محمد ابراهيم نقد علم بانقلاب الجبهة الاسلامية ولم يفعل شيئاً
ليست لدىّ حواجز نفسية للتعامل مع الحزب الشيوعي ما دام هنالك أسس مشتركة
التجاني الطيب يخاف من المنافسة وهى ليست واقعة متحققة وإنما وهمٌ في خياله
كان يمكن للحزب الشيوعي ان يتحول الى حزب جديد ويوحد حوله قوة هائلة إذا إتبعوا أفكارى
حركة (حق) تم تدميرها من قيادتها بالداخل والتي لم ترتفع للمستوى الفكري المتطور لشبابها
حوار: علاء الدين محمود خالد:
يواصل الأستاذ الخاتم عدلان في هذا الجزء الثانى من الحوار حديثه عن قصة خروجه من الحزب الشيوعي السوداني وتأسيسه لحركة القوى الجديدة الديمقراطية (حق) ورغم ان الحزب الشيوعي السوداني يعلن عن مشروع جديد للدستور ليتم فيه استيعاب كثير من الرؤى الاصلاحية التى طرحها الخاتم عدلان إلا أن الخاتم يعتبر ذلك عبارة عن عملية تجميل واستجابة للضغوط، وان من يمثلون الحزب الآن لم يلامسوا عمق المشاكل مطلقاً. ويزيد الخاتم على ذلك ان مئات الناس خرجوا من الحزب فى هذه الفترة، وان بطء عملية الاصلاح اصطدمت بخروج هؤلاء وهم فى اعتقاد الخاتم اكثر الناس حساسية بالمشاكل وميلاً لتأملها بعمق، مما يعنى ان عملية الاصلاح تكون فارغة عملياً. وحول حركة حق التى قام بتأسيسها عقب خروجه من الحزب يعتقد الخاتم ان من اكثر الاشياء التى أضرت بالحركة فى الداخل هو أن القيادة بالداخل لم تكن مؤهلة للتعامل مع واقع انطلاقة حركة (حق) بوتائر عالية وسط الطلاب وبروز مقدرات ذهنية تفوقت حتى على تلك التي لدي القيادة ونتج عن ذلك ان قامت القيادة باقصاء الكثيرين داخل الحركة وبالتالي تدمير الحركة تماماً.
دعنا أستاذ الخاتم عدلان ان نستبق هذا التسلسل لكى أعرض لك بعض الرؤى التي تعتقد ان لا خلاف بين الرؤية الاصلاحية التى تطرحها وبين مشروع الدستور للحزب الشيوعي، والذى يقوم بناؤه على انه استبعد جعل النظرية الماركسية مرشداً للعمل واختار الاستفادة من كافة النظريات هذا اولاً وثانياً حل البرنامج الواسع المستمد من الواقع ومعطيات العالم المساحات التي كانت تحتلها الايدولوجية ، كما استبعد المشروع مبدأ المركزية الديمقراطية، والديمقراطية المركزية في التنظيم. كذلك هنالك تصريحات لقيادات داخل الحزب من مصادر مختلفة تصب في هذا الاتجاه مثلاً الشفيع خضر يقول: «كُنا فى حزب ينطلق من طرح يقول: ان النظرية العامة له هى الماركسية التي تتجلى حسب القسمات الخاصة بكل بلد، ونحن نستمد القوانين الخاصة بتطور الثورة السودانية من هذه النظرية العامة. مانحن بصدده الآن هو عكس هذا الطرح وتبنى طرح يقلص مساحة الايدولوجيا في الحزب) ألا يتطابق ذلك مع رؤيتكم أو اقترب منها؟؟
ـ حق الملكية الفكرية:
ـ يرد الخاتم عدلان قائلاً: أنا لا أدرى لماذا لا تخرج بالنتيجة الواضحة جداً وهى انني توصلت الى هذه الآراء وصغتها بصورة محكمة قبل اثنتى عشرة سنة ورفضها هؤلاء الناس أنفسهم الذين يتحدثون الآن عن الاصلاح. ويضيف بالقول عندما كتبت ورقتى صارت متاحة للجميع ليأخذوا منها ولكن عندما يقرأ الناس ورقة مكتوبة قبل اثنتي عشرة سنة او تصريحات قبل ستة اشهر أو ثلاثة اشهر فيجب ان تكون المعادلة هنا واضحة وهى ان الآخرين يأخذون من الاول ويتوافقون معه وليس العكس، هم وردوا هذه البئر التى وردتها قبل اثنتى عشرة سنة وعليهم هم ان يعترفوا بذلك وان يقولوا ان هذه الافكار التى يرددونها الآن قالها شخص ما قبل ذلك باثنى عشر عاماً وانهم يكتشفون العجلة اذا انا كنت قد قلت ذلك قبل فترة طويلة .. ويواصل الخاتم عدلان قائلاً: تصور إذا اتبعوا هذه الافكار وقتها، لن يكون هنالك هذا العدد الهائل في الكوادر، كان يمكن ان يتحول الحزب مباشرة الى حزب جديد على هذا النمط ويوجد حوله قوة هائلة جداً لمواجهة السلطة نفسها. ويعبر الخاتم عن سعادته فى ان يجد بعض اعضاء الحزب الحاليين يرددون آراء لم يكن يعرف عنهم أنهم يرددونها في السابق، ويرى فى ذلك الامر بعض الطرافة فى كونهم يرددون بعض الافكار دون ان يشيروا الى ان هنالك من سبقهم اليها. وذلك فى اعتقاد الخاتم واحد من خصائص التفكير السياسي في السودان حيث لا يوجد اعتراف بحق الملكية، ويضيف الخاتم قائلاً مايهمنى هو ان تصل أنت الى النتيجة الواضحة جداً وهى أنا الذي سعيت الى هذا قبل اثنتى عشرة سنة.
ولكن أستاذ الخاتم هل سينشئ ذلك الموقف تعارضاً حول من قال ماذا؟؟
حاجز نفسي
ـ يعتقد الخاتم عدلان ان التصريحات التى أوردناها له من قبل بعض اعضاء الحزب الشيوعي حول الاصلاح آراء شخصية ويضيف قائلاً: حتى الآن أنا لا اعرف ماسيسفر عنه البرنامج النهائى الذى سيقره مؤتمر الحزب الشيوعي اذا عقد خلال العشر سنوات القادمة، يمكن ان اتعامل مع وثيقة صادرة عن المؤتمر على هذا الاساس، ويعتقد الخاتم انه مادام هنالك أسس مشتركة تظل امكانية التفاهم حولها او الوصول الى برنامج عمل مشترك تظل مفتوحة، ويستدرك الخاتم عدلان قائلاً: ولكن ربما تحول ظروف سايكولوجية او عملية دون تحقيق هذه الاشياء .. ويؤكد انه ليس لديه أي موانع سايكلوجية .. وفى نفس الوقت يقول الخاتم عدلان انه ليس لديه الثقة في ان عملية التغيير ستكون جذرية ويعتبر الخاتم ان مايردده بعض اعضاء الحزب يمكن ان تكون آراء للتسويق .. ويقول انه في حاجة لبعض الوقت لقراءة تلك الآراء فى عمقها باعتبار ان في تلك الآراء بعض الاشارات التى يريد ان يستجليها. ويبرر الخاتم ذلك قائلاً: أنا لم أر حتى الآن تلك الآراء فقد سمعتها منك الآن وربما يفتح ذلك مجالاً لحوار لاحق بعد ان اتحصل على المشروع الجديد ومن ثم أصدر رأى فيها.
نعود أستاذ الخاتم الى نقطة البدء كيف كان خروجك من البلاد هل تم ذلك باتفاق مع الحزب، وهل الحزب هو الذى رتب اجراءات سفرك لاجل القيام بمهمام حزبية ام خرجت بطريقتك الخاصة؟
المسؤولية تجاه الوطن
ـ يؤكد الخاتم عدلان ان مسألة خروجه من البلاد تم بموافقة من سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني ووفق سياسة اجيزت من قبل السكرتارية وتلك السياسة بنيت على اساس ان هنالك مكوناً كبيراً للمعارضة خارج البلاد، ولذلك يمكن للقيادة ان تكون في الداخل والخارج وفق جداول زمنية محددة، ويكون هنالك استفادة من ذلك فى أشياء كثيرة مثل ان تخرج القيادات الى الخارج وترى مايحدث مباشرة، وتطلع على الكتب التى صدرت، وترى الحياة كما هى وليس كما تتصورها، وتخرج من أسر السرية خاصة أو كما يقول الخاتم عدلان انه لا يمكن ان تربط مصير الشخص بمصير النظام، خاصة وان هنالك من يعيش فى ظل السرية للدكتاتورية الثالثة ويقول الخاتم انه وفى إطار تنفيذ هذه السياسة ارسلت السكرتارية فى البداية الاستاذ التجاني الطيب وهو لم يكن مقتنع بذلك ولكنه اقتنع بعد نقاش طويل بضرورة الخروج ويقول الخاتم ان خروجه هو يأتى على هذا الاساس نفسه، ويستدرك الخاتم قائلاً: لكن كثير من اعضاء السكرتارية كانوا يرون فى ذلك فرصة للتخلص منى لذلك كانوا موافقين ولكنهم لم يقوموا بالدور الاساسى في الخروج لان كثير من ترتيبات الخروج قمت بها انا مباشرة مع اصدقاء وهذه قصة لا استطيع ان احكيها حالياً لكنى قلت بعض اجزاء منها. ويؤكد الخاتم عدلان ان ذلك الخارج لو كان محمد ابراهيم نقد، أو سليمان حامد لاختلفت الاجراءات ويضيف الخاتم عدلان قائلاً انا خرجت بمسؤولية تجاه نفسى وتجاه الرسالة التى أؤديها وتعاملت مع المسألة بجدية واستفدت من كل الامكانيات المتاحة لى وكان ان خرجت بنجاح.
يقال انه عندما وصلت الى القاهرة حدث اشكال مع القيادة بالذات مع التجاني الطيب حول بعض المسائل ماهى طبيعة ذلك الخلاف، وحول ماذا وكيف تصف شخصية التجاني الطيب؟
شخصنة القضايا والصراع
ـ يرد الخاتم عدلان مؤكداً ان هنالك مشاكل فى وصف الشخصيات وان هذه المسألة ممجوجة في الحياة السياسية السودانية ـ وهى حياة في اعتقاد الخاتم ـ تتميز بعدم الغوص فى الاشياء .. وانه لا يمكن الحديث عن السياسة بمعزل عن الشخصيات باعتبار ان السياسة لا تديرها أشباح، أو هيئات غير شخصية ويقول الخاتم عدلان: إن الحديث عن الشخصيات مباح في كل الدنيا وهو لا يشخصن المسألة: ويضيف قائلاً: قد اكون مثلاً متفقاً مع سياسة الحزب الجمهوري واقول ان جورج بوش غير جدير بقيادة الولايات المتحدة، ولا يشعر احد ان هذه مشكلة لان من حقى ان اقول ذلك، ولكن المسألة فى السودان مختلفة لانك في اللحظة التي تتحدث فيها عن اشخاص فانك بذلك تشخصن الاشياء ولذلك انا اتفادى ذلك كثيراً ولكنى اسرد قصة ليستنج منها الناس.
نظرية المؤامرة
ويواصل الخاتم عدلان قائلاً: عندما اتصلت بالتجاني الطيب من (جدة) وكان هو ذاهباً فى ذلك الوقت الى الولايات المتحدة الامريكية وقبل ان يرد على تحيتى قال لى: «وما الذى أخرجك من السودان» بصورة فيها كثير من الجفاء وكانت اجابتى وما الذى اخرجك أنت؟! فالتجاني لم يرتاح مطلقاً لخروجى واعتقد انه لا يرتاح عموماً لأي نوع من المنافسة مهما كانت.. والمنافسة عند التجاني كما يقول الخاتم عدلان ليست واقعة متحققة وانما وهم في خياله، ليس شرطاً ان تسعى لمنافسته ليعتبرك منافساً، فانت يمكن ان تعامل على اساس انك منافس دون ان تعى ذلك ويعتقد الخاتم ان ذلك من خصائص الشخصيات غير المطمئنة والشخصية غير المطمئنة ـ حسب الخاتم عدلان ـ شخصية سائدة في السودان خاصة فى الاحزاب السياسية وقياداتها ولذلك تجد هذه الظاهرة والتى يمكن ارجاعها الى جذور في الثقافة السودانية ويضرب الخاتم عدلان هنا مثلاً قتل اشقاء الملك فى الدولة السنارية خشية المنافسة ويؤكد ان هذه المسألة سائدة بصورة ملطفة الآن ليس في شكل القتل الحسي ولكن فى صورة القتل المعنوى واغتيال الشخصية، والابعاد والمؤامرات وهى سايكلوجيا تتمثل فى عدم اطمئنان القيادة وعدم ثقتها فى نفسها ، وعدم مشروعية ازاحة القيادة حتى لو جاءت بطريقة مشروعة ومتفق عليها وهذا يشير الى عدم نضج هذه الاحزاب وعدم نضج الوعي الديمقراطي داخلها.
تدخل السكرتارية في الصراع
ويؤكد الخاتم عدلان انهم عندما دخلوا في صراع حول القضايا استطاع ان يوحد فرع الحزب في مصر كله حول الاشياء التى طرحها الخاتم على فرع الحزب هنالك وتم عزل التجاني بصورة كاملة ولكن انتصرت سكرتارية اللجنة المركزية من الخرطوم للتجاني الطيب وشتتوا بذلك ـ حسب الخاتم عدلان ـ فرع الحزب بمصر، وقطعوه ارباً واشاعوا جواً فظيعاً من القيل والقال والاشاعات حول كل اعضاء الفرع انتصاراً للتجاني الطيب. ويشدد الخاتم عدلان على ان المسألة بينه والتجاني الطيب ليست شخصية وانما هي فى اساليب العمل، فى طريقة الاداء، وفى الاحتفاظ بالكرامة ويضيف الخاتم عدلان قائلاً: أنا اصطدمت مع التجاني في الميدان وقلت له إنك تحول الناس الى اشباه رجال ونساء بقهرهم، والميدان كانت امبراطورية للقهر يأتيها خيرة كوادر الحزب ولكن من خلال القذائف الكلامية اليومية من قبل رئيس التحرير يتحولون الى أناس ليست لهم آراء مستقلة، وهذا رأيته بأم عينىّ وقاومته وتركت الميدان.
لكن هذا عكس ماكان يشاع من ان الخاتم عدلان كان الابن المدلل للتجاني الطيب داخل الميدان .. كيف ترد على ذلك؟
ـ يرد الخاتم عدلان بشكل حاسم وحاد مؤكداً انه لم يكن ابناً لاحد وانه أي الخاتم عدلان دخل الحزب راشداً وخرج منه راشداً وانه لا يؤمن بتلك العبارة.
وصلت الى انجلترا وكان فرع الحزب هنالك يهيئ للقاء ولكنك ذهبت مباشرة الى المؤتمر الصحفي الشهير واعلنت قيام حركة (حق) وكان هنالك تيار عريض ينادى بالاصلاح لهذا لجأت الى اعلان حركتك قبل ان تتم المناقشة، وقبل الذهاب الى عقد المؤتمر الصحفى هل دعيت الى مؤتمر تأسيسى وماهو حجم عضويته؟
ـ إتهام وتوضيح
ـ يصف الخاتم عدلان هذا السؤال بانه سؤال غير محايد وانه مصاغ ليعبر عن وجهة نظر محدد ويعزو الخاتم ذلك الى غياب الحقائق ويوضح قائلاً: أنا لم أدعو الى قيام حق قبل الاجتماع بفرع الحزب أو شئ من هذا القبيل، أنا ذهبت الى هناك وطرحت آرائى باعتبارى عضواً فى السكرتارية وقبل ان اصل الى انجلترا حذر التجاني الطيب فرع الحزب هناك على مستوى قيادته من التعامل معى ووجدت جواً معادياً بصورة كاملة لدرجة ان اعضاء القيادة لم يقم منهم بزيارتي في منزلي هذا هو الجو الذي وجدته هنالك في انجلترا.
معركة
ويواصل الخاتم عدلان حديثه عن ذهابه الى لندن وكيف تم التعامل معه هناك وكيف ان صديقه الاستاذ خالد الكد حذره في القاهرة وقال له: «إحذر ان الملأ يأتمرون بك» ويقول الخاتم ان ذلك كان هو الجو الذى وجده في انجلترا .. ويستطرد قائلاً: مع ذلك قمت بحضور اجتماعات كثيرة جداً لفرع الحزب وطرحت تصوراتي حول هذه المسألة، ورفضت الآراء التى طرحتها عبر الايحاء القيادي بل كان هناك نزاع حتى حول شرعية خروجي.. ويوضح الخاتم عدلان هذه النقطة قائلاً ان التجاني الطيب تحصل على رسالة من سليمان حامد بالداخل مضمونها ان هذا الخاتم عدلان خرج من البلاد للقاء اسرته فقط وهو ليس مكلف بأى واجب حزبى. وفى مقابل ذلك يقول الخاتم: أبرزت لهم الرسالة التى كلفتنى بها السكرتارية باعتبارى مسؤول العلاقات بالخارج وطرحتها على فرع الحزب هنالك وهذه الرسالة معى الآن.. ويقول الخاتم ان سجالا طويلاً دار فى هذه المسألة، ونزع وهو موجود وموثق ـ حسب الخاتم ـ وسيتم نشره ليطلع عليه الناس .. ويواصل قائلاً ان قيادة الحزب هناك لم تدعونى الى اجتماعاتها، بل ان السكرتير التنظيمي وهو رجل برئ وصديق عندما دعانى الي اجتماع المكتب القائد بانجلترا، رفض المكتب القائد بالاجماع رغم الدعوة، ورغم وصولي ودخولى للاجتماع إلا انهم رفضوا حضورى للاجتماع وقلت لهم اننى عضو سكرتارية لجنة مركزية وبحكم موقعى من حقى ان احضر اجتماع القيادة هنا الا انهم رفضوا ذلك وفضوا الاجتماع عند ذلك قلت لهم ان بعضكم جاء من مناطق بعيدة واعرف صعوبة اجتماعاتكم وذلك ابقوا كما انتم وأنا سأخرج، ولكنى طرحت عليهم آرائى وسجلتها ولذلك ـ يقول الخاتم ـ فان مسألة خروجي لم تكن كما تصورت أنت في سؤالك مطلقاً بل وجدت الابواب مغلقة وان هنالك مؤامرات تصاغ ضدى اشتركت فيها سكرتارية اللجنة المركزية، والتجاني الطيب في القاهرة وقيادة الحزب الشيوعي فى انجلترا.
نُقد وانقلاب الإنقاذ
ويواصل الخاتم عدلان واصفاً أجواء الصراع فى انجلترا وقال ان الحزب كون له لجنة تحقيق باعتبار انه زعم بانه موفد من السكرتارية، وانه حضر اجتماع القيادة دون دعوة من المسؤول السياسي، وانه يصرح ببعض الاقوال مثل ان محمد ابراهيم نقد كان على علم بانقلاب الجبهة الاسلامية ويضيف الخاتم عدلان هنا مؤكداً ان نقد كان على علم بهذا الانقلاب ولم يعبئ الحزب لمواجهته.
عفواً استاذ الخاتم عدلان قبل ان تواصل نريد ان توضح لنا هذه النقطة وهى كيف كان نقد على علم بانقلاب الجبهة الاسلامية؟
إمكانية إجهاض الانقلاب
يرد الخاتم عدلان قائلاً ان نقد كان يعرف ان الانقلاب تقوم به الجبهة الاسلامية بقيادة عمر حسن احمد البشير، وعبدالرازق الفضل وآخرين فى الاستخبارات العسكرية وان ذلك سيكون على وجه التقريب إما فى يوم 23 يوليو، أو الـ 30 من يوليو ومع ان نقد اجتمع بنا ككادر جماهيرى الا انه لم يقل كلمة واحدة عن المعلومات التى كان يعرفها وكان بامكاننا ان نفسد الانقلاب، لان افساد الانقلاب ـ في اعتقاد الخاتم ـ (يعنى اكثر من توجيه الناس الى احتلال الشوارع فهزيمة الانقلاب لا تتم باسلحة مضادة تتم بكشفه ليس اكثر من ذلك ولا اقل) ويقول الخاتم عدلان ان محمد ابراهيم نقد بعث بمندوب منه الى الصادق المهدى ليكشف له هذه المعلومات، وبعث مبعوث آخر ليبلغ صلاح مصطفى مدير الاستخبارات وقتها مما يعنى ان نقد كان يعلم بالانقلاب ويؤكد الخاتم ذلك بالقول ان هؤلاء الرسل الذين ابتعثهم محمد ابراهيم نقد موجودون وان نقد ارسل الى الشخصين ـ الصادق المهدى وصلاح مصطفى ـ اللذين لم يكن من الممكن ان يفعلوا اى شئ ضد الجبهة الاسلاية.
الاستقالة
ويواصل الخاتم عدلان فى وصف الاجواء فى لندن وكيف انهم كونوا لجنة للتحقيق معه ويضيف قائلاً: قلت لهم اذا أردتم زيارتى في منزلى فأنا أرحب بكم، أما التحقيق معى فهذا ما أرفضه وانتهت المسألة على هذا الاساس.. ويقول الخاتم انه توصل الى ان هذه معركة تحرق الاعصاب دون فائدة ولذلك ـ يقول الخاتم ـ توصلت بعد استشارة مع بعض الاصدقاء ان هذا طريق مسدود وقمنا باعلان استقالتنا .. مؤكداً ان هذه الاستقالة لم يصاحبها اعلان حركة (حق) لان الاستقالة كانت شهر ابريل 1994م وتكونت حركة حق بعد ذلك بعام كامل فى 23 يوليو 1995م وهنالك فارق ضخم بين تقديم الاستقالة وهذه الاحداث.
إذن لم يكن وضعك داخل السكرتارية يسمح لك بقيادة الاصلاح من داخلها؟
مسرح الرجل الواحد
يؤكد الخاتم عدلان ان وضعه داخل السكرتارية لم يكن يسمح له بقيادة الاصلاح من الداخل ويقول: حتى لا يكون الكلام على عواهنه سأعطيك هنا مثالاً فقد قمت بكتابة ورقة حول مواجهة السلطة حددت فيها طبيعة السلطة وتحديد اساليب معينة لمواجهتها ووافقت عليها سكرتارية اللجنة المركزية بالاجماع، وعند خروج نقد من المعتقل أرسلت اليه الورقة وقام نقد بالرد بوريقة صغيرة يقول فيها نقد: «أعيد اليكم هذا «الكالوت» من الواضح ان الورقة كتبت قبل فترة وتحتاج الى اعادة صياغة» ويوضح الخاتم عدلان قائلاً: ان نقد وصف الورقة بالكاوت بمعنى انها خطرة والشئ الثانى ان نقد اعتبر ان الورقة تحتاج الى اعادة صياغة جذرية دون ان يحدد النقاط المرشحة لاعادة الصياغة. ويقول الخاتم ان السكرتارية تفهمت هذه اللغة الايحائية مباشرة وطرحت المسألة للحوار فى الاجتماع القادم ورفضتها بالاجماع الذي وافقت به عليها. وهذا يعطى صورة ـ في إعتقاد الخاتم ـ عن أى سكرتارية وأى هيئات كنا نعمل بها ويعرف بطبيعة الاصلاح الجارية حالياً وهو اصلاح رجل واحد.
حركة (حق) ولدت ضعيفة الدليل على ذلك الانشقاق السريع الذي حدث داخلها .. كيف تقيم هذا الانشقاق خاصة وان الحاج وراق تحدث عن اسباب الانشقاق وقال انه حدثت خلافات سياسية، فكرية، تنظيمية تتلخص فى الموقف من العمل المسلح، والموقف من التسوية السياسية، وخلافات تنظيمية. كيف ترى ذلك؟
خيار المعارضة المسلحة
يرد الخاتم عدلان مؤكداً ان العمل المسلح كان خيار كل المعارضة سواء كانت صادقة أو كاذبة، فعالة أو غير فعالة، فهى قد تبنت العمل المسلح في يونيو 1995م فى مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية، وكنا ندعو فى (حق) الى ذلك ايضاً وفى المؤتمر الذي عقدناه فى اسمرا والذى استمر اثنى عشر يوماً كان وفد الداخل اكثر تحمساً للعمل العسكرى ولم نقل كلمة واحدة فى ذلك المؤتمر عن عدم صوابية العمل العسكرى مطلقاً فالحديث عن انه كان هنالك خلاف حول العمل العسكرى حديث غير امين لان الخلاف كان مشروع داخل الحركة كان ممكن لوفد الداخل اذا كانت لديه مثل هذه الآراء ان يطرح تصوراً آخر ويخضع للنقاش ويؤكد الخاتم ان هذا لم يحدث خلال المؤتمر مطلقاً .. اما الحديث عن تفجير أنبوب النفط فهى تدرج ضمن عملية العمل العسكرى وهى مسألة غير ذات اهمية وهى اثيرت من قبيل التقرب الى جهة ما.
الموقف من التسوية السياسية
ويواصل الخاتم عدلان بالقول انه اذا تم الاتفاق استراتيجياً على مواجهة السلطة واسقاطها حسب ماكان سائدا فى ذلك الوقت في كل اطراف المعارضة اذن التسوية السياسية هنا تكون خروجاً على الخط ويقول الخاتم انه كان من الممكن وهذا ماحولناه عقد مؤتمر آخر تطرح فيه حيثيات جديدة توضح ان التسوية السياسية اصبحت ممكنة واننا يجب ان نتخلى عن هدف اسقاط النظام، وكان يمكن ان يحدث ذلك وان تتم المناقشة بعقل مفتوح اذا كانت هنالك حيثيات حقيقية لذلك . وهذا منهج كان يمكن ان يحدث لكن ان تتبنى خطاً وتأتى لتتبنى خطاً اخر دون الرجوع الى بقية اطراف القيادة. والمكون الاخر للحركة وهو في الخارج وتشرع فى ذلك تنفيذياً ولا يسمع به الآخرون الا من خلال الصحف فهذا لا علاقة له بوحدة التنظيمات ولا علاقة له بالديمقراطية واساليب العمل المشتركة، ويعتقد الخاتم عدلان ان هذه افكار لا تصمد للفحص مطلقاً.
ضعف قيادة الداخل فكرياً
ويقول الخاتم عدلان ان مايفسر موقف القيادة بالداخل هو الخوف من انطلاقة الحركة اولاً حيث ان الحركة انطلقت خاصة وسط الطلاب بوتائر عالية والقيادة بالداخل لم تكن مؤهلة للتعامل مع هذا الواقع وخافت والنتيجة المباشرة لذلك ـ يقول الخاتم ـ ان القيادة بالداخل اعملت سيف الاقصاء والاتهامات الجزافية والابعاد ودمرت الحركة تماماً.. وهذا لا علاقة له بخلافات تنظيمية بقدر ما له علاقة بعدم تورعها في إرتكاب جرائم في حق التنظيم. وكان يمكن للقيادة ان تتنازل اذا رأت ان المهام المطروحة عليها اكبر منها بدلاً من تخفيض الحركة كلها لمستواها.