جددت الحكومة السودانية، تمسكها بعدم تمويل جيش الحركة الشعبية لكنها أكدت امكانية تجاوز القضايا العالقة في المفاوضات قبل نهاية العام الحالي، باعتبارها مسائل غير مستعصية يمكن تجاوزها. ورفض الناطق الرسمي باسم الوفد الحكومي المفاوض سيد الخطيب، تصريحات منظمة هيومان رايتس ووتش التي وصفت خلالها قرار اجتماع مجلس الأمن الأخير بشأن السودان بأنه ضعيف. وقال إذا كان هناك أي شخص يظن أنه بتوقيع الجزاءات والعقوبات يمكن الوصول إلى سلام، فأعتقد ان غالبية أعضاء المجلس لا يشاركونه الرأي وكذلك الحكومة. وجدّد الخطيب رفض الحكومة لتمويل جيش الحركة ورأى ان هذه المسألة واضحة للحكومة، وتم حسمها في اتفاق قسمة الثروة، "وليس هناك مزيد مما يمكن ان نقدمه فيها" .
وأكد المتحدث الرسمي باسم الوفد الحكومي المفاوض في تصريحات صحفية بمطار الخرطوم عقب عودة الوفد الحكومي المشارك في اجتماع مجلس الأمن بنيروبي برئاسة النائب الأول للرئيس علي عثمان طه إمكانية تجاوز القضايا العالقة في المفاوضات والوصول إلى اتفاق سلام قبل نهاية العام، إذا سارت الأمور كما يجب ان تسير عليه. وحصر الخطيب نقاط الخلاف في ثلاث قضايا تتعلق بتمويل جيش الحركة، قضايا المجموعات المسلحة وآليات تنفيذ الاتفاق .
ورأى الخطيب إمكانية تجاوز الخلافات في القضايا المتعلقة بالمجموعات المسلحة، والتي قال إن الخلاف حولها يكمن في المدى الزمني وليس اختلافا حول كيفية التعامل معها. وتابع "وهذا موضوع ميسور وليس هناك هامش من جانب الحكومة للمناورة فيه" . واعتبر الخطيب المسائل المتعلقة بإجراءات تنفيذ اتفاق السلام عملية، ولا يمكن ان تكون محل خلافات لأن القضايا التي تخدمها هذه الآليات متفق عليها. واعرب الدكتور سيد الخطيب الناطق الرسمي باسم الوفد عن سعادتهم بقرار مجلس الأمن الصادر في شأن السلام بالسودان. وقال ان القرار جاء اكثر اتزاناً من كل القرارات التي اجيزت في شأن السودان هذا العام، فالقرار توجه نحو المستقبل اكثر من توجهه نحو توقيع العقوبات واضاف: ان القرار يُوفر دعماً لعملية السلام وان تحقيق السلام في الجنوب سيؤثر ايجابياً في احلال السلام في السودان اجمع ونحن نرحب بما ورد فيه بتدعيم مبعوثي الامم المتحدة وتمديدها فترتهم لثلاثة اشهر اخرى وننتظر ان يفي المجتمع الدولي بالتزاماته آزاء المساعدة في احلال السلام بالسودان.
واشار الخطيب الى ان الجولة القادمة للمفاوضات والتي تبدأ في الثالث والعشرين من هذا الشهر بنيروبي ستؤدى الي نهاية الملحقين المتبقيين لاكمال اتفاقية السلام قبل نهاية العامالحالي وقال إن القضايا المتبقية تنحصر في اتفاقية وقف إطلاق النار والاتفاق على آليات تنفيذ معاهدة السلام، واضاف ان الخلاف حول الاتفاق علي وقف اطلاق النار يدور حول مسألة تمويل جيش الحركة وقضية المجموعات المسلحة والتي يدور الخلاف فيها حول المدى الزمني وليس التعامل معها وبالنسبة لآليات التنفيذ فهي اجراءات عملية لا يمكن ان تكون محل خلاف جوهري لانها تدور حول قضايا متفق عليها.
من جهته، وصف د/ يحيي حسين، وزير الدولة برئاسة الجمهورية عضو الوفد الحكومي المفاوض، قرار مجلس الامن بشأن السودان بانه مشجع لطرفي التفاوض بنيفاشا لانجاز اتفاق السلام قبل نهاية العام الحالي. وقال بمطار الخرطوم ان قرار المجلس عمل علي دفع المجتمع الدولي ودعوته لتحقيق الوحدة والرفاهية والنماء للشعب السوداني حال التوقيع علي اتفاق السلام ، وحول تحديد المدي الزمني لاتفاق السلام بنهاية العام الحالي، قال الوزير ان هذا الموعد تم الاتفاق عليه في السابق بين النائب الاول علي عثمان طه وزعيم الحركة الشعبية جون جارانج في اكتوبر الماضي.
من جهة أخري تلقت الحكومة السودانية إخطاراً رسمياً من الاتحاد الأفريقي بتعيينه مندوباً رفعياً من قبله للسودان.
وتوقع المسؤول السياسي بالحزب الحاكم، رئيس وفد الحكومة لمفاوضات أبوجا د/ مجذوب الخليفة، ان يقوم الاتحاد الأفريقي خلال الأيام المقبلة باتصالات خاصة للترتيب لاجتماعات أبوجا المقبلة بالتنسيق مع كل الأطراف، مشيراً إلى ان المبادئ السياسية العامة في التفاوض قطعت شوطاً كبيراً. وقال إن الاتفاق حولها بات شبه نهائي وينتظر بلورة مقترح أخير يتواضع عليه الجميع. وأكد مجذوب ان الجولة المقبلة بأبوجا في التاسع أو العاشر من ديسمبر المقبل، معتبراً ان قرار مجلس الأمن رقم «1574» ثمن الاتفاقيتين الأمنية والسياسية التي توصلت إليهما مفاوضات أبوجا بين الحكومة ومتمردي دارفور، وقال إن القرار دعا لدعم مسار أبوجا للوصول إلى الحل وفق معطيات واتفاقيات نيفاشا، باعتبار ان السلام في السودان له مظلة واحدة جامعة.
ترتيبت لاعادة النازحين طوعاً
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، دعمها لجهود الحكومة في إعادة توطين النازحين واللاجئين بولاية غرب دارفور. واتفق الجانبان على ضرورة إحكام التنسيق لإنجاح عمليات إعادة التوطين. وقال وزير الشؤون الإنسانية إبراهيم محمود حامد، في تصريحات صحفية عقب لقائه المفوض السامي للاجئين بالخرطوم أمس، ان الأجهزة الفنية بالحكومة ومفوضية اللاجئين ستبدأ خلال الأيام المقبلة مناقشة التفاصيل المتعلقة بعمليات الإعادة. وأتفق الجانبان بحسب وزير الشؤون الإنسانية، على تجاوز الخلافات السابقة التي نشبت بينهما في ولاية جنوب دافور أخيراً، بلقاء منسوبي المنظمة الدولية بالسلطات في الولاية وإبلاغها بمهام فرق المنظمة وتحركاتها، إنفاذاً لمبدأ الشفافية.
وقال وزير الشؤون الإنسانية ان المفوض السامي للاجئين، أعلن خلال الاجتماع دعم المنظمة لعمليات إعادة توطين النازحين واللاجئين في ولاية غرب دارفور لكثرة تدفق العائدين إليها. من جهة أخرى، برر وزير الشؤون الإنسانية، دواعي التصريحات التي أطلقها برنامج الغذاء العالمي وتوقع خلالها حدوث نقص في الغذاء بجنوب السودان ، لإزدياد أعداد العائدين من النازحين واللاجئين إلى قراهم. وقال "إن هذا الأمر يعني إزدياد الطلب للمساعدات الإنسانية" .
من جهة أخري عاد الرئيس السوداني عمر البشير امس الي السودان بعد ان قاد وفد السودان للمشاركة في المؤتمر الاول لقمة دول منطقة البحيرات والذي انعقد في الفترة من 18-20 من نوفمبر الجاري بالعاصمة التنزانية دار السلام . وقال د/ مصطفي عثمان اسماعيل وزير الخارجية في تصريحات صحفية بمطار الخرطوم ان المؤتمر كان فرصة للسودان لشرح تطورات عملية السلام في السودان وتبادل الاراء بين القادة الافارقة لتحقيق التنمية والسلام في ربوع الاقليم واشار الي ان انعقاد المؤتمر بتنزانيا يأتي في اطار ان هذه الدولة ستدخل كعضو في مجلس الامن في بداية يناير القادم .
واضاف ان السودان وهو يستشرف مرحلة السلام يمكن ان يشكل نموذجا للسلام والاستقرار والتنمية في منطقة القرن الافريقي خاصة في ظل الانفتاح الذي يشهده السودان في مجالات الاستثمار والبنية التحتية موضحا ان الرئيس البشير اجري عدد من اللقاءات مع رصفائه المشاركين في القمة بالاضافة الي عدد من ممثلي المنظمات الاقليمية والدولية تطرق فيها الي الاوضاع في السودان سواء كانت في الجنوب او في منطقة دارفور وقدم خلالها تنويرا حول تطورات الاوضاع علي صعيد مفاوضات ابوجا او نيفاشا وقال ان البشير اكد خلال لقائه برئيس الاتحاد الافريقي الرئيس النيجيري اوليسون اوباسانجو اكد ان السودان يتطلع الي تحقيق السلام والاستقرار في منطقة دارفور بنهاية هذا العام ودعا الاتحاد الافريقي الي ضرورة مضاعفة الجهود في قضية دارفور حتي تتحقق التسوية الشاملة والعادلة في الإقليم .
واوضح وزير الخارجية ان القرار الذي اتخذه مجلس الامن مؤخرا خلال اجتماعاته في نيروبي كان له اثرا ايجابيا علي القمة مبينا ان هذه الاجتماعات شكلت خطوة مهمة في سبيل الوصول الي السلام الشامل واشار الي ان توقيع البروتوكولين الامني والانساني بين الحكومة وحاملي السلاح في دارفور في ابوجا كان له الاثار الايجابية علي المؤتمر . وقال د/ اسماعيل ان فكرة انعقاد المؤتمر نبعت اساسا بعد الابادة الجماعية التي حدثت في رواندا في عام 1994م وهو الامر الذي دعا القادة الافارقة الي التفاكر بشان انعقاد قمة خاصة بحل المشاكل والصراعات في افريقيا خاصة بعد الحروب التي شهدتها مؤخرا منطقة البحيرات. واضاف ان الاعلان الذي اجازته القمة امن علي اهمية تبني استراتيجية امنية بين دول الاقليم مبينا ان الاستراتيجية تشمل الامتناع عن دعم المعارضين المسلحين للدول وضبط حركة الاسلحة الثقيلة والخفيفة في دول الاقليم وضرورة وضع سياسة لقضية النازحين وأهمية عودتهم مشيرا الي ن الاعلان اقر تشكيل ثمانية آليات تحت اشراف الامم المتحدة وهي تغطي الجوانب الامنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية واضاف ان هذه الالية ستفرغ من اعمالها قبل القمة القادمة التي ستعقد في نيروبي في عام 2005م مبينا ان السودان اعلن عن رغبته في استضافة القمة التي تلي قمة نيروبي .
اكد د/ مصطفي عثمان وزير الخارجية التزام رؤساء وحكومات دول البحيرات العظمي بما تضمنه اعلان دار السلام وسعيهم لمعالجة النزاعات وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار وفتح المجالات للاستثمار الخارجي واحداث تغييرات جذرية لمعالجة انظمة الحكم بما يتوافق مع النظم العالمية . وقال ان الاعلان يمثل نقلة نوعية لفض النزاعات واحلال السلام وترقية الديمقراطية والحكم الراشد ويعد خطوة هامة لمحاربة الفساد في دول المنطقة واضاف وزير الخارجية ان الاعلان يحث دول الاقليم لاستغلال امكانياتها وثرواتها المختلفة مبينا ان الاعلان حدد فترة عام لتنفيذ ماتضمنه عبر اليه وزراء الخارجية التي تجتمع دوريا ولجنة الخبراء والاصدقاء لتقديم الدعم لانفاذ البرامج فضلا ثمانية لجان سيتم تشكيلها.
وصف مجلس تنسيق الولايات الجنوبية قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1573) مؤشر مهم للوصول الى السلام النهائي. وقال عثمان الطويل مستشار الإعلام الناطق الرسمي بمجلس تنسيق الولايات الجنوبية ان مذكرة التفاهم التي وقعها طرفا التفاوض أكدت جدية الطرفين للوصول بمسيرة التفاوض إلى بر الأمان ووصف جولة التفاوض المقبلة بالحاسمة .
وحول عودة القيادي الجنوبي جوزيف لاقو لسودان أشار الطويل ان عودته ستدعم الحوار الجنوبي الجنوبي مبينا حرص حكومته لتقريب وجهات النظر بين القبائل الجنوبية والقيادات بالداخل والخارج للحفاظ على السلام. وعلى صعيد آخر فرغت ولاية بحر الجبل من إكمال الترتيبات الفنية لعقد مؤتمر الصلح بمدينة تالية بين أبناء دينكا بور وقبائل المنداري المورو ودينكا الياب بمشاركة حكومية وشعبية واسعة ومن المتوقع ان ينعقد المؤتمر عقب تسلم اللواء كلمن والن نائب رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية السابق مهامه واليا لولاية بحر الجبل خلال الأيام المقبلة.
ودعا جوزيف لاقو رئيس المجلس التنفيذي الأعلى الأسبق لجنوب السودان بالتعجيل لعقد مؤتمر الحوار الجنوبي الجنوبي . واقترح عقب عودته للسودان عقد المؤتمر بالخرطوم إذا تم التوصل إلى اتفاق وأديس أبابا حال تعثر التفاوض بين الطرفين ، وحدد شهر ديسمبر المقبل موعداً لعقد المؤتمر . وحمل لاقو ،جون جارانج قائد الحركة الشعبية عدم انعقاد المؤتمر ، وقال لقد وجدت الموافقة من كافة الجنوبيين بالحكومة والحركة الشعبية لعقد هذا المؤتمر باستثناء قائد الحركة الشعبية . وكشف لاقو عن عودته للسودان ، وقال إنه عائد للمشاركة في العمل السياسي في ظل أجواء الانفتاح السياسي والسلام المزمع تحقيقه بين الحكومة والحركة الشعبية .
خروقات وقف اطلاق النار
في خرق جديد لوقف اطلاق النار في دارفور ، قامت مجموعة مسلحة من متمردي دارفور بالهجوم علي سيارة تابعة للمؤسسة الصحية العالمية بمنطقة " ابقي راجل " التي تبعد حوالي 60 كلم جنوب نيالا , و قال عبد المجيد عيسي خاطر مدير المؤسسة الصحية العالمية بولاية جنوب دارفور ان المتمردين قاموا بقطع الطريق علي عشرة من المواطنين كانت تقلهم العربة التي كانت في مهمة انسانية مضيفا ان حملة السلاح نهبوا اجهزة الاتصالات و الممتلكات التي تخص المواطنين و احتجزوا السيارة مشيرا الي ان جهودهم قد اسفرت عن اطلاق سراح المواطنين , و قال انهم ابلغوا مفوضية العون الانساني و اللجنة الدولية للصليب الاحمر و الاتحاد الافريقي بهذه الحادثة التي وصفها بانها مؤسفة للغاية و دعا عبد المجيد متمردي دارفور لتحكيم صوت العقل و ارجاع السيارة لانها تعمل في مجال الاغاثة و العمل الانساني . من جهة اخري ذكرت مصادر مطلعة ان متمردي دارفور هاجموا منطقة قريضة بولاية جنوب دارفور و اعتدوا علي عدد من المواقع الحكومية كما قاموا بقطع الطريق بين برام و نيالا , و اكد مصدر مسؤول ان الاعتداء علي المنطقة يأتي في اطار الخروقات المتكررة لمتمردي دارفور لاتفاق وقف اطلاق النار الموقع بين الطرفين .