محمد طه محمد احمد رئيس تحرير صحيفة الوفاق/الخرطوم>>>ابطال روايات الطيب صالح يتحدثون

سودانيز اون لاين
10/24 3:18pm

حينما بدات كلية الاداب تدريس اعمال الطيب صالح وخاصة قصته( حفنة تمر) ضمن منهج الادب الانجليزي فقد كانت تلك البداية اقوي دليل علي عالمية الادب .
ان القصة كتبها الاستاذ الطيب صالح باللغة العربيةالفصحي القصص وجاءت ضمن مجموعة قصصه التي جمعها في كتاب واحد يحمل عنوان (دومة ودحامد )وكل ابطال قصص وروايات الطيب صالح التي ابرزته كنجم واديب عالمي كل الابطال ولدوا وترعرعوا في (الدبة كرمكول).
وهي قرية تقع في منحني النيل بشمال السودان ولم تكن لتكتسب كل هذه الشهرة والصيت لو لا انها بقعة ميلاد الطيب صالح وابطال قصصه مثل الزين والطاهر ود الرواسي وسيف الدين ومحجوب سعيد عشا البايتات وعبد الحفيظ وسعيد القانوني وود الريس وبت مجذوب والطريفي ود بكري وغيرهم من الذين عمروا بحواراتهم وفكاهتهم وافكارهم الذكية اعمال الطيب صالح التي تضج بالحياة مثل (عرس الزين ) (ودومة ودحامد ) (وضوء البيت) (مريود )(نخلة علي جدول)(وموسم الهجرة الي الشمال)(وان العالمية اعلام).
وقد شدت اعمال الطيب صالح العالم حينما ترجمت الي اللغات الحية واعجبت البشرية بشخصيات طريفة وعظيمة الدهاء رغم ان المجتمع في ( الدبة كرمكول) كان يتهمها بالغباء مثل (سعيد البوم)الذي استطاع ان يجبر الناظرعلي ان يزوجه من ابنته بعد ان اغرقة بديون عجز عن سدادها .
ان الناظر نزل الي المعاش ودخلت عليه اموال سعيد فقال سعيد (تعرس لي البنت نبقي حبايب)وهب الناظر من جلسته غاضبا وقال (انت سعيد البوم العفنان الوسخان تعرس بتي انا..انت قايل الدنيا مافيها قانون)..
وقال سعيد (اخوك ركز قايل الحكاية فيها ضرب ..قلت ليهو هي تاني مافي جنابك .. هي يا زول انا سعيدولد زايد ولد حسب الرسول اهلي في سودري يسدوا عين الشمس مالي مسلم وموحد الله ..وبنتك شن طعما عزباء وعمشة ومابتلقي اخير مني وكمان اطلعك محاكم وانزلك محاكم لمن اطلع حقي منك ) وقال الراوي تخيلت جلاله الناظر في ذلك الموقف المهين مع رجل لم تكن صداقته معه الا كنوع من التصديف ).
وتزوج سعيد وغنت فطومة التي حولت اسمة من البوم الي سعيد عشا البايتات القوي :
سعيد الظريف تمساح الجزائر
صيتو ذاع وعم البنادر
فارس العشائر
غردن يا بنات
دا عريس بت الناظر
ان الاديب الطيب صالح يريد ان يقول (لا تستهينو باهل السودان وكلهم مثل سعيد لابد ان يرثوا الارض)ان الحياه تعطي لمن يكدح لذلك قال الطيب صالح في (مقدمة موسم الهجرة الي الشمال )(لالست انا الحجر بلقي في الماء ولكنني البذرة تبذر في الحقل ..انا مخلوق مثل هذه النخلة له اصول وله هدف).
ان الناس وخاصة الخواجات يجب ان يقيفوا طويلا امام عبارة سعيد (مالي انا سعيد ولد زايدولد حسب الرسول اهلي في سودري يسدوا عين الشمس مسلم وموحد الله ).
ان سعيد تزوج بفضل امواله التي كان يكنزها عند الناظريبيع الحطب والفحم اما مسعود (حفنه تمر ) فقد اضاع ارضه ببيعها للغير لانه كان لايعمل وكثير الزواج والطلاق .
واصبح سعيد عشا البايتات امينا للصندوق في الجمعية التعاونية واحد ابرز النجوم في اللجنه الجديدة التي يتزعمها الطريفي ود بكري بعد اسقاط خاله محجوب .
وطلعت البنات في مظاهرة يهتفن( يعيش الطريفي يسقط محجوب )وقال سعيد( انا بت الناظر ما بطلقها لكن العرس كان دارني ماباباهو) .
ان قصص الطيب صالح تشد الانتباه بطرائفها وفكاهتها وحوارات البسطاء الذكية التي تعكس عبقرية المكان وحينما اراد الاستاذ خالد الصديق وهو مخرج كويتي اخراج فيلم اختار عرس الزين التي تمتلئ وتفيض بثمار عبقرية المكان في الدبة كرمكول ان النيل انحني هنا بقدر مقدور .
ان عرس الزين تلح علي المصالحة بين السودانيين وترسخ اهمية التسامح والحب وتلك هي دعوة الشيخ الحنين رجل التصوف الاسلامي الذي منع الاقتتال بين الزين وسيف الدين .
وما اشد حاجة السودانيين وهم يتقاتلون جنوبا وشرقا وغربا الي التسامح والحب .
الاستاذ عماد الدين ابو شامه ابن اخت الاستاذ الطيب صالح كتب وحاور بعض الشخصيات التي عمربها ادب الطيب صالح في الدبة كرمكول .
الذين قرأوا روايات الطيب صالح جيدا بقيت بعض الشخصيات راسخة في اذهانهم من فعل تاثيرها علي الاحداث ومن حيث بنائها الدرامي ومن ثم الوضعية والشهرة التي اكتسبتها بعد ذلك من تل الشخصيات العمدة ومحجوب والزين وسيف الدين واحمد اسماعيل وعبد الحفيظ وبت المجذوب وغيرها .
هذ الشخصيات بالتحديد عاشت في (كرمكول) التي اشار اليها كاتبنا العالمي الطيب صالح (بود حامد) كرمكول تقع عند منحني النيل في شمال السودان عندما يتغير سيره –النيل – من الشمال الي الجنوب الغربي عند منطقة ابو حمد فيبدو كانه قرر العودة جنوبا ولكنه بعد ان يجري مئات الكيلومترات يتجه فجاءه الي الشمال مباشرة تجاه الحدود المصرية عند ذلك المنحني بالتحديد ولد الطيب صالح وعاش في قرية (كرمكول) الصغيرة والتي تاخذ حيز ثلاثة كيلومترات فقط في محازاه النيل وفي هذه القرية الصغيرة استلهم الطيب صالح رواياته من شخصيات حقيقية دعمها ببعض الشخصيات والااحداث الخيالية من ارض الخيال الخصب للطيب صالح الشخصيات المزكورة انفا جميعها حقيقية فقد ماتت منذ عقود العمدتان اللذان زكرا في الروايات حسن فضل وسعيد ميرغني وكذلك مات محجوب قبل اكثر من عقدين اما الزين فهو لغب اشتهر به ( الفضل طه الفضل ) وقد جاء في القصة كما عاش في الواقع وكان ينادية من يودون ان يقضي لهم امرا مثل نشل الماء من البئر او تكسير الحطب للمناسبات او لوقود المطبخ (او الدخان ) ينادوه بالزين لانه يقضي ما يطلب منهى بكل سعاده وقد مات في اوائل السبعينيات .
ولكن اذا دخلت كرمكول الان ستجد سيف الدين واحمد اسماعيل وعبد الحفيظ ومازالت في اعمارهم- اطالها الله –بقية واكثرهم صحة احمد اسماعيل وقد كان الطيب صالح يقول في الروايات ان احمد اسماعيل اصغرهم اما عبد الحفيظ فقد تجاوز منتصف السبعين وقلت حركتة وضعفت زاكرته قليلا ولا يستطيع ن يحكي لك بتفاصيل دقيقة وبترتيب.
سيف الدين هبشي هو لايصغر عبد الحفيظ كثيرا لكنه مازال قوي الزاكرة والبنية لكن قدماه ابتا ان تحملاه وهو لايتحرك من بيته واذا تحرك سيسر بعصاتين ويحتاج الي ساعة ليقطع مائة متر . قضي اغلب عمره في بورتسودان وينسب الناس ما اصاب قدمي سيف الدين رطوبة بورتسودان دخلت عليه في غرفته بمنزله الذي كان اعلي القرية واصبح الان ادناه فقد ترك الناس منازلهم القديمه لتوسيع المساحة الزراعية في محازاه النيل ليسكنوا اعلي القرية قليلا .
يضع سيف الدين نظارة مقعرة العدسات علي عينه استقبلني ببشاشة وترحاب وكان يهمني ان اعرف حقيقه قصته مع الزين فان الحديث في روايةعرس الزين كان يقول( دخل الزين علي امه وعلي راسة جرح كبير يصل الي عينه اليمنيوصدرة وسرواله ملطخان بالدماء وفقد الناس رشدهم واخذعبد الحفيظ يصيح في الزين وقد احمرت عيناه من الغضب كلمنا ممنو العمل فيك العمل دا منو الكلب المجرم الضربك)وتصارخت النساء وبعضهن اخذن في البكاء وكانت (نعمة) تقف علي بعد صامته وعيناها مركزتان علي وجه الزين وقد حل محل الغضب فيهما حنو عظيم وقال حاج( ابراهيم ) الحكيم وكان للكلمة وقع الماء علي النار فهذا عويل النساء وصاح محجوب ( الحكيم) وصاح عبد الحفيظ ( الحكيم) وانطلق احمد اسماعيل علي حمارة ليحضره.
ثم تتواصل الرواية عن الحدث بع رحل الزين الي مروي للعلاج وعاد معافي وجلس يحكي لاهل ود حامد عن ما راءه في مروي وهو يحكي تفاصيل الرواية وفجاة وفي وقت واحد قفز الزين كان عقربا لدغته وقفز احمد اسماعيل وقفز محجوب والطاهر وود الرواسي وود الريس وصاح عبد الحفيظ (امسكوه)ولكنه كان اسرع منهم وفي لمح البصر كان الزين قد امسك بالرجل ورفعه في الهواء بعنف ثم رماه علي الارض وش دمن رقبته وانكبوا كلهم عليه (احمد اسماعيل امسك بزراعه اليسري
والطاهر ودالرواسي امسك به من وسطه واحمد ود الريس امسك بساقيه ..
وكان سعيد يزن شيئا في دكانه فخرج مسرعا وامسك بساقي الزين ايضا كلهم لم يفلحوا)
وتحدثت فقرة طويلة في الرواية عن قوة الزين الكامنة في جسده النحيل قبل ان نواصل:
سيف الدين هذه الفريسة التي انقض عليها الزين لامحالة هالك واختلط في اصواتهم بره وكان الزين يردد في غضب ( الحمار الدكر لازم اكتلو ) وارتفع صوت عبد الحفيظ في توتر وخوف ( الرسول آآآالزين عليك الل تخليهو )واخذ محجوب يشتم في ياس وكا ن احمد اسماعيل اصغرهم سنا واقواهم لما اعيته الحيله فعض الزين علي ظهره وفي ضوضائهم سمعوا شخيرايصدر من صدر سيف الدين وراوه يضرب برجليه الطويلتين في الهواء وصاح محجوب (مات كتلتوا)ولكن صوت الحنين ارتفع هادئا وقورا اوقف الضجة !!(الزين المبروك الله يرضي عليك) وانفكت غبضة الزين ووقع سيف الدين علي الارض هامدا ساكناووقع الرجال السته دفعه واحده وقال( الزين وهو ما زال مطاطئا راسه ان كنت ما جيت ياشيخنا كنت كتلتو الحمار الدكر وكت ضربني في راسي بالفاس قايل ماشي اسكتلو)؟
قال الحنين : متين سيف الدين ضربك في راسك! قال الزين ضاحكا وكت عرس اختوه ..اختو اكانت دايراني انا مشو عرسوها للراجل الباطل داك كنت داير اموتو الحمار الدكر يفلقني بالفأس عشان اختو دايراني انا ؟ وصالحهم الحنين( هو ضربك وانت ضربتو ) .
هذه هي القصة كما جاءت في الرواية .. سالت سيف الدين عن ما حدث فعلا فقال في احدي المناسبات في القرية كانت مناسبة طهور وهي مناسبة ضخمة في تلك الايام دخلنا انا والزين ومن ضمنهم مجموعة من الشباب بينهم صديقي ( الله جابو) دخلنا الي مكان البنات (نشاغلهن ونخوفهن ) فاحس بوجودنا محمد حمد ( وكان راجل صعب في الحلة ) واقسم ان يأدبنا وبالفعل استطاع ان يطال كل الشباب وجلدهم الاانا فقد اختبأت خلف احد الابواب فقد راني الزين وانا اختبئ فاشارالي عمنا محمد حمد ان سيف الدين خلف ذلك الباب( الشقي يداري وراء الباب )فوقع بي وكان نصيبي منهم علقة اسخن من علقاتهم جعلتني اقسم الا اترك الزين وما فعل بي (خرجت من هناك وكنت املك فرارا فأسا صغيرا وما زال الغضب يتملكني علي الزين فضربته بالفاس في (نص راسو) وصل الجرح قرب اذنه اليسري فسقط مغشيا عليه فهربت انا مع ( الله جابو) حيث قزفت الفاس في احد الآبار (بعد ان نصلته من عوده ) وادعينا ان الزين سقط علي حجر ولم ينطل ذلك علي احد سرعان ما عرف الجميع انني من ضربه فنقل الزين علي الفور الي الدبة وفي نفس اليوم الي مروي باللنش عن طريق النيل وكان اللنش بمثابة الاسعاف في ذلك الزمان وصل الخبر الي ابوي وكان في الجنائن في الزراعة فلحقهم بسرواله (لحقوه هدومه في الدبة ) وسافر معهم الي مروي حتي يطمئن علي الزين نفسة قبل ان اعاقب انا .. وبقي والدي مع الزين في مروي حتي تعافي وعادوا الي القرية وبقي بعد ذلك ما يفعلون بي ؟ اجتمعت البلد في دار العمدة حسن فضل ومثلت انا والزين امامهم وانا منكر للواقعة ولكن الزين كان قد حكي ماحدث بعد ان تعافي ولم يكذبه احد ثم قرر المجتمعون جلده(25) جلده وصالحوني مع الزين وقد نسي الزين الواقعة تماما ولم يفكر في الثأر بل ظل يخدم والدي وبمجهود اكبر عرفانا منه لوقفته معه في رحلت علاجه (وبيني وبينكم) فقد ندمت انا اشد الندم علي ضرب الزين خاصة وان كل البلد تحب الزين حبا لا يوصفواعتبروا ماقمت به تجاه الزين عملا شريرا جعلهم يصدقون بعد ذلك ما يقال عني في بورتسودا ن.
وكانت الرواية تقول ايضا في جزء منها ( كانت تتري علي البلد اخبار مريعة عن سيف الدين كيف انه سجن في الخرطوم بتهمه السرقة وانه اتهم بقتل رجل في بورتسودان وكاد ان يشنق لولا انهم وجدوا القاتل الفعلي في النهاية وكيف انه كان يعيش صائعا في كل مدينه يحل بها).
ولكن هناك تغير اصحاب سيف الدين كما قال الراوي في عرس الزين بعد حادث ضربه للزين وضرب الزين له ..الي النهاية سالت سيف الدين عن ذلك فقال انه يعيش في بورتسودان مطاردا من البوليس ويعتبروني محرضا للمظاهرات التي يقوم بها العمال في السكة حديد حيث كنت اعمل وفصلت اضففة لتهم كثيرة يحاول البوليس تلفيقها لي الي ان قررت يوما عندما سمعت ان الرئيس نميري قادم لي بورتسودان لافتتاح مصنع لعبده ربه في (السكنيب ) وهو برج عالي به كشافات تهدي البواخر القادمة للميناء وقررت ان لا انزل الا اذا حضر نميري وحل مشكلتي مع البوليس (وشاف لي شغل واداني بيت ) قضيت يوما بليلته كاملا في ذلك السكنيب ولكن مدير المديرية حضر من كسلا لزيارة الرئيس وهو جنوبي وحل مشكلتي واداني بيت وشغلني في المواني البحرية بمرتب 13 جنيه ما كنت احلم بها في ذلك الوقت سيف الدين قال حديثا طويلا ربما تجده في كتاب سنصدره قريبا من سيره الطيب صالح الذاتية وقريته وارتباطه بها .
اما عبد الحفيظ الذي ظهر عليه الكبر فقد قال حديثا مقتضبا عن الزين وقال عن الطيب صالح انه استفاد من قصتنا لكنه مارسل لنيا حاجة احمد اسماعيل له حديث طويل ع الزين وسيف الدين والطيب صالح سيكون موضوع حلقتنا القادمة.

محمد طه محمد احمد
رئيس تحرير صحيفة الوفاق/الخرطوم
32/10/2004

اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com

الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


اخبار السودان بالانجليزى | اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | نادى القلم السودانى | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد

contact Bakri Abubakr
Copyright 2000-2004
Bayan IT Inc All rights reserved