيلها استئناف الاتصالات بين أبناء الأسر المشتتة، وفّرت اللجنة الدولية للعائدين أيضاً سبيل النقل إلى مقاصدهم النهائية.
فريق الجراحة الميدانية
في مارس/آذار تم إرسال فريق اللجنة الدولية للجراحة الميدانية ثماني مرات وأجرى الفريق عمليات لإحدى وأربعين مريضاً. وقد نشط الفريق في منطقة شمال دارفور كما نفّذ مرتين مهمتين طارئتين في "قريضة" (جنوب دارفور)، حيث ساعد السلطات الصحية المحلية في علاج المرضى من ذوي الإصابات الجسيمة.
ظهور وباء الكوليرا في جنوب السودان
استقر الوضع في مدن "ييي" وجوبا وملكال. وقد واصلت اللجنة الدولية دعمها لمنظمتي 'أطباء بلا حدود' واليونيسيف ونقلت 7,5 طناً من الإمدادات الطبية جواً إلى ملكال في نهاية مارس/آذار. وفي جوبا انخفض عدد الحالات على نحو مطّرد في الأسابيع الأخيرة. بيد أن الرصد عن كثب يظل ضرورياً إذ يقترب موسم اشتداد الأمطار ويبدو المرض آخذاً في الانتشار في مناطق أخرى من جنوب السودان.
تعزيز احترام القانون الدولي الإنساني
يتمثّل جانب أساسي من مهمة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مساعدة الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف على الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني. وإذ يرمي هذا القانون إلى الحد من المعاناة غير الضرورية أثناء النزاع، فإنه يضبط على وجه التحديد سير العمليات العدائية واضعاً قواعد لحماية المدنيين وغيرهم من الأشخاص ممن لا يشاركون في القتال مثل الجرحى أو المرضى أو المحتجزين. ولهذا الغرض تقوم اللجنة الدولية في السودان بنطاق واسع من الأنشطة المتواصلة الرامية إلى تعزيز القانون الإنساني وتنمية الوعي بالقانون ومعرفته، وفي نهاية المطاف تحسين مستوى الامتثال لأحكامه.
وخلال أسبوعين من النشاط المكثّف المنظّم من قِبَل اللجنة الدولية بالاشتراك مع شبكة من ست عشرة جامعة تدرّس القانون الدولي الإنساني وتروّجه، تم عقد عدد من المحاضرات والندوات والموائد المستديرة. وشملت هذه المناسبات جلسات متنوعة حضرها مسؤولون كبار من الحكومة والقضاء والشرطة وغيرها من الأجهزة الأمنية واللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني. تناولت الفعاليات القانون ذاته وموضوعات تتصل به مثل المحكمة الجنائية الدولية وسبل تعزيز القواعد الإنسانية الدولية. وكان هناك اهتمام واضح ببلوغ مزيد من الفهم لتلك الموضوعات، وتقدير لمدى ملاءمتها لأوضاع السودان اليوم.
وفي الوقت نفسه جرى تنظيم دورة دراسية على مدار أسبوع كامل حول القانون الإنساني والمبادئ الإنسانية في القضارف لخمسة وعشرين من كبار ضباط الشرطة في الولايات الشرقية من البلاد. وفي الخرطوم تم تنظيم دورة مماثلة لأربعة وعشرين من ضباط جهاز الأمن الوطني. وتعد الدورتان مثالين لتعزيز اللجنة الدولية لقدرة أجهزة الشرطة والمنظمات الأمنية على تدريب أفرادها على القانون الإنساني ومساعدتها على إدراج المبادئ الأساسية للقانون في إجراءاتها الميدانية.
وفي الربع الأوّل من عام 2006 قامت اللجنة الدولية بالأنشطة التالية:
• أصلحت أو طورت المضخات اليدوية في ولايات دارفور الثلاث لصالح عدد يصل مجموعه إلى 87750 منتفعاً وأصلحت أو طورت نظم الإمداد بالمياه لصالح نحو ثمانين ألف منتفع؛
• كجزء من استجابة مستشفى جوبا التعليمي لاندلاع وباء الإسهال الحاد، ساعدت المستشفى في إقامة نظام للإمداد الطارئ بالمياه في عنبر العزل من أجل التمكّن من استقبال مرضى الكوليرا؛
• أقامت بالتنسيق مع منظمات إنسانية أخرى أربعة مراكز إضافية لعلاج الكوليرا وأصلحت محطة معالجة المياه في ملكال كما عززت القدرة الاستيعابية للمحطة من أجل إمداد مركز المياه بالمنطقة بعشرة آلاف لتر من المياه يومياً؛
• عالجت 448 مريضاً في ثلاثة مراكز للأطراف الاصطناعية وإعادة التأهيل في السودان (الخرطوم ولوكيشوكيو ونيالا) وأنتجت 328 طرفاً اصطناعياً و201 جبيرة؛
• زارت ثمانية أماكن احتجاز مختلفة وأوصلت 44 رسالة صليب أحمر إلى المحتجزين وجمعت 39 رسالة منهم وأصدرت 65 شهادة احتجاز لمحتجزين سبق زيارتهم من قِبَل اللجنة الدولية وساعدت مالياً سبعة محتجزين بعد الإفراج عنهم؛
• واصلت إجراء نقاشات لا يمكن إفشاء فحواها بشأن حماية ضحايا النزاعات مع جميع الأطراف على كافة المستويات سواء في الخرطوم أو في مناطق عمليات اللجنة الدولية.
لمزيد من المعلومات رجاء الاتصال بـ:
أو السيدة Andrea Koenig، اللجنة الدولية، الخرطوم، هاتف: 37764 121 9 249+
أو السيد Marco Jiménez Rodríguez ، اللجنة الدولية، جنيف، هاتف: 2271 730 22 41+
أو زيارة موقعنا على شبكة الإنترنت: www.icrc.org