أنهى السودانيون فجر أمس حالة ترقب عاشوها الليلة قبل الماضية بشأن مصير النائب الأول للرئيس والزعيم الجنوبي الأبرز جون قرنق، وذلك عندما تبلغوا بمصرعه في بيان تلاه الرئيس عمر البشير، أكد خلاله تحطم المروحية التي أعاره إياها الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وكانت تقل قرنق من أوغندا إلى جنوب السودان، وهو الحادث الذي أشاع مخاوف من تأثيرات محتملة له في تطبيق اتفاقية السلام في البلاد. غير أن الرئيس السوداني وقيادات “الحركة الشعبية” التي كان قرنق يتزعمها شددوا على المضي في تنفيذ الاتفاقية بحذافيرها.

وإلى مشاعر الحزن، فإن الحادث استثار مشاعر سخط لدى أعداد من الجنوبيين تجاه الشماليين، ما تسبب بأعمال شغب واعتداءات، في الخرطوم ومدن أخرى شهدت تخريبا واسعا وسقوط عشرات من القتلى والجرحى. وعمدت “الحركة الشعبية” إلى تهدئة النفوس، وطمأنة السودانيين، والجنوبيين منهم خصوصا، بأن قرنق قضى في حادث محزن بسبب سوء الأحوال الجوية.
وفي بيان تلاه أمس، أكد الرئيس عمر البشير أن التعاون مع قيادة “الحركة الشعبية” سيستمر، وأنه على ثقة من أن اتفاق السلام سيمضي كما هو مقرر له، وامتدح قرنق الذي أعلن الحداد ثلاثة أيام في البلاد على وفاته، وقال إنه كان رجل دولة من الطراز الأول ورجل سلام.

ومن جانبه، أعلن سيلفا كير نائب جون قرنق في زعامة “الحركة الشعبية”، ان قيادة الحركة الشعبية اختارته ليخلفه في هذا الموقع ونائبا أول للرئيس السوداني، وأن الحركة ستحافظ على وحدتها وستسعى جاهدة بكل صدق من أجل تطبيق اتفاق السلام الموقع مع الحكومة في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وقد باشرت الإدارة السياسية والعسكرية ل “الحركة الشعبية” مساء أمس اجتماعا في مدينة نيو سايت في الجنوب ل “إدارة الأزمة الوطنية”، بعد مقتل قائدها.

وبعد ساعات فقط على إعلان غياب قرنق في تحطم الطائرة التي كان الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قد أعاره إياها، شهدت شوارع وميادين في الخرطوم ومدن سودانية أخرى أعمال شغب واعتداءات ارتكب معظمها جنوبيون على شماليين، وجرت خلالها أعمال نهب وسلب وحرق تعرضت لها محلات تجارية وأسواق عامة، وذلك قبل أن تعود الأوضاع عصرا إلى الهدوء، وقد نزلت قوات من الجيش إلى الشوارع لمساعدة قوات الشرطة ومكافحة الشغب، وأعلنت السلطات حظر التجول ليلا، بدءا من السادسة مساء إلى السادسة صباحا. وأفادت تقارير غير رسمية بأن نحو أربعة وعشرين قتيلا سقطوا، وأن أكثر من مائة جريح وصلوا إلى أحد المستشفيات.

وقد عملت “الحركة الشعبية” على تهدئة الأوضاع في بيان أكدت فيه أن مقتل قرنق جاء في حادث في ظروف جوية سيئة، وطالبت بضبط النفس والصبر على “الفقد الجلل”.

وقد أجمع قياديون في أحزاب وهيئات سياسية ومدنية سودانية استطلعت “الخليج” آراءهم على ضرورة العمل الوطني على تجاوز التأثيرات السلبية المحتملة لغياب جون قرنق على مسيرة عملية السلام في البلاد، وعلى المضي في مسار التحول الديمقراطي، وطالبوا بالعمل على إخماد بوادر الفتنة التي يمكن أن تضرب أجواء الوحدة الوطنية.

وفي واشنطن أعلن الناطق باسم الخارجية الامريكية توم كايسي ان الولايات المتحدة اوفدت امس (الاثنين) دبلوماسيين رفيعي المستوى الى السودان للتأكد ان عملية السلام ستستمر بعد مقتل الزعيم الجنوبي جون قرنق في حادث مروحية.

وأوضح ان كوني نيومان مساعد وزيرة الخارجية الامريكية للشؤون الافريقية وروجر وينتر المبعوث الخاص الى السودان توجها الى الخرطوم والى جنوب البلاد.