السودان

رحل د. جون گما يرحل أبطال الأساطير الإغريقي القديم

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/4/2005 9:27 ص

إعداد: الفاتح عباس
وصف ياسر عرمان القائد بالحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، وصف رحيل د. جون قرنق المفاجئ «لقد رحل د. قرنق عنا كما يرحل ابطال الاساطير الاغريقية» هذا الوصف من القائد عرمان استرجعته وانا بفندق القرين فيلدج في تقديم العزاء للحركة والجيش الشعبي لفقدهما الزعيم الاسطورة د. جونق قرنق.. كورال الكنيسة خلف السرداق يبعث بتراتيل حزينة خافتة ولكنها مسموعة.. والدموع تكاد تنهمر من أعين كل الحضور.. يتقبل العزاء على باب السرداق نيال دينق وفي الوسط جلس عبد العزيز الحلو ود. الواثق كمير ود. محمد يوسف محمد.. ومحمد الحسن الامين المحامي.. هكذا اجتمع اهل السودان في لحظة حزينة ومؤلمة، ولكنها رغم كل عمق هذا الحزن تلتمع ومضة امل وضاءة.. أليس بهذا الوجود في عزاء د. جون قرنق تتجسد وحدة السودان...؟ لقد كنت دقيقاً ياسر بوصفك رحيل د. جون قرنق المفاجئ.. بانه كرحيل احد الاساطير الاغريقية القديمة.. فقد مضى الرجل وهو في عنفوان التطلع لميلاد سودان جديد.. وهو في قمة العطاء بكلماته التي قالها بدار حزب المؤتمر الوطني في الثامن من يوليو «انا عندي كلام كتير عاوز اقوله، لكن انا جيت حسع للزيارة والسلام عليكم واهنئكم بالسلام».. تباشير السودان الجديد لاحت منذ التاسع من يناير لهذا العام بتوقيع اتفاقية السلام.. فيا عزيز السودان د. جون قرنق لم تقل لنا ذاك «الكلام الكتير» الذي وعدتنا به..!!
اروع الكلمات التي قيلت بعد رحيل د. جون قرنق كانت لزوجته ربيكا «د. قرنق ما مات وهو جاب السلام للبلد.. عشان كده الناس ما تحرق وتكسر العربات.. جون قرنق ما بعمل كده.. ونحن عشان نكرم قرنق لازم نفكر في تنفيذ العمل الكان عاوز يعملو» سمعت هذا الحديث الرائع من اذاعة ام درمان امس الأول.. ومن بعده عقّب الأستاذ عبد الله عبيد: «والله هذه المرأة عظيمة.. وكنت اتوقعها جالسة تبكي زوجها.. ولكنها ان تسمو فوق حزنها لتفكر في السودان والسلام في السودان.. والله العظيم انها امرأة عظيمة»..
زعيم سلاطين الجنوب بالعاصمة دينق مشام تحدث قليلاً بالعربية موجهاً حديثه لابناء الجنوب.. ومن بعد ذلك تحدث بالدينكاوية من تلفزيون السودان: «نحنا عشان نبني البلد ده ما ممكن نكسر ونحرق حاجات الناس».. اما حديثه بالدنكاوية فلم افهمه ولكنني تابعته فقد كانت اشارات يديه وانفعال قسمات وجهه تقول الكثير.. والكثير.. ابني كان يجلس بجانبي فسألني: ده ابو قرنق؟! فلم اجب عليه.. ولكن فهمت معنى سؤاله.. فلقد رأى صدق المشاعر على وجه زعيم سلاطين الجنوب بالعاصمة.
أكثر من صحيفة من صحف الامس الأول نقلت الحوار الذي اجراه الأستاذ محمد الحسن احمد بصحيفة «الشرق الاوسط».. وكان آخر حوار صحافي للزعيم الاسطورة د. جون قرنق.. فسأله الأستاذ محمد الحسن أحمد «وماذا عن خطط لمشاريع مشتركة مع جيران الجنوب» يقول د. قرنق: «في الوقت الحاضر ليست لدينا اي خطط من هذا القبيل ونأمل في المستقبل في طرق وسكك حديد تربطنا بكينيا وباوغندا، اما الآن فكل خططنا قائمة على ربط الجنوب بالشمال»..
اما اجابته عن السؤال «وهل سيكون للشماليين المنخرطين في الحركة نصيب في الاستوزار.. وكيف؟» تهللت اسارير قرنق قبل ان يقول: نحن حركة لكل السودان.. واذا كان نصيبنا في الحكومة الاتحادية عشر وزارات فان اثنين منها من نصيب الشماليين في الحركة.. وقس على ذلك ان للشماليين نصيباً في البرلمان المركزي سنختار «32» نائباً منهم في اطار حصتنا الكلية.. بل ولهم نصيب في البرلمانات والوزارات الولائية.. واخذ يعدد النسب بشكل تفصيلي ولاية إثر ولاية وبارقام محددة.
رحل عنا د. قرنق.. ولم تشكل بعد الحكومة الاتحادية ولا حكومة الجنوب.. فسألت القائد نيال دينق «هل سيؤثر رحيل د. قرنق على إعلان التشكيل الوزاري في الوقت المحدد له»؟ فأجاب: «حتماً سوف يؤثر رحيل القائد قرنق على اعلان تشكيل الحكومة.. وحتى اقامة هذا العزاء احد اسباب التأخير.. ولكن بصفة عامة الحركة الشعبية سوف تحدد متى يعلن تشكيل الحكومة المركزية بالتشاور مع المؤتمر الوطني.. اما عن اعلان تشكيل حكومة الجنوب فقد تم اختيار القائد سلفاكير رئيساً لهذه الحكومة وبالتشاور مع قادة الحركة الشعبية سوف يعلن حكومة الجنوب».. وذات السؤال وجهته للدكتور امين مكي مدني فأجاب: «طبعاً رحيل د. جون قرنق سوف يؤخر اعلان التشكيل الوزاري».
تعليقاً على أحداث الشغب والتخريب والانفلات الأمني بالعاصمة أمس الأول بعد اعلان وفاة النائب الأول د. جون قرنق قال ياسر عرمان لاذاعة الـ B.B.C هذه الافعال مرفوضة وفردية ولن تشكل اي عائق لاستكمال مشوار السلام الذي بدأه د. جون قرنق.. وقد تكون الاحداث جاءت نتيجة لرد فعل ناشئة من قوة صدمة رحيل د. قرنق المفاجيء.. فلقد رأى الكثير من ابناء الشعب السوداني ان احلامهم وآمالهم قد انهارت وضاعت بهذا الرحيل المفاجئ.. ولكننا بالحركة نؤكد بأننا سائرون وعازمون على استكمال مسيرة السلام وتحقيق آمال وطموح أبناء شعبنا».
لقد غابت تلك الابتسامة الساحرة والكلمة البسيطة بعربي جوبا بغياب د. جون.. يحزن الجميع حين يعيد التلفزيون القومي لقطات من حفل التوقيع عن الدستور المؤقت ولقاء د. جون قرنق باعضاء المؤتمر الوطني.. ولقاء د. جون بمواطني مدينة رومبيك.. فكل خطاباته لم تستكمل وكثيراً ما ردد بان هذا اللقاء هو البداية وينتظرنا عمل كثير.
الاجراء الأمني الذي اتخذه والي ولاية الخرطوم كان حاسماً ورادعاً لكل شكل من اشكال الفوضى.. حظر التجوال لمدة اثنتى عشرة ساعة كاملة من اليوم قد تبدو كثيرة.. ولكن ان لم يفعل الوالي ذلك لعاش الناس مئات قصص المآسي والأحزان.. ونزيد على على ونقول إن حفظ الأمن والحفاظ على الهدوء هو مسؤولية كل مواطن.
لقد فقدناك حقاً د. جون قرنق دي مبيور.. ونأمل من بعدك يكون الرجال حافظين على مبادئك ومواقفك!!


اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
SudaneseOnline.Com All rights reserved