القوات الافريقية تبدأ في تهدئة دارفور بخطوات صغيرة
سودانيز اون لاين 11/12 10:29am
السودان - رويترز يظهر المتمردون في الصحراء كالاشباح. يظهر الاول كخيال ظل على قمة تل رملي ممسكا بقاذف للقذائف صاروخية ثم يتبعه أكثر من عشرة اخرين تظهر شخوصهم غير واضحة في انسجام. وأبطأت سيارتان تحملان أربعة جنود من القوة التابعة للاتحاد الافريقي التي جرى ارسالها الى أقليم دارفور المضطرب في غرب السودان حتى توقفتا على طريق ترابي ناء بعد تطويقهما. وتضطلع القوة التابعة للاتحاد الافريقي والتي بدأت مؤخرا والتي لم ينشر منها سوى 700 جندي فقط بمراقبة وقف اطلاق النار الهش ومحاولة اعادة النظام والامن لاقليم دارفور المضطرب الذي تقارب مساحته مساحة فرنسا. وستكون مهمة ضخمة حتى بعد اتمام نشر قوة الاتحاد الافريقي بالكامل بحلول فبراير شباط القادم والتي يبلغ قوامها 3320 فردا من بينهم 2341 جنديا و815 فردا من الشرطة المدنية والتي جاءت من عدة دول أفريقية. وفي الوقت نفسه تبذل القوات التي وصلت كل ما في استطاعتها. وتخرج سيارة نقل تابعة للمتمردين بلا سقف أو نافذة أمامية على ظهرها مدفع رشاش ثقيل من مخبأ لتتقدم الطريق أمام فريق الاتحاد الافريقي. وتخرج سيارة مشابهة من الخلف عليها رجال مسلحون يغطيهم التراب وتعويذات من الجلد لحمايتهم. ولم يكن من الممكن رؤية أي من السيارتين قبل لحظات. ثم تأتي الاشارة من قائد المتمردين أن اتبعونا. قال الكولونيل جورجيس نيوكي وهو سنغالي من قوة الاتحاد الافريقي هل رأيتم الفخ الذي نصبوه لنا. انه محكم. اننا حتى لم نعرف أنهم كانوا هناك ولم يكن لدينا طريق للهرب. وكانت المهمة المكلف بها نيوكي في هذا اليوم هي التفاوض مع المتمردين على الافراج عن ثلاث شاحنات تجارية خطفت في ولاية شمال دارفور قبل بضعة أيام. وتلقى على متمردين من جيش تحرير السودان الذي يحارب الحكومة والميليشيات العربية منذ أوائل عام 2003 مسؤولية موجة من عمليات خطف واحتجاز مسؤولين حكوميين ومدنيين عرب في دارفور. ويلقي جيش تحرير السودان بالمسؤولية على قطاع طرق وهو أمر من السهل أن يفعله منذ أن تلاشى حكم القانون في دارفور حيث طرد أكثر من مليون ونصف من ديارهم مما تسبب فيما تصفه الامم المتحدة بأسوأ كارثة انسانية يشهدها العالم. وجرى انتهاك اتفاق لوقف اطلاق النار جرى توقيعه في أبريل نيسان الماضي مرارا من قبل كافة الاطراف المتورطة في الصراع الذي تتورط فيه على الاقل جماعة تمرد أخرى وميليشيا عربية تعرف باسم الجنجويد. ويتهم المتمردون الحكومة بدعم الجنجويد وهو اتهام تنفيه الخرطوم. وجعل نيوكي الجالس على الارض مع متمردين تحت ظل شجرة مسافة بينه وبين تجمع من المسلحين وضعوا أسلحتهم فوق أكتافهم. وقال لهم //هناك مراحل عديدة لترتيب الاوضاع في بلد ما لكن الان لا يجمع كل الناس تفكير واجد. لا بد من التفكير في التعاون حتى مع الحكومة// مضيفا أن تحسين الوضع الانساني يتطلب أمنا. ويكافح الكثير من هيئات المعونة لتوصيل مساعدات للمناطق الملتهبة في دارفور وتأمل في أن يتمكن وجود القوة التابعة للاتحاد الافريقي من تهدئة القتال والوصول الى المناطق المدمرة. واختتم نيوكي كلامه قائلا //ربما يكون لديكم شيئا تقدمونه لنا اليوم كي يحل السلام هنا في السودان.// وسلمت مفاتيح السيارة الاولى لكن تسليم مفاتيح السيارتين الثانية والثالثة استغرق عدة ساعات كان عليهم أن يتنقلوا خلالها في عمق الاراضي التي يسيطر عليها المتمردون عبر منطقة وعرة من صحراء بلا طرق وقمم جبلية تلوح في الافق. وينطلق الفريق تحت شمس لا ترحم دون ماء. وعندما انجرفت احدى سيارتي الامم المتحدة المسرعة انقلبت مرتين لتتوقف منقلبة في التراب وخرج الفريق زحفا مجروحين وتنزف منهم الدماء لكن بشجاعة. وتركوا السيارة المحطمة وراءهم واحتشدوا في سيارة النقل الصغيرة المتبقية لست ساعات أخرى عبر الصحراء حيث مروا على قرى مهجورة أحرقت وحقول رملية حيث تتمايل أعواد الذرة الصفراء بخفة مع النسيم الحار. وضلوا الطريق أحيانا في الصحراء الشاسعة أو انغرست سيارتهم في الرمال وكان عليهم اخراجها بأيديهم العارية. وعندما وصلوا في النهاية للشاحنتين المخطوفتين كان الشمس بدأت تنحسر. وجرى سلب جميع السلع والوقود ولم تعمل الشاحنة الثالثة. ولم يسترد الفريق رغم المجهود والمثابرة سوى شاحنتين من الشاحنات الثلاث المسروقة ولم يستردوا أي من الشحنات. وتعود الحرب المعقدة في دارفور الى سنوات من القتال غير المكثف بين البدو العرب والمزارعين الافارقة. وعمق وحجم الازمة يحعلان السلام بعيد المنال كالسراب وهذه المكاسب الضئيلة نسبيا التي حصل عليها الاتحاد الافريقي ربما تشبه حبة رمل في الصحراء. ومع هذا تتطلع بعثة الاتحاد الافريقي الى اثبات نفسها من خلال مثل هذه الخطوات المحدودة والرمزية على الاغلب. قال الميجر جنرال فوستوس اوكونكو رئيس بعثة الاتحاد الافريقي النيجيري على الاقل يبين هذا النوع من المفاوضات أننا نعمل مع طرفي الصراع. وتنفس نيوكي العطش والمنهك الصعداء عند العودة بعد أن حل الظلام للفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ومقر بعثة الاتحاد الافريقي. وقال عملنا بأجرنا اليوم... وغدا سنفعل ذلك ثانية.
اقرا اخر الاخبار السودانية على سودانيز اون لاين http://www.sudaneseonline.com