في بداية الندوة وقف الجمهور دقيقة حدادا على أرواح الشهداء الذين فقدوا ارواحهم في ميادين القتال وفي سجون النظام في مختلف ربوع السودان سواء في جنوب السودان ، أو جبال النوبة أو جنوب النيل الازرق أو شرق السودان وفي دارفور الحبيبة.
قام بافتتاح الندوة الأستاذ/ إبراهيم علي إبراهيم المحامي عضو التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن، حيث رحب بالضيوف، و أشاد بقيادات اتحاد أبناء دارفور الذين شاركوا بحضور مكثف في الندوة وقدموا الدعم اللازم لها، كما قدم كلمة رئيس التجمع الوطني السيد/ عاصم عطا صالح. كما قام الأستاذ/ حاتم ابوسن، عضو التجمع الوطني الديمقراطي بتقديم ممتاز عن المناضل/ ياسر عرمان ، ونجح في ادارة الندوة والحوار بصورة هادئة نالت رضا الجميع واستحسانهم. كما شارك الأستاذ/ ماريال بنجامين ، عضو التجمع الوطني ، وعضو المكتب التنفيذي للحركة الشعبية بواشنطن في إدارة الندوة.
وقد خاطب الندوة أيضا من الحضور الأستاذ/ ألدو اجو ، نائب رئيس مجلس الوزراء الأسبق، كما خاطبها دكتور/ عبد الرحمن دوسة القادم من الخرطوم ، والأستاذ/ موسى عبدو رئيس اتحاد أبناء دارفور ، والأستاذ بكار ، والأستاذ عبد الباقي ابو شنب. كما شارك عدد كبير من الحضور بالنقاش المستنير.
القى السيد/ عاصم عطا صالح كلمة التجمع الوطني الديمقراطي بواشنطن ، حيث ذكر فيها أن الاتفاقية تلقى تأييدا من قوى التجمع الوطني ، كما لقيت تأييدا مبدئيا من كافة القوى السياسية الاخرى ، كما أن هناك اختلاف وتفاوت في تقييم الاتفاقية باعتبار انها لم تشمل القوى السياسية الأخرى. وقال أن ايجابيات الاتفاق تتمثل في وقف الحرب وضع حد للمآسي، كما ان إيجابياتها السياسية تتلخص في أن الاتفاقية انتزعت 48% من سلطات نظام الإنقاذ لصالح القوى الوطنية ، ويمكن انتزاع ما تبقى عبر الانتخابات بالطرق الديمقراطية مما يضع نهاية لنظام الإنقاذ بصورة نهائية. وذكر السيد/ عطا أن التحدي القادم يقع على عاتق القوى السياسية فعليها أن تتوحد في عمل مشترك على أرضية قرارات مؤتمر مصوع للانتقال بالعمل للداخل، واشار إلى أن تحضيرات تجرى للتنسيق بين الأحزاب، كما ناشد أعضاء الأحزاب المختلفة بوقف الانتقادات الذاتية في هذه المرحلة الهامة والتفرغ لمواجهة نظام الجبهة الإسلامية لإزالته بالوسائل الديمقراطية التي تتيحها الاتفاقية. وحول دارفور ذكر أن الوضع ماساوي ويحتاج إلى تدخل عاجل من الدول المانحة لارسال المعونات بسرعة، وقال أن التجمع يقف مع قضية دارفور ويدعمها.
وفي مستهل حديثه، قدم المناضل ياسر عرمان تفصيلا شافيا وافيا عن الحيثيات التي صاحبت توقيع البروتوكولات الستة. وقال أن الاتفاق حقق غرضين أساسيين: اولا/ وقف الحرب ووضع نهاية لحالة الموت والتشريد المستمرة لسنوات طويلة ، هذه الحرب التي فقد فيها السودان حوالي الملونين قتيل ، ثانيا/ أن الاتفاق امن على حق تقرير المصير طبقا للشعارات التي رفعتها الحركة الشعبية لتحرير السودان مما يؤكد بناء دولة السودان الحديثة على التراضي وبناء على اسس عادلة ، بحيث يمتد هذا ليشمل كل اقاليم السودان المختلفة.
وحول قضية الدين والدولة ، قال السيد/ عرمان انه تحت الضغط الدولي وللظروف السياسية والمتغيرات الدولية والإقليمية قبلنا بدولة واحدة ذات نظامين سياسيين أثناء الفترة الانتقالية. وقال أن الاتفاق في عمومه لا يشكل قمة طموحات الحركة الشعبية، بل هو الحد الادنى الذي بموجبه يمكن ايقاف حالة الحرب المستمرة.
وحول اتفاق الترتيبات الامنية قال أن الحركة الشعبية أصرت على وجود جيشين في الفترة الانتقالية باعتبار ذلك احدى الضمانات الذاتية للحركة ، اضافة للضمانات الأخرى . وقال أن جيوش الحركات التحررية هي مثل خيول المغول فإذا ماتت خيولهم مات المغول. أما عن اقتسام السلطة فقال أن الاتفاق يعكس واقع الحال السياسي والمتغيرات التي صاحبته في السودان ، وان هذه القسمة تستمر فقط في الفترة الانتقالية الاولى . وان اهم ما جاء فيها هو تكوينها لمؤسسة الرئاسة حتى نضمن عدم صدور أي قرارات فردية قد تؤثر في تنفيذ الاتفاقية.
وعن المناطق الثلاث (جبال النوبة والنيل الازرق وابيي) قال المناضل/عرمان أن الحكومة كانت تصر على رفض الدخول في المفاوضات حولها ، على اعتبار أن اتفاق مشاكوس الاطاري حدد الجنوب بحدود عام 1956 ، وان الحكومة اقترحت مناقشتها في منبر منفصل في كينيا. وتحت اصرار الحركة الشعبية وافقت الحكومة على ذلك وتم الاتفاق على قسمة السلطة بالنسب المعروفة فيها ، الا أن الاهم من ذلك أن هذا البروتوكول يؤكد على حق هذه المناطق في الحكم الذاتي اللامركزي. كما ذكر أن اتفاق قسمة الثروة واعطاء الاقاليم نصيب معلوم من ثرواتها فيه تأكيد على نجاح النظام اللامركزي والفدرالية التي تدعو لها الاتفاقية بحيث تستطيع كل ولاية تمويل حكومتها دون الاعتماد على المركز كما كان يحدث في السابق، وان اللامركزية لا يمكن أن تنجح في السودان الا باعتماد هذه الاقاليم على نفسها وعلى مواردها. وقال أن بالسودان حوالي 750 اثنية وحوالي مائة لغة وان الثروة والسلطة ظلت مركزة في العاصمة منذ استقلال السودان ، وان الاقاليم لم تمنح شيئا ، وان الاتفاقية تعمل على تصحيح هذه الاوضاع المختلة والا ستستمر الحرب وتندلع في مناطق أخرى.
عن قضايا التحول الديمقراطي قال السيد/ عرمان أن الاتفاقية ستخلق مناخا ديمقراطيا، مما يساعد على انجاز التحول الديمقراطي المطلوب. وقال انها تحتوي على وثيقة لحقوق الانسان سيتم تضمينها في الدستور الدائم الذي ستتم اجازته في بداية الفترة الانتقالية بمشاركة جميع القوى السياسية . وذكر السيد/ عرمان أن الحركة الشعبية ظلت لسنوات طويلة تراهن على التجمع الوطني الديمقراطي ، وانها وضعت بيضها كله في سلة التجمع، و حتى هذه النسب الضئيلة التي حصلت عليها القوى السياسية الأخرى جاءت بضغط من الحركة الشعبية ، وان الحكومة هي التي كانت ترفض مجرد الإشارة للتجمع. كما اشار إلى أن الحركة الشعبية ستستمر في التنسيق مع التجمع وهي داخل الحكم لتضمن تنفيذ كل المواثيق المتفق عليها لإنجاز قضايا التحول الديمقراطي. و قال صحيح أن الاتفاق لا يمثل طموحات الحركة الشعبية، ولكنه جاء وليد للواقع السياسي ومتغيراته المستمرة، و أشار الى أن الكرة الآن في ملعب الشمال ، وان المؤسسة السياسية الشمالية هي التي يقع عليها واجب توحيد السودان وقبول الوحدة على أسس عادلة ، وان تعمل على تفادي شبح الانفصال. وقال أن ما ذكره الأستاذ عاصم عطا صحيحا حيث أن الاتفاق انتزع 48% من سلطة الإنقاذ ، فعلى هذه القوى السياسية الشمالية أن تتوحد لتنتزع ما تبقى.
وعن الأحداث في دارفور قال السيد/ عرمان أن للحركة الشعبية موقف مبدئي واصيل من قضية دارفور ، فقد سبق أن قامت الحركة بنقل الشهيد داؤود بولاد لدارفور لفتح جبهة للقتال هناك ، وفقدت الحركة الكثير من شبابها في هذه العملية. وقال أن قضية دارفور تحتل الآن مكانة في العالم فقد تم تناولها في اجتماع مجموعة الثمانية وهي قمة العالم ، وهذا لم يحدث من قبل ، وان دارفور تمثل تحدي حقيقي لتنفيذ اتفاقية السلام. وقال ان الحركة الشعبية ستعمل على حل قضية دارفور في بداية الفترة الانتقالية.
كذلك أجاب المناضل ياسر عرمان على اسئلة واستفسارات عديدة، كما استمع لتعليقات الكثيرين الذين جاءوا للتحاور معه حيث انحصرت الاستفسارات حول قسمة الثروة والسلطة والنسب ، وعن ثنائية الاتفاق واستبعاد القوى السياسية الاخرى، وعن احداث دارفور. وقد اجاب عليها جميعا بصورة شافية كافية نالت رضا الجميع وحازت على تطمين القلوب. وقد اشاد جميع المعلقين والمستفسرين بقدرات المناضل ياسر عرمان وخبراته النضالية التي اكتسبها على مر السنوات التي تفرغ فيها لانجاز قضية الوطن ، وطالبوه بأن يلعب دورا قياديا في تنفيذ الاتفاقية لضمان تحقيق سودان المستقبل. كما أشادوا بقدرته المعرفية وطريقة عرضه لموضوع المفاوضات.
سكرتارية التجمع الوطني الديمقراطي
واشنطن