أقام التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن ندوة سياسية كبرى بفندق وندهام بواشنطن دي سي، يوم الاثنين الموافق 6/9/ 2004، تحدث فيها المناضل الدكتور/ جون قرنق دي مابيور، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان، القائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان ، وقائد قوات التجمع الوطني الديمقراطي. وقد حضر الندوة جمهور غفير جاء من مختلف الولايات الأمريكية للمشاركة والاستماع للقائد قرنق.
افتتح الندوة الأستاذ/ إبراهيم علي إبراهيم المحامي، عضو التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن ، حيث رحب بوفد الحركة الشعبية لتحرير السودان الزائر لواشنطن ، برئاسة الدكتور جون قرنق ، رئيس الحركة الشعبية ، وحرمه السيدة/ربيكا قرنق، والسيد نيال دينق، المفاوض الرئيسي للحركة الشعبية لتحرير السودان ، ومسز اجنس ممثلة الحركة الشعبية في انجلترا، والسيد/ استفين وندو ، ممثل الحركة الشعبية بواشنطن. كذلك حيا الأستاذ/ إبراهيم شهداء الحرية والديمقراطية في مختلف ربوع السودان، كما حيا نضال التجمع الوطني الديمقراطي الذي استمر لعقدين من الزمان من اجل صياغة سودان أفضل يسع الجميع دون أي تمييز. كذلك أشاد بالنضال الطويل للحركة الشعبية لتحرير السودان من اجل إعادة الحقوق المسلوبة لاهلها ومن بينها الحق في الحياة الكريمة، والعدالة والمساواة، وحق شعوب الأقاليم في أن تحكم نفسها بنفسها ضمن نظام لامركزي فدرالي ، دون وصاية من احد، وحقها في أن تنال نصيبا متساويا من ثروات البلاد لتدعم به أجهزة الحكم التي ارتضتها حتى يكتب لها النجاح. كما شارك الأستاذ/ ماريال بنجامين ، عضو التجمع الوطني ، وعضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية بواشنطن في إدارة الندوة ، حيث أشاد بنضال اتحاد أبناء دارفور بواشنطن ، والرابطة العالمية لأبناء جبال النوبة بالولايات المتحدة، ومنحهم فرصة لتحية الدكتور قرنق بكلمات قصيرة. وقد ساهم أيضا أعضاء قوات التحالف بواشنطن في تنظيم وانجاح الندوة.
وقد القى السيد/ عاصم عطا صالح كلمة التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن ، حيث ذكر فيها أن الاتفاقية تلقى تأييدا من قوى التجمع الوطني ، كما لقيت تأييدا مبدئيا من كافة القوى السياسية الأخرى ، وقال أن الاتفاق حقق عدة أهداف اساسية اهمها وقف الحرب والدمار الذي عاشته بلادنا على مدى نصف قرن من الزمان إلى جانب تخلي النظام عن 48% من السلطة وفتح الطريق امام بقية القوى السياسية للتنافس عبر الانتخابات الحرة وبمراقبة دولية. وقال أن طبيعة الحل التفاوضي تتطلب تقديم تنازلات ، وان الحل السياسي لم يكن خيار الحركة الشعبية وحدها ، فقد أجازه قرار مؤتمر مصوع عام 2000 والذي التزمت به كل فصائل التجمع، ثم لقاءات قادة التجمع بأركان النظام في اسمرا ، واتفاق جدة الإطاري ، ثم اجتماعات القاهرة الشهر الماضي تحت رعاية الحكومة المصرية، حيث طرح التجمع كافة القضايا الأساسية التي يمكن أن تؤدي الي حل يضع نهاية للازمة المتفاقمة التي تعيشها البلاد. وأشار إلى أن لجان التجمع تعكف هذه الأيام على بلورة الأفكار وصياغة مواضيع التفاوض تحضيرا للقاء القادم في نهاية الشهر الحالي. كذلك أشار السيد/ عطا إلى أن اجتماعات هيئة القيادة الأخيرة باسمرا كرست عددا من الاجتماعات واللقاءات مع قادة حركة التحرير بدارفور من اجل التوصل لحل عاجل وعادل للمأساة التي يعيشها أهلنا بدارفور. واختتم السيد/ عاصم عطا كلمته قائلا ان السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار والحفاظ على وحدة البلاد هو إعطاء كل ذي حق حقه والاعتراف بالتعدد والتنوع السياسي والعرقي والديني ضمن نظام يضمن للجميع العدل والمساواة.
في مستهل حديثه، قدم الدكتور/ جون قرنق عرضا تاريخيا لمآلات تكوين دولة السودان المعروفة اليوم، وأشار إلى أن اسم السودان قد ورد في بعض الأناجيل القديمة. وقال أن السودان في تطوره كدولة منذ عصور التاريخ النوبي ثم المسيحي ، وتاريخ الممالك والسلطنات الإسلامية في سنار ودارفور قد عرف التعايش المشترك بين شعوبه المتباينة وأديانه المتنوعة وان ذلك الارث الحضاري هو ارث للجميع، وان هناك الكثير الذي يجمع بيننا كشعب واحد. وعن اتفاق السلام قال د.قرنق : نحن لا نريد اتفاقا ثنائيا لا يحل مشاكل السودان مثل اتفاقية أديس أبابا، وأكد انه يريد اتفاقا يوافق عليه الشعب كله ليحظى بالإجماع ويكتب له الدوام. وقال أننا في الحركة الشعبية لتحرير السودان قبل عشر سنوات قد طرحنا برنامجنا حول السودان الجديد، وقمنا بتحديد مشكلة السودان بأنها مشكلة عامة ولا تخص الجنوب وحده، وهي مشكلة تتعلق بنظام الحكم في السودان. وأشار إلى أن مشاكل السودان تكمن في تاريخ طويل من التهميش السياسي والاقتصادي والحرمان من المشاركة في السلطة في السودان، وان كل هذا التراكم أدى إلى اندلاع الحرب والعنف كوسيلة للتغيير. واكد د. قرنق أن السيطرة العربية الإسلامية، ومحاولاتها لفرض هوية آحادية وبرنامج سياسي لإجبار الآخرين للذوبان في هويتهم هي أساس الأزمة في بلاد متنوعة عرقيا ودينياً، وان حكم الجبهة الإسلامية قد عمق من هذه الأزمة. وأكد د. قرنق ان السودان الجديد يحوي عربا وافارقة على السواء، وان الحركة لا تسعى لاسقاط الاسلام لانه دين سوداني، كما ان المسيحية دين سوداني . وقال ان الدين والعروبة لن يوحدا السودان، كما ان الافريقانية لن توحد السودان ايضا، وان الذي يوحدنا هو السودانوية. وذكر ان الحل هو دولة واحدة تسع الجميع دون تمييز بسبب الدين او اللون او العرق او اي اجندة.
وقال الدكتور قرنق ان الحركة الشعبية حددت اهدافها في سودان جديد على اساس طوعي لذلك جاء موضوع حق تقرير المصير. وحذر من حدوث انفصال وتفكك في دولة السودان لان لا احد يقبل بأن يعيش مواطن من الدرجة الثانية في وطنه. وقال ان حق تقرير المصير لا يهدد الوحدة ، بل ان مههدات الوحدة تكمن في الشمال حيث ترى بعض المجموعات انها تستطيع ان تستمر في حكم السودان على النسق القديم ، وهذا هو ما يحدث الانفصال. وعدد وسائل نضال الحركة الشعبية في الكفاح المسلح ، والانتفاضة ، ثم التفاوض السلمي وقال ان هذه الوسائل متجانسة مع اهدافنا.
وعن موضوع التفاوض السلمي قال سيادته ان الحركة لها تاريخ طويل في التفاوض مع الحكومات السودانية منذ كوكادام ، والمفاوضات مع الحكومة الانتقالية ، ثم مفاوضات ابوجا ، ثم جولات الايقاد وصولا لنيفاشا. وعن بروتوكولات نيفاشا الستة قال د. قرنق اننا انجزنا حتى الان حق تقرير المصير عبر الاستفتاء لجنوب السودان، وقيام مجالس شعبية في جبال النوبة وان تتبع ابيي لرئاسة الجمهورية. واكد ان هذه اول مرة ينال فيها الجنوب سلطة حقيقية لا تعتمد على المركز في الشمال ونتيجة لهذا ستتحقق ديمقراطية في الجنوب، وسيظل الجنوب جزءا من السودان.
وعن موضوع الجيشين قال د. قرنق ان في ذلك ضمان لتنفيذ الاتفاقية وضمان لوحدة السودان. وأكد علمه بأن البعض قد من ان يؤدي موضوع الجيشين الى انفصال. وقال ان الجيش القديم تسبب في حربين مدمرتين ، واننا نحتاج الى جيش قومي جديد على اسس جديدة تستوعب الجميع. وعن موضوع العملة قال انه قد تم الاتفاق على اصدار عملة واحدة لكل السودان بعد ان تتفق جميع الاطراف السودانية على تصميمها.
وعلى صعيد التجمع الوطني قال د. قرنق اننا حققنا موضوع الانتخابات والديمقراطية بعد ثلاث سنوات ، وان الانتخابات ستكون على كافة المستويات ، ثم وثيقة حقوق الانسان والحريات، وان التحدي الان امام السودانيين ليجعلوا الوحدة جاذبة وهي ايضا مسئولية الحكومة المركزية ، وان الفرصة اوسع بموجب هذا الاتفاق لتحقيق الوحدة الطوعية. واكد ان الحكومة الانتقالية ستكون حكومة ائتلاف قومي تضم جميع الاطراف على حسب النسب المذكورة في الاتفاقية، وان الشراكة ستكون بين الجميع.
وعن دارفور، قال المناضل قرنق: ان ما يحدث في دارفور هو مأساة كبيرة، نتيجة لاستخدام الحكومة لاستراتيجية خاطئة وخبيثة في محاربة التمرد، حيث تستخدم ابناء المنطقة ضد بعضهم البعض، واستقطاب قبائل المنطقة ضد بعضها، حيث يتم التجنيد للمليشيات على اسس عرقية ومن العناصر الاسلامية المتشددة التي تنتمي للحكومة. وذكر ان الحكومة سبق ان استخدمت نفس هذه الاستراتيجية في جنوب السودان. وقال يجب الا يسمح للحكومة باستخدام قبائل ضد قبائل اخرى.
واختتم د. قرنق حديثه بقوله ان حل مشاكل السودان الان يمكن ان يتم على ثلاثة مسارات لمواصلة التفاوض السلمي مع الحكومة وهي نيفاشا بين الحكومة والحركة ، والقاهرة بين الحكومة والتجمع ، وابوجا بين الحكومة وحركة تحرير دارفور.
هذا، وقد اجاب الدكتور قرنق على اسئلة الحضور الكثيرة في صبر وجلد وحنكة وحكمة عرف بها بصورة مفصلة دون ان يغمط اي سائل او مستفسر حقه في المعرفة. وقد نالت محاضرته رضا الجميع و طمأنت القلوب. وقد اشادت جماهير المثقفين السودانيين الذين اتوا من مختلف الولايات الامريكية بالجهود التي يبذلها التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن فى تنوير مواطنيه بالمهجر بترتيب مثل هذه اللقاءات الهامة.
سكرتارية التجمع الوطني الديمقراطي
واشنطن