السودان

الكل تدافع إلى القرين فيلدج أمس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/2/2005 10:43 م

كتب: المحرر السياسي
لقد وحد السودانيين حتى في وفاته ... كانت هذه هي العبارة الشائعة أمس في سرادق عزاء الدكتور جون قرنق دي مبيور بفندق القرين فيلدج بالخرطوم فقد تقاطرت جموع السودانيين بالمواكب والمناكب بكافة قواهم السياسية والاجتماعية لتقديم واجب العزاء والتعبير عن فقدهم الجلل ومصاب البلاد الكبير بذلك الرحيل التراجيدي .. قيادات الحكومة عن بكرة أبيهم، القوى السياسية المختلفة شمالاً وجنوباً.. حزب الأمة بكل تناويعه، والاتحادي الديمقراطي بكل تلاوينه، والتجمع الوطني الديمقراطي بكامل قياداته الموجودة بالخرطوم، والشيوعيون يتقدمهم سكرتيرهم العام محمد إبراهيم نقد ويوساب والأخوان المسلمين يتقدم ركبهم شيخ صادق عبد الله عبد الماجد، وجاء شيخ الهدية يتقدم ركب أنصار السنة ولم تُقعده السن عن وداع الدكتور جون قرنق الذي تسلل إلى فؤاده منذ أيام التفاوض بنيفاشا..
الترابي يتحدث
وكان الدكتور الترابي قد سبق المعزين مساء أمس الأول برفقة أركان حربه من قيادات المؤتمر الشعبي وألقى كلمة في سرادق العزاء أهم ما جاء فيها ان السودانيين لم يسبق لهم ان اجتمعوا على محبة شخص كاجتماعهم على قرنق.. وقد صدق د. الترابي، فغير القوي السياسية، كان رجالات الطرق الصوفية المختلفة وحوارييهم في مقدمة المعزين يعبرون عن وشائج قربى وجدانية كانت قد ربطت بعض قادتهم مع الدكتور الراحل من أمثال أزرق طيبة والسادة المكاشفية والشيخ الراحل عبد الرحيم البرعي، والسادة الختمية وعلى رأسهم مولانا محمد عثمان الميرغني وغيرهم وكان حضور الكنيسة طاغياً بقيادة الأمين العام لمجلس الكنائس السوداني بول شول، والأنبا إيليا.
ولم يتخلف عن واجب العزاء رجالات السلك الدبلوماسي من مختلف الدول ذات التمثيل لدى الخرطوم تتقدمهم سفيرة فرنسا التي عبّرت عن تعازيها الحارة باسم حكومة وشعب فرنسا للشعب السوداني في فقده الكبير.
حضور آخر
وخف إلى عزاء فقيد البلاد، الاتحادات والنقابات وتكوينات المجتمع المدني المختلفة، اتحاد المرأة، اتحاد النقابات، الشباب السوداني وتبارى كثير من المتحدثين في التعبير عن وقع المصاب عليهم، ولكن كانت أكثر الكلمات قوة تلك التي عبّر بها بعض الشباب.
ولكن الحضور الأسمر كان من قطاعات كبيرة من النازحين في أطراف الخرطوم المختلفة، من غرب السودان وجنوبه، جاءوا نساءً ورجالاً، سكبت النسوة دمعاً سخيناً على د. جون قرنق، وحزن الرجال حزناً سرمدياً على من كانوا يعدونه الأمل الأخير لرفع معاناتهم وتخفيف أوجاعهم.
كان الحزن حقيقياً وعاماً كان جميع السودانيين أهل وجعة حتى الفصائل الجنوبية المعارضة لقرنق كانت حضوراً في سرداق العزاء بقيادة اللواء إسماعيل توني.
أهل الوجعة
أما أغلب منسوبي الحركة فقد كانوا يستقبلون التعازي وهم واجمون ومهمومون.. تسألهم عن وقع الفجيعة عليهم يجيبوك «نقول شنو!!» ورغم أنهم عركوا الميدان وخاضوا الوغى وألفوا الموت، ولكن تراهم مذهولين .. ربما أنهم لم يكونوا يتوقعون الرحيل الآن... كانوا متشوقين لأن يروا قائدهم الذي خبروا و كانوا يدخرونه قائداً فذاً يباهون به الأمم والقوى السياسية الأخرى ويقودون به تحول حركتهم وبلادهم في هذا الظرف الدقيق غير ان بعضهم كان يؤكد لنا ان الأمور ستسير وفقاً لما هو مخطط له ولن يضار السودان أو الحركة جراء فقد د. جون الذي سيترسمون خطاه ورؤاه شبراً بشبر وذراعاً بذراع، غير أنك تلمس أنهم يحاولون اقناع البعض بالتماسك، وأنفسهم أيضاً، ويخافون المستقبل!!
تأويلات غيبية!!
وما وراء الأحزان والتعبير عنها كان الجميع من خلال قعداتهم وبين ونساتهم الجانبية يحاول إيجاد تأويل سياسي أو غيبي لهذا الرحيل التراجيدي للدكتور جون قرنق في هذا التوقيت وكان كل متحدث يؤوِل المشهد الحزين وفق معتقداته وتصوراته!!
المؤمنون بالغيب وهم القطاع الأعرض بين الذين خفوا للعزاء كانوا يسلمون بأنه اصطفاء إلهي يخص به الأخيار الذين يسعون بالخير والمحبة والسلام، بين خلقه، كانت هذه رؤية المتدينين من المسيحيين وبعض المسلمين و ذهب بعض من هؤلاء إلى اعتباره قديساً..وقال آخر: يا سبحان الله قضى في الغابة (21) عاماً وفي القصر (21) يوماً.... ماهذا التوافق العجيب!!
جاء وزير الدولة بالداخلية أحمد محمد هارون وبينما هو يهم بركوب سيارته مغادراً حاصره بعض الصحافيين والحضور بأن هناك انفلاتاً أمنياً في أطراف العاصمة، فأجابهم بأن الأمن مستتب!! فاحتدوا معه بأنهم شاهدوا بعض من أحداث العنف هذه والتي استهدفت بعض أقاربهم، فرد عليهم مجدداً بأن السلطات وضعت خطة لتأمين حياة وممتلكات المواطنين، غير أنه لا توجد خطة كاملة 100% طالما ان البشر ليسوا كاملين، فأغضبتهم اجابته هذه وارتفعت وتيرة حدتهم وغادر هو المكان مسرعاً! وقد كانت هذه الأحداث مدار مباحثات بين قيادات الحركة الموجودة بالخرطوم وسلطات أمن الولاية، حيث اجتمع القائد عبد العزيز الحلو بوالي الخرطوم وبعض مسؤولي الأمن بالولاية وتم تشكيل بعض اللجان الأمنية المشتركة بين الطرفين لمتابعة سير تنفيذ الخطة الأمنية وقد أخبر وليد حامد أحد مسؤولي الأمن والاستخبارات بالحركة الشعبية «الصحافة» ان تقاريراً عن انفلاتات أمنية في أجزاء متفرقة من العاصمة ظلت ترد إليهم منذ صباح أمس .
وعبّر حامد عن أسف الحركة لهذا التطور وأشار إلى أنهم في حالة اتصال مستمر مع السلطات لاحتواء هذه الأحداث، وأنهم كوّنوا لجاناً أمنية من الحركة الشعبية للطواف على تجمعات المواطنين في مختلف أحياء العاصمة لتهدئتهم، ونفى ان تكون لديهم أية إحصاءات عن قتلي أو مصابين نتيجة هذه الأحداث ووجه حامد رسالة لمن يقومون بهذه الأفعال، قال فيها «إن د. جون قرنق ناضل طوال حياته من أجل الجنوب والشمال معاً، واستنكر اتخاذ وفاته مناسبة لخلق أنقسام في المجتمع موضحاً ان الزعيم الراحل ظل طوال حياته يعمل من أجل توحيد السودانيين بغض النظر عن أعراقهم وأديانهم، داعياً المواطنين للالتزام بالصبر والحذر والحفاظ على القيم النبيلة التي عمل لها د. جون قرنق».
مشار يوجه
وقد سيطرت الأحداث على بعض الذين تحدثوا في سرادق العزاء فقد أكد البروفيسور موسس مشار، نائب رئيس الجمهورية السابق ان جميع السودانيين شماليين وجنوبيين حزينون لرحيل الدكتور جون قرنق، غير أنه قال ان هناك من يسعى بالفتنة بينهم ليحرضهم على قتل بعضهم بعضا، مشيراً إلى ان قرنق كان يريد للسودان الوحدة ولكنهم الآن يعملون ضد ما ظل يدعو ويعمل له ووجه رسالته للشباب من الجنوبيين والشماليين بأننا لا يمكننا تحقيق ما دعا وعمل له قرنق إذا قتلنا بعضنا بعضا.
وعلمت من أحد الضباط في الجيش الشعبي، ان مشاورات تجرى بين الحكومة والحركة الشعبية لإشراك قوات الحركة في الوحدة المشتركة بالخرطوم للحفاظ على الأمن والاستقرار بالولاية!!.
هكذا عبّر السودانيون عن الرحيل التراجيدي لأحد قادتهم بمزيج عجيب من الحزن والدموع والغضب والدماء التي كانت من قبل مداداً ومهراً لبناء السودان القادم ونسأله تعالى اللطف بأن لا تكون قرباناً لوأد الحلم الكبير!!.
















اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
SudaneseOnline.Com All rights reserved