سودانيون يكشفون أسرار تنظيمي موتمر البجا والأسود الحرة المتمردين

سودانيز اون لاين
10/28 10:50am

الخرطوم - أ ش أ
انسحب تنظيما موتمر البجا والأسود الحرة المتمردين فى شرق السودان من مفاوضات القاهرة للوفاق الوطنى بين الحكومة السودانية وتجمع المعارضة ، لرغبتهما فى اعتبارهما المعنيان بهموم منطقة شرق السودان والحصول على سبعين فى المائة من مقاعد السلطة المخصصة للشرق.
ففى الوقت الذى اتهمت فيه مصادر سودانية أريتريا بممارسة ضغوط على موتمر البجا والأسود الحرة للانسحاب من المفاوضات ، أبدت مصادر سودانية أخرى خشيتها من أن يعاود التنظيمان المتمردان هجماتهما على مناطق شرق السودان وخاصة أنه يتواجد فيها الميناء البحرى الوحيد للسودان /ميناء بورتسودان/ منفذ تصدير النفط.
وقد نشأ موتمر البجا ككيان سياسى عقب عشرين عاما من زيارة قام بها الزعيم الهندى جواهر لال نهرو لميناء بورتسودان عام 1938 والتى أشار فيها على عناصر من قبائل البجا السودانية أن يوسسوا حزبا سياسيا يدافعون به عن حقوقهم ، وبالفعل بعد عشرين عاما أقاموا حزبا سياسيا أسسه الدكتور طه بدية ، وسرعان ما انقلب الى تنظيم مسلح تمرد على وطنه ، ويشكل سكان قبائل البجا حوالى 12 % من سكان السودان البالغ عددهم 3 ر3. مليون نسمة.
وكان الموتمر يعمل فى المجالات السياسية والتنمية ، وهو ما جعله أقرب إلىالجمعية الخيرية عنها إلىالحزب السياسى أو التنظيم العسكرى ، وذلك لأن مناطق البجا فى شرق السودان كانت تفتقد الى أى مظهر من مظاهر التنمية ، أو منشأة لتقديم الخدمات الضرورية فى مجالات الصحة والتعليم والطرق وسبل المواصلات وغيرها.
وفى 3. يونيو عام 1989 سارع موتمر البجا إلىإعلان معارضته لثورة الانقاذ الحاكمة التى سيطرت على مقاليد البلاد ، ووقع على ميثاق العمل السياسى ضد النظام الحاكم ضمن القوى التى شكلت فيما التجمع الوطنى الديمقراطي المعارض ، كما وقع البرامج والسياسات والدراسات التى تستهدف بناء سودان جديد بعد تغيير النظام الحالى ، وأهمها اعلان لندن فى عام 1992 ، إعلان نيروبى فى عام 1993 ، إعلان اسمرا للقضايا المصيرية فى عام 1995 ، إعلان كمبالا فى عام 1999 ، إعلان القاهرة فى عام 1999 ، إعلان طرابلس فى عام 1999 ، وإعلان مصوع فى عام 2... ، وساهم فى هيئة قيادة التجمع ومكتبه التنفيذى.
وعن الدوافع وراء لجوء موتمر البجا لرفع السلاح ضد الحكومة ، قالت الدكتورة أمنة ضرار إنئقليم شرق السودان الذى طبق فيه الاستعمار الانجليزى سياسة المناطق المقفولة/ لم تستطع الحكومات الوطنية المتعاقبة من كسر حدة هذه السياسة وفتحها لازالة الحواجز السياسية والاقتصادية ، وظل الاقليم يتعرض للتهميش حتى اليوم مشيرة إلىأن 9. % من أبناء البجا خارج مظلة التعليم ، والسبب فى ذلك ندرة المدارس والجامعات ، وارتفاع مصروفاتها ، علاوة على أن التعليم فيها يجرى باللغة العربية ، وليس لغة /الرطانة/ وهى اللغة الأم ، فضلا عن تردى الوضع الصحى .
وزعمت أن قيادات موتمر البجا التقوا أحد المسئولين بالحكومة عام 1994 ، وعرضوا عليه مطالب الموتمر المتمثلة فى التنمية والمشاركة فى السلطة ، وتقسيم الثروة بشكل عادل ، غير أن هذا المسئول طالبهم بحمل السلاح حتى ينفذوا مطالبهم ، وهو الأمر الذى دفع الموتمر لحمل السلاح والدخول فى شراكة حقيقة مع قوات تجمع المعارضة السودانية .
وتحت زعم المطالبة بتنمية مناطق شرق السودان وتوفير الخدمات الضرورية ، بدأ العمل العسكرى لقوات موتمر البجا ، واستهدف الحاميات العسكرية التابعة للجيش السودانيوالمصالح الاستراتيجية والمدن الكبرى ، وكانت من نتائج هذه العمليات العسكرية السيطرة على مناطق واسعة من شرق السودان قريبة من الحدود مع اريتريا التى تمثل العمق الاستراتيجى لقوات البجا وتجمع المعارضة ، كما وفرت اريتريا معسكرات لتدريب قوات موتمر البجا على أراضيها ضمن معسكرات أعدتها لقوى تجمع المعارضة السودانية .
وعن تأثير أية هجمات من الشرق ضد الحكومة قال الخبير الاستراتيجى الدكتور حسن مكى مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بجامعة أفريقيا العالمية أن أية ضربة من الشرق ضد الحكومة السودانية هى ضربة مميتة للسودان ، وذلك لأن بالشرق ميناء بورتسودان ومنفذ تصدير النفط وخزانات المياة الرئيسية مثل خزان خشم القربة ومشروعات غذائية مهمة مثل مشروعات الغذاء فى ولاية القضارف .
وأوضح أن لدى الحركة الشعبية خمسة الأف جندى فى شرق السودان ، ولدى الجيش السودانيتسعة الأف جندى ، واذا انحاز الجيش الاريترى الذى نشر 35 الف جندى على الحدود الشرقية مع السودان مع قوات جارانج والأسود الحرة وموتمر البجا ، فئنها تصبح قوات ضاربة تستطيع على أقل تقدير تنفيذ مخططات لتخريب شرق السودان ، ومنشأته الهامة .
وفيما يتعلق بتلقى موتمر البجا للدعم من اريتريا ، قال وزير الخارجية السودانيالدكتور مصطفى عثمان ئسماعيل إنالهجوم الأخير أكد لنا بما لايدع مجالا للشك أن العمود الفقرى للقوات المعتدية هى قوات إريترية بدليل أن الهجوم والقصف المكثف على جبهة طولها 18. كيلومترا يوكد تورط القوات الإريترية فى هذا الهجوم الذى يحتاج تنفيذه إلىئمكانيات دولة لا قبل للحركة الشعبية أو موتمر البجا بها ، خاصة وأن المناطق التى تمت مهاجمتها هى مناطق تقع على الحدود مباشرة ولا يمكن الوصول ئليها ئلا من داخل الأراضى الإريترية .
وأضاف أن القصف المدفعى المساند لعمليات الهجوم من داخل الأراضى الإريترية تم بواسطة أطقم إريترية ، وجرى ئعداد وتجميع وتدريب القوات المعتدية داخل الأراضى الإريترية وتحت ئشراف قادة إريتريين ، كما استجلبت الئمدادات التى تشمل الذخائر والوقود والمأكل والمشرب ومواد تموين القتال من داخل إريتريا ، واعترف الأسرى بمشاركة القواتا لإريترية فى الهجوم .. موضحا أن الدعم الاريترى لمتمردى شرق السودان يتمثل فى التدريب الابتدائى والتخصصى الذى يجرى فى معسكر /ساوا/ الإريتري.
وأشار الى أن اريتريا تتواجد بها معسكرات ايواء لحركة التمرد وما يسمى بقوات البجا وقوات التحالف داخل الأراضى الإريترية فى مناطق ربدة ، قرمايكا، عيلا عبد الله ، تمرات ، القرية 713 سأم هميمى، أسراى ، حلة عربى ، وهوميب ، كما عينت اريتريا منسقين من الأمن الإريترى لمتابعة أعمال المعارضة السودانية والئشراف عليها فى المنطقة الشرقية ومنطقة البحر الأحمر.
ورغم مرور أكثر من عامين على احتلال قوات موتمر البجا بالتعاون مع الحركة الشعبية وقوات معارضة أخرى على مدينة همشكوريب ، ئلا أن القوات المسلحة السودانية لم تشن أى عملية عسكرية لاستعادة المدينة المحتلة ، وذلك بحجة أن الحكومة وقعت قبل عام مع الحركة الشعبية لاتفاق وقف العدائيات يقضى بوقف أى عمل عسكرى فى المناطق التى تتواجد فيها قوات عسكرية للحركة.
ولم تتوقف قوات موتمر البجا عن شن عمليات مسلحة ضد الأهداف الحكومية فى الشرق حيث قامت هذه القوات أكثر من مرة بشن عمليات هجومية ضد مرتادى طريق الخرطوم / بورتسودان ، الأمر الذى دفع المسجل التنظيمات والأحزاب السياسية الى الغاء الترخيص الممنوح لحزب موتمر البجا ، بحجة مخالفته لقواعد العمل السياسى وتفضيله الخيار العسكري.
وفى تطور مفاجىء فى الثامن عشر من نوفمبر الماضى عاد الى الخرطوم رئيس موتمر البجا عمر محمد طاهر منهيا فترة تمرد قادها فى شرق السودان متحالفا مع تجمع المعارضة السودانية ودولة اريتريا ، وجاءت عودته بعد مفاوضات واتصالات مع رئاسة جهاز الامن الوطنى السودانيبتفويض كامل من الرئيس السوداني.
وقد أجرى طاهر مفاوضات مع كبار المسئولين أسفرت عن توقيع اتفاق مع حزب الموتمر الوطنى السودانيالحاكم يوم العاشر من ديسمبر الجارى ينهى العمليات العسكرية التى يشنها موتمر البجا ضد الحكومة والعمليات التى تشنها الحكومة ضده فى شرق السودان ، ويتضمن عفوا عاما عن المتمردين ، ويوفر فرصة لاستيعابهم فى موسسات الدولة المدنية ، وتتكفل الدولة وفقه بتنمية مناطق الشرق ، كما يضمن الاتفاق لمواطنى شرق السودان أن يحكموا أنفسهم فى اطار الحكم الاتحادى ، على أن يكون الطرفان ألية لتنفيذ الاتفاق .
وسرعان ما عينت الحكومة السودانية عمر محمد طاهر معتمدا لمدينة همشكوريب ، ثم فر منها الى أسمرا وهو يجرجر وراءه رتل من سيارات الدولة ، ويحشو جيوبه من أموال الشعب السوداني، ليلحق بالذين كان معهم ، ثم أنسلخ عنهم ، ثم عاد ئليهم مرة أخرى بلا مقعده الرئاسى ، حيث شغل مقعد رئاسة موتمر البجا موسى محمد أحمد، وينازعه فى المنصب عبد الله كند .
ويشارك موتمر البجا فى أهدافه تنظيم تشكل فى شرق السودان تحت مسمى الأسود الحرة الذى يتلقى الدعم أيضا من الحكومة الاريترية ، وتقول مصادر سودانية إنأكثر العلاقات غرابة وئثارة للتساولات هى علاقة الرئيس الإريترى أسياس أفورقى بزعيم تنظيم الأسودالحرة مبروك مبارك سليم ، وهو التنظيم الذى يمثل المتمردين من قبائل الرشايدة فى شرق السودان.
وقد بدأ مبروك مبارك سليم حملته وسط أبناء الرشايدة بأن لوح لهم بعقود للعمل فى الشرطة بدولة الئمارات العربية المتحدة براتب كبير ، فسارع ئليه الشباب وأخذوا يسجلون أسماءهم ، وقال لهم ان العمل فى الشرطة يتطلب التدريب العسكرى ، وهذا لن يتأتى ئلا فى إريتريا ، ثم عبر بهم الحدود إلىاسمرا ، وأقام لهم المعسكرات ، وأخذ يقول لهم إنمن يرغب فى أن يبقى فى أريتريا سيتقاضى راتبا أكبر وهو ما فضله السباب وبذلم أقام تنظيما فى أريتريا .
ويقول حامد أحمد حميد الدغيشى عمدة قبيلة الدغيشاب ، وهى واحدة من أكبر قبائل الرشايدة فى شرق السودان ، إنتنظيم الأسود الحرة قام بمباركة قبائل الرشايدة ، وأن لذلك أسباب محددة ، ثملت فى ان الرشايدة شعروا بأنهم مستهدفون من قبل الحكومة السودانية فى فترة من الفترات مشيرا الى أن قبيلة الرشايدة قبيلة بدوية رعوية لم تستقر ئلا فى الأونة الأخيرة وفى عهد حكومة الئنقاذ الحالية .
وأضاف الدغيشى أنه بدأت حرب عنيفة بين الحكومة وبين الذين يمارسون التهريب ، وعدها البعض حربا حكومية على كل الرشايدة وحدثت صدامات وئصابات وضحايا ، وفى أول عهد حكومة الئنقاذ نشطت الدولة فى محاربة التهريب ، وركزت نشاطها لمكافحته ، ووقفت الدولة ضد المهربين ، وارتفع حجم الخسائر بين الطرفين ، وعندما اشتدت الحرب وأخذت تحصد الأرواح ، طلب حكماء قبيلة الرشايدة من كل أفراد القبيلة من الذين يريدون الاستمرار فى تجارة الحدود /التهريب/ أن يضعوا سلاحهم جانبا ويوقفوا المواجهات المسلحة ، لكن الحكومة قامت عام 1994 باتخاذ قرارات جائرة وظالمة عندما صادرت بعض ممتلكاتهم فأحس أبناء الرشايدة بالظلم ، وهكذا رأى الرشايدة أنهم مستهدفون من قبل الدولة ، وتواترت الأحداث وأصبح الجو مهيأ لحدث كبير ، وقد كان ذلك الحدث هو مولد تنظيم الأسود الحرة.
ولم تتوان الحكومة السودانية عن البحث عن حل لمشاكل قبيلة الرشايدة ، فعقد الفريق أدم حامد سليمان والى ولاية كسلا اجتماعا موسعا لقيادات وزعامات قبيلة الرشايدة جرى بعده ترتيب لقاء بين هذه القيادات والرئيس السودانيعمر البشير ، وتم خلاله تقدير خسائر القبيلة من مصادرة سياراتها المهربة فبلغت مليارين ونصف مليار جنيه سودانى ، وتسلموا مبلغ التعويض ولم يتبق منه ئلا خمسمائة مليون جنيه فقط لم يتم تسديدها للقبيلة.
وبعد كل تلك التطورات التى سعت من خلالها الدولة ممثلة فى أكبر قياداتها ورموزها لاحتواء الذى يحدث ووقف نزيف الدم الجديد فى كسلا ، كما سعت القبيلة لاعادة أبنائها المتمردين من اريتريا وبالفعل عاد عدد كبير منهم الى السودان ، ولاتزال المحاولات جارية لئعادة البقية ، وسعت الدولة إلىبناء المدارس وتشييد المراكز الصحية وامتدت خدمات المياه إلى مناطق غرب نهر القاش ، وصدرت القرارات التى تصب فى صالح المواطن.
وأخيرا رفض تنظيم الأسود الحرة التفاوض مع الحكومة السودانية فى القاهرة ، وأثر الانسحاب مفضلا العودة إلىحمل السلاح من جديد، ومع اقتراب تحقيق السلام فى جنوب السودان بعد أطول حرب أهلية تشهدها دولة أفريقية استغرقت أكثر عشرين عاما ، فإنئحدى بور الصراع فى السودان تكون قد أزيلت ، فهل ستندلع بورة توتر الشرق لتنضم إلىتمرد غرب السودان .

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | نادى القلم السودانى | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved