لا تنسى جمعية سوادنة للتنويه أن بعض أبناء غرب السودان ودار فور كانوا مستغلين لتنفيذ مآرب الشمال السلطوي ببقائهم في الاحزب وإدخالهم في الحكومات والأنظمة حتى الإنقاذ . ولأنهم سايروا النظام على ظلمه لقومهم وشعبهم لا ترى الجمعية أي مبرر لتبرئة ساحتهم.
كما نوضح بشدة ان المظالم كان يستهدف الإقليم كله بكل شعبه مثلما ان التطهير العرقي يستهدف كل شعب الإقليم عن طريقة استخدام النظام لبعض العناصر في ضرب البعض الآخر وفي ذلك تطهيرا عرقيا لكيلاهما، وذلك ما يفضي إلى الابادة الجماعية لشعب الإقليم بكل قبائله.
إن ما يحملنا لتوضيح تلك المظالم هو واجب بيان جوانب ما يجري في الإقليم اليوم ، ولان الحرب في دارفور تجمل ثلاث أبعاد:
بعد ثانوي قبلي : صراعات بين القبائل استغلها النظام بغرض صرف الناس عن القضايا المندرجة في البعد الأول وهو قومي أي قضية اختلال ميزان السلطة والثروة بالبلاد . كما أيضا محاولة النظام لتجاهل البعد الثاني الإقليمي الخاص بشعب دار فور وهو الظلم المنظم والتهميش المتعمد الذي عانى من ويلاته شعب الإقليم وهو البعد الذي نحن بصدد توضيحه.
والبعد الأخير للصراع يمكن حله أيضا بإنهاء الأهليين حربهم القبلية و(المحلية ) في جوانبها الراهنة والتوجه إلى صناعة سودان واحد وذلك هو البعد القومي الخاص بشعب السودان عامة .
أن أي جولة تفاوض يجب أن يأخذ في الاعتبار ان هذا البعد لتستكمل جوانب تهميش البلاد كله في ظل حكم الالجاركية الشمالية العنصرية وذلك لضمان الوصول الأفضل لحل إشكالية تقاسم السلطة والثروة بالبلاد.
ذلك الظلم المتعمد والتهميش المقصود يتلخص مثالا لا حصرا في الآتي :
ظلم واستغلال اقتصادي
1 - قيام نظام الإنقاذ بإيقاف وتجميد مشاريع تنموية كانت قائمة ومعتمدة في ميزانيات سابقة ومخطط لها ، ورغم أنها محدودة الأهمية والأثر وغير كافية لشعب الإقليم إلا أنها كانت تعبر عن محاولة قد تعدي إلى تخفيف معاناة معتبر ورفع عبء مقدر عن كاهل المواطنين الإقليم وتلك المشاريع عددها:
(1)مشروع تنمية جبل مرة (مقترح) بمدينة سوني بقمة الجبل كان بهدف الإصلاح الزراعي.
(2) مشروع تنمية غرب السافنا لتوطين القبائل العربية الراحلة بجنوبي مدينة نيالا حاضرة الشطر الجنوبي من الإقليم .
(3)مشروع غزالة جاوزت لتطوير وتنمية الثروة الحيوانية وبمنطقتي بابنوسا – بالشطر الجنوبي من الإقليم .
(4) مشروع طريق الغرب القاري – أو ما عاد يعرف بطرق (الإنقاذ الغربي) من مدينة الأبيض حتى مدينة الفاشر – والجنينة.
(5) مشروع ساق النعام للإصلاح الزراعي بضاحية ساق النعام شمالي الفاشر – بالشطر الشمالي من الإقليم.
(6) إيقاف تشغيل قطار الخرطوم نيالا وإيقاف العمل في إصلاحه السك حديد نيالا، قبل أن يتم تخصيصه لقطاع خاص مملوك لرجال أعمال شماليين يسمى مالكيها ب(شيخو).
2- فرض النظام ضرائب وإتاوات وزكاة ودقنيات ورسوم وجزية على شعب الإقليم يتم تحصيلها بصورة عشوائية ومجحفة وغير نظامية وبالإكراه مفروض على كل حي مملوك .
(1) تم فرض ضرئب على الحمار المنزلي والأشجار وعلى الدجاجة والديك . وفرض الزكاة على الماشية المزكي وغير المزكي وكل المواشي حتى التي لم تبلغ النصاب .
(2) فرض رسوم على كل المحاصيل الزراعية مهما قلت ، على كل محصول يرد السوق من السخرية أن النظام الضريبي فرض على (البراتيل) وهي آنية محلية تصنعها المراءاة الدارفورية من السعف .
3- التجاهل التام لمشاريع الطرق التنموية بالإقليم ذات الثلاثة ولايات فيما بينها والخرطوم وارتفعت تكلفة الخدمــات مثل تذاكــر الرحلات بالطائــران الداخلية والسكة حديد والمواصلات البريـــة بدرجة لم يشهد لها مثيل في كل أقاليم وحقب السودان المختلفة. مع العلم قلة المركبات في الإقليم وتخلفها إذ تعارف الناس بتواصل باستخدام الشاحنات الكبيرة .
4- تضيق فرص العمل إلا على الشماليين في الشركات ومناطق الإنتاج. وفرض ضرائب مرهقة وقيود على التجارة . ومحكوم على المتقدم من أهل الغرب لوظيفة في أي مؤسسة أو وشركة بالخرطوم أن يقوم بملئ استمارة تقديم تهوي أسئلة تتضمن : قبيلته . وانتمائه العرقي ، وتوجه السياسية ، مع ذكر ضامن له شخص في الحكومة للتذكية . و تلك السياسية أفرزت حالة واسعة من البطالة في وسط الشباب وحديثي التخرج من الجامعات خاصة . وزيادة نسب العوز والفقر مما هدى بالكثير منه التفكير في التهريب عبر الصحراء إلى دولة ليبيا المجاورة . أو استغلاله للتجنيد بمليشيات الخدمة الوطنية.
5- بالرغم أن هناك ثلاث دول مجاورة للإقليم دارفور وكان يمكن أن تنشط تجارة الحدود بينها يضر دخلا على الإقليم في إدارتها الثلاث . لكن النظام اثر قفل الطرق التجارية وعدم تنشيط تجارة الحدود التي تدر ربحا للمواطنين بل منع النظام على درجة الحرمة في عبور سلع عبر تلك الموانئ إلى دول الجوار ، وأبقى التعامل التجاري في السودان كله عبر بوابتين هي المطلة على دول المنظومة العربية .
كان يمكن أن تنشط التجارة عبر المدن الحدودية التالية وتصبح مواني تجارية يستفاد منها الإقليم: مليط ، وكرب التوم ، (في الحدود مع ليبيا) و الطينة وكورنوي وكلبس أبو سروج ، اديكونغ وفور برنقا (في الحدود مع تشاد ) ، فوربرنغا ، أم دخن ، ام دافوق ، وسيسبان (في الحدود مع أفريقيا الوسطي ). لكن حتى القليل منها كانت تذهب للخزينة المركزية ويخصم فقط 10 % منها لصالح الولاية المعنية .
من الأسف ( وحمرة القلب ) الذي يتمتع بها الإنسان الشمالي الحاكم ان قام الإنقاذ باستقطاع أرض من شمال دارفور على الحدود الليبية ، وميناء نشط للتجارة مع ليبيا أيضا وهو منطقة كرب التوم وضمها للإقليم الشمالية بهدف تحويل التجارة وجمارك عائدات أبناء الغرب – الأشقياء العمالة الرسمية – مع ليبيا من غرب البلاد إلى شمالها وفي الايطار نفسه . كما هو معروف أن إقليم دارفور ينتج كل مواشي السودان بنسبة 93 % من الضان والإبل والأبقار المملوكة للدولة ، لكن أعلنت – بما لا يدع مجالا إلا للسخرية و يعبر عن الكراهية - حاضرة الإقليم الشمالي مدينة دنقلا التي لا تنتج بعر بعير بالسوق الرسمية للإبل .
الظلم السياسي
1- قام النظام بإعادة ترسيم حدود جديدة للادراة الجغرافية بإقليم دارفورو .
(1) ثلاث ولايات بدل إقليم ،و12 محافظات بدل مديرتين مديرات ، و83 محلية بدل أرياف . في ايطار ما يعرف بالحكم الاتحادي ، وتم إنشاء إدارات أهلية قبلية : محليات ومحافظات وولايات جديدة .
(2) وأعيد تقسيم الحوا كير المقسمة عام (1924) المملوكة للقبائل تحت الإدارات الأهلية لتسلب أراضي مملكة تاريخيا لقبائل زراعية لتمنح لقبائل عربية رعوية مثل اقتطاع أراضي في (دارمساليت ) غربي البلاد وإعطاءها للعرب الرحل، والمعلوم أن جل القبائل العربية في التخوم التشادي من الجنسية التشادية.
(3) واستحدثت مناطق حدودية أصبحت فيما بعد مناطق صراع واحتكاك بين القبائل ، تنفيذاً لسياسة فرق تسد.
2- إلزام مواطني دارفور ودارفور خاصة بدفع تكلفة إنشاء طريق الغرب القاري من نصيبهم وحصتهم من السكر المخصص لدارفور ، كما الزموا بدفع أشكال من الجباية كدعم المجهود الحربي . وزاد المجاهد . وصندوق دعم تطبيق الشريعة الإسلامية . ودمغة الجريح وحق الشهيد وغيرها من الجبايات من هذا القبيل تقوم بها منظمات مخصصة في النهب المنظم الرسمي على المواطنيين في وقت انعدام الأمن يتفشى ظاهرة النهب المسلح.
3- التميز العنصري بين الدارفورين والشماليين في المعاملة والتوظيف وفرص العمل فحصه الفرد من أهل غرب السودان من سكر التموين يساوي ما للفرد من الشمال .لكن الشماليين لا يصرفون بالأوقيات ذلك كمثال صارخ للإذلال والقهر وشكل أوضح ما يكون للظلم بينما يحصل أبناء الغرب على الكثير من الامتيازات في الخدمات والحياة التي توفرها الدولة كانت الشمالية تحصل على تلك الخدمات وبنسب اكبر من حاجته .
4- في خريف 1992 م وفي أعقاب مقتل الشهيد داؤود يحي بولاد وما أشيع عنه وعن ثورته اكتشف النظام لأول مرة وجود بدو من قبائل عربية راحلة بمجتمع شمال وغرب دارفور كانت تلك القبائل خارج إحصاءات الدولة الرسمية وعلمها ثروة وسكانا لعدم استقرارها في منطقة واحدة وتمثل الرزيقات الشمالية والعريقات . واكتشف النظام أن لدي اؤلاءك البدو الرعاة كم مهول من لمال خارج نطاق الاستقلال و رجال ضحايا الجهل والأمية والنسيان وفكر في استغلالهم اقتصاديا وإنسانيا بابتزاز ونهب منظم لأموالهم بفرض ضرائب مجحفة على الرعاة من اؤالاك البدو المساكين (ضريبة وزكاة القطعان) ، وقام بتجنيد عدد كبير من الرجال لاستخدامهم جنود حراسة و مليشيات قتال لإزكاء نار الحرب الجهادية في الجنوب . مقابل اعتراف النظام بسودانيتهم وحصولهم على أوراق شخصية التي كانوا حتى تلك لم يحصلوا عليها .
وجنود الحراسة والمليشيات البدوية تم تجهيزهم واعددهم لايثارة البلبلة و الاضطرابات في الإقليم في شكل شن غارات مستمرة وتشكيل عصابات نهب مسلحة ضد القبائل الزراعية المستقرة بتمويل وتوجيه من النظام ممثل في جهاز الأمن والجيش ، وظهرت تلك المليشيات في صراع اليوم وما عادت تشكل قدرا من مليشيات الجناجويد بالإقليم . هذا الاستغلال للإنسان في حد ذاته عمل غير أخلاقي وإنساني يكشف عرى في الأخلاق وبشاعة في الإنسانية لدى أقلية نظام الإنقاذ العنصرية.
اؤلائك البدو المستغلين لم يحصل أفرادها على أدنى مقابل من الخدمات كالتعليم والصحة والرعاية مثلا مقارنة بغيرهم من سكان الإقليم بينما يساهمون بعدد مقدر من ثروتهم الحيوانية في اقتصاد الدولة . و يستخدم أفرادها باستمرار في ضرب استقرار الإقليم وزعزعة أمنه ثم تلفق على الكثير منها بعض التهم التي هي بريئة منها للقيام بتصفيتا . اعددمت القوات المسلحة بين عامي 1992- 1997 تقريبا كل رجال بعض البيوت البدوية بالكامل بالكاد ، على سبيل المثال مثل قبيلة (الشطية) أما قبيلة (الشقيرات ) فلم يبقى منها حي في وكانت تضرب خيامها بسهول وادي (باري ووادي أزوم.)
وعند الاستغناء عن عضو المجلس الأربعيني للقيادة الثورة اللواء موسى هلال ( بحوزته بطاقات هوية تثبت ذلك) قام النظام بتلفيق تهمة وسحب كامل هوياته و صلاحياته وأمر بسجنه ونقله إلى بور تسودان ولم يأمر بإطلاق صراحه إلا بعد أن ظهرت الحاجة إليه للاستخدام والاستغلال مرة أخرى . كمثال أيضا أوضح للظلم والاستفزاز .
6- أراد أبناء دارفور في المدن الثلاثة بالخرطوم تقديم مذكرة لرئيس الجمهورية يشكون فيها حال أهلهم وبلاء مواطنيهم في أسلوب سلمي وحضاري لكن أي الرئيس رفض استقبالهم ورفض قبول مذكرتهم بل واعتبرها خطيئة لا تغتفر في حق الدولة . تلك خطوة غير مسبوقة لولي أمر دولة إسلامية يرفض استقبال (رعيته (ورئيس دولة يستفز رعاياه والاستماع إلى مظالمهم تحقيراً لهم وعدم الاعتراف المسبق بتلك المظالم . ولا يمكن وضع مثل ذالك التصرف إلا في مواضع قلة الأدب وعدم احترام الشعب الذي طالما هتف له (سير سير يا بشير نحن جنودك للتعمير ) . واثبت بجدارة انه غير لائق بمنصب الرئاسة وقيادة شعب السودان.
7- ولاة الولايات الدارفورية والمسئولين في الإقليم يتم تعينهم بدرجات مستواهم القبلي ، وتجتهد المركزية في عدم إظهار التعاون والدعم لهم لاظاهر عجزهم في إدارة شئون الولاية أمام شعبهم ( كما حدث مع إبراهيم يحيى في غرب دارفور ) ، وثم يعين آخر من الشمال ليثبت لهم مقدرة الإنسان الشمالي على الإدارة وأحقيته في إدارة البلاد . ولا يعامل الولاة أسوة برصفائهم الولاة في الشمال في المخصصات والاعتمادات المالية والإمكانيات المخصصة للإقليم ، ويتركون الولاية تمول نفسها من العوائد والرسوم الإضافية المفروضة على المواطنين.
8- تنويه الجمعية إلى ان نشر صورة المظالم الاقلمية لشعب دارفور يأتي في أعقاب إعلان الدولة اللبيبة عن موافقتها لاستضافة جولة مصغرة للمفاوضات تناقش قضية دارفور تضم إلى جانب ممثلي الثورة ، ممثليين عن الدول المجاورة لإقليم دارفور والنظام . في 15/ من أكتوبر الجاري بمدينة طرابلس العاصمة . وستواصل الجمعية نشر كل المظالم طول الفترة قبل وبعد الجولة المرتقبة . وتحرص على تسليم صور منها إلى الجهات الليبية المعنية بالشأن والجهات المشاركة لتعبير عن موقف وتضامن شعب دارفو داخليا وخارجيا مع اطروحات الثورة. ووقفت العمال الدارفوريين في ليبيا خلف ثورتهم التي تشكل جانب التفاوض.
وتطالب الجمعية من الأطراف المشاركة تقدير موقف أهل دارفور استنادا على مظالمهم الورادة أعلاه وهي ليست كل المظالم لكنها أمثلة للتهميش والظلم الصارخ الداعي إلى رفع السلاح.
سوادنة
الشبان السودانيين بليبيا شمال افريقيا
المكتب الإعلامي
2004-10-06