الرئيس السوداني يقيل مبارك الفاضل مساعده في رئاسة الجمهورية «لتجاوزه» لمؤسسات الحكومة
سودانيز اون لاين 10/6 11:18pm
الخرطوم: اسماعيل آدم أصدر الرئيس السوداني عمر البشير، بشكل مفاجئ للساحة السياسية السودانية امس، قراراً باقالة مساعده في رئاسة الجمهورية مبارك الفاضل المهدي «لانه بدأ تعاملا خارج مؤسسات الحكومة». وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الاوسط»، ان الفاضل اقيل لسببين هما: رفض الحكومة لقرار أصدره بالسفر الى أميركا بصفته رئيسا لحزب الامة «الاصلاح والتجديد» المؤتلف مع الحكومة، وعدم قبولها لمشروع اصدره اخيراً اطلق عليه «خريطة الطريق»، لحل مشكلة دارفور. وعلق مسؤول كبير في حزب الامة بزعامة الصادق المهدي، الخصم اللدود لمبارك الفاضل، في حديث لـ«الشرق الاوسط» ان حزبه لا تعليق له الآن بعد الاقصاء»، بينما قال احد قيادت حزب مبارك الفاضل، ان القرار «فقط يتعلق بالاداء الشخصي لمبارك الفاضل وليس الحزب المشارك في الحكم». ومن جهته اصدر مبارك المهدي بيانا امس رحب فيه بالقرار، واعترف بوجود خلافات بينه وبين الحكومة، تفجر اخيرا بسبب الزيارة التي يزعم القيام بها الى اميركا بصفته كرئيس لحزب الامة. وجاء البيان الذي عدد فيه الاسباب، بعد اجتماع مطول لحزبه في منزله بالخرطوم شرق. وقال مصدر مأذون برئاسة الجمهورية، في تصريح لوكالة السودان للانباء الرسمية عصر امس، «ان مبارك الفاضل بدأ تعاملا خارج المؤسسات، لذا هذا القرار قد صدر باعتبار ان العمل المؤسسي هو صمام الامان لحكومة البرنامج الوطني الواحد، واضاف ان القرار جاء يحض على احترام المؤسسات واتباع القنوات. وجاء في قرار البشير شكره لمبارك الفاضل على تعاونه في الوفاق الوطني». وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الاشارة الى اسمها، «ان الفاضل طلب اخيراً السفر الى الولايات المتحدة لاقناعها بعدم ممارسة الضغط على الخرطوم بشأن دارفور، باعتبار ان الضغط يعقد المشكلة بدلاً من ايجاد السبل عبره لحلها». وقال المصدر«ان سبب اعفاء مبارك الفاضل من منصبه مساعدا لرئيس الجمهورية لا يمثل فضا للشراكة في حكومة البرنامج الوطني الواحد ، باعتبار ان هذه الحكومة ليست حكومة ائتلافية وانما حكومة برنامج، اتفقت على آليات ومؤسسات العمل الوطني». ولكن المسؤولين في الحكومة في اعلى المستويات رفضوا الزيارة باعتبار ان مواقف الحكومة تجاه دارفور تعبر عنها القنوات الرسمية المعروفة. وتابعت المصادر «ولكن مبارك المهدي اصر على موقفه بالسفر الى واشنطن، وبالفعل سافر، مما يشكل عملاً مخالفاً لاداء الحكومة في القضايا الكبيرة». وحسب المصادر، فان الحكومة لم تقبل المشروع الاخير الذي دشنه مبارك الفاضل حول ازمة دارفور الذي اطلق عليه مشروع «خريطة الطريق» لحل المشكلة، باعتبار ان المهدي جزء من الحكومة، والحلول يجب ان تتم من جانبها وبالتالي فان اية مقترحات منه يجب ان تصب مباشرة في تلك الحلول، من دون حاجة الى مشروع منفصل. ويعتقد المراقبون ان انتقادات كان قد وجهها مبارك الى الحكومة في الاسابيع الماضية بشأن الأداء العام في البلاد هي التي جلبت له المشكلات، ويشير المراقبون الى خلافات بين مبارك الفاضل والنائب الاول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، رجل النظام القوي، في شأن اطروحات الاول حول السلام في الجنوب واخيراً في دارفور، ولا يستبعد المراقبون ان اقالة مبارك لها صلة باعتقاد الكثير من انصار الحكومة بان الفاضل دخل الحكومة للسعي الى تفكيكها من الداخل، ويربط المراقبون القرار المفاجئ بما يلاحظونه من شبه غياب للمهدي في الانشطة الحكومية الرئاسية في الفترة الاخيرة وانه لا يتولي اي ملف من الملفات المهمة، ولكنها رصدت له اجتماعات كثيرة في الاشهر الماضية مع لجنة تختص بالنشاط الزراعي في البلاد ، واخر انشطته المعلنة افتتاح مشروع كهرباء في بلدة «وشلعي» شمال الخرطوم. دخل الفاضل الحكومة في اغسطس (آب) 2002 بعد مفاصلة شهيرة مع ابن عمه الصادق المهدي زعيم حزب الامة المعارض، سبقتها معارك كلامية استمرت لمدة طويلة، حسمها مبارك بمؤتمر استثنائي رتب له في 20 يوليو(تموز) 2002 بضاحية سوبا، قرر من داخله المفاصلة مع الصادق المهدي وكون حزب الامة «الاصلاح والتجديد»، واعلن موافقته على المشاركة في حكومة الرئيس البشير، مما دفع الصادق الى التعليق بان «هؤلاء قد اراحونا»، في اشارة الى استمرار الازمة بينه وبين الفاضل لمدة طويلة، كما علق على قرار المشاركة قائلاً «ان هؤلاء كذبوا المطر فاكلوا التيراب اي التقاوي» في اشارة الى ان مبارك وانصاره كذبوا قدوم الديمقراطية عبر الحوار والمعارضة، فقرروا حرق كل اوراقهم والمشاركة في حكومة البشير. وجرى تمثيل حزب مبارك الفاضل في حكومة الرئيس البشير بعدد من الوزراء هم: نجيب الخير وزير دولة بوزارة الخارجية، الزهاوي ابراهيم مالك وزير الاعلام والاتصالات والناطق باسم الحكومة السودانية، الفاتح محمد سعيد وزير دولة بوزارة الزراعة، وعبد الجليل الباشا وزير السياحة، عابدة المهدي وزيرة الدولة بوزير المالية، وبابكر نهار وزير التربية والتعليم، يوسف تكنة وزير التعاون الدولي والاستثمار، وخصص منصب والي اخر وهو عبد الله مسار والي نهر النيل «شمال الخرطوم». ولكن حزب مبارك الفاضل «الاصلاح والتجديد» لم يسلم هو الآخر من آفة الانشقاقات التي تضرب اوصال الاحزاب السوداني، فانشق منه بابكر نهار، وكون حزب الأمة الفدرالي «الاصلاح والتجديد»، ورغم ان الفاضل اقصاه من منصبه كأمين عام لحزبه، الا ان الحكومة لم تعزل نهار من منصبه وزيراً للتربية حتى الآن، ومن مظاهر الخلافات في حزب مبارك المهدي ابتعاد احد قادته وهو احمد عقيل عن الاضواء بما يشير الى وجود خلافات بينه وبين مبارك المهدي. واستهل مبارك الفاضل عودة حزب الامة من الخارج في ابريل (نيسان) 2000 ومعه الراحل الدكتور عمر نور الدائم الرجل الثاني في حزب الامة بعد ان قرر الحزب ترك ما يسميه «المعارضة من الخارج» والعودة من الداخل ومهد مبارك الفاضل الى مفاوضات بين الحزب والحكومة قبل ان يلحق بهم الى الداخل زعيم الحزب الصادق المهدي في ركب عرف باسم «تفلحون»، فيما عرفت رحلة الصادق المهدي الاول الى الخارج في ديسمبر (تشرين الاول) 1997 عبر الحدود مع اريتريا المجاورة. وحسب المقربين من الامة فان تلك المفاوضت مع الحكومة والتي استمرت لعدة اشهر قبل وبعد عودة الصادق المهدي، مع انها وصلت في النهاية الى طريق مسدود ولكنها قربت المسافة بين الحكومة ومبارك الفاضل ومهدت السبيل الى «السباحة عكس تيار الصادق»، وعبر حوارات صحافية شهيرة اتهم فيها الصادق بالدكتاتورية وفتح اكثر من باب غزل مع الحكومة التي رات فيه الشخص المناسب لتفتيت حزب الامة، اكبر الاحزاب المعاضة تماسكا حتى ذلك الحين، ولو كلفها ذلك التنازل عن بعض كراسيها للمقبلين الجدد من الامة المعارض، ضاربة عرض الحائط ، طبقا للمراقبين، ان الفاضل كان العدو الاول من دون المعارضين لها في الخارج، وتتهمه بانه المعارض الذي قدم كل الحيثيات للحكومة الأميركية لضرب مصنع الشفاء للدواء في اغسطس (آب) 1998 . وفي ما رفض الدكتور عبد النبي علي احمد، الامين العام لحزب الامة بزعامة الصادق المهدي التعليق على القرار، وقال لـ«الشرق الاوسط» «لا تعليق لدينا الآن بعد ان اقصت الحكومة مبارك الفاضل»، اما عبد الله مسار القيادي في حزب مبارك الفاضل ووالي ولاية نهر النيل فقال «ان قرار الاعفاء يتعلق فقط باداء السيد مبارك الفاضل في الحكومة، واضاف ان الحكومة وأي حكومة لها الحق في ان تعزل من تراه غير منسجما في الاداء»، وقال «بتقديري القرار لا ينسحب على اداء الحزب». درس الفاضل في بريطانيا، وهو قبل الانشقاق مع الصادق المهدي يعتبر «ابن الحزب المدلل»، تقلد في حكومة الصادق في العام 1986 - 1989 مناصب عدة، اهمها: وزيرا للصناعة والتجارة، ثم وزيرا للداخلية حتى اندلاع انقلاب البشير.
اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com