القمة الخماسية المصغّرة لرؤساء كل من السودان ، ليبيا ، نيجيريا ، تشاد ، ومصر والتي إنعقدت يوم السابع عشر من أكتوبر في طرابلس – ليبيا ، حيث تناولت أزمة دارفور . هذه القمة إنتهت إلى جملة ترتيبات سلبية لا تدفع بالقضية إلا إلى المزيد من التدهور ، بيد أننا كنا قد أصدرنا بياناً في صبيحة يوم القمة أوضحنا فيه ما ينبغي للقمة أن تذهب إليه في سبيل تحقيق خطوات إيجابية نحو الحل السياسي الشامل .
القادة المجتمعون ، عبّروا عن خلاصة رؤاهم . دعونا إذاً نتناول هذه الرؤى بتحليل مجرد ومبسّط ، يستطيع القاريء من خلاله أن يصل إلى الحقيقة التي أشرنا إليها ومفادها أن التعبير الذي ذهب إليه القادة ، تعبير أخطأ البلاغة والمضمون .
أولاً :- لم يواسي القادة شعب دارفور في نكبته ولم يشيروا إلى ما يجري في دارفور من إبادة وتطهير وتشريد ونزوح ولجوء بأي كلمة ، ولم يوصفوه بأي وصف وهذا كان مستغرباً.
ثانياً :- بادر القادة برفض أي تدخل أجنبي ، علماً بأنهم جميعاً يعلمون إلتزاماتهم وتعهداتهم في المواثيق الدولية التي هم جزء منها بأن الحكومة التي ترتكب جرائم ضد
الإنسانية لا يستأذنها المجتمع الدولي في الدخول لإيقاف الإبادة . فالذين يبادون في
دارفور هم من بني الإنسان .
ثالثاً :-دعت القمة الحركتان (تحرير السودان – العدل والمساوة ) إلى ضرورة توقيع
البروتوكول الإنساني الذي تم الإتفاق حوله في أبوجا – نيجيريا في الجولة الاولى .
بينما تدرك القمة بأن الإتفاق الذي تم في بداية مناقشات البروتوكول الإنساني هو أن
يتم توقيع البروتوكولين ، الإنساني والامني المرتبط به معاً .
كان حري بالقمة أن تدعو حكومة الخرطوم للخضوع للحق وعدم التعنت في
البروتوكول الامني المرتبط بتحسين الوضع الإنساني .
رابعاً:- شدّدت القمة على سيادة السودان وإستقلاله ووحدته وسلامة أراضيه ، وكأنهم قد
تناسوا بأن أهل دارفور هم من حمى البوابة الغربية للسودان ، وهم من حافظ على
سيادة وإستقلال السودان لأكثر من عقد ونصف بعد أن قاد الخونة المستعمر عبر
البوابة الشمالية لإنتهاك سيادته وإستقلاله . كما أن حكومة الخرطوم هي التي تهدد
وحدة أراضيه بتوسيع رقع خصامها مع سائر قطاعات الشعب في سائر أقاليمه ،
وليست مسارات التفاوض العديدة في نيفاشا ، أبوجا ، والقاهرة ببعيد .
خامساً:- عبّرت القمة عن رفضها لأي تدخل أجنبي فيما يسمونه شأناً إفريقياً محضاً . ورغم
إحترامنا لمضمون التعبير إلا أن القمة ذاتها تطلب من المجتمع الدولي، دعماً مالياً
ولوجستياً لان الإتحاد الافريقي عاجز عن ترحيل مجرد كتيبة من قوات حفظ الامن
إلى دارفور . أي تناقض هذا ؟!.
سادساً:- رحّبت القمة بتنفيذ الحكومة السودانية الإلتزامات التي أخذتها على عاتقها وفقاً للإتفاق
الموقّع مع الامين العام للامم المتحدة في الثالث من يوليو 2004 . ترى كيف إذاً تقرأ
هذا الترحيب مع تقارير الامم المتحدة التي بموجبها صدرت قرارات مجلس الامن
1556 و1564 .
سابعاً:- أشاد وزير الخارجية السوداني مصطفى إسماعيل بنتائج هذه القمة التي قال أنها
وجّهت رسالة إلى الاسرة الدولية تؤكد فيها أن افريقيا تريد تحمّل كامل مسئوليتها
وترفض أي تدخل أجنبي . ماذا يسمي وزير الخاجية السوداني ، طلب السودان
وطلب القمة وطلب الإتحاد الافريقي من المجتمع الدولي دعماً مادياً ولوجستياً
ومساندة .
إن حق تدخل المجتمع الدولي يقره إعتراف وزير الخارجية بان ثمة خمسة آلاف
مواطن قتلوا في دارفور ، رغم بئس محاولاته في تصغير الرقم إلى اقل من العشر .
ثامناً:- أن دعوة المتحدث بإسم الرئاسة المصرية ماجد عبد الفتاح للاسرة الدولية إلى
مساعدة السودان بدلاً من ممارسة الضغط عليه وتوجيه تهديدات إليه، نقول للمتحدث
بإسم الرئاسة المصرية بأن مساعدة الحكومة السودانية يتأتى من بوابة أنصر أخاك
ظالماً أو مظلوماً ، وحيث أن أخاهم ، أي ( الحكومة السودانية ) ظالماً ، فإن نصرته
تأتي من خلال نصحه بالإنصياع لإرادة الحق وصوت الضمير ورغبة المجتمع
الدولي وتنفيذ تعهداته .
تاسعاً:- بقي أن نكرر مرة أخرى بأن حركة تحرير السودان ما زالت تأمل أن يكرس القادة
الذين حضروا القمة جهودهم في إتجاه تسمية الأمور بمسمياتها الحقيقية حتى يتسنى
للدور الذي يمكن أن يلعبوه أن ينصهر في بوتقة الحل السياسي العادل الشامل للأزمة
عاشراً:- تؤكد الحركة بأنها لم تكن متواجدة في طرابلس بأي وفد ، لعلمها بأن القمة كانت
قاصرة على رؤساء الدول الخمس . وهي إذ تعيد هذا التأكيد ، تؤمّن على أنها ستقوم بزيارة الجماهيرية في وقت لاحق من الشهرالمقبل (نوفمبر ) للتفاكر مع القيادة في
الجماهيرية فيما من شأنه أن يعود على الأزمة بتطورات إيجابية .
مني أركو مناوي
الأمين العام لحركة تحرير السودان
التاسع عشر من أكتوبر 2004م