بالتضامن مع جمعية سوادنة للشبان السودانيين بليبيا
ورقة أولى : جوهر المشكلة
مشكلة دارفور الحالية هي انعكاس لأزمة السودان
تقديم :
ورقة مقدمة من منتدى طلبة وشباب السودان إلى ملتقى دارفور للحوار الذي عقد في طرابلس العاصمة الليبية ضمن فعاليات المحادثات السياسية الجار1ية بين ممثلي حركتى العدل والمساواة وتحرير السودان ووفد النظام .
ثمانية نقاط تشخص الأزمة:
الذي دعا أبناء دارفور إلى القيام بالثورة هو سيطرة أقلية من سكان السودان في الشمال النيلي على مقدرات الشعب المال والقدرة والسلاح . والثورة واجب أخلاقي وإنساني تجاه مجتمعنا المقصي والمهمش والذي يحيى تحت تفرقة قاسية.
1- مشكلتنا في دارفور ليست بين قبيلة وأخرى ، وليس بين كتل أعراق ذات جذور عربية وأخرى غير عربية وإلا لما عاش دارفور عهده الزاهر آلاف السنين أمنا وسلاما في ربوعه، وكرما وحبا بين شعبه، وانسجاما وتصاهرا بين عناصره.
2- إن مشكلتنا أن هناك فوارق قاسية تحكم مجتمعنا السوداني في السياسة والاقتصاد والثقافة . يقسمنا إلى طبقات نكوّن فيه في دارفور العبيد والحكام الشماليين الأسياد . وقرويين فقراء ومدنيين أغنياء ، ومجتمع ريفي متخلف شاحب فقرا ومرضا ومجتمع فاحش الثراء ، وتفرقة عنصرية تجاه الغرب في المعاملة وفرص العمل والتوظيف من قبل الأسياد الحاكمين .
2- إن مشكلتنا في دارفور هو صراع بين شعبين شعب يطالب بحقوقه وآخر حاكم . ومكمن أزمتنا الراهنة مع الشمال الحاكم ( أو أهل دار صباح ) ليست سياسات مجحفة من فئة عنصرية متطرفة حاكمة فحسب ، إنما جموح عقلية فاشية تتمترس خلفها هذه الفئة الشمالية ، تفرز سلوكا لا أخلاقي ولا إنساني ، تنبض بالتفرقة العنصرية تجاه أبناء الوطن والواحد والقبيلة الواحدة بقتلهم وتشريدهم واغتصاب نساءهم وضرب بعضهم بالبعض ليتثنى لها البقاء وطول العمر في السلطة .
3- إن مشكلتنا أن الكثير منا في دارفور لا يدرك حدود مشكلتنا ، وبذلك أعطى فرصة نادرة لتلك العقلية المتطرفة الحاكمة لممارسة سلوك الاستغلال لبعض أبناء دارفور ، وسلوك الإبادة للآخر بهدف ضرب الجميع ببعضهم البعض بالعمل والقول . في سياسة تهدف إلى التفريق بين أبناء الإقليم ، والى الإبادة الجماعية لكل شعب الإقليم دونما استثناء ، ودون أن تبكى تلك العقلية على أي رجل منا مات، أو تكافئ أي منا يدافع عنها.
4- إن مشكلتنا الراهنة في الإقليم هو تطهير عرقي ضد العناصر من أصول عربية في دارفور زائد تطهير عرقي ضد من العناصر الأصول غير العربية في دارفور ويساوي تلك إبادة جماعية كاملة ضد شعب الإقليم . كما تقول الجلابة في مجالسها : ( نضرب عربهم بالزرقاهم ونضرب زرقتهم بعربهم وحينما ينتهون لا نريد عربهم أو زرقاهم) (نحن ضد التقسيم وضد التصنيف إننا شعب واحد وأمة واحدة).
7- إن مشكلتنا في السودان مشكلة بنيوية أي خلل في تركيبة الدولة السودانية وان انهماك في النقاش بين دارفورين وحدهم لن يحل المسالة إلا بمشاركت كل أبناء لوطن الواحد ممثليين في أقاليمهم وتنظيماتهم السياسية وفعاليتهم الثقافية والمهنية .وفي غياب الأسرة السودانية كلها يأتي العلاج مجزأ وأجدر به أن لا يكون شافيا.
4- إن مشكلة شعب دارفور نتاج لممارسات تلك العقلية طوال 50 عام وتراكمت عبر الأعوام حتى آمنا نحن به وحسن إيماننا . وهي مشكلة لا تختص به دارفور فحسب إنما جميع الأقاليم الأخرى من دون الشمال لذالك فان الحل ليس بتجزئة القضية السودانية ، وليس بتخصيصها بدارفور . و إن تجزئة قضية دارفور إلى الذاتية وغير الذاتية تخدم واقعياً غرضاً جوهرياً لدى النظام الحاكم ، وحكومة العقلية المتطرفة ومن يساندونه يتلحف شغفا لتختصر المواضيع والقضايا في كل أجزاء الوطن إلى الذاتية والمحلية . ليتقلص الحوار وفقا لذلك إلى ( الدار فوري – الدار فوري ) مثلما ظل النظام يعمل جهده وجهاده من اجل إفراغ الثورة عن مضامينها الحقوقية العامة ، وصرف مطالبات أبناء دارفور المخلصين واختصار كل مجهودهم لمواصلة تزكية الصراع المسلح ( الدارفوري – الدارفوري).وتبقى محكمة تدار من العقلية الحاكمة.
5- إن مشكلتنا في دارفور كغيرنا من شعوب الأقاليم الأخرى المهمشة لم تكن التنمية المفقودة في ذاتها لكن تلك المفاهيم المترسبة في العقلية الشمالية تحورت إلى دستور يقنن مواده أحقية حكم إقليم واحد هو الشمال . ويحتكر الثروة والسلطة والسلاح لصالح الشمال. ويحرم مشاركة أبناء الأقاليم الأخرى . ويفرض تجهيل وتخلف منظمين وتفرقة كأسلحة مقاومة لتلك الأقلية ضد مطالبة الأقاليم الأخرى ، ويمنع في الأخير إحداث تنمية في أي إقليم حتى الشمال نفسه ، وفي دارفور بالتحديد يمنع التنمية سواء بيدها أو بيد أبناءه... والحل بسيط جدا هو التوحد جميعنا من اجل الوصول إلى تمزيق ذلك الدستور و إلقاءه في النيل . ووحدتنا يوقف تلك العقلية عن مواصلة التفكير.
6- دارفور اليوم مسرح كارثتين كارثة بغياب الحقوق وفي محاولة علاجها أنتجت أخرى مأساة .كارثة إنسانية راهنة مولودة من رحم كارثة سياسية حقوقية. المولود غير مرحب به ويقتضي معالجة الكارثة الأولى بتغير أسس الدولة السودانية وهو تغير قومي المطلب والهدف . بمعنى لمصلحة كل الأقاليم استراتجيا وفي علاها حل كل الكوارث. إلا أن التعجيل في معالجة الكارثة المولودة ( الكارثة الإنسانية )- التي من محدداتها معالجة وضعية مليشيا الجنجويد - أمر يقتضيه الحال بالاجتهاد في توفير الدعم الإنساني.
إن كل جهد نقوم به لإعادة الحياة إلى طبيعتها دون حسم تلك المسائل يجعلنا كالساعيين خلف السراب. ومطلوب تقسيم الأدوار بتقاسيم الكوارث .. إن الوضع في دارفور يزداد من سيئ إلى اسؤ إنسانيا .إن أهلنا يقتلون في كل يوم .والحياة تحرق في كل شبر .و الأوبئة والأمراض تزداد انتشار .و المجاعات تتفشي من يوم لأخر. انعدم مؤسسات تعليمية وصحية يزيد تشرد الأطفال . ووضع في غاية الحرج تعيشه النساء والعجزة . إن تقسيم الأدوار يمكن الثورة من تحقيق جزء من الكارثتين. يتطلب الوضع منا من كل دارفور ولاسيما في الثورة تحمل مسؤوليته الكاملة تجاه شعبنا . علينا تحمل المسئولية التي تلينا . كل ما يحمله الوضع من الم واسى لا ينتهي أمده نهائيا إلا بنهاية الكارثة الأولى كليا . وتلك فترة لا تنتظره الحالة إذا اتكلنا على الأخريين ورفضنا تحمل ما يلينا من واجب إنساني تجاه شعبنا في هذا الظرف المحرج. ولكن أيضا نسعى من كل الجهات إلى نهاية تلك العقلية الكارثة التي تقف خلف صناعة الكوارث في البلاد. لكي لا يتكرر ذلك مرة أخرى في جهة أخرى
7- مأساة دارفور الحالية هي نتيجة لسلوك سيئ مارستها حكومة متطرفة مكونة من إقليم واحد ومن ففئات معينة في ذلك الإقليم وهي فئة مشحونة بأفكار نازية :الوهم والاستعلاء . وتحورت تلك لها إلى مبادئ لعقيدة تعتنقها في السياسة والاجتماع والثقافة . و مستعدة لتتعامل بها مع الآخر إقصاء ، و ومستعدة لتحاور بها من يعارضها ، وتقاتل في سبيلها من يطالب بتحقيق التوازن .
8- إننا نجتمع اليوم ليس لمناقشة مقترحات الحلول، أو من اجل الاتفاق علاج للازمة فحسب، و لكن أولا علينا مرجعة و إدراك أبعاد جوهر الأزمة ومراجعة الأسباب الموضعية لجذور المشكلة بشكل جدي ودقيق وشفاف. وإذا ما اتفقنا في ذلك فانه من المؤكد أن نتفق في شكل الحلول المفضي إلى الإجماع بين أبناء دارفور سعيا للحل النهائي مع النظام . و إذا ما اختلفنا في تشخيص المشكلة فمن الطبيعي جدا أن نختلف في وضع الحلول والعلاج الناجع.
إذا ما انتصرنا في التوصل للاتفاق حول المشكلة أساسها . واتفقنا في أسس الحل جميعنا دون تمايز لقبيلة أو لحزب أو منطقة جغرافية فإننا بلا شك سنحقق أعظم انتصار على تلك العقلية قبل قيامنا ن مجلسنا. يتطلب ذلك منا الصدق والإخلاص.
منتدى طلبة وشباب السودان
بالتضامن
مع جمعية سوادنة للشبان السودانيين بليبيا
رمضان 1437 من بعثة النبي
أكتوبر 2004
طرابلس