السودان

الخرطوم تشتعل بالنيران في أسوأ أحداث عنف في تاريخها

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/1/2005 6:10 م


لندن: عيدروس عبد العزيز
لم تمض ساعات قليلة من إعلان مقتل النائب الأول للرئيس السوداني زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق، اثر سقوط طائرته أول من أمس.. حتى خرج آلاف من الجنوبيين السودانيين المدججين بالأسلحة الخفيفة والرشاشات والسكاكين والأسياخ الحديدية، بإشعال النيران في معظم أسواق الخرطوم الرئيسية والمحلات التجارية، وتم حرق مئات السيارات، ونهب المتاجر واشتبكوا مع الشرطة في الشوارع مما أدى إلى وقوع عشرات القتلى. ورغم أن قادة الحركة ارسلوا اشارات ايجابية لتهدئة الخواطر، وإعلان الرئيس السوداني عمر حسن البشير أن ما حدث نتيجة اصطدام مروحية في جبال الجنوب السوداني، الا أن الاشتباكات وأعمال الشغب، امتدت لتشمل كل أركان العاصمة الخرطوم.
وأبلغ مسؤول بالشرطة أن 12 شخصا من بينهم بعض افراد الشرطة قتلوا في أعمال شغب بالخرطوم أمس. ورأى شاهد عيان 12 جثة في مشرحة في مستشفى بالخرطوم. وقال مسؤول بالشرطة لم يشأ الافصاح عن اسمه «كلهم توفوا في أعمال الشغب.. وبعض القتلى من أفراد الشرطة». وذكر مسؤولون آخرون بالشرطة، انهم يتوقعون وصول مزيد من الجثث في وقت لاحق.

وأعلنت السلطات السودانية حظر التجول لمدة 12 ساعة، اعتبارا من السادسة بعد الظهر (00،15 تغ) أمس، بعد نشوب اعمال الشغب العنيفة، كما أعلنت وكالة الانباء السودانية.

وقال شهود في اتصال مع الشرق الأوسط، إن «الناس يجرون في كل الشوارع.. الشرطة تعتقل أشخاصا من الشوارع.. هناك نار ودخان». وقال طالب يدعى سويد عبد الله «إنهم يضربون كل من يرون أنه يشبه العرب». وقال شهود إن المتاجر أغلقت أبوابها، وأن هناك وجودا أمنيا متزايدا في الشوارع.

وأضاف الشهود أن الجنوبيين، الذين استقبلوا قرنق مؤخرا استقبالا حافلا، عندما سافر الى الشمال لتولي منصبه كنائب للرئيس في حكومة اقتسام السلطة الجديدة، حطموا ايضا سيارات ومتاجر خلال عدة ساعات من أعمال الشغب.

وأعلن دبلوماسي أوروبي في اتصال ان «حوادث خطيرة تجري حاليا في الخرطوم، وتسمع رشقات نارية من رشاشات كلاشنيكوف، كما تشاهد سيارات محترقة في الشوارع». وأوضح أيضا أن حواجز أمنية أقيمت في العديد من نقاط العاصمة، وأن طريق المطار قطعت صباح أمس.

وأضاف أن السفارات الغربية ستوجه نداء إلى الأجانب، ليبقوا في منازلهم. وارتفعت أعمدة الدخان الحرائق في سماء العاصمة ويمكن مشاهدتها على بعد عدة كيلومترات من الضاحية. وقد تم اقفال مخارج العاصمة وجميع الجسور التي تربط بين ضفتي النيل. من ناحية اخرى، اقفلت السلطات السودانية المؤسسات الرسمية والمدارس، وطلبت من المواطنين التزام منازلهم.

وتصاعدت أعمال شغب ضد العوأوضحت ماري كيجي «انهم يستهدفون المحلات، التي تخص عربا بالتحديد»، مضيفة أن قوات الأمن تدخلت في محاولة لإعادة الهدوء.

ولم يسجل وقوع اصابات، بعدما تبين ان المهاجمين كانوا يستهدفون المكاتب والمحلات، من دون التعرض للأشخاص. وفيما يتوقع ان يرتقع عدد القتلى والجرحى، حيث قال مصدر في الشرطة لـ«الشرق الأوسط»، ان هذه الحصيلة أولية، وان الصدامات حتى مغرب الشمس استمرت في الاحياء الطرفية وبعنف شديد، وامتلأت المستشفيات بالجرحى، وعجت مشرحة مستشفى الخرطوم بالقتلى، وذوي المفقودين. واستمر الوضع في حالة هرج ومرج الى وقت متأخر من مساء امس. وقال مصدر في وزارة الصحة، انهم يتوقعون وصول قتلى جدد ومصابين، وانهم رفعوا من درجة الاستعداد في كل المستشفيات العامة.

وأسفرت الصدامات التي استخدمت فيها كل انواع الاسلحة بدءا من «الاسلحة البيضاء انتهاء بالسلاح الناري»، عن خسائر مادية لم تشهدها الخرطوم يوما على كثرة التظاهرات والصدامات التي تحدث فيها لأسباب سياسية او اخرى، وشملت الخسائر المادية حرق المنازل والسيارات والمحال التجارية والاسواق والمرافق العامة، ومحطات خدمة الوقود، ومحطات الكهرباء الفرعية.

وشاهدت «الشرق الأوسط» حرائق في أجزاء واسعة من الاسواق الرئيسية لمدن العاصمة الرئيسية وهي «الخرطوم وأم درمان والخرطوم بحري». وحسب التقديرات الاولية، فإن السيارات التى أحرقت يزيد عددها عن الـ «500» سيارة، وشملت معارض سيارات شهيرة، ونهبت أخرى بعد ان أجبر أصحابها على الترجل منها في قلب العاصمة الخرطوم، كما شاهدت «3» أشخاص جرى حرقهم داخل سياراتهم كل على حدة عند مدخل جسر النيل الابيض الجديد الذى يربط بين ام درمان والخرطوم، كما تعرضت فى المكان نحو «40» سيارة الى الحرق، وعدد لا يقل عن ذلك من المحال التجارية المجاورة.

ولم تستطع قوات الشرطة في البدء احتواء الصدامات، وقال أصحاب صيدلية تعرضت للحرق انه «فقد في المكان (وأشار الى رماد الصيدلية وبقايا النار) نحو 700 مليون جنيه سوداني من أدوية معروضة وأخرى مخزنة».

وأحرق عدد من الاسواق، مثل سوق «6» بالحاج يوسف، والسوق الليبي في ابو سعد، واغلب اسواق الاحياء، والمحال التجارية على واجهات الشوارع الرئيسية في مدن العاصمة الثلاث.

ولأربع ساعات تماما لم تستطع الشرطة احتواء أعمال الشغب والصدامات باستخدام الغاز المسيل للدموع والهراوات، الى ان صدرت توجيهات عليا فتدخل الجيش في الأمر، حيث انتشر في معظم الاحياء والشوارع الرئيسية، والمرافق الحيوية والبنوك والوزارات ومنازل المسؤولين والاسواق التي نجت من الحرق والنهب والسلب.

وأطلقت القوات الطلقات النارية على المعتدين، وطاردت النهابين الذين كان مشهدهم وهم يحملون مسروقاتهم عاديا في اسواق الاحياء الطرفية في ام درمان والحاج يوسف وجنوب الخرطوم مثل أحياء «الكلاكلات» وعد حسين ومايو. وبعد تدخل الجيش ساد الهدوء الحذر بعض الأحياء وأوساط المدن، ولكن حتى الليل تسمع أصوات طلق ناري في بعض الاحياء الطرفية، وتتصاعد أعمدة الدخان. وأعلنت رئاسة قوات الشرطة وقوع حوادث شغب متفرقة ومعزولة بالخرطوم، الأمر الذي أدى لحدوث بعض البلبلة وسط المواطنين وأشارت إلى إدانتها لهذا السلوك. وأكدت قوات الشرطة استعدادها التام للتصدي بقوة لكل التصرفات التي من شأنها زعزعة أمن وسلامة المواطنين، وناشدت وزارة الداخلية في بيان المواطنين في جميع أنحاء البلاد التحلي والالتزام بأعلى درجات ضبط النفس والهدوء. ونقلت وزارة الداخلية تعازيها لكافة أفراد الشعب السوداني وقطاعاته للفقد الكبير الذي فجعت به البلاد وأبدت أسفها لهذا الحادث الجلل. وعبرت عن أملها بأن تنعم البلاد بالأمن والاستقرار.

وأصدر د. عبد الحليم إسماعيل المتعافي، والي ولاية الخرطوم، ظهر امس، قرارا بحظر التجول في كافة محليات ولاية الخرطوم اعتبارا من السادسة مساء وحتى السادسة صباحا لحين صدور أمر آخر. وجاء في القرار انه «يحظر التجوال في كافة محليات ولاية الخرطوم اعتباراً من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا لحين صدور أمر آخر».

كما أصدر المتعافي قراراً آخر بحظر أي تجمع أو تجمهر أو موكب في الطرقات والأماكن العامة في كافة محليات ولاية الخرطوم، وأصدر قرارا بضرورة الاستعانة بالقوة العسكرية لإعادة النظام بالولاية والحفاظ على السلام العام.

وشملت أعمال العنف مدنا سودانية أخرى مثل بورتسودان والمناقل في الشمال وملكال وجوبا وواو فى الجنوب، وفى جوبا أحرق سوق المدينة الرئيسي واسواق كونج كونج، وملكية، ولم تسجل الشرطة وقوع قتلى او إصابات، وتصاعدت أعمدة الدخان في سماء المدينة.

وكان مجلس الوزراء عقد اجتماعا طارئا أمس برئاسة الرئيس عمر البشير اثر وفاة قرنق، عبّر فيه عن صادق التعازي للأمة السودانية والحركة الشعبية بهذا الحدث الجلل. وأعلن مجلس الوزراء الحداد في البلاد لمدة ثلاثة أيام.

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com............ للمزيد من الاخبار

للمزيد من هذه التحليلات الاخبارية للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
SudaneseOnline.Com All rights reserved