صيحات النصيحة التى اطلقها الحاج وراق فى صحيفة الصحافة وعلى صفحات الانترنت بتاريخ 21/8/2004 تستحق الوقفة والتامل ليس كونها اتت من الاستاذ وراق فقد تعودنا على الشطحات والخروج من الرصيف من جانب الرجل خاصة بعد الانتكاسة الفكرية التى ربما اثملته فغدا يترنح وظهرت عليه علامات البلبلة التى تصاحب من ساروا على منواله منذ احمد سليمان المحامى وحتى يومنا هذا ,اميز هذه الشطحات الدعوات الصالحات التى اطلقها وراق للاسلاميين داعيا لوحدتهم والرجوع الى الحق حتى تسود الفضيلة بين فصائلهم ,وقد ساق عدد من المبررات التى تبدو فى ظاهرها خوفا على مصلحة الشعب وتفاديا لما لا يحمد عقباه فى حال حدوث تناحر بين الاسلاميين اما ما استبطنه الحديث فلا غرابة ان يصدر من شخص انشأ يوما دار التنوير بحى العباسية وفق قانون التوالى فى وقت رفض فيه الديمقراطيون والوطنيون الانخراط والانصياع لقرقوش السودان .ولنبدأ بما انتهى اليه مقال الحاج وراق فقد قال "ان الحركة الاسلامية ورغم خطاياها واخطائهاالكبرى فى حق البلاد الا انها –ومع ذلك – مقارنة بالحركات فى البلدان الاخرى اكثر الحركات الاسلامية قابلية للتطور والانفتاح ".انتهى. اى انفتاح واى تطور يقصده الكاتب واى حركات اسلامية اخرى اجرى الكاتب بينها هذه المقارنة فوضح له ان الحركة الاسلامية السودانية هى الاكثر قابلية للتطور والانفتاح . هل يا ترى يقصد الكاتب الحركات الاسلامية فى لبنان على شاكلة حزب الله مثلا ام حركة المقاومة الاسلامية حماس فى فلسطين او حركات المقاومة العراقية التى لم تظهر بوجه سافر الا عقب الاحتلال الاجنبى لبلادهم ولا اظنه يقصد الاسلاميين فى فرنسا الذين ينشدون حقوقهم الدستوريةبالتظاهرات السلمية والندوات المفتوحة ,وعلى جانب اخر هل يريد الكاتب بعد كل ما مر على الوطن من محن ان "يزيد الطين بلة" وتصبح الحركة الاسلامية فى بلادنا شبيهة بالحركات الاسلامية فى الجزائر حتى تدخل فى سياق عدم التطور والانفتاحيةوهل يعتبر الكاتب المتشبثين بزمام السلطة خمسة عشر عاما الى الان متطورين اذ اذعنوا للضغوطات الداخلية والدولية والذين وصل بهم الصراع حد الضغينة والكراهية والاغتيالات حسب بيان وزارة الداخلية فى المحاولة الانقلابية الاخيرة .وفى سطور اخرى من المقال يورد الكاتب هذه الكلمات"وما دام الجناح الحاكم يحس بالتهديد البالغ فان كوادره وقواعده رغم سخطها وتململها لن تضغط لاجل الاصلاح وبالتالى فان قيادته تستمر فى منأى عن اى ضغوط قاعدية"اى كوادر واى قواعد يقصد الكاتب ,هل يظن الحاج ان ذى عقل يمكن ان يصدق ان للاسلاميين قواعدساخطة على عدم الاصلاح وان هناك كوادر تبحث عن الاصلاح , ان الكوادر التى تحدث عنها الكاتب لا تريد الاصلاح بمحض ارادتها ورغبتها بل تريده اذعانا ورضوخا للاستراتيجيات والتكتيكات والسياسات العليا والمصالح المستقبلية للتنظيم والمشاريع التى لم تأت أًكلها بعد,لان الاصلاح الذى يمكن ان يسلب الامتيازات والسيارات الفارهة ويقلل من الدخل العالى والمال المنساب لم يك يوما طموح الكوادرالاسلاموية,, والقواعد الاسلاموية الان اما مُستنِفعة واما مُستغَفلة وفى كلِ شر فاى سخط واى تململ يا هداك الله. ويقول الكاتب ايضا " ثم ان الوحدة تخرج السلطة (الجناح الحاكم) وبالتالى البلاد من الازمة المستحكمة والماثلة الان فقد تقلص عدد متخذى القرار الى مجموعة تحسب على اصابع اليد الواحدة معزولة عن قاعدتها السياسية وعن الرأى العام بالبلاد "وكانما الكاتب وُلد او نبت فجأة اٍبان الالفية ولم يعايش اهوال بداية التسعينات وقوانين النظام العام والاعتقالات على يد السلطة نفسها وكأن الرأى العام تعاطف يوما مع الانقاذ بوصفها حكومته الشرعية وكأنما هناك فرق فى السياسات بين من كانوا فى السلطة ايام التمكين ومن كوش عليها عقب الرابع من رمضان او لعله يحسب ان القرار يمكن ان يختلف اذا كثر عدد متخذيه او قل مع ان المنطق يقول ان كثرة متخذى القرار تعنى تجويده واخراجه فى صورة اكثر غلظة والهابا لظهور المواطنين ,وقد قرر الكاتب ان وحدة الاسلاميين تعنى مصلحة البلاد وفرقتهم تعنى الضياع فقال"سيسعى الطرفان اما الى استدامة الاحتكار بالقوة واما الاستيلاء على السلطة بالقوة وفى كلتا الحالتين فانهما سيخسران مستقبلهما السياسى وستخسر البلاد فرصة العبور السلمى للديمقراطية"... اما استدامة الاحتكار للسلطة بالقوة فلا اظن ان الانقاذ نالت هذه السلطة عن طريق الصناديق الانتخابية حتى تخجل من استدامتها بالقوةوقد سرت هذه القوة من قبل فلم يوهن ذلك عزم هذا الشعب ولم يفت من عضده وناضل ابناءه الشرفاء وذاقوا ويلات المعتقلات والسجون وراح منهم من راح شهيدا وانكسر من انكسر وانتحر من انتحر سياسيا بالانخراط المباشر فى مواعين السلطة او عن طريق التطبيل والتلميس والتلميع,ومنهم من هاجر وترك الجمل بما حمل وبقى منهم من بقى الى ان يقضى الله امرا كان مفعولا ,واما خسران الاسلاميين لمستقبلهم السياسى فلم يكن يشغل بال المواطن الطيب البسيط فى يوم من الايام وكذلك فان خسران فرصة العبور السلمى للديمقراطية لم يكن منة اٍمتنها علينا الاسلاميون حتى يكون لهم اليد فى منعها علينا ويعلم الحاج وراق كسياسى ومراقب جيد مدى التكاليف التى دفعها هذا الشعب حتى يصل الى الديمقراطية ومدى استعداده لدفع الكثير والصبر والمجالدة ليصل الى ما يطمح اليه دون الحاجة الى استجداء الاسلاميين للتوحد حتى يتسنى لهم منحنا السلام والديمقراطية عن يد ونحن صاغرون.
اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com