وصيته الأخيرة نفذها مدير مكتبه في الخرطوم

الخرطوم: محمد سعيد محمد الحسن
طرحت عدة تساؤلات حول الدافع المباشر لسفر الدكتور جون قرنق النائب الأول للرئيس السوداني الذي لقي مصرعه في حادثة سقوط طائرة، الى رمبيك ثم كمبالا رغم ان ترتيبات اتفاق السلام اخذت طريقها نحو التطبيق بعد أدائه القسم كنائب اول في 9 يوليو (تموز) الماضي. وتقول المصادر انه اراد تأمين الحدود المفتوحة على اوغندا وتسهيل الحراك التجاري وتبادل المصالح بين القبائل المشتركة، الى جانب التشاور مع صديقه الرئيس الأوغندي، يوري موسيفيني، بالنسبة للمرحلة المقبلة الخاصة بانزال اتفاقية السلام على ارض الواقع في السودان، ولكن «الشرق الأوسط» علمت ان «جيش الرب» الاوغندي على وجه التحديد كان وراء قراره التوجه الى اوغندا.
وحسبما افادت المصادر، فان الدكتور جون قرنق خلال وجوده في الخرطوم تلقى تقريرا مفاده ان «جيش الرب» الاوغندي عمد الى مهاجمة قوات من الحركة الشعبية واستولى على عتادها ومؤنها، وأقلقه هذا التقرير ومن ثم قرر السفر الى كمبالا.

وتوجه قرنق من الخرطوم الى رمبيك ثم الى مدينة نيو سايت. وفي عصر الثلاثاء السادس والعشرين من يوليو، التقى الدكتور قرنق بالوفد الاعلامي الذي جاء من الخرطوم. وسئل عن جيش الرب وما اذا اصبح مهددا للسلام في جنوب السودان؟ وهل وضعت الحركة الشعبية خطة لمحاصرته او التنسيق مع جهات اخرى للقضاء عليه؟

اجاب قرنق: هناك اتفاق بين الحكومة وأوغندا منذ عامين. واذا اصبحت الحركة مسؤولة عن جنوب السودان ستكون الاسبقية لطرد جيش الرب من الاستوائية، وقال «نحن الآن في شرق الاستوائية، وجيش الرب مقره في شرق الاستوائية، شرق جوبا، وسنعمل بالتنسيق مع قوات الشعب المسلحة والجيش الشعبي لتحرير السودان والجيش الاوغندي لطرد جيش الرب خلال ثلاثة اشهر. لا نريد وجودا لجيش الرب في جنوب السودان». ومن جانب آخر، فان الدكتور جون قرنق قبل مغادرة الخرطوم طلب من مدير مكتبه ان ينقل شكره وتقديره لادارة فندق الهيلتون، حيث كان يقيم «على الخدمات الجيدة التي وفرت له، وأن هناك مكافأة مالية ستقدم لمن قاموا بخدمة جناحه». وحسبما نقل مسؤول في الفندق فإن الدكتور جون قرنق اقام علاقات طيبة مع نزلاء الفندق، وتبادل معهم الابتسامات والتحايا، وكذلك كان يتلطف في تعامله مع العاملين في الفندق، ولذلك حزنوا كثيرا لدى اعلان وفاته في حادثة الطائرة الرئاسية الاوغندية، وقد فوجئوا يوم السبت 13 اغسطس (آب) ان مدير مكتب الدكتور جون قرنق حسبما اوصى قرنق قبل سفره، قدم شيكا لتوزيعه على الذين عملوا على خدمته وخدمة زواره اثناء اقامته في الفندق.

وفيما اعلن عن بداية اللجنة الفنية في ملابسات سقوط الطائرة الرئاسية التي أقلت الدكتور جون قرنق، طرحت مخاوف من جانب خبراء لتسلم الحكومة الاوغندية كل المتعلقات الخاصة بحطام الطائرة الرئاسية الاوغندية، بما فيها «الصندوق الاسود»، لاهميته في كشف الملابسات التي ادت الى سقوط الطائرة. ونبهت مصادر اخرى الى ان الطريقة التي تعاملت بها كمبالا مع سقوط الطائرة والتصريحات المتضاربة «لا تدعو للاطمئنان»، ولذلك من المهم استرداد الخرطوم للصندوق الاسود والوثائق والمستندات والشهادات ذات الصلة بحادث سقوط الطائرة. ولكن وزير الطيران علي تميم استبعد حدوث اي تلاعب في الصندوق «لأن حدوث هذا يعد مؤشرا الى ان هناك جهة ما تريد اخفاء شيء»، ونشر هذا الحديث في الخرطوم. ونبه خبير طيران في حديث لصحيفة محلية الى وجود «حزمة من الاخطاء والخروقات للقانون حفل بها الموقف الاوغندي الرسمي، وتساءل: «الطائرة تمنع من الطيران لمناطق جلية، او ليلا في اجواء ليست مواتية، فلماذا سمحوا لها بالمغادرة؟ لماذا لم تشكل اوغندا فرق بحث عن الطائرة طالما لم تبلغ الحكومة السودانية لساعتين من الزمان؟».