أكثرية مهاجري العالم الثالث وراء كيري بسبب نكوص بوش عن وعوده السابقة لهم
سودانيز اون لاين 10/31 6:55pm
فيلادلفيا: المهدي عبد الوهاب مثل سائر المدن الأميركية الكبيرة، تشهد فيلادلفيا نشاطا انتخابيا محموما غير مسبوق في اهتمامه بأدق التفاصيل. ويبدأ هذا النشاط من الصباح الباكر حين تطوف اللجان الانتخابية لكلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أحياء المدينة من باب لباب لإكمال ما بدأته من تسجيلات. ويبدو أن مؤيدي كل مرشح يعملون وفق استراتيجيتين كل منها لها هدف بعينه: الديمقراطيون يدركون ان لهم الغلبة في الأصوات، ولكنهم يدركون أيضا أن منافسيهم سيعوضون هذا التفوق في مدن ولاية بنسلفانيا الصغيرة العديدة، خاصة التي يكثر فيها البيض عددا. والجمهوريون، في المقابل، يركزون على اقتناص أعلى قدر ممكن من الأصوات لتضيف الى ما سيحرزونه من نتائج في أماكن نفوذهم التقليدية في الولاية. لكن ثمة أمرا لا يساعد استراتيجية الديمقراطيين وهو عزوف أقسام لا يستهان بها من سكان الأحياء الفقيرة المحبطين والعاطلين المتبرمين الذين يرون الحزبين «وجهين لعملة واحدة». وفيلادلفيا، مدينة الدستور الاميركى وعاصمة البلاد الاولى، تشتهر بالعلاقات الحميمة بين مجموعاتها العرقية. ورغم ان السود غالبية فيها فإن المجموعات الأخرى، من هسبان واميركيين جنوبيين واميركيين بيض ومكسيكيين وعرب ويهود، لا يعربون عن اي احساس بأنهم يلاقون عنتا كونهم من الاقليات. وكلهم يحفظون للرئيس السابق بيل كلينتون جهده في إتاحة الفرصة للاميركيين السود وغيرهم ليحرزوا تقدما في تولي الوظائف المهمة وليجدوا تدريبا متقدما يؤهلهم ويطور قدراتهم في المنافسة... بعبارة مختصرة فإن كلينتون هو «محبوب» هذه المدينة. وفي مهرجان سياسي لدعم المرشح الجمهوري جون كيري، خاطب كلينتون مؤخرا حشدا في المدينة فاق 80 الف شخص معظمهم من الشباب والمراهقين والنساء والمتطوعيين للعمل فى حملة الحزب الديمقراطي في انحاء الولاية بادئا حديثه بالقول: «اذا لم يكن هذا الحشد يسعد قلبي، فماذا يا ترى يسعده؟». بعد المهرجان جمعني مجلس بأفراد من عدة أعراق. وتيسر لى ان اتحدث طويلا مع بعضهم لأتلمس اتجاهات الرأي العام. ولم اجد كثيرين من مؤيدي بوش رغم ان احدهم قال لي ان ثمة بلدات محافظة في الولاية يعتبر فيها الانتماء للديمقراطيين ضربا من الغرابة. روبرتا سبايفك يهودية من الجماعات التقدمية الناشطة، تؤيد الوصول الى حل سلمي لازمة الشرق الاوسط. وهي ترى ان كيري أقرب ليواصل ما بدأه من قبل كلينتون في استخدام الدبلوماسية والضغط السلمي للوصول الى حل الازمة الاسرائيلية ـ الفلسطينية. وتقول ان بوش معزول لا يهمه من البشر سوى المليونيرات وأوضاعهم، ولا يأبه بأي حقوق أخرى سواء صينت أو أهدرت. وتشير الى انه لم يبذل اي جهد في قضية الشرق الأوسط كما فعل كلينتون قبله. وتتفاءل بأن كيري سيضع هذا الأمر في مقدمة أجندته، ولذا فستصوت له. والمهاجرون السودانيون سوادهم الاعظم يؤيد كيري. ولعل اتفاقهم هذا عائد الى الوعد الديمقراطي في ما يخص حقوق المهاجرين وأوضاعهم وتوسيع فرص العمل التي يركز عليها برنامجه. وكانت مفاجأة ان احدهم، الفاتح احمد ابراهيم وهو مالك لمعرض سيارات جديدة ومستعملة، جمهوري منظم. وهو يبرر هذا قائلا: «عندما ادخل الى صندوق الاقتراع فإنني اصوت كأميركى وليس كسوداني او شرق أوسطي. من يصوتون منطلقين من هذه الاعتبارات لا يضعون في اعتباراتهم مصالحهم كأميركيين. وأنا مصلحتي كرجل اعمال تكمن في تأييدي لبوش الذي اعتقد ان سياسته ستمكنني من توسيع أعمالي من استثمارات صغيرة الى كبيرة، وكيري يتوعدنا بغير ذلك من ضرائب وخلافه. كما ان بوش يتعامل بجدية مع قضايا السودان و«يضغط على حكومة الخرطوم». لكن محمد القاضي، ايضا اميركي من اصل سوداني وناشط في جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان والمهاجرين، يقول: «التصويت للحزب الجمهوري ممثلا في ادارة بوش هو تماما مثل ان يطعن الانسان نفسه بيده». وهو يرى ان التصويت لبوش من قبل مهاجر، خاصة من العالم الثالث، يصب فى اتجاه دعم التمييز ضد المواطنين من هذه البلاد ويجعل منهم سكانا من الدرجة الثانية. وقال القاضي، 51 سنة، انه في انتخابات عام 2000 اصدر عدد من قادة المهاجرين المسلمين والعرب توجيهات لمجتمعاتهم للتصويت لصالح بوش، وذلك لاعتقادهم ان بوش المحافظ اقرب اليهم في اجندته «المعلنة» من المرشح الديمقراطي الذي كانت تؤيده غالبية القوى الليبرالية والعلمانية. ويضيف: «القصة معروفة. فبعد الانتخابات مباشرة، تراجع بوش عن كل وعوده تجاه المهاجريين العرب، بل اكثر من ذلك قدمهم كبش فداء بعد احداث سبتمبر (ايلول). وقال القاضي ان نفس القيادات الاسلامية والعربية السابقة اتخذت اتجاها مغايرا في الانتخابات الحالية، واصدرت توجيهات عامة بأن المرشح المفيد للمسلمين هو كيري. وقال ريك بانوسيي، البورتريكي الأصل، إنه لم يحدد رأيه الى الآن رغم احساسه انه اميل الى كيري. وأثناء حديثي معه خرج بموضوع النقاش الى حيز لم اتوقعه. قال وهو يمد لى يده: «هذه اليد صافحت رئيسين ونائب رئيس. هل نستطيع ان نفعل ذلك في بلادنا»؟ اما جين رييس المولودة في اميركا من ابوين فلبينيين ودرست علم الاجتماع في كلية هارفارد، فتقارن بين المرشحين الرئيسيين قائلة إنها، حسب اهتمامتها الاجتماعية بالمهاجرين، منزعجة من برنامج كيري الذي يدعو الى تقوية الحراسة على الحدود وتكثيف الوجود العسكري في مداخل البلاد. وهي تعتبر ان الكلام عن امن البلاد مقنع على نحو عام. ولكنها تبدي مخاوف من ان يلجأ المهاجرون، من المكسيك مثلا، الى عبور طرق صحراوية ليدخلوا الى اميركا خلال هروبهم من الواقع التعيس الذي يواجهون في بلادهم، فيتسبب هذا في تعرضهم للموت بالعطش والجوع والحيوانات المفترسة فى الصحراء. اما جينا داسيسيو،27 عاما، المولودة في ديلوار من عائلة ايطالية ـ ايرلندية وتعمل نادلة في مطعم، فتقول انها لا تفقه كثيرا في السياسة ولكن يراودها شعور بأن بوش كثير الأخطاء، وقد عانت شخصيا من سياساته الاقتصادية بأن فقدت عملها ومعها كل زملائها في شركة للاعلام. وقالت: «خلال سنوات رئاسته ازداد الفقراء فقرا والأغنياء وحدهم هم من كسبوا».
اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com